أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - بطاقة لطفل فلسطيني عام جديد .. يا حبيبي














المزيد.....

بطاقة لطفل فلسطيني عام جديد .. يا حبيبي


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 700 - 2004 / 1 / 1 - 03:24
المحور: الادب والفن
    


  عام جديد يقبل ، ومازالت أطفالنا تذبح في المخيمات الفلسطينية . عام جديد وملابسنا قديمة ، وخبزنا قديم ، وكل الجدران من حولنا تنشع بدماء الأهل والأحبة . عام جديد يقبل ولا ألعاب لدينا نهديها لأطفالنا ، ولا حلوى،  لا دراجات ، ولا كتب ملونة ، لا بالونات ، ولا ملابس جديدة . عام جديد وخيامنا عتيقة ، عام جديد ، وليس عندنا قليل من طمأنينة نمنحها للطفل الوليد ، عام جديد وليس عندنا سوى سماء محترقة ، وأرض مشتعلة ، ودوي رصاص . أهمس لك يا صغيري ، يا ولدي .. يا حبيبي ، هذا هو العالم الذي لم يترك لك سوى لعبة الموت . عام جديد والدم الفلسطيني يلف الأرض ، ويجوب الدنيا ، ويسقط على كل رقعة فتزهر خريطة حمراء تتشابك عليها خيوط الضمير البشري . عام جديد ، فلنسرع يا حبيبي ، ولننظر في أعين بعضنا البعض قليلا مادمنا أحياء ،  قبل أن يغتالنا صاروخ من الجو ، أو قذيفة من الأرض ، أو الفزع إذا غمرنا النعاس قليلا . عام جديد وليس بين يدي ما أهبه لك سوى أبدان الشهداء ، وملابسهم ، وإغماضهم العيون على هذا الوطن . عام جديد يا صغيري ، فلا تنسى شيئا ولا تغفر لأحد . فكل ما لنا الآن ذاكرة ، تسير كالضوء ، وتخترق كل شيء : الهواء ، والزرع ، والماء ، والسماء ، والنجوم ، والحصى ، وحتى بنادق الغزاة وصلب طائراتهم . عام جديد يا حبيبي وليس لدي حكاية أقصها عليك لتنعس على وقع كلماتها عن الأمير ، والأميرة ، والنهر ، وقصة الحب الجميلة . حكاية واحدة عندي : لا تغفر ولا تنسى . لا تنسى ولو ذراعا بترتها القنابل ، أو عينا أغمضت ، ولا تغفر لأحد : جثث الشهداء التي ظلت في مخيم جنين أياما كاملة داخل البيوت تتحلل معالمها أمام أعين محبيها. لا تنسى ولا تغفر للنازية الإسرائيلية أنها لم تدع مجالا للحياة ، ولا مجالا للموت ، وأخلت فضاء وحيدا للمجازر والأصوات  المفزعة . عام جديد فلا تنسى يا صغيري بحث آبائك الفلسطينيين عن أطفالهم  ورفاقهم  وأمهاتهم ، بين أنقاض عملية أوسلو ، وخريطة الطريق ، واتفاقيات جنيف ، وهرولتهم تحت وهج الصواريخ الأميركية بأبدان النازفين بين أسنانهم ، كما تهرول القطط بأبنائها بين النيران . عام جديد لا تنسى يا حبيبي ولا تغفر للنازية الجديدة إطلاقها الرصاص على كل طيف هرع لنجدة جريح على الرصيف ، ومنعها سيارات الإسعاف ، وتدميرها العيادات الطبية ، وجرفها البيوت والذكريات بالدبابات على رؤوس من فيها في رفح ، وجنين ، ونابلس.
عام جديد فلا تغفر لمن قوضوا المساجد ، وأضرموا النار في كنيسة مهد المسيح الذي باعوه من قبل . عام جديد فلا تنسى أنهم رصفوا أزقة المخيمات بضلوع وأعين أطفال مثلك ، ولا تغفر لمجتمع  بأكمله عنصري يتحدث بألف لسان من ألف بلد،  ويضرب بقبضة أميركية إسرائيلية واحدة . عام جديد يا حبيبي وأنا وأنت لن ننسى ، لا نبتة اقتلعت ،  ولا شهيدا ، ولا نظرة قبل الرحيل . نحن معك لن نغفر ، لا لطائرة ، ولا لحبل قيدت به يدان ، ولا لبيان دولي مخادع أو زنزانة أو عصا .
    عام جديد يا صغيري أقول لك : لقد دفقنا دمنا من أزقة المخيمات إلي العالم كله ومازلنا ننتظر أمام خيمتنا . عام جديد يا حبيبي ، وليس بين يدي هدية سوى هذا الموت الصغير ، أو هذا الموت الكبير ، موت مفاجئ ، وموت بطئ ، موت مؤلم ، وموت ناعم . عام جديد يا حبيبي . لعنة الله على هذا العالم ، وهذا العام . أما زلت تسمعني يا حبيبي ؟ أم أنك صرت تلك السحابة الصغيرة البيضاء هناك ؟ فاسمعيني أيتها السحابة إذن : عام جديد يقبل ، وليس بين يدي أرض أهديها لك لتمطري .
هل تسمعينني ؟ أم أنك صرت تلك النجمة البعيدة  ؟ فاسمعيني أيتها النجمة النائية : عام جديد .. وليس معي نافذة بيت أهديها لك لتنيري عبر زجاجها . هل تسمعينني ؟عام جديد ، أينما كنت يا ولدي وكيفما كنت : ريحا أم شجرا أم زهرا أبيض أم لونا عابرا : عام سعيد يا ولدي . عام سعيد .***
أحمد الخميسي . كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زهور قليلة في حقل الهزيمة
- عام ثالث .. على - حوار متمدن
- جائزة الثقافة الأمريكية في مصر
- نجوم كثيرة .. وقمر واحد في وداع حمزاتوف
- صــنــع الله إبــراهــيــم رسالة من على المنصة
- الكتاب والمثقفون المصريون : لا .. للعدوان على سوريا ..
- المثقفون والأستاذ
- لثورة اليمن ، والتطور ، وليلى
- المثقفون المصريون : تحية للشعب الفلسطيني ولرئيسه المنتخب
- اتحاد الكتاب العرب نوما عميقا وشخيرا عاليا
- السياسة أقوى من الحداثة أو الحكايات المختلقة
- نظرية الاحتلال الثوري عند أنصار واشنطـــــن
- إسرائيل من الحرب إلي الثقافة
- ذكرى ناجي العلي
- حكاية صغيرة لطفلة - معتقل سياسي مصري
- وجدان الأقلية الدينية في الرواية المصرية
- الخوف من الكتابة
- هــمـوم قــبـطــيـة في أحـزان بـلـدنـا
- بغداد التي في خاطري
- حكايات ألف ليلة وليلة للرئيس جـورج بـوش


المزيد.....




- أكثر 10 لغات انتشارا في العالم بعام 2025.. ما ترتيب اللغة ال ...
- مشروع قانون فرنسي لتسريع إعادة منهوبات الحقبة الاستعمارية
- خلال سطو مسلح على شقتها.. مقتل الفنانة ديالا الوادي بدمشق
- فن الشارع في سراييفو: جسور من الألوان في مواجهة الانقسامات ا ...
- مسرحية تل أبيب.. حين يغيب العلم وتنكشف النوايا
- فيلم -جمعة أغرب-.. محاولة ليندسي لوهان لإعادة تعريف ذاتها
- جدل لوحة عزل ترامب يفتح ملف -الحرب الثقافية- على متاحف واشنط ...
- عودة الثنائيات إلى السينما المصرية بحجم إنتاج ضخم وتنافس إقل ...
- الدورة الثانية من -مدن القصائد- تحتفي بسمرقند عاصمة للثقافة ...
- رئيس الشركة القابضة للسينما يعلن عن شراكة مع القطاع الخاص لت ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - بطاقة لطفل فلسطيني عام جديد .. يا حبيبي