أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زيتوني ع القادر - الجلد















المزيد.....

الجلد


زيتوني ع القادر

الحوار المتمدن-العدد: 3404 - 2011 / 6 / 22 - 16:06
المحور: الادب والفن
    


الجلد
بقلم: زيتوني عبد القادر
(هتلر امرأة): عنوان غريب ومثير لاول مطبوع للصحفي العبقري: (مالابارت) والذي سيجعل بل وجعل منه بالفعل كاتبا عظيما عبر اروبا كاملة وكلفه خمس سنوات نفيا ليعود بعد ان تقلب بين الفاشية واللينينية قائد لمجلة لخص على صفحات اعدادها اراءه النهائية فيما يلي: ان عهد اروبا الامبراطورية في الزوال..وبدانا نقيح وللاسف نتقيح الكل..وعزاؤنا الوحيد اننا لا نتقيح بطريقة واحدة..البعض يتقيح اكثر من الاخرين…البعض اكثر موتا من الاخرين…يجب التفاؤل…ولكن ايضا يجب الاعتقاد بانه ياتي يوما يبعث فيه الاموات..

مقتطف من (الجلد)
-هل تريد فتاة بثلاث دولارات .جاك؟
-اطلع للخارج مالابارت.
-هل هذا غال..طفلة بثلاث دولارات..ان كيلوغراما من لحم الخروف اغلى منه..انا متاكد بانه في لندن او نيويورك لحم طفلة بهذا السن اغلى من هذا؟ اليس كذلك جاك؟؟
-انت تقززني : رد جاك.
-ثلاث دولارات تساوي تقريبا ثلاثمائة ليرة.كم تزن طفلة ذات الثماني او عشر سنوات؟ عشرون كيلو؟ تخيل ان كيلوغراما واحدا بالسوق السوداء يصل الى خمسة دولارات؟
-انت تثيرني ما لابارت.
ان ثمن الاطفال ذكورا واناثا بدا في الانحدار منذ ايام ولا زال متواصلا, في حين ارتفعت اسعار السكر, اللحم والخبز ولا تزال مستمرة في الانحدار.
ان اللحم البشري يرخص من يوم لاخر..ان طفلة ذات العشرين الى الخامسة والعشرين وصلت منذ اسبوع الى عشر دولارات بينما لن تتعدى اليوم الاربع دولارات.
ان السبب الرئيس في هذا الانحدار للحم البشري بنابولي-ربما يرجع الى انه لوحظ انه من كل نواحي ايطاليا الساحلية تصب النساء بنابولي.. في الاسابيع الاخيرة اتخم تجار الجملة السوق بكميات معتبرة من النساء السيسيليات..لم يكن اللحم الطري وحده..لان المضاربين يعرفون اذواق الجنود السود..وانهم احيانا يفضلون اللحم شبه الطري.. وعلى كل فان اللحم السيسيلني لم يكن الطلب عليه كثيرا..فحتى السود يرفضونه احيانا.. من كلابر ليفوي بسيلكات وموليس يصل يوميا الى نابولي..على ظهور العربات التي تجرها احمرة منهكة.او على شاحنات المحور ومعظمهن مشيا على الاقدام قوافل فتيات صلب وجد منغلقات, جلهن بدويات يسعين وراء سراب الذهب.. لهذا السبب سقط ثمن اللحم البشري بنابولي..كسدت تجارة المدينة..لم نالف هذا..انه البخس المخجل..خجل مس معظم طيبي نابولي وجعلهم يستحييون ويتخوفون من الانعكاسات السلبية على اقتصاد المدينة..وضع لم نالفه سابقا..في المقابل ارتفع اللحم الاسود ولحسن الحظ اعطى توازنا للسوق..
ولكن ما ذنب طيبي نابولي؟
لماذا لا تخجل سلطة المحور؟
-كم هو ثمن اللحم الاسود اليوم يا جاك؟
-اغرب عن وجهي مالابارت.
-هل صحيح ان لحم زنجية امريكية يساوي عشر اضعاف امريكية بيضاء؟
-انت تقلقني يا م…
-لم يكن خطئي ابدا اذا كان اللحم الزنجي في تصاعد مستمر..زنجية ميتة لم تكن تساوي شيئا..كانت ابخس من ميت ابيض..اقل من ميت ابيض..حتى اقل من ايطالي حي..كانت تساوي تقريبا عشرين طفلا ايطاليا ميتا جوعا..لقد كان غريبا حقا ان يرخص ثمن زنجي ميت الى هذا الحد….ان موت زنجي موت جميل..براق..صلب وكبير..ممدودا على الارض يشغل تقريبا ضعف مساحة ميت ابيض..حتى لو كان في حياته ماسح احذية ب هارلام او قائد قاطرة عندما يموت الزنجي يحتل قدرا من الارض كالكبار تماما…كالهياكل العجيبة لابطال هوميروس…لقد كان يثلجني لحد الاعماق عندما افكر فاجد ان جثة زنجي تحتل من التربة قدر ما يحتله(اشيل) ما يحتله(اجاكس) ما يحتله(هيكتور) ميتا..
لم استطع ان اهضم فكرة ان زنجيا ميتا لا يساوي شيئا؟
ولكن زنجيا حيا غالي الثمن؟؟
ان اثمان النوج ارتفعت في نابولي..منذ ايام قفزت من مائتي دولار الى الف. ولا شك انها ستواصل الارتفاع…يكفي ان تراقب تلك الرغبة المشعة في عيون هؤلاء الناس الفقراء وهم ينظرون الى زنجي حي لتفهم وتخلص الى ان اثمان الزنوج مرتفعة وايلة الى الارتفاع.
لقد كان حلم فقراء نابولي وخاصة( السيقنيزيين) (القواد) الاطفال هو شراء(بلاكا) ولو لسويعات…صيد الزنوج كان اللعبة المفضلة عند الاطفال.
لقد كانت نابولي غابة استوائية شاسعة, مضمخة برائحة ثقيلة وساخنة للسفنج المسكر..اين يسير زنوج جذابين وهم يترنحون, عيونهم شاخصة الى السماء..عندما يتمكن طفل من القبض على زنجي من كم قميصه ويجذبه وراءه من حانة الى حانة ومن ماخور لاخر في دهاليز طوليدو وفورسيلا من جميع النوافذ..من كل العتبات…من المداخل..من اطراف الطرق..مئات الافواه…مئات العيون ..مئات الايدي تمتد هاتفة:
ائتيني بزنجيك
-اعطيك عشرين…ثلاثين….خمسين.
لقد كان (خمسين) اكبر مبلغ يمكن ان يسدد لشراء زنجي لمدة يوم..هذا ما كان يسمى ( السوق الطائرة) يعني لمدة ساعات..الوقت الكافي لاسكاره وتريشه من كل ما يملك من القبعة الى الحذاء ليترك ليلا عريانا عند حاجز من حواجز المدينة.
ان الزنجي لا يعبا بشيء..لم يكن يعرف انه يباع ويشترى من ربع ساعة لاخرى..يسير جاهلا ومبتهجا..معتزا بحذائه اللماع ..بزيه العسكري المنسجم..بقفازاته الصفراء..بخواتمه واسنانه الذهبية..بعيونه الكبيرة المشعة..بشفافه المبلطة كاسفنج بحري…يمشي ضاحكا..راسه متدلاة على كتفه..عيونه سابحة في ثلج اخضر..ضاربة في بعد سماء بلون البحر..قاطعة اسنانه كمقص لمتدليات قرميد احمر..لافخاذ فتيات مسندة للشرفات..للشجيرات المتالقة المتدلية اوراقها من دلاء طينية معلقة بالنوافذ…
يمشي الزنجي تائها..مخمورا بكل الروائح..كل الالوان..كل الانغام..لكل ما يجعل الحياة طيبة….روائح السفنج..الخمر..الاسماك المشوية..منظر امراة حامل على عتبة منزلها..طفلة تحك ظهرها..اخرى تبحث عن دملة بثديها..صرخات طفل في المهد..ضحكات هزي..انعكاسات اشعة شمس على نافذة..غناء عصفور في قفص…منظر طفل يغوص في قطعة بطيخ كانه يغوص في ارمونيكا…يهيم في سماء رمادية بنصف قمر متجانس من الاخضرار والاحمرار..منظر فتاة بنافذة تسرح شعرها وهي تدندن: اه..اه..أه متاملة المساء كانها تتامل مراة.
ان الزنجي لا ينتبه الى ان الطفل الذي يداعب يديه ويلاعب معصميه ويتحدث معه بليونة ويعريه بعيون مليئة بالرقة..عندما يبيعه لاخر..يسلمه للشاري ويغيب وسط الجموع.
ان ثمن الزنجي في السوق الطائرة كان محسوبا مسبقا محسوبا على اساس تفتحه..كبريائه..شهيته..طريقة تبسمه..كيفية اشعال سيجارته وتفحصه لامراة..
مئات العيون الفاحصة اللاحسة تراقب حركات الزنجي..تحسب النقود التي يخرجها من جيبه تتفحص خلسة اصابعه الوردية ذات الاظافر الخابية…لقد كان بعض الاطفال متدربين على الحساب الدقيق..طفل ذو عشر سنوات(باسكال مولي) استطاع بفضل هذه السوق الطائرة ان يكسب الاف الدولارات خلال شهرين اشترى بها منزلا بمحذاة(لابيازا اوليفيلا)
وهو ينتقل من حانة لحانة..من قبو لقبو..من دهليز لدهليز..وهو يبتسم وهو يشرب..ياكل..يداعب ساعد فتاة..لا يتفطن الزنجي الى انه اصبح عملة في سوق المبادلات النقدية..لا يشك ابدا انه يباع ويشترى..
بالتاكيد انه لم يكن هناك أي شرف للجنود الزنوج الامريكيين بسطاء كانوا او قادة بربحهم المعركة..فبعد ان نزلوا نابولي فاتحين اصبحوا يباعون ويشترون كعبيد ورق….ولكن هذا يسري في نابولي منذ زمن بعيد..منذ الاف السنين..لقد حدث للنورماند…لشارل الثامن الفرنسي.. ل(بادلي) ولموسيليني ايضا.
كان يمكن للجوع ان يفتك بشعب نابولي منذ قرون لو لم يكن الزمن رحيما فيتح لهم من حين لاخر فرصة البيع والشراء لكل هؤلاء ايطاليين واجانب من يعتقدون انهم ينزلون نابولي فاتحين غالبين واسياد..
لقد كان شراء عسكري اسود في السوق الطائرة لمدة ساعة يساوي عشر دولارات فقط في حين وصل منذ ايام خلت الى الف واكثر..لقد كان الزنجي منجم ذهب..ان تملك زنجيا معناه ملكك لدخل قار لمصدر رزق سهل..كان يعني حل مشاكل الحياة واحيانا طريقا للثراء..
كان مالك الزنجي يعامله كضيف..يوفر له الاكل والشرب..يتخمه بالجعة والسفنج..يرقصه مع بناته..ينومه على سريره الخاص مع افراد عائلته دون تفرقة في الجنس..نعم ينومه على هذا السرير الكبير الذي هو كبرياء نابولي..لكن الزنجي يعود مساءا محملا بالسكر..السجائر..الخبز..السميد الابيض..اقمصة..جوارب..احذية ..اغطية وجبال من الحلوى..
كان الزنجي يحب هذه الحياة العائلية..هذا الاستقبال الحار والصادق..ابتسامات الاطفال والنساء..الطاولة المطروحة تحت الضوء..الشراب ..البيتزا…السفنج.. وقد يصير بعد ايام صهرا للعائلة..يخطب احدى بناتها ليعود كل مساء محملا بهدايا لخطيبته..صناديق علب لحم العجل المصبر..اكياس بن وسكر..علب سجائر صفائح شيكولاطة..بكل انواع الكنوز التي يسلبها من مخازن العسكر..ليبيعها احد اصهاره في السوق الطائرة..
لقد كان في الامكان شراء عبيد بيض في غابة نابولي لان ثمنهم كان وطيئا.. ولكن الاطفال عزفوا عنهم لانهم لا يدرون شيئا…ز
اغلى الرقيق كان (السائقون) ان سائقا اسود قد يصل احيانا الى الفين دولار…بعض السواق اهدى لخطيبته شاحنة كاملة مشحونة بالدقيق …السكر…العجلات ودلاء البنزين..
ان سائقا اسود اهدى خطيبته(كونسيطاابيستو) دبابة كاملة؟؟؟ في ساعتين لا اكثر ولا اقل فكت الدبابة ولم يبق منها الا اثار زيوت في الساحة……في ميناء نابولي سرقت ذات ليلة سفينة قادمة للتو في قافلة مراكب..فجاة اختفت..لم تسرق حمولتها بل سرقت كاملة..
لقد هز هذا الحدث المضحك كل المدن من (كابوديمونت )الى (بوسليب)

اننا نعيش زمن كل جميلات و اميرات اولومبيا اللواتي ينحنين مع الغيوم فوق سماء اثينا لتتاملن نابولي وتاخذن الضحك الحقيقي وهن تحملن اثدائهن بين ايديهن لترتعد مساء اثينا بانفجار بياض اسنانهن..
-جاك كم هو ثمن السفينة(الحرة) في السوق السوداء؟
+لم تساو الكثير
-لقد كان من الافضل ان تضع حراسا على الجسر المؤدي الى مراكبك. اذا لم تحذر فسيرق اسطولك؟
+ مع السلامة مالابارت.

زيتوني ع القادر: ترجمة عن كتاب: أساتذة الفكر
ل :علي الكنز
Les maitres de la pensee
Ali Elkenz

كاتب ومترجم من الجزائر





#زيتوني_ع_القادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعترافات متاخرة
- مطر بالمدينة:Il pleut sur la ville
- انا منها
- ليل طويل في غابة النحل
- نجم افل
- سر المراة
- الدم
- الغبن
- الضياع
- الاقليمية الثقافية والسياسية
- وجوه الشرف
- الامل الاخير
- وشوشوة الجدران
- امومة
- جهنم الطرف الاخر من الحدود
- نهاية الطغاة
- هموم قزحية التقاطع
- الصقيع
- من ذاكرة الهنود الحمر
- هذه المدينة التي صفعتني


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زيتوني ع القادر - الجلد