أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق أبو شومر - العرب ليسوا عربا














المزيد.....

العرب ليسوا عربا


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 3403 - 2011 / 6 / 21 - 16:46
المحور: الادب والفن
    


نقد أدبي لمناسبة رحيل المبدع يوسف الخطيب
سنظلُّ أسرى لتقاليدنا العربية، ولعل أكثر التقاليد العربية شيوعا تتمثل في هذه الحكمة:
"المبدعون يموتون أحياءً ، ويحيَوْنَ أمواتا"
نحن لا نُجِلُّ مبدعينا إلا بعد أن يموتوا، كذا فإن زمن الوفاة يزيد من كفاءة الأموات، فكلما تقادم العهدُ، ازددنا إعجابا وتقديرا لهم، فزعماؤنا ومبدعونا يُشبهون النبيذَ المُعتَّقَ، الذي تُقاس جودتُهُ بسنوات تعتيقه وخزنه.
غير أن الحقيقة الأكثر وضوحا هي ما أصاب حياتنا الراهنة من التعقيدات والمآزق والأمراض النفسية، والتي تتمثل في أن البشرَ صاروا يحنون إلى ماضيهم ، أكثر مما يأملون في مستقبلهم، فهم يهربون من مواجهة هذا المستقبل الخطير، بالهروب إلى الوراء!
إن سبب المقدمة السابقة ، هو وفاة مبدعٍ فلسطيني، أخشى أن يَذكره التاريخ كاسم فقط ضمن قافلة المبدعين الفلسطينيين الراحلين، بدون أن يحظى بالتقدير والإجلال لأثره في الآداب العربية والعالمية، ولقصائده الرائعة ولإنجازاته الإبداعية الوطنية !
الشاعر والسياسي والناقد والأديب يوسف الخطيب الفلسطيني المولد، العربي النسب والحسب، هو من وضع النوتة الموسيقية لشعراء الأرض المحتلة، في كتابه ديوان شعراء الأرض المحتلة 1968 .
لا أبالغ حين أقول إن تأليف الكتاب كان أشدَّ وقعا من كل القذائف والعمليات العسكرية، فقد نقل الأشعار المبعثرة إلى سيمفونية الأناشيد الفلسطينية، وأعطى للكلمات والحروف نغماتٍ وألحانا!
ولم يكتفٍ بجمع أشعار شعرائنا المبدعين، بل إنه واظب على تجسير الفجوة بيننا ، وبين تراثنا العربي، فيوسف الخطيب، لم يجد فرقا بين حزن الشاعر الكبير المتنبي، عندما عاد خائبا من ضيافة كافور الإخشيدي البخيل يوم العيد، فقال منشدا رائعته التي يصف بها خيبته ويهجو كافورا:
عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدْتَ يا عيدُ... بما مضى أم لأمر فيك تجديدُ
فيوسف الخطيب قد أسقط بؤس الشاعر وألمه على ما يحدث للفلسطينيين من قهرٍ احتلالي، فقال معارضا تلك القصيدة:
عيدٌ حللتَ، كما حوَّلتَ يا عيدُ... فما وحقك تحتَ الشمسِ تجديدُ
أما الأحبةُ فالأسلاكُ دونهُمُ.... ودونَ غزةَ فولاذٌ وبارودُ
إنه الشاعرُ المبدع، الذي يجب أن يحظى بتكريم مدينة العنقاء(غزة) لأنه جعل غزة في قصائده رمزا لكل نضالنا، حتى أن غزة خرجتْ عن كونها مدينةً، كما المدن، لتصبح في شعره جنةً وكوثرا، لا يُرى اللهُ إلا في شوارعها:
رأيتُ اللهَ في غزةَ... يؤرجحُ فوق نور ذراعِهِ
طفلا إلى أعلى...
ويمسحُ في سكون الليل... أدمُعَ أمِّهِ الثكلى
رأيتُ الله في الساحاتِ... يُغمض أعين القتلى
ويسقي في مدافنهم... غصونَ الآٍِس والدُّفلى
رأيتُ اللهَ يبرحُ قُبَّةَ الجامع... وينزل في صدور المؤمنين
ويملأ الشارع!
إنه الشاعرُ الكبيرُ الذي لا يرى في أمته العربية، سوى تعبيراتٍ وألفاظا، ومصطلحا سياسيا فقط لا غير، فقد استحالتْ أمةُ العربِ عند الشاعر إلى أمةٍ مأزومةٍ، بدّلتْ أبطالها، بالخبثاء والمرتزقة، ولم يعد العربُ عربا.
أأُمَّتي يا شموخَ الرأسِ مُتلعةٌ... مّنْ غَلَّ رأسَك في الأقدام والرُّكَبِ؟!!
أأنتِ أنتِ أم الأرحامُ قاحلةُ.... وبَدَّلتِ عن أبي ذرٍّ أبا لهبِ؟؟
أكادُ أؤمنُ من شكٍّ ومن عجبِ.... هذي الملايينُ ليست أمة العربِ!!!
إنه إكليلُ الشعر الفلسطيني الذي يُزين براويز الشعر العربي، إنه يوسف الخطيب الذي ولد في دورا بالخليل 1931، وتوفي في دمشق يونيو 2011 .
ثمانون عاما بدأت بفلسطين، وأثمرتْ في دمشق والعراق ولبنان، فالشاعر ليس أديبا مبدعا فقط، ولكنه رمزٌ للمخزون الإبداعي الفلسطيني، والذي أخشي عليه أن ينضُبَ!!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسبرطئيل
- عصير خبزك
- العطار والأحزاب
- مصانع إنتاج البلطجية
- نساء يحلمن بالقدس
- رهن العرب في البنك الدولي
- سياسيون راقصون
- الإدانة في وثائقهم السرية
- العرب أعداء الأرشفة
- هل تستعد إسرائيل لحربٍ جديدة؟
- كاميرا ابن الرومي
- حكيم أم سطحي؟
- هل أنت يساري؟
- عميد شعر السخرية
- هجوم بسلاح المربوط النووي
- من مناجم الأشعار
- الانتفاضة العربية
- أدب مضغوط
- من القبائل إلى الغروبات
- صرخة بعث لفاروق جويدة


المزيد.....




- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق أبو شومر - العرب ليسوا عربا