محمود يغقوب
الحوار المتمدن-العدد: 3402 - 2011 / 6 / 20 - 14:45
المحور:
الادب والفن
( في نعي الفقيد رحيم الغالبي )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ديك الجيران حزين ٌ ، يترنح منقاره من فرط الحيرة ، وتهتز دائرتا عينيه الحمراوين غضبا ، بحثا ً عن سريرك فوق سطح الدار . مثل الأطفال ، ظل الديك يشاكسك عند الفجر ..
ديك الجيران حزين ٌ وأنا حزين ٌ أيضا ..
بائع المشروبات أتى من ( حاوي العباس ) ، ينوء بحمل بضاعته . وتفاجأ بلافتة سوداء ، عند باب المنزل ، تنعي اسمك بالضبط ِ ، فتلفت مذهولا ً ، وندّت من شفتيه آنـّات أسف ٍ ، وصفق الراح بالراح . وأستل ّ قائمة حسابه ، وشطب سابع اسم فيها ، وكتب قدّامه " واصل " وأبرأك الذمة ..
بائع المشروبات حزين ٌ وأنا حزين ٌ أيضا ..
الجسر الأخضر ، أحسّ بضيق ٍ في صدره ، ليلة أمس ، فمشى عبر الشط نحيلا ً قلقا ، وقريبا ً من منزلك صفعته صرخات النسوة وعويل الأطفال ، أجفل وعاد حزينا ً يحتضن ذكرى خطواتك الناعمة السكرى فوق الماء .
الجسر الأخضر حزين ٌ وأنا حزين ٌ أيضا ..
يا عصفور الشطرة الكحلي ، ويا تبغ السمـّار ، من أطلقك من قفص العمر وحيدا ً ؟ .. من أغراك لتطير خلف الشفق الأزرق بين الأرواح ؟..
من زرع في سكتنا هذا اللغم وفجّر بقايا الأحلام ؟..
يا للصدفة كنا نحلم أن تكنس كل الألغام !..
لو تدري أهوار " الغموكة " أية نيران شبّت في أكمام الورد الأحمر ، لانهمرت أمطارا ً غدقا ً ، وانهمرت أنهار ..
ما أروع أن تذهب عار ٍ لملاقاة الله .. عار ٍ حتى من جلدك ، مثل السيف بلا غمد ٍ ، وكالحقيقة جريئة ً وجميلة . سوف يهرع نحوك ملائكة الرحمن .. ملاك ٌ عن يمينك ، وملاك ٌ عن يسارك ، وآخرون من أمامك .. وعند الاستجواب أثبت بينهم كالعلم المركوز ، وخذ الكأس بقوة ، ولتخبرهم عن أفعالك في الدنيا : كيف شتمت الكفر وطعنت الإرهاب ، وكيف سللت سيوف الشعر وجاهدت الظلم وحاربت الفجّار ، وتعذبت لأجل الحرية ، وتغنيت بالأطفال ..
اتلُ غليهم قصيدة " دلينه الشمس عالباب " وقصيدة " سيد عباس النجـّار " ، واسمعهم أشعارك بيتا ً بيتا ً ، وأزدهم من قول الأشعار . إن الله أدلق في كأسك أنوارا ً قدسية ، ورمى في صدرك قوافي الحب وزخ عليك من الرحمة أمطارا ً وأمطار ..
ولأجلك ، سوف أتعلم كل فنون تحضير الأرواح ، وأستحضر روحك كل مساء ، لأرد الوحشة عني ، وأرد الوحشة عن " عمار كشيش " ، وأرد الوحشة عن " رسميه محيبس زاير " ، وأرد الوحشة عن ديك الجيران ..
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟