أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير دعيم - مسرحية في مشهديْن














المزيد.....

مسرحية في مشهديْن


زهير دعيم

الحوار المتمدن-العدد: 3397 - 2011 / 6 / 15 - 23:38
المحور: الادب والفن
    


( المشهد الأوّل )
بيت جميل يتوسط حديقة فيحاء على اطراف بلدة جبلية .
الجوّ في الخارج عاصف وثائر ، والمطر غاضب يصفع وجه الارض صفعات قويّة، في حين كانت الشموع المضيئة في الداخل تلقي بظلالها على الحيطان الليلكية وعلى زجاجات الخمرة بأنواعها والوانها ، فمنها الاحمر والأصفر والشفّاف ...كلّها للتذوّق والشمّ ، في حين راح القوم يرقصون ويتمايلون طربًا على وقع الموسيقى الهادئة حينًا والصاخبة أحيانًا أخرى.
حفلة حفلاء ، والضيوف من عليّة القوم والآهات تنفلت من هنا وهناك.
الفردوس هنا...الجنّة هنا ...مَن قال أنّ هناك فردوسًا آخَر ؟!
دعونا نعيش حياتنا عريضة حمراء ، ساخنة ، راعشة وضاجّة.
نترك لكم فردوسكم الخامل ، الغافي ، الكسول حيث لا رقص ولا نشوة والاهم لا حواء !!!
وفي منتصف الليل والموسيقى الهادئة تأخذ بمجامع النفوس ، وتتلاحم وتعانق الخيالات الهائمة والانوار الخافتة وتمتزج مع هدير المطر الهاطل بغزارة موّشحًا زجاج النوافذ ...في هذا الوقت بالذات قُرع الباب بلطف ، فصحا المحتفلون للحظة ، فتوجّه رب البيت نحو الباب ليرى مَن هذا الضيف الثقيل الذي جاء ليعكّر مزاج حفلتهم ويسرق منهم السعادة والنشوة؟
من هذا المُتطفل الذي يرضى ضميره " الميت"أن يشوّش احلام قوم عشقواالرّاح والرقص والاحلام ؟.
وكم كانت دهشة المضيف كبيرة ، فالواقف على الباب شابّ غريب في الثلاثين من عمره ، يرتجف من البرد في حين راح المطر يقطر من جسمه وثيابه.
نظر الغريب الى المضيف نظرة ملأى بالحنان والتوسّل قائلا:
أرجوك...غريب أنا من ديار بعيدة ، لم ترحمني الطبيعة ، ولم أجد لي مكانًا الوذ به من هذا الطقس العاصف...دعني أدخل وأقبع في ركن ما حتى الصباح.
وقهقه المضيف عاليا : غريب ... ها غريب .. ومن قال لك ان عندنا فندق للغرباء!!! أتعلم يا هذا انك عكّرت مزاجنا وقطعت حبل نشوتنا واغتصبت فرحتنا ...
ودفعة دفعة قوية أسقطته ارضًا .
فقام الشّاب الغريب والدموع تملأ عينيه ، قام يلملم ذاته ويتوارى عن الانظار.

( المشهد الثّاني )
( بعد مرور سنة بالتمام )
البيت عينه ، وتكاد تكون الليلة ذاتها ، فالمطر ينهمر بغزارة ... لكن الامور تختلف كثيرًا ...فكلّ شيء صامت ، ساكن الا الدموع تنزلق من كلّ عيون الجالسين المتحلّقين حول سرير شاب مريض ، سكنت الصُّفرة في حناياه وعاش الوهن في مفاصله وخبا وهج الأمل في عينيه .
لا أمل ... قال الأطباء، فوقع هذا الكلام على اهله كما الصاعقة.
لا أمل.... وردّد الفضاء الآهات.... لا أمل.
لا أمل ولا ضرورة ان يبقى في المشفى ...دعوه يقضي ساعاته الأخيرة بين أحبّائه...انها ساعات ، ساعات فحسب.
وتسيل الدّموع أنهارًا ، ويرفع ربّ البيت يديه وهو ساجد عند أقدام المصلوب ويصرخ : " أرجوك يا أبي السّمائيّ ، أرجوك اشفه ، فأنا لا املك قدرة التحمّل مثلك !! شتّان ما بين وحيدي ووحيدك ومع هذا فهو فلذة كبدي .. ارجوك اني اموت حزنًا.
ارجوك ان تلتفت الى وحيدي لاجل المصلوب ؛ هذا الذي أنكرته كلّ أيام حياتي.
نعم لاجله مُدّ يدك الشافية يا ربّ ، فأنت الأمل الأخير ، بل الوحيد ... أرجوك ان تنسى عقوقي و ترمي خطاياي خلفك وترحمني.
وسحّت الدموع حارّة ، لاهبة على وجنتيه .
ولم يقم الا على صوت دقات لطيفة تدقّ الباب في منتصف الليل والمطر في عنفوانه ، فإذا هو امام شابّ في الثلاثين من عمره ... الشّابّ إياه ، يرتعش ويرتجف والمطر يقطر من ثيابه.
نظر الغريب بحنان الى ربّ البيت وقال : " غريب أنا من ديار بعيدة ، لم ترحمني الطبيعة ، وليس مكان أسند اليه رأسي .. دعني أقضي بقية ليلتي عندكم.
وأومأ صاحب البيت برأسه والدموع لا تفارق عينيه ، أومأ وقال : ادخل .. على الرحب والسعة .. ادخل يا اخي رغم انك لم تأت في الوقت المناسب!!
وسرعان ما اصابته الدهشة فالغريب اختفى وكأن شيئًا لم يكن ولم يصح الا على صرا خ الزوجة : جميل ... جميل ..ابننا يصحو ..ابننا يصحو...إنه يقوم ..



#زهير_دعيم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أينه ؟
- وترك علبة صدقاته
- الفضل كلّو
- مقتل ابن لادن لم يفرحني
- الكلاسيكو
- صلوات صغيرة
- سأبقى وفيًّا
- وينثال النّور شؤبوبًا
- البنت النبيلة - قصّة للأطفال
- الزنزانة والمرأة الغريبة
- أمّي لحن الوجود
- مملكة النهر العظيم - قصة للأطفال
- إنّي أعترف
- بين جزيرتي سانت هيلانة وبطمس
- المُهرّج والخيمة
- جورجيت قليني والحُلم المشروع
- قلم الباركر- قصّة للأطفال
- لا تبكي يا إسكندريّة
- حبّو ساكن في ضْلوعي
- ميلادك أحلى عيد


المزيد.....




- تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-
- الاحتفاء بالأديب حسب الله يحيى.. رحلة ثقافية وفكرية حافلة
- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير دعيم - مسرحية في مشهديْن