|
بوش الى الأبيض ثانية !!
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1008 - 2004 / 11 / 5 - 10:37
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
وضعت المعركة الانتخابية الامريكية أمس أوزارها بعد أن حمى وطيسها على مدى الايام القليلة الماضية بين مرشح الحزب الجمهوري الامريكي : جورج بوش ، وبين مرشح الحزب الديمقراطي : جون كيري، ولكن دون قعقعة سيوف ، وهدير اصوات مدافع 0 لقد تميزت هذه المعركة عن سواها من المعارك الانتخابية الامريكية السابقة بكثرة المصوتين فيها ، وخاصة الشباب منهم ، وتشهد على ذلك الصفوف الطويلة التي وقف فيها الامريكيون ممن يحق لهم التصويت فيها امام مراكز الاقتراع ، وفي كل المدن الامريكية ، وعلى وجه الخصوص منها تلك المدن التي تشهد كثافة سكانية كثيرة ، وبدا ذلك واضحا من الشكوى التي كان يطلقها الواقفون والواقفات من طول فترة الانتظار التي يجب عليهم أن يتحملوها ليلقوا بأوراقهم الانتخابية في صناديق الاقتراع 0 هذا على الصعيد الداخل الامريكي ، اما على الصعيد العالمي فقد ظلت دول كثيرة ، ومنها الدول الاوربية بشكل خاص ، مشغولة بتلك الانتخابات، وظل سكانها يتابعونها من على شاشات محطات تلفزيوناتها الوطنية التي نقلت وقائع تلك الانتخاباب ساعة بساعة ، وفي بث تلفزيوني خاص ، امتد على طوال ليلة كاملة ، وذلك لفارق الوقت بين اوربا وامريكا، وهذا ما جعل احد المعلقين أن يقول : كأن الناس في العالم كله تشارك في هذه الانتخابات 0 ومرد القول هذا ليس متابعة الناس لنتائج تلك الانتخابات وحسب ، وانما لاستطلاعات الرأي الكثيرة التي اجريت في تلك الدول، والتي انقسم فيها المستطلعون ما بين بوش وكيري ، وكانما عاد الرئيس الامريكي رئيسا للعالم كله ، وليس لامريكا فقط ، ويبدو أن سبب هذا هو شعور الناس ، وخاصة في اوربا ، بالدور المتعاظم للجبروة الامريكي في جميع اصقاع الارض ، وذلك في غياب منافس دولي حقيقي، مثلما كان عليه الحال زمن الاتحاد السوفيتي0 في الاقبال المنقطع النظير على الانتخابات ، وفي هذا الاهتمام الملفت للنظر من قبل العالم بها ، كان للحرب التي تشنها امريكا على الارهاب بقيادة الجمهوري جورج بوش دور مؤثر جدا في ذلك ، إن لم يكن هو الدور الحاسم حتى على صعيد النتائج التي تمخضت عنها تلك المعركة السلمية التي حصل فيها جورج بوش على اصوات ناخبين لم يحصل عليها أي مرشح امريكي من قبل ، وعلى امتداد تاريخ الرئاسة الامريكية ، كما أنه حقق فارقا كبيرا بينه وبين الديمقراطي ، جون كيري ، بلغ مشارف الاربعة ملايين صوتا ، وهذه النسبة في فارق الاصوات قد تخطت كثيرا النسبة التي حصل عليها جورج بوش في الدورة الانتخابية الاولى التي حملته الى البيت الابيض ، وامام منافسه الديمقراطي وقتها الغور ، وإذا كان هناك من سبب وراء ذلك ، فهو الحرب التي يقودها بوش ضد الارهاب في العالم ، والتي كانت امريكا هي التي ساعدت على صناعتها ايام الحرب الباردة ، وفي ساحتها الملتهبة افغانستان ، حيث عملت الدوائر الامريكية المختلفة على اذكاء الروح الدينية في نفوس عناصر منظمات ظلامية مثل منظمة القاعدة ، تلك المنظمات التي اتخذت من الدين ستارا ، ممتدة بهدوء على الساحة العربية ، تغذيها اموال بعض العرب وتباركها دعواتهم 0 وقد أضيف الى عامل الحرب على الارهاب في الفوز المبين الذي حققه جورج بوش عوامل اخرى ، منها المسالة العراقية ، والامن داخل الولايات الامريكية ، والوضع الحسن للاقتصاد الامريكي ، وإذا كانت هذه العوامل المهمة حاضرة في أذهان الكثير من الساسة والمحللين الغربيين ، والتي على أساسها تنبؤوا بفوز أكيد للمرشح الجمهوري ، جورج بوش ، فانها كانت غائبة بهذا القدر أو ذاك عن أذهان الساسة العرب ووسائل اعلامهم التي ما زال البعض منها يبكي صداما ، ويبدي اعجابه وفرحه بسيارات الارهاب المفخخة التي تحصد الابرياء في شوارع العراق 0 لقد كان رد الفعل عند بعض العرب على نتائج الانتخابات الامريكية ردا خائبا ، محبطا ، فقد تمنى العرب فوزا لجون كيري ظنا منهم أنه سيغير السياسة الامريكية في الشرق الاوسط ، تلك السياسة المتمثلة في شرق اوسط كبير ، والتي بدت ملامحها واضحة زمن حكم الحزب الديمقراطي ، حزب كيري ، على عهد الرئيس الديمقراطي ، بيل كلنتون المنصرف ، ثم تجسدت بقوة زمن حكم الحزب الجمهوري زمن جورج بوش ، وذلك حين أطاحت تلك السياسة بنظام طالبان في افغانستان ، ومهدت لقيام حكم ديمقراطي فيه ، صعد على رأسه الان حميد غرضي ، رجل أمريكا في افغانستان ، كرئيس للجمهورية ، وكذلك حين اطاحت بنظام صدام في العراق ، وتمهد لقيام حكومة ديمقراطية فيه الان ، ربما سيكون على رأسها رجل امريكا ، أياد علاوي 0 لقد وصلت الخيبة هذه عند البعض من هؤلاء العرب الى القول بأن الرئيس الامريكي المنتخب ، جورج بوش ، هو أسوأ كثيرا من رئيس الوزراء الاسرائيلي ، اريال شارون ، وبدا رد الفعل المحبط هذا عند ضياء داود ، رئيس الحزب الناصري اليساري ، غريبا ، ومضحكا في نفس الوقت ، وذلك حين يقول : كيري أفضل لسبب بسيط وهو أنه ليس بوش اصلا !!! لكن رغم هذا فقد رحب ياسر عرفات من على فراش مرضه بالعودة المظفرة لجورج بوش ثانية الى البيت الابيض الامريكي 0 أما الرد الاوربي على نتائج الانتخابات تلك ، فقد تجسد بالدعوة الى تصعيد وتيرة التعاون ما بين ضفتي الاطلسي ، أمريكا , اوربا ، تلك الدعوة التي قد انطلقت من اوربا القديمة : فرنسا , والمانيا ، تقابلها دعوة الترحيب الواضحة التي انطلقت من بريطانيا وايطاليا شريكتي امريكا في حربها التي شنتها على صدام ونظامه في العراق 0 ويبدو من خلال ما تقدم أن أوربا القديمة ستثوب الى رشدها ، وستضع خطاها في الطريق الذي رسمه السيد الامريكي الذي حمل الجنرال ديغول الى الحكم في فرنسا على ظهر دباباته في الحرب العالمية الثانية ، والذي أشاد المانيا كذلك من جديد بمشروع مارشال الشهير ، بعد أن تركها هتلر قاعا صفصفا ، تذروه السن نيران الحرب التي اشعلها هو بنفسه ، خاصة وأن الطبقة الرأسمالية في اوربا قد استلمت من الامريكان اشارات واضحة في العقاب الذي تجسد في ارتفاع اسعار النفط ، واغلاق مصانع السيارات في بلدانها ، والتي هي في الاساس مصانع امريكية ، مما زاد من جيش البطالة في المانيا على وجه الخصوص ، حيث تعدى عدد افراد هذا الجيش عتبة الاربعة ملايين عاطلا عن العمل ، وعلى هذه فقد كانت الدعوة المخلصة لتوني بلير ، رئيس وزراء بريطانيا ، لاوربا القديمة التي حاولت أن تتطاول على سادة البيت الابيض في حربهم التي اسقطوا بها نظام صدام خدين فرنسا بالذرة ، وطيران السوبر اتندار ، والسمك المسكوف ، وخدين المانيا بغاز الخردل وسموم الموت ، وساعة هارون الرشيد ، واضحة لا لبس فيها ، وهي أن لا طريق لاوربا غير طريق العودة للتعاون الامريكي - الاوربي ، وهذا ما تشهد الايام القادمة 0 وإذا كانت هذه العودة الاوربية الى احضان السيد الامريكي نتيجة من نتائج الانتخابات الامريكية التي جاءت على عكس الاماني الاوربية في فوز للمرشح الديمقراطي ، جون كيري ، الذي كان قد بعث ببعض الاشارات الايجابية الى فرنسا والمانيا حول السير في طريق التعاون القديم ، وذلك قبل اسابيع من وقت اجراء الانتخابات الامريكية ، فان المضي في مشروع الشرق الاوسط الكبير ، والحرب على الارهاب سيتواصل العمل فيهما ، بخطا حثيثة هذه المرة ، حيث أن الادارة الامريكية الجديدة القديمة ترى في نفسها مفوضة الان من قبل الشعب الامريكي في خوض غمار هذين المشروعين سوية ، ولن يكون الوضع في العراق ، وفي بلدان من الشرق الاوسط هذا ، بعيدا عن مسار هذين المشروعين 0
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق بين كيري وبوش !
-
ظرف الشعراء ( 28 ) : قيس بن الملوح العامري
-
المصالحة الوطنية مصالحة بعث لبعث !
-
معهم في الكويت ضدهم في العراق !
-
الجنوب المذبوح أبدا !
-
ظرف الشعراء ( 27 ) : العكوك
-
التفاوض والقتل !
-
الترويع !
-
عين على الارهاب وعين على السلطة !
-
فاجرة يتعشقها الجميع !
-
ظرف الشعراء ( 26 ) : أبو العلاء المعري
-
شعب العراق الأول !
-
العراقيون ينهضون ضد الارهاب !
-
الارهابيون يتدحرجون الى الهاوية !
-
جمهورية الارهاب والكباب !
-
ظرف الشعراء ( 25 ) : جميل بثينة
-
مقايضة الارهابيين !
-
حلال عليهم حرام علينا !
-
ظرف الشعراء ( 24 ) : أبو عطاء السندي
-
يستجدون الكلمات من العرب والمسلمين !
المزيد.....
-
أين تقع المقاعد الأكثر أمانًا على متن الطائرة؟
-
تم إسكاتها وتهميشها.. دبلوماسية استقالت من الخارجية الأمريكي
...
-
الجيش اللبناني: إطلاق نار على السفارة الأمريكية في بيروت.. و
...
-
عن أي كرة وأي ملعب تتحدثون؟.. تعليق على تحميل واشنطن لحماس م
...
-
مجلس النواب الأمريكي يقر مشروع قانون يفرض عقوبات على المدعين
...
-
كيف يؤثر -التضخم الحراري- على أسعار الغذاء في العالم العربي؟
...
-
لغة الجسد ـ تجنب هذه التصرفات كي لا تبدو شخصا عير مريح
-
-فاينانشيال تايمز-: واشنطن ستقدم لكييف قرضا بقيمة 50 مليار د
...
-
مراسلتنا: إطلاق نار باتجاه السفارة الأمريكية في منطقة عوكر ف
...
-
لحظة إطلاق النار باتجاه السفارة الأمريكية في منطقة عوكر في
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|