أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عبد الأمير الربيعي - عبد الأمير الحصيري.. شيخ الصعاليك















المزيد.....

عبد الأمير الحصيري.. شيخ الصعاليك


نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)


الحوار المتمدن-العدد: 3380 - 2011 / 5 / 29 - 17:10
المحور: الادب والفن
    


عبد الأمير الحصيري.. شيخ الصعاليك

نبيل عبد الأمير الربيعي

لقد كان كبرياؤه ضمانةِ المقاومة ضد استيلاء العبثية والإنحدار زز لم يسافر أبعد من الحانة والمقهى إلا قليلا فقد أدرك في داخلهِ أميراً لا يترجل وقد أخذهُ الموت مبكراً.
ولد الشاعر الحصيري في مدينة النجف , بيئة اللغة والادب , كان في طفولتهِ انطوائياً هادئاً خجولاً صادقاً مع نفسهِ وتجاه الآخرين, ميالاً للأدب , مرهف الأحاسيس , لذلك ارتاد المجالس والمنتديات الأدبية وقراءاته لعيون الشعر والأدب العربي , كتب الشعر وهو في العاشرة وتقمصهُ التشرد لقضاء أغلب أوقاته في مقبرة النجف وبساتينها.
تتصف شخصيتهُ بالنرجسية والغرور الكبير , فقد أحرج يوماً مدرس اللغة العربية في متوسطة الخورنق في اعراب جملة( فِ القنديلة َ زيتاً) وكان اعتقاد مدرسه (فِ) هي ( في) حرف جر ولا يجوز نصب ( القنديلة َ) وانما كسرها ( القنديلةِ) فكتب على السبورة كالممسوس الجملة.. فبهت استاذه واتم الحصري اعرابها: ( فش) فعل أمر والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديرهُ أنت و(القنديلة َ) مفعول به فيقول الاستاذ بتواضع: أصبت يا ولدي.(1)
كما احرج مدرس اللغة العربية من القطر المصري الشقيق بسؤاله ان هنالك خللاً في معلقة أمريء القيس عروضياً ففوجيء المدرس بأن تلميذهُ يتهكم على امرؤ القيس اكبر الشعراء فنهض الحصيري وكتب على السبورة :
ترى بعر الأرامِ ِ في عرصاتها وقيعانها كأنه ُحب فلفل ِ
ويقف عند (كأنه) ليقول كان امرؤ القيس يقرأها( كا أن نه) لكي يستقيم الوزن , هذا خلل عروضي.
ترك الدراسة وعمل في صناعة الفخار والنجارة والحدادة وعامل بناء ثم ضجر وسافر الى بغداد متجهاً الى اتحاد الادباء والذي كان يضج بالشباب من مختلف الاتجاهات الأدبية بعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 , وكان بعض الادباء المحسوبين على الادب يضحكون ملء اشداقهم من دخول الحصيري لما يثيره من اللحية الكثة والملابس المتهدلة العتيقة ومسبحتهِ وحقيبتهِ الصغيرة, ولكن كشفهُ لأخطائهم اللغوية والنحوية والعروضية مما اثارهم لابتعادهم عنهُ , مما حدا بهِ الى الالتجاء للخمرة, ثم أقدم الراحل الاستاذ عبد المجيد الونداوي على إيجاد عمل لهُ كمحرر في جريدة المواطن.
حياة التشرد وهي صفة الشاعر وبإرادتهِ راضياً بالنوم على الأرصفة او ضفاف دجلة راصفاً حقيبته الصغيرة تحت رأسه وقد وصف نفسه:( ربما تخفى عليّ جوانب منها يعرفها الناس أكثر مما أعرفها, اعرف عنهُ جوانب لم يعرفها الناس ولن يعرفونها , وهي ليست بالطلسم الذي لا يمكن حله , لكن طبيعة نظرتهم الى الاشياء هي التي قادتني الى... وما أنا إلا هذا الكائن المؤلف من اللحم والعظام والدم وما يكتنفها من عواطف ومشاعر وأفكار وجدت نفسي .)(2)
لقد اصدر اول ديوانة اواخر الخمسينات بعنوان( أزهار الدماء) ومنها قصيدتهِ( ابن الشعر) وديوانهِ الثاني اصدر عام1962 بعنوان(معلقة بغداد) التي احتوت على الانظار من خلال مطولته الشعرية (281 بيت شعري). وقد تعود الالتجاء للحانات , وكان عند احتساء الخمر يرتجل الأبيات الجميلة الرائعة البديعة مقابل ثمن بسيط او بدون ثمن.. كان الاحباط حياة الشاعر التي قادته ُ لأكثر من مرة للانتحار غرقاً بدجلة.
الحب كان بعيداً عنه ُ , لم يعشق طوال حياته ولكن أغلب قصائدهُ يوصف من يعشق بدقة التفاصيل ولكن بعد أن يكون مخموراً يقول:
حقً لكل العاشقين عناقهُ أن يستبيح مُناهمُ استئثارُ
فالقبلةُ الاولى لثغر جميلة بِكرُ مذاقُ رحيقها إعصارُ (3)
اشتغل الحصيري عام 1973 محرراً في القسم الثقافي في مجلة وعي العمال ولكن لكثرة غياباته وعدم التزامه ثم اعفائه من العمل بعد شهرين. ثم عمل في الاذاعة والتلفزيون كمصحح لغوي. كما شارك في تأسيس مؤسسة أقاصي للطباعة والنشر والاعلان مع سامي الزبيدي والشاعر خالد يوسف والمرحوم طارق ياسين . لكن هذا الشاعر أضاع الكثير من شعره وبعض الأحيان قصائد , فقد كان يقايض ببعضها وبعض الأحيان ( تسرق منهُ من قبل اشخاص يشاركونه النوم في غرفته ثم يهرب بالاوراق الشعرية لصاً في وضح النهار.كما فقد ديواناً شعرياً كاملاً أثناء استحمامه بمياه الخليج العربي حين تطايرت قصائدهُ مع الرياح. وقد اختفى ديوان( أحلام بابل) بعد وفاته مباشرة بين مكتبات الاصدقاء.
في الثاني من شباط عام1978 ودع الشاعر اصدقائه مصاباً بعجز بالقلب نتيجة احتسائه الخمر مما ادى الى اصابته باسهال حال سقط بعدها ونقل الى المستشفى حيث فارق الحياة. لم يملك شيخ الصعاليك مبلغ للدفن , فتبرع قسم من اصدقائه بالمبلغ ونقل حيث دفن في مدينة النجف عن عمر ناهز 37 عاماً. بكاه الكثير من محبي الادب والشعر وكانت النهاية وانتهت رحلة التشرد.
الحصيري شاعراً:
لقد كتب الحصيري بالشعر الحر وان كان رافضاً له ومن ابياته الاولى هي:
اصيل الفجر يهجع في شراييني
ويكتبني على رئتي.. ومحوني
عن الاصداف .. ظل لظى على جلد افعوانِ
في مياه الشمس مدفون . (4)
يقول الحصيري:( ولست بكافر بالجيد من الشعر المنطلق ولست بمتعصب للشعر العمودي علية, ولكني متعصب للشعر الجيد مهما كان شكلهُ عمودياً أم منطلقاً أم غير ذلك).(5) لقد اهتم الشاعر بمطولاته الشعرية ليعطي للانسان ملكية الشعر والابداع بعيداً عن الولع الشديد بالكتابه والحفاظ على سلامة اللغة, فقصيدة( معجزة تموز) المتكونة من (293) بيت شعري وقصيدة (نزهه في ذاكرة المربد) المتكونة من(196) بيت شعري و( معلقة بغداد) المتكونة من (281) بيت شعري:
بغداد يا لذة الخلود تثاءبت ببريق مبسمك العطور مصاعب
ياجنة الاطياف.. نادية السنى فيها العيون ترودهن مناسب
يا كوثر الاحلام.. تورق فضة أمواجه, ويفيض شهد ذائب

بغداد التي أحبها وعشقها كونها منبراً ادبياً وفنياً , المدينة المعطاة لابناء الرافدين كأول حضارة , بغداد ودجلة والفرات والمنصور وألف ليلة وليلة وشهرزاد , الآن هي مظلمة تعرضت للدمار والخراب بيد اعتى الجيوش الغازية وارذل من ساوم على حكمها , لكن تبقى بغداد بقلب الراحل الحصيري وقلوبنا تلك الجُنينة التي تحولت الى تقتيلاً ونهباً ونيراناً ولكن سوف ينتفض قلبها الحبيبة قرة عيوننا نصراً وشموخاً وعطاءاً على يد شبانها وشاباتها من ساحات الحرية والتحرير , هذا العطاء منها ومن أبناءها ومن مثقفيها وادبائها ومستقبلا سوف يحكى عنها ملحمتاً ببلاغة الادب والفنون والثقافة والمجد, وصفها الحصيري هذه المحبوبة عاصمة شهرزاد بمذكرات عروة بن الورد صفحة80
لفجرك (( بغداد ))غنت
الوف العصافير.. عند اليكور
وراقص الحانها النخل,.
وانتفض الشجر الاخضر

قال بحق الشاعر عبد الجبار داود البصري : ( مات الحصيري وهو يحلم بقصيدة بكر رغم آلاف الرؤى في مخيلته وشلالات الصور التي تنهمر كالمطر).
ترجل الحصيري من الحياة بعدما كان يدرك أن في داخلة أميراً يجب ان لا يترجل , لكن حكم الحانة كان طاغياً علي’ .



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مجلة الأقلام العدد 9 1985 ص80
(2) مجلة الديار العدد 49 نيسان 1974 ص59
(3) تموز يبتكر الشمس – ديوان ازهار الرماد
(4) ديوان بيارق الآتين ص36
(5) ديوان ازهار الدماء 1960



#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)       Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بابل تستضيف الاعلامي والشاعر احمد المظفر
- السيد وزير الزراعة العراقي المحترم.. تعسف بحق موظف
- لحركة الاحتجاجية في العراق.............. وثقافة الاستبداد
- حُسين مِردان....... سيّدُ النَدامى
- قراءة في كتاب( كاظم الجاسم ودوره في الحركة الوطنية للباحث مح ...
- القرامطة ...اول حركة اشتراكية في التأريخ الاسلامي
- قانون نقابة المعلمين رقم7 لسنة 1989 ما له وما عليه من مآخذ
- ثورة الزنج والصراع الطبقي في الاسلام
- هل العلمانية هي الحل
- صلاح حسن والجزع البابلي
- بابل تحتفي بالشاعر المغترب صلاح حسن
- بشتاشان جريمة العصر المغيبه
- تاريخ وواقع التعليم المهني في العراق
- سليم كاظم فنان فطري من بلادي.......مدينة الحلة
- مازلت بيننا أيها الفاضل... المربي فاضل ناجي الربيعي
- غياب قمراً من أقمار مدينتي الديوانية.. الشهيد كريم حميد عبد ...
- عبد الله كوران... والانقلاب في الشعر الكوردي
- العلمانية كحقيقة ( الإنسان بطبعه ميال إلى العلمانية ...
- جند السماء .... يحلقون بأجنحة من ورق
- العنف ..... والعنف المقدس


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عبد الأمير الربيعي - عبد الأمير الحصيري.. شيخ الصعاليك