أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عذري مازغ - ليسقط مثلث برمودا















المزيد.....

ليسقط مثلث برمودا


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3369 - 2011 / 5 / 18 - 22:16
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


عندما أراد ماركس أن يكتب عن التناقضات في بنية المجتمعات الغربية، ذهب بهدوء ليدرس بنية الإقتصاد السياسي، وكان قد كلفته رحلته هذه بقية عمره، نخر بركة البنية الإقتصادية الرأسمالية ليعطينا لب التناقضات التي تحكم ميكانيزم العلاقات الإجتماعية، اظهر لنا أساسها البنيوي، وحركتها الجدلية المعقدة وبنية منطقها، وبناء عليها وفي شروط تاريخية معينة استطاع أن يستشف الآفاق البعيدة لسيرورة المجتمعات استنادا إلى منطق الحركة فيها الذي هومنطق يحكمه الصراع بين قوى الإنتاج،حدده في شكله الرئيسي السياسي على أنه صراع بين الطبقة الرأسمالية والطبقة العاملة قاعدته المادية التي بها يتحدد هي بنية الحقل الإقتصادي، وأشكال هيمنته تأخذ مستويات متفاوتة من مستويات البنية الإجتماعية الأخرى، أي البنية الإيديولوجية والسياسية والشكل السياسي للمستوى الإقتصادي، أي الشكل الذي به يتخذ السياسي مظهر الصراع الإقتصادي، هذه العلاقة الجدلية بين مستوايات البنية الإجتماعية كان قد حددها بشكل رائع الشهيد مهدي عامل في كتابه الشيق مقدمات نظرية، بشكل يجعلنا غيابه في هذه المرحلة الحاسمة من حراك الثورات العربية، نشعر بخسارة كبيرة لا تعوض.قلت بان ماركس اتجه نحو صلب الموضوع التي هي البركة الخاملة في بنية المجتمعات الرأسمالية ليستخلص نظريته الرائدة،والتي تؤسس لمرحلة الإحتكار الصناعي. لينين أيضا عندما حدد نظريته في الإمبريالية عمد إلى هذه البنية نفسها راصدا إياها في مسارها التطوري ومحددا تميزها عن مرحلة ماركس على أنها مرحلة الإحتكار المالي، والتي من مميزاتها «فصل ملكية الراسمال عن توظيف الرأسمال في الإنتاج، فصل الرأسمال النقدي عن الرأسمال الصناعي أو المنتج، فصل صاحب الدخل الذي يعيش فقط من عائد الرأسمال النقدي عن رب العمل وجميع المشتركين مباشرة في التصرف بالرأسمال (1) هذه البنية هي المغيبة في حراك الثورات العربية باثر إيديولوجي يبرز لنا أن علة العلل في ازمة النظام العربي هو استناده على آلية الحكم الإستبدادي في العالم العربي، ولا عجب أن أغلب الكتابات اللبرالية من مثوري الزمن العربي الرديء لجأت إلى رصد أرصدة هذه البومة القذرة التي تهيمن في النظام العربي لتخلص إلى نظرية سمجة هي هيمنة مافيا الحكام على ثروة الشعوب العربية، هذه العبقرية البدوية من نزع الشعرة من العجين كما يقال، هي مشكلة المشكلات عندنا، والحقيقة ورغم ان عالمنا يعج بالإقتصاديين لم نجد إلا النذر من مقالات تتعرض إلى حجم الأرباح التي تسحبها الشركات المتعددة الجنسية إلى بلدانها الأصلية في عملية إفقار متعمدة لمنشأ ربحها لإنقاذ بلدانها من فقاعتها الإقتصادية ولا عجب أن لا نجد في أرشيف الحكومات العربية مايشفي الغليل من رصد هذه الأمول المسحوبة والتي يستند سحبها إلى قوانين الإستثمار التي بنتها هذه الحكومات لجلب المستثمرين بل على العكس من ذلك قد نجد شركة مفلسة في بلدها الأصلي وأرباحها في تصاعد خيالي في بلد الإستثمار عندنا، إن لم نقل هي تضخم أرباحها لتكيفها مع قانون السحب الذي بنت انظمتنا تشريعاتها الحكيمة لتجلب إلينا طواحن الخراب الإقتصادي التي تساهم بشكل فعال في مأزقة الأوضاع الإقتصادية عندنا، فحكوماتنا الظريفة، استنادا إلى أجندتها الخاصة، تعرف حجم هذه الاموال المسحوبة، وتعرف أنها استنادا إلى قوانين العولمة التي أمضتها على بياض، أنها تبني أوطانا من قصب لن تصمد أثناء الأزمات، وهي لذلك تحرص أن يتعولم مجدها خارج الوطن وهذا هو بالتحديد ما يفسر ميل الجردان الهرمة من حكامنا والدائرين في فلكهم إلى سحب خيرات البلاد واستثمارها أو خزنها في البلدان التي تنعم بالسلم الإجتماعي وهذا أيضا هو ما يفسر هروب بن على بجبنه المعهود حتى لا يفقد كل شيء، وها نحن بعد أيام معدودة من هروبه نسمع بعدم وجود أرصدة له بأبناك سويسرا أوغيرها كما سمعنا أن مبارك قد حولها بطرق ما إلى بلاد الله الواسعة، فالسياق العام الذي يجري فيه الفكر العربي في عموميته هو ان ينجر في تبرير تبذير الثروة الوطنية من خلال إيجاد المبررات الواهية التي يتخبط فيها العالم الرأسمالي، وكذلك من خلال خلق الملهاة الضرورية التي تحنط فينا التخلف بشكل بات قدرا يتخبط في مأساة الذات في بحث عقيم عن مخرج يحررها من ذاتها من حيث هي طاعنة بين الأصالة والمعاصرة، بين التقدم والتخلف وبعبارة، هي طاعنة بمرض مزمن هو هذه الثنائية الرائعة من الفكر الأزمي عندنا، هذه الثنائية الأزمية الميكانيكية هي من يوجه الثورات العربية أن تنظر إلى الوضع العربي القائم لترى فيه ازمة هي ازمة قيادات في النظام،لا أزمة بنيوية تشكل فيه بنى الإنتاج الرأسمالي المعولم النقيض الحقيقي الذي يجب هدمه، لا تغيير أقمشة النظام بتكريس شرعية لأقمشة جديدة، إن ما يؤطر الحراك الإجتماعي في وجوده المادي الحقيقي هي هذه البنية الآزمية المهيكلة لاستباحة الثروات الوطنية للشركات العابرة، وهي جزء من بنية النظام الرأسمالي المعولم بالتحديد، هذه الإستباحة هي من يوجب أنظمة فاسدة عندنا، وهي شرط أساسي لهيمنة هذه القوى الراسمالية، لكن في ثوراتنا العارمة، في غياب تأطير إيديولوجي سياسي، ذهبت في منحى الإستنجاد بهذا الوحش ذاته، وكرست توجها نضاليا أخذ شكلا إيديولوجي محض، إشكاليته الأساسية هي البحث عن خرافة الديموقراطية والتمتع بصندوق انتخابات.
في الأحد الفائت خرج شباب إسبانيا على غرار الشباب في شمال إفريقيا والعالم العربي للتظاهر في أكثر من 50 مدينة موزعة على كل التراب الوطني الإسباني، اعتبرها المحللون المحليون بأنها في تعدادها تقاس بالمظاهرات التي عرفتها إسبانيا والتي كانت ضد الغزو العراقي، لكن هذا الشباب هذه المرة خرج للمطالبة بديموقراطية حقيقية، بنيتها المادية ديموقراطية اقتصادية، شعارها رفض ديموقراطية مثلث تيرمودا الذي يشكله الحزبان الوديعان في تبادل الأدوار ورجال المال والأعمال، عبرو بشكل صريح على رفض الديموقراطية التيرمودية ونادوا بإسقاطها (ليسقط الحزبان المهيمنان في تبادل الأدوار، رفع شعار آخر أيضا هو: انتم لا تمثلونا، القصد الكثل السياسية المهيمنة)، وطرحو بديلا هو ما أسموه بالديموقراطية الشعبية، التي هي محور الشعارات الأخرى المرفوعة، والتي لامست أزمة السكن والصحة والثقافة هذا الحراك الإجتماعي الإسباني لامس حقيقة بنية الأزمة المزمنة التي يعيشها النظام الرأسمالي في بنيته والشعارات المرفوعة لا تختلف جزئيا عن الشعارات عندنا، لكنها في إسبانيا كانت بوضوح أكثر، فهي اتجهت مباشرة نحو الهدف وليس نحو تغيير قماش بالي بآخر جديد، بل هي اتجهت نحو المطالبة بتغيير حقيقي يمس الهيكل الإقتصادي والسياسي النظامي بشكل رائع، ليست الإنتخابات النزيهة هي الحل، بل هدم مثلث برمودا برمته، خلخلة العلاقة الغرامية بين السياسة والمال، في اتجاه مجتمع يتمتع بالحقوق الكاملة في السكن، في الصحة، في التعليم، في الشغل، في التثقيف، في احترام البيئة، وفي التغذية الصحية لا التغذية الملوثة بدينامية الإنتاج المكثف الذي لا يراعي أدنى الشروط الصحية. هي مظاهرات كانت شعاراتها متعددة وصادمة في جرأتها في تناول الأرقام الإقتصادية التي تناولتها الحكومة مثلا في ترميم ازمة المؤسسات المالية عنوان الأزمة الإقتصادية العالمية ومقارنتها بالأرقام التي رصدت للحلول الإجتماعية، والتي وزعت بشروط تافهة تعقلن نمطية الجد والمعقول عند الساسة كما لو انهم يسقطون حقا جبالا عارمة، وكذلك خضوع الحكومة الإشتراكية لابتزاز البنك الأوربي وصندوق النقد الدولي إبان مناقشة إصلاح قانون الشغل حيث سباتيرو كان يغرد بأن لا إله إلا الله وان ما يفتى له هو شرع الله ودونه الطوفان، في فرض إصلاحات تصب كليا في خدمة الرأسمالية في انحياز سارخ لخدمة المال أكثر منه خدمة الذين اعيتهم الرفوف قصد التصويت لصالحه.
تبدوا الثورات الجماهيرية صدى لبعضها محكومة بالضرورة بقانون الوحدة في التنوع، صدى الثورات العربية كان أيضا حاضرا في تظاهرات إسبانيا بكل تفاوتاتها بشكل غير مسبوق، فلا تمشكلاتها المتناقضة حالت دون فهم عميق لمشكلية الأزمة كما تشعبت بها تناقضات مأساة ليبيا المعقدة بين ان تعيش وضعا مؤزما تحت نظام الهلوسة ونظام الوحش الرأسمالي الذي سال ريقه لحياة الإنسان في ليبيا، ولا هوس خرافة الممانعة السورية حالت دون أن تكون شعاراتها حاضرة في حراك الشباب، بل إن أهم اسلوب التحريض الذي مارسه الشباب الإسباني هو اقتناء كل الفيديوهات المسجلة في كل الثورات سواء العربية أو غيرها من البلدان التي تحمل شعوبها هم الإندفاع نحو تحرير اقتصادياتها، لم تحضر تلك الحوافز التي تسيل ريق الإعلام الرأسمالي بخلق تناقضات تجوهر التخلف عند الشعوب المستضعفة، بل كانت الهواجس الحاضرة تتمركز حول نقد النظام العالمي وتجليات السارخة في خلق بيئة لا إنسانية وخلق ظروف التصارع والتطاحن والحروب وتدمير الطبيعة وتحويل حياة الإنسان إلى منظومة رقمية صالحة للعبث. تنتفض الجماعير إذن وتتناسل الحركات بشكل سريع من بلد إلى آخر ومن قارة إلى اخرى والهدف واحد في كل هذا الحراك، هو إسقاط مثلث برمودا

(1) الإمبريالية أعلى مراحل الراسمالية، الفصل الثالث



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايا من المهجر: لقاء مع بيكاسو (3)
- حكايا من المهجر: لقاء مع بيكاسو (2)
- حكايا من المهجر: لقاء مع بيكاسو
- الثوابت الخرافية في المغرب
- التحول في الثبات
- المؤامرة حين تتأسطر عند الأنظمة
- شظايا خواطر
- ملح الثورات العربية
- قراءة في الهيكل الإقتصادي لوليد مهدي
- وليد مهدي: قراءة ماركسية في الهيكل الإقتصادي
- المغاربة عندما يكتبون بالنجوم
- ليبيا والمؤامرة الدولية
- ثورة الشعوب العربية والإسلام السياسي
- القذافي، الهلوسة وخطاب الإحتضار
- التنوع في وحدة الهم
- المغرب و20 فبراير
- الثورة في تونس ومصر وآفاق خلق فضائية يسارية
- ساحة التحرير المصرية والصراع السياسي
- مصر ونظام البلطجة
- نداء إلى كل احرار العالم


المزيد.....




- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عذري مازغ - ليسقط مثلث برمودا