أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عذري مازغ - التحول في الثبات














المزيد.....

التحول في الثبات


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3336 - 2011 / 4 / 14 - 16:16
المحور: كتابات ساخرة
    


تعشق الحكومات العربية الإستقرار عشقا ازليا، لذلك هي تتمسك بالثوابت المستقرة على مساحة الوطن: أن يثبت الفقر في فقره، والغنى في غناه، والرابط التاريخي في الثبات هذا هو تحوله الذاتي: ان يتحول الفقر إلى فقر مذقع والغنى إلى غنى فاحش، وإن تفاقمت المأساة فتحول سلمي، ما أجمل هذه الاغنية الرائعة التي ابدعتها الملاحم العربية، في الشارع أغنية الفقراء تتوخى تحولا في الهرم هي أن يسقط النظام، جرأة وقلة حياء في وجه الرئيس، في تاريخها البئيس جحافيل الفقر تجرؤ أن يسقط الرئيس، والرئيس هذا متمسك بالتاريخ لأنه تاريخه، البؤس ثباته القاعدي الآسن والغنى ثباته الرأسي الحافل بالأمجاد، وحين تتعثر سيرورة المجد فتحول سلمي يحفظ سلامة الثوابت.. في القصور أغنية أخرى على نفس المقام، الرئيس يتوعد بإصلاحات كبيرة، ثم يقيل الحكومة كخطوة كبيرة هائلة، عربون مودة التحام الشعب والرئيس او الملك، كان الشعب يريد إسقاط رأس واحد فقط فإذا الرئيس أو الملك يسقط رؤوسا كثيرة، فمن يجرأ إذا أن يسقط راسا يسقط الرؤوس؟
هو تناقض هائل يحرك سيرورة التاريخ عندنا، هو التناقض بين الثبات والتحول، الثبات في الموقع والتحول فيه تحت ترانيم أغنية هي من نفس المقام،، الفقر جميل سيره إلى مصبه والغنى لا يشبع بحره، الشعب يقول نحن الشعب والشرعية نريد تحولا حقيقيا، والرئيس يقول: انا الوطن والشعب ذاته، أنا لسان هذه الجموع النائمة في البيوتات، يباركني شخيرها إلى يوم معلوم، والوطن بيدر لي فيه فسحة أخرى، أنا الوجه الجميل الذي ألفته عيون هذه الباقيات الكبيرة، الحالمة تستحث الوطن أن يأتلف فينا:
وجه بشوش مألوف يسقط الرؤوس ولا رئيس لا تعرفه السحايا من البشر
لم تنولد للشعوب كلها معارضة وديعة كالتي تفتقت في عالمنا العجيب، معارضة تساند الثورة فيما هي تتبرأ منها، ولا عجب أن تكون استساغت التهمة القاسية في حقها، فهي أجندة محرضة لكنها هي للنظام وكيل في الحوار من خارج الوطن وأيضا من خارج التاريخ، معارضة لا تثق حتى في شرعية وجودها، تريد أن تبقي تلك المساحة البليدة بينها وبين الجماهير لترضي الحاكم، وتبقي المسافة نفسها مع النظام حتى لا تفقد كل شيء: إن نجحت الجماهير فالتاريخ تاريخنا وإن لم تنجح فماكنا يوما من الضاللين، أليست هذه انتهازية قاتمة وبليدة إلى أقصى الحدود حين تترفع المعارضة على أن تكون أجندة محركة عمليا كأنما يخيفها أن تتموقع في صف الجماهير، أحزاب تنكر مهمتها التاريخية وتنكر تأطيرها، فهي مأخوذة بخرافة الثبات في المواقع، وهي لذلك لا تستطيع أن تقر بشرعيتها، فالثورة هي ثورة الشباب وطبعا الأحزاب ليست شابة، هي هرمة بشكل خارق، فكيف إذن تتأطر الثورة ليقودها وهم النيت: شباب الثورة غير مموقع في السياسة، اضحوكة جميلة
ما أجملها هذه البدعة الجديدة التي تعبر عن عبقرية عربية خارقة، يبدو خلالها الحاكم أذكى من المحتمل، فهو ببلادته لا يعترف للمعارضة سوى أنه كان يمدها بفتات السياسة، وحين تثور الجماهير تكون هي الشماعة في الحراك: ؟أجندة المعارضة هي وراء الزلل، مدفوعة باستقواء من خارج”: الرئيس يقول ليس الشباب من يتحرك بل هو مدفوع باجندة، والمعارضة ترد ليست هي من يتحرك بل الشباب يئس من هرج الحكام، وليكن، أليس الشباب ينتمي إلى هذا الوطن؟ ثم أليست المعارضة معنية بهذا الحراك؟
أليس هذا هو اوهي ذروة العبث عند المعارضة حين تشك في انتمائها؟ لكن قد نظلمها كثيرا حين نجحف في حقها أن نضع لها انتماء، فهي ألفت اللهاث وراء فتات السياسة المهيمنة ومعضلتها انها لا تثق في الشباب لأنه لا توجه سياسي له، هي وكيلة أعمال مهمتها التحنط في الثبات، والثبات عندها أن تتلقف الفتات، من الشباب إذا نجح ومن الحاكم البشوش إذا بقي.
لا عجب إذا أن تنتفض الجماهير مدفوعة بضغوطات الحياة اليومية ولا تجد في طريقها من يسندها سوى كلاب لاهثة أعياها التسول، فالبوصلة مفقودة لديها والأفق مسدود وأطرها لا تحفظ إلا شيئا من خرافات العولمة الجديدة والتشبث بثوابت عجيبة ليست إلا وهما خرافيا من أوهام السيادة استنادا إلى ثوابت هي التحنط في المواقع والتشبث بخرافة الوطن، بشكل يجعلنا نتساءل حقا: هل نحن ننتمي إلى وطن حقيقي؟
في مصر حطم شباب الثورة أسطورة الرئيس الأبدي، مسقط الرؤوس، لكن الثابت حتى الآن ان ملامح انقلاب عسكري خطته الولايات المتحدة هي المرجحة حتى الآن، فالتخبط الذي رافق اندحار حسني مبارك وما تسارع من أحداث حينها والمواقف التي عبرت عنها إدارة الولايات المتحدة حينها بإملاءتها الواضحة وتنسيقها العيان بينها وبين قادة الجيش من خلال التهديد بتجميد المساعدات العسكرية والزيارات العلنية والسرية لقادة الجيش إليها، والتحرك الإسرائيلي الوازن في احتواء الوضع،كل هذا يعطي خطوطا عريضة لملامح هذا الإنقلاب وطبيعته، فالتحول السلمي السلس الذي يعشقه قادة العرب كان يفترض أن تحترم بعض بنود الدستور المصري على الأقل في إطار الثوابت المعتمدة، تقضي أن يتسلم عمر سليمان نائب الرئيس قيادة مرحلة التحول أو كان الأمر يقضي بتولي رئيس المحكمة الدستورية في حالة الفراغ التام وهو الأمر الغير المطمئن لدول الإحتواء لما سيفرزه الأمر من انفلات من قبضة التحكم في المنطقة واختلال التوازنات السياسية في المنطقة، انفلاتا لا يضمن هيمنة القوى الوازنة في فرض الامر الواقع.
سقطت مصر إذن كما سقطت تونس سابقا وهاهي ذي ليبيا في الطريق تخطو خطوتها لتلتحق بموسم الديموقراطية العربية، موسم حلاقة الغنم، لتهيمن عليها نفس القوى الإمبريالية لكن بشعار جديد وموضيل حلاقة جديدة، تنتفض الجماهير عندنا لتسم حياتها بها، تتحول في ثباتها المحنط، هي ثورات بدون أفق سياسي، لكنها أيضا ثورات تتحرك في الثبات ولا شيء يتغير.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤامرة حين تتأسطر عند الأنظمة
- شظايا خواطر
- ملح الثورات العربية
- قراءة في الهيكل الإقتصادي لوليد مهدي
- وليد مهدي: قراءة ماركسية في الهيكل الإقتصادي
- المغاربة عندما يكتبون بالنجوم
- ليبيا والمؤامرة الدولية
- ثورة الشعوب العربية والإسلام السياسي
- القذافي، الهلوسة وخطاب الإحتضار
- التنوع في وحدة الهم
- المغرب و20 فبراير
- الثورة في تونس ومصر وآفاق خلق فضائية يسارية
- ساحة التحرير المصرية والصراع السياسي
- مصر ونظام البلطجة
- نداء إلى كل احرار العالم
- الثورة التونسية واليسار الماركسي
- تونس: الرئيس أو اللص الظريف
- تونس والثورة الجديدة
- ما أسعدنا بحكومات وديعة نحن الشعوب المغاربية
- يوميات مغارة الموت: جمع الفتوى


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عذري مازغ - التحول في الثبات