أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عذري مازغ - وليد مهدي: قراءة ماركسية في الهيكل الإقتصادي















المزيد.....

وليد مهدي: قراءة ماركسية في الهيكل الإقتصادي


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3301 - 2011 / 3 / 10 - 23:59
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


بداية اقول: ما أصعب أن تقرأ لرفيق وصديق عزيز وطموح قراءة نقدية، وأصعب منه أيضا أن لاتفعل، خصوصا إذا كانت القضايا التي يطرح مستفزة تسائل الكثير من الجوانب التي نمضيها دون تفحيص، فنحن نسمح في الإقتصاد الكثير من المفاهيم التي دخلت حقل الإقتصاد الجديد، وهي أساسا لا تتناسب ومنظومتنا المفاهيمية التي دأب فكرنا يمضغها بشهية فائقة، وكم كان أيضا شهيا أن نمضغ المفاهيم الجديدة لعل المضغ ينقلنا إلى زمن مازلنا نجاريه دون ان نحكم قبضتنا عليه، نحاكيه تلذذا لعله يرفعنا إلى الدرب الآتي فينفلت وتنفلت منا الأحداث كما لو كنا نقبض فقاعة، نعاود قبضتنا مرات عديدة، فإذا التيه فينا يربك توازننا لنعود إلى أرضنا كما يقول المثل الشائع، ونجدد بيعتنا امانة للفكر الذي منه شبعنا، نردد نفس أحاديث الانبياء الذين تواراهم الثرى.
يطرح مبحث الكاتب العراقي وليد فهمي في الإقتصاد المهيكل أرضية هادئة للنقاش المثمر حول بنية الإقتصاد العالمي، وهو على بساطته المحتملة انطلاقا من خلفية الكاتب نفسه كونه يضع تصورا في الإقتصاد يتوخى فهمه من طرف المواطن العادي غير المهتم بالشأن الإقتصادي مساهمة منه في خلق وعي اقتصادي لدى العموم إلا أنه، وكما سنرى عند اقتحام هذا المبحث ستواجهنا صعوبات جمة، أهمها الجهاز المفاهيمي الذي اعتمده الكاتب في اقتحام موضوعه، إضافة إلى مسألة، هي غاية في الأهمية، هي ان هذا المبحث يستند إلى تطور تاريخي رباعي الأبعاد، ويفترض سيرورة متواصلة من النمو تختزل فيها أطوار التاريخ من حيث هو التاريخ ينتقل من طور إلى آخر على مستوى التحول الإجتماعي، بمعنى أنه يختزل في بنيته الإقتصادية ذات الأبعاد الرباعية، في تناميها التصاعدي، ما ينعكس منها من سيرورة اجتماعية التي هي ايضا استنادا إلى هذه البنية، في سيرورة خطية تصاعدية، تؤسس لبنية اقتصادية زمانية البعد (بنية عضوية،”بيان ـــ زمنية”، أو مسار الإضافة حسب البحث)،بمعنى أنه لا يناقش تاريخ البنية الإجتماعية من حيث هو تاريخ أطوار وأنماط إنما هي، من حيث مسار الإضافة في طبيعة الإقتصاد،في تراكم مستمر وصولا إلى طورها الآني الذي هو، واستنادا إلى جهاز الإيكونومترونك الرباعي الأبعاد، هو طور يتخلله خلل ما في وجوده الآني، والحقيقة، وبفضل هذا الجهاز الذي يقترحه وليد مهدي، يمكننا فهم الكثير من اللغز في بنية الإقتصاد العالمي وتبيان ذلك الخلل، إلا أني شخصيا لم أفهم حتى الآن مايميز شرقنته على غربنته التي يقترحها الكاتب (قراءة شرقية تستحضر البعد الزماني مقابل قراءة غربية تنفيه أو لا أدري، وهنا لم يعطي الرفيق وليد توضيحا أكثر من إشارة إلى عامل الإنتاج والإستهلاك) وهنا أيضا مربط الفرس، فالباحث حاول الإبتعاد عن علاقة الإستغلال وإن فرضت نفسها عليه في كثير من المراة، من خلال تعليل خلل التطور في بنية الهيكل الإقتصادي في وضعه الراهن، لكنه يتجاوزها في طرح البديل عندما يعتقد، ومن خلال علاقة التطور والتخلخل في بعدها السابق الذكر : مسار الإضافة، أن مشكلة المشكلات في الإقتصاد هو غياب آلية مركزية للتحكم في هيكل الإقتصاد العالمي، وبالفعل فإن جهاز الإيكونمترونك سيوضح بجلاء هذه العلاقة من التطور أو التخلخل، في مقارنة جلية بين الإقتصاد في وضعه الآني المتخلخل ووضعه الإفتراضي من خلال شجرة الإكونمترونك.بافتراض علاقة من التحكم تلك ، من خلال آلية مركزية يتوخاها المبحث. ولئن كانت الإشكالية هكذا و هي كذلك بالفعل، إلا أنه يبقى السؤال مطروحا حول ما إذا كان بالفعل كافيا تصحيح مسار الإقتصاد بالإنتقال به من زمن الفوضى والتضارب إلى زمن التحكم المركزي؟ بعبارة أخرى تطرح هذه المعالجة التي يرتئيها البحث إشكالية أساسية في التناقض الأساسي الإقتصادي أكثر مما تطرح إشكالية آلياته السياسية تحقيقا لذلك التحول باعتبار التداخل المتجاذب والمتنابذ داخل مستويات البنية الإجتماعية بين هذين المستويين على الأقل في موضوعنا هذا، أقصد المستوى الإقتصادي والمستوى السياسي، وهو ما يفتح سؤالا عاما يخص آلية هذا التحول، وما هو الشكل التاريخي الإجتماعي لتحقيق ذلك التحول من حيث التاريخ هذا هو بالضرورة تاريخ المجتمعات الإنسانية عامة؟ هذا لا يعني ان الكاتب لا يطرحها بالمطلق بل يعني أنه يطرحها من موقع بنيوي يتأسس على خلفية التناقض بين رؤية شرقوية ميزها الكاتب أنها ذات بعد «كلي جامع وأحادي التفكير» وبين رؤية غربوية ذات السيمات الجدلية النقدية المتعددة الرؤى ووجهات النظر.؟؟؟ (هنا لي في الامر وجهة نظر)
سيضعنا المبحث امام إشكالية أساسية في الحقل الإقتصادي تعالج العلاقة بين أربعة حلقات من الإقتصاد تؤرخ صراحة لأطوار الإقتصاد الكوني منذ بدئه حتى الآن، وهي حلقات متداخلة ومتناغمة بشكل آلي تفاوتي بناء على مبدأ مسار الإضافة كما قلنا سابقا، هي:
«الإقتصاد الفيزيائي “الحقيقي” ، والتي نمت وتطورت كاسطوانة خارجية بفعل طاقة الوقود الحيوي (…) نمت في قلبها اسطوانة جديدة هي الإقتصاد المعدني وهي جزء من الإقتصاد الحقيقي لكنها نطورت على مسار الزمن كحلقة متميزة بسمك كبير، نمت للداخل منها اسطوانة الإقتصاد النقدي الورقي في العصر مابعد الصناعي، وكما هي مقاطع جذوع الاشجار كل أسطوانة تنمو من الداخل نحو الخارج بفعل تناميها مع تنامي حلقة داخلية جديد تتوسع...» هي حلقات أو أسطوانت تنولد كل منها من داخل الحلقة السابقة عليها لنصل إلى حلقة الإقتصاد الرقمي الذي هو نفسه الإقتصاد العولمي، على أن هذه الأسطوانة الأخيرة يميزها الكاتب على أنها نمت في سياق شاذ وغير متسق يخضع حسب الباحث إلى الإرادة والعقل الجمعي البشري « إذ يكون البعد السيكولوجي عاملا اساسيا في صعود وهبوط قيمتها» (القول للكاتب).
سنناقش الافكار التي وردت في هذا المقطع للكاتب، واحدة واحدة عند تطرقنا لأهم نقط بحثه، وقبل إثارة دوافع التبسيط التي جاءت في مقدمة التقرير والتي سنبين فيما بعد على أنها كانت من اهم الصعوبات التي سيصادفها القاريء، على الأقل بالنسبة لي ولغير المتخصصين أيضا، وهي صعوبات تنم عن افتراض أساسي، من وجهة نظر الكاتب، أن القاريء العادي يملك القاعدة المعرفية للجهاز المفاهيمي الذي يستعمله الكاتب، قبل هذا يجب التنبيه إلى التعريف الذي يقترحه الكاتب لهذه الحلقات او الأسطوانات :
الإقتصاد الفيزيائي وهو الغذاء والأدوات الطبيعية والصناعية التي تعتمد الجهد البدني والفكري البشري المبذول في سبيل جمعه من الطبيعة او انتاجه بالزراعة او الصناعة وهو الإقتصاد الحقيقي، وهو اقتصاد يسود مرحلة التاريخ البشري منذ القدم وحتى الآن، إلا انه يميز مرحلة مهمة من التاريخ الإقتصادي، هي مرحلة اقتصاد المقايضة حيث كان الناس يشتركون في التجارة بمقايضة كمية من الحاجات الفائضة بكمية منها غير متوفرة .امتدت هذه المرحلة حتى ظهور عصر التعدين.
الإقتصاد المعدني: هو جزء من الإقتصاد الفزيائي الطبيعي الذي ظهر بعد عملية التعدين و اكتشاف المعادن، وستشكل المعادن قيمة لها أهميتها الأساسية على أساس قانون الإضافة، فهو كونه يؤرخ اجتماعيا لاكتشاف المعادن واستثمارها اجتماعيا في النفع البشري، هو أيضا يشكل تمرحلا اقتصاديا هاما تجلى في أولى عملية التشفير (لبنة الشفرة الأولى للإقتصاد من حيث يشكل قيمة نفعية أولا إضافة إلى قيمة حرارية تعبر عن الجهد المبذول، عند ماركس هي قيمة زمانية تعبر عن الوقت المبذول فيها وهي استنادا إلى القيمتين تعبر عن قيمة حرارية او زمنية مرادفة للسلع أو البضائع التي استثمر انجازها نفس القيم، وتلين علاقة التبادل، أي أن المعادن ستنقلنا بفضل الجهد المبذول فيها، سواء كان حراريا أو زمنيا إلى شفرة بالغة الأهمية في التبادل التجاري، وتؤسس تاليا لنقلة نوعية في التطور الإقتصادي هو الإقتصاد النقدي المعدني.
الإقتصاد الورقي، ظهر بعد عصر الصناعة وتطور صناعة الورق والمطابع وسيضيف نقلة نوعية في تشفير العملية الإقتصادية كما سيلعب دورا أساسيا في سيولة التبادلات وسهولتها، وليد مهدي هنا يحطنا امام إشكالية إساسية في الإقتصاد تتناول أهمية تشفيرها، لكن الإقتصاد الورقي لا تكمن أهميته في النقود المالية فقط بل أيضا وهو ما أهمله البحث، هي تلك العملية من التشفير القانونية، وأقصد تلك العملية التشريعية للورق في أصول السندات وهي عمليا تؤسس لعملية من البناء الإجتماعي لظهور الملكية الخاصة بمفهومها البرجوازي، وهي عمليا تخالف النمط الكلي لسيرورة حالمة في الإقتصاد تتوخى البعد الجمعي لاتجاه التطور الإقتصادي، اتجاها يعكس نمطية كونية سائدة في الإقتصاد تتوافق ومرحلة النمط الإمبريالي في سيرورته العالمية أو الكونية، هذا الإتجاه لم يسلم منه الشرق على ما تظهره التفاعلات الإقتصادية مدى القرن 19 والقرن العشرين، بل أستطيع القول أن بوادر التفكير الجمعي الكلي ظهرت في الغرب بشكل راقي عنه في الشرق على شكل التعاضدات الإجتماعية التي ظهرت مع فلسفة برنشتاين أب الإشتراكية الديموقراطية في ألمانيا وعبرها أوربا، تشكلت فيما يسمى بالدولة القومية وهي فلسفة تقوم على رم التناقضات الإجتماعية في الغرب على أساس استغلال الشرق بتوفير جانب من فائض الإنتاج العالمي في خدمة التعاضد الإجتماعي القومي في الغرب.( أتكلم عن الشرق والغرب على خلفية ثنائيتها عند الكاتب، وهي حسب تمشكلها الطوبوغرافي والجغرافي غير صحيحة إطلاقا، إذ يستثنى منها موقف المجتمعات الإفريقية والمجتمعات بأمريكا اللاتينية التي لها أيضا هذا البعد الكلي الجماعي، وهو بعد من وجهة نظر ماركسية تتأسس على نمط الإستغلال الكولونيالي أكثر منه تتأسس على البعد الاحادي الغائي على الأقل في ألياته التحررية ذات البعد الجماعي).صحيح ان الذهب في النقد المعدني شكل تلك القيمة القيمة للتبادل النقدي عصر التعدين وأن النقد الورقي شكل فيما بعد صبغة هذه القيمة في التعاملات الإقتصادية إلا أن الورق في شكل أصوله السندية والتشريعية شكل بنية التملك الحقيقي لوسائل الإنتاج مشفرا في وثائق عدلية وهي في استنادها للتشريع القانوني تمثل الإقتصاد الحقيقي (أي هي سندات واصول لملك فزيائي حقيقي، تستند على التشريع القانوني كحق خاص يمكن التصرف فيه وفق عملية البيع والشراء وما إلى ذلك من خلال انتقال ملكيتها من شخص إلى آخر) هذا التشريع القانوني يستند إلى قوة سياسية هي حق البعض على الكل، وهو حق يستند إلى القوة السياسية في التملك للطرف المهيمن ولا يستند إلى علاقة طبيعية في الإقتصاد أساسها تبادل القيم الحرارية أو الزمنية بتعبير ماركس. فاعتماد الإقتصاد الورقي، علاوة على انه يستند على قيمة التشفير في شكله المالي بما يمثله من معادلة قيمة الذهب أو المعدن في شكل الجهد الحراري المتضمنة فيه، هو في جانب منه، في جانبه التشريعي على الأقل يستند إلى الهيمنة السياسية للبعض على الكل، وهو شكل قائم في بنية النمط الرأسمالي على فلسفة كلية خاصة هي هيمنة الكل القومي الرأسمالي في تمشكلاته المتفاوتة في التقدم، على غيره من الكل المتفاوت في التخلف استنادا إلى العلاقة الكولونيالية التي تحكم المجتمعات المتخلفة، وما نموذج الصين الذي اعتمده الكاتب إلا وجه من اوجه المقاومة لاقتصادية، بنيته العامة فيزيائية قوية بشرارتها الحرارية باعتمادها نمط الإنتاج الحقيقي، لكنها أيضا تستند إلى قوتها السياسية، في جانب منها القوة البشرية والعسكرية، هذا جانب أيضا لا يمكن إغفاله، فأن تكون الصين مؤهلة على أن تتربع على عرش الإقتصاد العالمي لا يستند إلى عقليتها الكلية بقدر ما هو يستند إلى قوتها الفيزيائية بعناصرها الكلية: الإقتصاد الفيزيائي والقوة السياسية متجلية في قوتها البشرية والعسكرية، هذه العلاقة التناقضية التي تخلقها الصين مع الغرب الرأسمالي، لن تتخلص الشعوب الأخرى من موقعها في علاقة الإستغلال بقدر ما تتحول هذه العلاقة من وجهة إشعاعها الغربي إلى وجهة إشعاعها الشرقي بانتقال سندات وأصول التملك عبر مسار العولمة إلى مواقع ليست أصلا في تكوينها (لكنها تتأصل فزيائيا بفعل أثرها الحقيقي في الإقتصاد، من حيث تعتمد في تطورها على قوة العمل الحقيقية، وتتحول بفعل قوة العامل السياسي للدولة كالصين مثلا إلى أصول رأسمالية محلية، لا حظ نموذج الإستثمار النفطي في الدول العربية مثلا حيث تستحوذ الشركات الرأسمالية على حصة الأسد في المنتوج بدئيا وتتحول هذه الحصة بالتدريج إلى الدولة بما هي دولة طبقة حاكمة،عبر تعاقدات متفق عليها وفق شروط القوة السياسية)، وهي هذا الشكل من إبراز أحقية الإقتصاد الفيزيائي على اقتصاد المضاربات في الغرب، وهنا للكاتب اهمية قصوى في اعتماده جهاز الإيكونمترونك التي تبين تلك العلاقة من انزياح الشفرة الإقتصادية عن مسارها الفيزيائي في الغرب وتشكل فقاعتها النقدية الهائلة بفضل المضاربات المالية على مستوى مسار الأسواق الوهمية، أو أسواق الشفرة الرقمية التي تشكل البرصات الإقتصادية نواتها العضوية، وهنا يلعب البعد السيكولوجي الذي أشار إليه الكاتب دوره الأساسي في تشكل هذا النمط من الإقتصاد، وهو في نظري أثر لتحول فائض الإنتاج المستخلص من الإقتصاد الفيزيائي الحقيقي خارج الوطن القومي إلى ملاكيه الحقيقيين الذي يشكله الوطن الرأسمالي نفسه، وهذا أيضا هو، في جزء منه (قلت جزء منه لأن جزأه الآخر هو ما يمثله الإقتصاد الرقمي أو الإقتصاد المعرفي الذي سنشير إليه في أوانه)، ما يفسر هيمنة قطاع الخدمات غير المنتج عضليا ( أشير هنا إلى الكتابات الكثيرة والمنشورة بالحوار المتمدن والتي تردد كثيرا لا إنتاجية هذا القطاع وهو تحنط اعتمد كتابات ماركس في الإقتصاد السياسي الكلاسيكي وتناسى في جزئيات كثيرة منه دور العمل الفني بتعبير ماركس بدخول التقنية التي تعتمد التكنولوجيا المتطورة، وهي في زمن ماركس سمحت بتشغيل الأطفال بقوة عضلية أقل من العمال البالغين، وهي في وقتنا الحالي يمكن فقط برمجة حاسوبمن خلال ترابطات عضوية مشفرة) على باقي القطاعات الأخرى في الغرب، بمعنى أن هذا السلوك السيكلوجي ليس ميزة غربية بقدر ما هو إفراز تعكسه الطفرة النوعية لدورة الإقتصاد، بما توفره من فائض الربح العالمي،في مجال كوني عام، تؤسس العولمة شكله التاريخي الآني، بما يسببه ذلك الفائض، من ترف حقيقي للرأسمالين المتحكمين فيه.
الإقتصاد الرقمي: وهو تشفير المشفر إذا صح التعبير، فإذا كان النقد المعدني يشكل قيمة معادلة للإقتصاد الفيزيائي، وكان النقد المالي الورقي شكلا آخر مضاف لتسليس العمليات الإقتصادية يمثل قيمة رمزية هو الآخر، فإن الإقتصاد الرقمي هو الشفرة الأخرى للخلاص من آلاف الرفوف الورقية والبنايات الإدارية إضافة إلى سرعة التداول والتبادل وانتقال العمل الذي يعتمد الجهد العضلي إلى العمل الذهني، واكتساب الرأسمال المعرفي بدخول تقنية المعلوميات ( الحواسب والهواتف النقالة والنيت). لقد نبه الزميل وليد إلى هذا الشكل من الإقتصاد على أنه سبب في بروز الفقاعة الإقتصادية التي يتخبط فيها العالم، لكن، وهذا جانب من النقد الذي ألمحت فيه سابقا هو أنه يفترض معرفة مسبقة من طرف القاريء لهذا العالم، فهو مثلا لم يوضح فيه كيف تحول المجهود العضلي الذي هو أساسي في بنية الإقتصاد الفزيائي الحقيقي إلى المجهود الذهني، فإشارته إلى ظهور هذا الإقتصاد بعد الطفرة الصناعية الهائلة، هذا لا يعطينا فهما لميكانزمات هذه القفزة وآلياتها، وهو أيضا ما كنا نقوله في مقالات سابقة حول إعادة إنتاج تعريف خاص للطبقة العاملة، من حيث هي طبقة انتقلت من عمل الجهد العضلي إلى عمل الجهد الفني أو الذهني، وهو قول من الصعب استصاغته حتى من الفئات الإجتماعية التي هي مؤهلة فنيا أن تمثل قوته العملية، فدأب هذه الفئات أنها تبقي تصنيفها الشكلي الذي ينتمي إلى زمن الطفرة الصناعية، كونها من فئة التقنيين والمهندسين وخبراء البرمجة وما إلى ذلك، وهي بالتعبير الكلاسيكي طبقة البرجوازية الصغيرة، لكنها في الحقيقة، وفي مسار التطور الفني والتكنولوجية الهائلة، في مسار الإضافة التي اعتمدها وليد مهدي، هي أيضا الطبقة العاملة الجديدة، فقطاع الخدمات الذي يشكل هيكل الإقتصاد في العالم الرأسمالي، ليس فقط هو إيصال المنتوجات إلى المستهلكين او إيجاد اسواق، بل هو أيضا يمثل جانبا هاما من الإقتصاد الفيزيائي الفني، الذي يعتمد البرمجة الإلكترونية الرقمية في ارتباطها العضوي بالآلات (الروبوات) التي تقوم محل الجهد العضلي الإنساني، ينتج عن هذا تقلص حيز الزمن للعمل الضروري عند ماركس إلى نسبة تقترب من الصفر لصالح العمل الفائض(1)، يترتب عن هذا ايضا إزاحة لكم هائل من اليد العاملة العضلية (وهو مايفسر الأرقام الهائلة في البطالة) لصالح يد عاملة فنية هي أقل بكثير مما يتصور (تتناسب موضوعيا مع معادلة ماركس في تعريفه ليوم العمل(2)).
(هنا أقر أني ابتعدت كثيرا عن موضوع البحث، إنما استسمح الرفيق وليد بتوضيح هذه الآلية الهامة في الإقتصاد، رغم أني اناقشها من خارج التخصص). بعد هذا التعريف سنناقش في المقال القادم باقي موضوعات البحث

(1)دأب الكثير من الإقتصاديين الجدد على التكلم في تكلفة رسالة msn في الهواتف النقالة التي تقارب الصفر، لكنها في الحقيقة ازاحت قطاعا كاملا من الخدمات البريدية التقليدية
(2)يوم العمل عند الرأسمالي التقليدي في فهم ماركس هو العمل الضروري لإنتاج الرأسمال الميت (وهو إعادة انتاج الرأسمال المستعمل) زائد العمل الفائض (وهو انتاج فائض القيمة)، تتقلص ساعات العمل الضروري، حسب ماركس دائما على حساب ساعات العمل الفائض كلما توفرت الآلية الفنية (التكنولوجية المتطورة وما إلى ذلك) هذه القاعدة الماركسية مهمة جدا في فهم آليات الإقتصاد، وهي تشرح لنا لماذا في الإقتصاد الرقمي ينخفض معدل التكاليف وأحيانا إلى الصفر)



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغاربة عندما يكتبون بالنجوم
- ليبيا والمؤامرة الدولية
- ثورة الشعوب العربية والإسلام السياسي
- القذافي، الهلوسة وخطاب الإحتضار
- التنوع في وحدة الهم
- المغرب و20 فبراير
- الثورة في تونس ومصر وآفاق خلق فضائية يسارية
- ساحة التحرير المصرية والصراع السياسي
- مصر ونظام البلطجة
- نداء إلى كل احرار العالم
- الثورة التونسية واليسار الماركسي
- تونس: الرئيس أو اللص الظريف
- تونس والثورة الجديدة
- ما أسعدنا بحكومات وديعة نحن الشعوب المغاربية
- يوميات مغارة الموت: جمع الفتوى
- ماكل امرأة تصيح في جيدها حبل من مسد
- يوميات مغارة الموت 1992
- حكايا من المهجر: بيترو إفانوفيتش(2)
- هكذا تتأطر العلمانية عندنا
- حول دور الحزب الشيوعي، مدخل إلى الممارسة التطبيقية


المزيد.....




- العدد 553 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
- التيتي الحبيب: قراءة في رد إيران يوم 13 ابريل 2024
- أردوغان: نبذل جهودا لتبادل الرهائن بين إسرائيل والفصائل الفل ...
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 551
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 552
- النظام يواصل خنق التضامن مع فلسطين.. ندين اعتقال الناشطات وا ...
- الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا ...
- بيان مركز حقوق الأنسان في أمريكا الشمالية بشأن تدهور حقوق ال ...
- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عذري مازغ - وليد مهدي: قراءة ماركسية في الهيكل الإقتصادي