أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عذري مازغ - هكذا تتأطر العلمانية عندنا















المزيد.....

هكذا تتأطر العلمانية عندنا


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3228 - 2010 / 12 / 27 - 17:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يصاحب الحديث عن العلمانية، وفي المقارنة بيننا والغرب مغالطة ينتصر فيها العلماني للغرب على حساب القيم عندنا، وتنطلي المقارنة على خلفية ثابتة لدى الكثير من الكتاب، معضلتها الكبيرة: شرق منغطس في الدين وغرب يستلهم القيم العقلانية، غرب متفتح مقابل دين منغلق على الذات متفجر ارهابا على الآخر، في هذه المقارنة البسيطة تختزل كل التناقضات، الغرب يزداد تقدما بالعقل المتفتح على العلوم والمستلهم لها، بينما الشرق يزداد تخلفا به من حيث يتكلس فيه الديني، أصبح الدين عندنا محرك للتاريخ، بهكذا نظرة وبفضل نباغة العلماني عندنا، أصبح سهلا ولوج التقدم الذي من شروطه إزاحة الديني، لكن الديني متكلس فينا، فمالعمل إذن؟ خلاصة بديهية تستنبط من اكثر المقالات اليومية في الحوار المتمدن مفاذها، لا يمكن إصلاح العقل عندنا دون استخلاصه من الديني، وعملية الإستخلاص هذه إرادوية أي أن تكف الأمة على التفكير دينيا، او في أحسن الحالات، وهنا تبرز سماحة العلماني عندنا وديموقراطيته: أن ينفصل الديني عن السياسي، يا لها من خلاصة رائدة، حل طازج لمشكل المشكلات عندنا.
في الغرب كما عندنا يجب أن نميز بين من يومن بالدين ويطبق طقوسه وبين من يكتفي بالإيمان ولا يطبقه وطبعا يوجد الملحدون في أي مكان، لكن البديهي عندنا أيضا أن أغلب الأمة تومن ولا تطبق إلا نادرا، وأغلب الشعب عندنا يصوم رمضان فقط مرة في السنة، وفيه نظر من زاوية معينة، بينما باقي حياته ينهمك في البحث عن عيشه، وفي الغرب أيضا يلتزمون ببعض الطقوس تكرسها الدول الغربية بإتاحة عطل في أيام هذه الطقوس، لكن أغلب الشعب تأخذه همومه اليومية أكثر من إقامة الطقوس، لدينا قنوات تبشيرية دينية نعم، لكن للغرب أيضا قنواته التبشيرية، وهي تابعة لأحزاب سياسية احيانا كثيرة، هذه حرب إيديولوجية تم تأطيرها سياسيا وتفجرت بصراحة تامة في تصريحات جورج بوش الإبن،كما أن أغلب الاحزاب اليمينية الفاشية في الغرب لا تخفيها، فهل هذا مايؤطر الصراع بيننا؟ هل يهتم الغرب صراحة لأوضاعنا السياسية ويهمه الأمر حتى نضفي عليه سمة ملائكة الرحمة؟ أليست هذه الحرب تدار بأثر سياسي؟ أن يلعب الدين دور الغشاء في طمس الحقائق السياسية عندنا، ذلك ما لا نختلف فيه، لكن أن يكون العقل متحررا عند الغرب بالشكل الذي يراد لنا أن نفهم ذاك هو وجه الطمس حقيقة لأن العلماني فيه يلبس أثر الديني منحازا فيه للغرب، أي أن أي نقد للدين عندنا هو رد ديني في لباس العلمانية منحازا للآخر الغرب من حيث يمجد قيمه. لا شك أن الديانات السماوية الثلاث كلها وليدة الشرق الاوسط وتنهل من نفس التناقضات كما أنها تتأول الوقائع والأوضاع عبر سيرورتها التاريخية وعبر انتشارها الجغرافي واستيعابها من لدن الشعوب، وفي كل تاريخها تحمل جوانب مظلمة كما تحمل أيضا جوانب مشرقة، أي انها كأي مذهب إنساني لها جوانبها السلبية كما لها جوانبها الإيجابية وإن غلبت عليها الجوانب المظلمة بسبب من تمأسسها في السياسي، أي أنها بسبب من تمأسسها كانت تشرع الجانب الأخلاقي للسلوك السياسي، هكذا كانت وظيفتها وهكذا مازالت وظيفتها حتى الآن سواء عندنا أو عند الغرب، كلها تناقض العلم بما تحمله من خلفية احقاب تاريخية، لكنها كلها تتأوله في نصوصها حين يكون العلم ناصعا ولا يقبل الجدل، تناهض الجديد وحين يصبح أمرا واقعا تتأوله وتضع له أسسا، فهي بهذا ليست لا عامل تخلف ولا عامل تقدم، هي تخدم السياسي كما أشرت سابقا، من هنا فالدين لايشكل تركه أسباب تقدم الغرب ولا هو يشكل التمسك به عائقا عندنا، إنما النظام السياسي في ارتباطه بعلاقات الإنتاج هو من يعرقل او يساهم في تقدم الشعوب، والنظام هذا يتحرك داخل بنية معقدة من العلاقات بين مستويات البنية الإجتماعية يتداخل فيها السياسي والإقتصادي والإيديولوجي بحسب النمطية الحربائية لهذا النظام السياسي أو ذاك.
إن شعار الحرب ضد الإرهاب، يختزل دينيا أثر السياسي في الهيمنة والسيطرة على الشعوب لتبدو حربا شرعية أساسها محاربة التطرف، بينما في حقيقة الأمر كانت آثار هذه الحرب المدمرة ميدانيا أكثر إرهابا وقتلا وفتكا لشعوب بريئة للسيطرة هلى مواردها الطبيعية، بل إن قصاصات الأخبار اليومية تحمل لنا كل مرة غارات متواترة للحلف الأطلسي على قرى مدنية، مخلفة ضحايا مدنيين بالوتيرة نفسها التي تحمل لنا قصاصات التفجيرات الإرهابية، والضحايا في كل هذه الغارات أو التفجيرات مدنيون،والمبررات هي نفسها لدى الطرفين، وجود عميل أمريكي أو هدف عسكري بالمكان بالنسبة للإرهابيين، بينما وجود إرهابي قائد من الدرجة المعينة بالنسبة للإرهابيين الآخرين، إرهابيي الولايات المتحدة والحلف الأطلسي، لكن عند علمانيينا لا يؤخذ في كتاباتهم بضحايا هؤلاء، فقط ضحايا الإرهاب الإسلامي. بررت في هذه الحرب استعمال أكثر الأسلحة تحريما على المستوى الدولي وانذلها أخلاقيا وبغطاء ديني أيضا، أي أن الدين كان الغطاء الإيديولوجي لهذه الحرب سواء بسواء، سواء كان الإسلام في شكله المتطرف خصب الأرضية لهذه الحرب، أو كانت المسيحية في شكلها المتصهين لدى الطرف الآخر غطاء ضد الشر الإسلامي، والحالة هذه أن النظام الرأسمالي هو المحرك الأساسي لفتيل هذه الحرب سواء بقدرته الخلاقة على صناعة أعداء وهميين هم في الغالب ضحايا أوضاع اجتماعية واقتصادية وسياسية أو بجاهزيته العسكرية وقدرته على حسم المعركة بتكريس بنية مؤسساته التي تحفظ له ديمومته المهيمنة في البلاد المحتلة من جهة وضمان ديمومة الحلفاء الستراتيجيين الذين يشكل النظام العربي القائم أحد أطرافه.
ليس صحيحا أن المعركة لم تحسم، بل الذي لم يحسم هو شكلها الإيديولوجي، ومقاربة الأمر في العراق مثلا بفييتنام هو تجلي هذه الحرب الإيديولوجية، في فييتنام حسم الأمر بهزيمة الولايات المتحدة ولا سبيل إلى احتساب طول أمدها للمقارنة، بل إن طول امدها كان بسبب من عدم تحيق أهدافها، ولما بدأت تنخرها الهزائم الميدانية، أقرت باالهزيمة، حزمت حقائبها وعادت إلى قواعدها، بينما في العراق هدمت كل شيء يمثل هوية هذا البلد وبنت مؤسساتها وأحكمت سيطرتها بتثبيت ممثليها وهي بعبارة أخرى حققت أهدافها وهي الآن تستعد للإنسحاب وستعود إليه كلما دعت الظروف إلى ذلك وفق الإتفاقيات العسكرية المبرمة، لم تلغي الشر الإسلامي بل كرسته وفق تعدديتها المبهرة.
وشكلها الإيديولوجي هذا هو الذي تتبناه كتابات العلمانيين الجدد، المنبهرين لتقدم الغرب، ليختزل التقدم عندهم في تحرير العقل من الدين من خلال نمطية دينية بديلة، من خلال مثالية غيبة جديدة أو تلك العزلة الخلاقة التي يمثل كولن ولسون أحد اهم مبدعيها في الغرب. وليس من خلال ملامسة الأوضاع التي تفتعل حقيقة في بنية التخلف عندنا والذي تشكل فيه علاقة سيطرة المؤسسات الرأسمالية في استغلال مواردنا الطبيعية وإخضاع أفق تطورنا لخدمة مصالح الغرب إنتاجا وتسويقا، بشكل تستنزف إمكانات الحلول للمعضلات التي نيعيشها بتفويت فوائد الإنتاج إلى هذا الغرب المجيد.
إن الفكر الديني متشخصنا في علمانية مجردة تستمني نقد الدين من خلال الإنبهار العارم لمنجزات العقل الغربي يختزل أيضا التاريخ الأسود للدول الرأسمالية، ننسى حقا أن عملية الإفراغ الذكوري لزنوج إفريقية هي من ساهمت في تخلف إفريقيا و بنت اقتصاد الولايات المتحدة وأوربا، ننسى أيضا قرصنة الموارد الاولية والطبيعية لكل الشعوب المستضعفة واستغلال شعوبها إبان فترة الإستعمار كما ننسى آنيا استمرار هذه الهيمنة بتصخير ترسانتنا التشريعية لكل ما يتيح استغلالنا بتفويت كل شيء من الأرض والماء وحتى الهواء والشمس وكل شيء، وأن هذه العملية التفويتية تقوم بها أنظمتنا المؤلهة بالمجد الأبدي (لاحظوا أن التشريعات هذه تتم تحت غطاء القانون الوضعي وليس دينيا، ما يعني أن الدين ينبح عندنا خارج التاريخ ويردد علمانيونا صداه كما لو كان الحاسم في سيرورتنا التاريخية)، والآن وكتتمة يصادر منا الإعتراف بقتل تنوعنا واختلافنا، إشباعا لغريزة العقل الحر، أو العقل المجرد. أغلب هؤلاء العلمانيون لم يشاهدوا البناة الحقيقيين لاقتصاد اوربا والغرب ، لم يشاهدوا سكان البيوتات البلاستيكية المنتشرة في كل أوربا والولايات المتحدة، سوق اليد العامل السوداء التي لا تدخل في بلاط إحصاء الخبراء الأكاديميين، لم ينظروا إلى آلاف العمال المهاجرين في السجون الأوربية بتهم واهية فارغة من أي مضمون جنائي، لم ينظروا أعشاش الدعارة المتواجدة في كل حي وفي كل شارع لآلاف النساء في بلاد الديموقراطية وحقوق المرأة، لم ينظروا في كثير من القوانين التي تعلن بوجه وتصاغ بوجه آخر عندما يتعلق الأمر بالأجانب، من السهل تفهم احتقار الأجانب في بلاد الغرب، فالأجنبي هذا جاء إلى وطن ليس له، وعليه أن ينسلخ عن هويته( هكذا ببساطة ينطقها بعض الكتاب أو المعلقين)، لكن من الصعب أن نسأل نحن ماذا تعمل مؤسساتهم الناهبة عندنا وبالشكل ذاته لا يطرح حولها أن تنسلخ هي الأخرى عن هويتها، وننسى حقا أن العالم قرية صغيرة توحد بفضل عولمة الرأسمالية، وأن مايتيح حقوقا هنا يجب أن تتاح هناك أيضا، لكن للأسف نومن حقا وبوعي مقلوب أن الغرب غرب وأن الشرق شرق، يلتقيان في أفق المصالح الرأسمالية حيث تخترق الحدود شرعيا ولا يلتقيان تنغلق فيها الحدود عندما تتعلق بالمستضعفين، هكذا يتأطر الفكر العلماني عندنا.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول دور الحزب الشيوعي، مدخل إلى الممارسة التطبيقية
- عندما قابلت عزرائيل
- الفنان سيدي عبد السلام ياسين
- قراءة في كلمة الرفيق رزكار عقراوي
- عبوزان الصغير
- إيه يا داحماد حين تأتينا بثورة بغلة (عن جبل سكساوة)
- وداعا الرفيق أبراهام السرفاتي
- حول دور الحزب الشيوعي (2)
- حول دور الحزب الشيوعي
- تيط إفسثن: العين الصامتة
- مأزق الديموقراطيات
- هنيئا للحوار المتمدن
- دور الآلة في الإنتاج الرأسمالي: رد على تحريفية فؤاد النمري
- سجين ملحمة العبور
- حكايا من المهجر: بيترو إفانوفيتش
- ضاعت مرة أخرى ملحمة جلجامش
- المغرب وإشكالية اللغة 2
- المغرب وإشكالية اللغة
- حكايا العبور
- العلاقات المغربية الإسبانية


المزيد.....




- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عذري مازغ - هكذا تتأطر العلمانية عندنا