أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عذري مازغ - سجين ملحمة العبور














المزيد.....

سجين ملحمة العبور


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3141 - 2010 / 10 / 1 - 23:01
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


في الليلة الظلماء يفتقد البدر (أبو فراس الحمداني)
فيها امتداد الأفق يحتجب، وتستوي فيها المداشر وحافات الهبوط، تنجرف فيها الخطى إلى ماتحت التحت، تندلق فيها الخطى سليلا يقطن حوض السحايا، أتسمر في قاعاتها الظلماء منتحلا هيأة غوريلا تبرق عيناه من بعيد، للناظرحدقة المتلبس حين ترهبه ترانيم التوحش من عيني
يا لعيني حين تبرق في الليلة الظلماء
تتوجس في مداشري كل هذه الهواجس السوداء و يتسمر في وجهي جدار العبور، وكانت قرارتي أن أكون قداس هذا التشريد السامق، في التجوال كنت أنيس الليالي العوانس وصديق الحافات الخالية، تسكنني قناطر العبور وأقطنها
ما أجمل ريح القناطر حين يعبر من تحتها
انام تحتها
وأمسح بمداها خطايا النائمين في قتامة الوقت أو الهاربين من ظهيرة الفواجع، أمسح أيضا جراح وطن متروك لسبيل الله، يتآكل تماما كفتيل القنابل، وانا أيضا عابر في أرض الله إلى حيث تنبع شهية الأشياء.
أنا قربان هذه الأزمنة الغابرة، وهذا الترحال المستديم، الذي يقطن مضاجع الفقراء، القائمين في “المواقف” تعرض ضلوعها اليابسة لرياح العولمة، واعجب لرفاق ممن وصلوا ضاحية المدينة الفاضلة، كم من رفيق وصل ذروة الرفاه ونسى ما خلفه من وطن جريح تكويه الجراح، راحلا بالثلاث من وطن السبيل، حين تؤمه هذه العابرات في الطلوع أو في النزول، تمتص روحه لتنشرها في مملكة الرفاه...تسحر رفاق الوطن الجريح ليهمسوا في آذاننا خرافة لديموقراطية قديمة وروعة الفرد الخلاق حين يصنع جبنة او ينقح جرعة لبن او يصنع طيفا
في خطا هذه العابرات حفاوة النزل، وأنا وحدي المتمزق في الوطن، أرحل من الرحيل إلى الرحيل، ولا حفاوة تنزع حذائي للراحة، منذور لقحبة الرذيلة، خاوي الوفاظ, يهديني الفراغ إلى الفراغ، ينهكني البطء في الطريق فتتثاقل خطواتي الذابلة، تحرقني خشخشة الأعشاب اليابسة، تلفني… يرميني المنحدر للمنحدر، متصكعا كالعمود الضوئي ينير قشلة الظلمة فيما هو تريشه رياح الجنوب، أنا مثقل بحمولة يدي مما كدسته من فراغ ينهك قامتي، كم هو واطيء هذا الضياع، هامتي المثقلة بطابور الإنتظار في ساحات الولاء، لم تجديها صلوات الإستسقاء، ولا أجدتها كرامات الانبياء، وقود هذه الرحلة الكئيبة يحطم كتفاي المنهكان.
قيل لي: هذا زاد الرحيل فصنه
قال آخر: هذا انكساري في هذا الهبوط اللامتناهي يحطم لملمة العظام ويحرك كل طاقاتي.
قال آخر: أنا قاع هذا الهبوط الكاسح، لم يبق لي غيرهذه المساحات أخطوها، أنا في القاع ولم يبق لي سوى الصعود.(قول امازيغي مأثور، لا يمكن أن تنزل تحت القاع ،لم يبق إلا الصعود فاصعد)
قلت هذي يدي الحبلى باللآت العجاف، تحمل زاد الطاعة إلى هناك، إلى قلعة الأفق حيث يحترق الغروب.
أغلقت نوافذي، وبدأت الخطوة سائرا كالتيه، كالصليب إلى متواه الأخير، منحطا كالنعل اليابس، لارفيق يملأ فراغي ولا أنيس يدغدغ قوافل العشق في قواديسي.
ماتت في دواخلي قبيلة العواطف.
حصير أزرق يفصلني عن طواحين الهواء، وهذه الذكرى تصعدني كلما نظرت إلى وجه هذا الإمتداد: الراعي ذي الأحزمة السبعة، البقرة الضاحكة، الفارعة كالتي بايعها الأنبياء، والمرأة الشقراء ذات الإمتلاء، تضع فوق نهديها صكوك الغفران، نهدين يغذيان القبيلة، امرأة وبقرة ومساحات خضراء، هذه هي عيون أوربا الساحرة، فآه ثم أه أيتها الحنائن حين تشدني إلى طفولة متشدقة بالوجود، إلى خرائط أوربا الخضراء في المدارس الإبتدائية، إلى حليب السلام في قارة تعتق جموح الجياع وتنكب من وراء زرقة العين كل عيون هذه الكائنات الإفريقية، هذه القبائل الإفريقية المنذورة للضياع، هكذا كانت أوربا تنسج سحرها لتغوينا، ملأت عيوننا باناشيد الحرية وخرافة حقوق الإنسان، وأنشدت وصايتها الحكيمة أن:
ناموا تحت القناطر أيتها الوحوش الصغيرة.
المسكينة
المهاجرة إلى أوربا بدون تأشيرة
أهذا أنت أيها الأفق المتبخر؟
سليل نزوة عابرة تاهت في ظلمة الليل، في براءة الدفاتر المدرسية، اوراقا كنا نلقيها كطائرة إلى المجهول، لتصادف وهج الكينونة وهج ليس الدخول فيه كما الخروج كما يقال، صدف لعينة كانت منذ الصبى تتحطم كالزجاجات فوق رأسي وكنت مستلقيا كالخشب، يرميني الضياع إلى الضياع.
من البر إلى البحر إلى البر
سجين ملحمة العبور، تتقاذفه الأهوال من وطن يزداد انحطاطا كل يوم، وطن يغذي فينا غريزة الهروب إلى وطن أعيش فيه مكرها كوحش إفريقي، وطن يرميني بكل قوافل التخلف:
no hay moros en la costa (لامغاربة في الساحل، مثل إسباني يقال تعبيرا على اللاانزعاج، أي عندما لايكون المغاربة في الساحل فهم في سلام).
أنكمش في ذاتي كالهارب من صهوة الفرس، أقارع كميث اللون صافية كي لاتحركني الفواجع، منعزلا في زاوية من باحة الحانة ، منحطا كالتين اليابس أنفث دخان السجائر كقطار زائغ يتوارى خلف الأفق، هاربا من لجة الأشواق، فاسقيني أيها الساقي
اسقيني بالتي كانت هي الداء(أبو نواس).

 



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايا من المهجر: بيترو إفانوفيتش
- ضاعت مرة أخرى ملحمة جلجامش
- المغرب وإشكالية اللغة 2
- المغرب وإشكالية اللغة
- حكايا العبور
- العلاقات المغربية الإسبانية
- خواطر سياسية: كل الاحزاب المغربية أحزاب الملك
- تأملات رمضانية: الجنة قبر جميل حالم
- حكايا من المهجر: لاموخنيرا (2)
- رمضان من وجهة نظر مختلفة
- أبواب الجنة
- نداء الأرض
- رفاق الفرقة
- النيولبرالية المتوحشة3 : وضع الطبقة العاملة المحلية
- حكايا من المهجر: آلة الوتر
- النيوليبرالية المتوحشة (2)
- اشراقات أمازيغية
- النيولبرالية الجديدة: الزراعة المكثفة نموذجا، إلخيدو (ألميري ...
- إعلان عن احتجاج عمال مهاجرين بألميريا (إسبانيا)
- العمالة المهاجرة: ودور التنسيق النقابي


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عذري مازغ - سجين ملحمة العبور