أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عذري مازغ - نداء الأرض















المزيد.....

نداء الأرض


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3089 - 2010 / 8 / 9 - 12:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يقبل إلى عتبتي هذاالغائم، يحمل إلي شحيح الأزمنة الغابرة، طقسا وثنيا بكل المقاييس، تراعيه الكهنة في سراديق مملكة الله المظلمة،مملكة العبادات القاتمة ترسم آنة هذه البقايا من المخلوقات المتصلبة في أقواس المدينة، مملكة لإله لا يرحم إلا على استقامة الشحذ، تنزيل من الذكر لشفاعة الملح الدموي.
كم هي بليدة شريعة الألوهية حين تعيش على سبايا الجنة الموعودة وأبلد منها هذه المطايا من شرائع الذنوب تلوح في كل درب،احتفاءا بتفسخ آدميتنا،نحن كائنات مهمتها السجود الأبدي، أمة بأكملها تفتخر بحنو الرأس، امة تناضل أو تجاهد حسب قاموس العبادة كي تكون خير أمة مجرورة للسجود، أمة حين تختلف، تختلف وجوبا على من من الكائنات السماوية تستحق منا انحناءة الجباه، فيا لها من مصيبة كبيرة.
نحن أمة تعيش على إيقاع انفصام وجدانها حين تنقسم كينونتها بين ان تكون في الأرض أو أن تكون في السماء، ما للسماء للسماء وما للأرض للأرض، لكننا نحن في النهاية كائنات أرضية، للأرض وحيها المبدع، للأرض مناعتها الخلاقة تجاه السماء، للأرض لغة تنادينا: “يا أيها الناس اعبدوا رحمتي وتراحموا فيما بينكم، فأنا من يشفع لكم في ما ملكت أيمانكم، مني تأكلون ومني تشربون هنيئا لكم، أنا جنة لكم جميعا فلماذا تبغونها في السماء، أنتم مني وإلي ترجعون.”
من منا لايدرك هذه الحقيقة على بساطتها؟ يبدوا منا أننا كائنات تأبى العناد، نحن كائنات معاندة، جاحدون إلى أقصى درجات الجحد، ننكر بيننا نعما نشترك في إنتاجها وننسبها للآخرين، كائنات تميل إلى أن يكون كنه وجودها قدر بالآخر، كائنات تعبد أبراجا وهمية: إن أي أمير يسير محاطا بقبيلة من الحرس، هو كائن أضعف مما يحتمل، عادة، الذين يحترسون في مسارهم الحياتي، هم لصوص متميزون، إن موهبة فن الإحتراس لا يملكها إلا اللصوص، لذلك فحكامنا الأجلاء، وبدون استثناء، ليسوا سوى لصوصا متميزون، هكذا ببساطة تقتضي منا الحكمة أن ننظر.
بهكذا عناد نعبد كل شيء جدير بالإحتقار، نعبد أبقارا بشرية لا تتقن سوى لغة المضغ، نعبد وحوشا بدت تجلياتها في السماء، وحوشا صنعناها بقوة فراستنا العبقرية في صناعة الوهم، وحوشا هي أجدى بأن تقدم كقرابين مصلوبة لقوة وعظمة أمنا الأرض، قربانا للأرض لأنها ببساطة تمثل الخطيئة الإنسانية، تفتقد لما يجعلها كائنات قابلة للحياة ، تفتقد مناعتها الذاتية، إن الشعوب التي تتحمل وطأة عرش أسيادها وتحمله فوق أكتافها جيلا بعد جيل، هي شعوب غير جديرة بالحياة، لأن الحياة جديرة بمن يعيشها لنفسه لا لغيره، إن قانونا أسمى للحياة يفترض فيما يفترض، أن يعيش المرء جزءا كبير من الحياة لنفسه، لا أن يعيشها خدمة للغير، وبالقياس نفسه، وبما اننا ننتمي إلى الإجتماع الإنساني، ونشترك في إنتاج قيمه الخاصة والعامة فإنه يجب أن يكون هذا الحق حقا للكل في هذا الإجتماع الإنساني نفسه، لا سائد فيه ولا مسود.
يستطيع إله ما كالذي ولد في شح البداوة العربية ان ينام سليل قرته، فقد وضع كل شيء ببرهان عجيب يعتمد وداعة الحكي البدوي لخرافات كانت تنتعش في زمن حكي الرعاة الهمجيين، زمن التراجيديا الأسطورية، يوم كان الناس يحتكمون إلى اللغز (الحجاية عند المغاربة) لغز يمتطي صهوة اللغة بحثا عن صهيل اعجاز أو تعجيز، ( في الحقيقة كان بحثا عن ملهاة، كلمات متقاطعة بلغة اليوم) يرفع ضالة الفاهم أن يدركها في إحالاتها الرمزية:
ــ ”الفاهم من يفهمها طائرة” (مثل مغربي)ـ
. ، كل الثقافات لها اعجازها، كما أن لكل لغز في الثقافات الإنسانية له منطقه، فما أجمل إذن رنين “التين والزيتون” في اللغة العربية، لكن ما أتفهه في بلدان التين والزيتون، يستطيع الله أن ينام في لغز اللغة ما دام العرب لم يقتنعوا بعد أن التين والزيتون هي خاصية مجال أرضي بعينه، لكن، ويا للبلادة حين تتحول مقامات الكمان،سليل الفضاءات الحضرية إلى رنين الناي البدوي زفير البراري القاحلة على إيقاعات التين والزيتون، إن الإعجاز في “ التين والزيتون” هو إعجاز من أكل تينا يابسا في الصحراء ولم يدرك كيف كان عند نضجه ولا حتى يستطيع أن يتخيل اختماره أو شجرته. إنه إعجاز من لم يعايش بيئة ترده منها فاكهتها، من خاصيات حكامنا العرب الآن أنهم يستوردونها ناضجة. وأكثر من ذلك يستوردون فاكهة لم يعرفها بدو العرب القدماء، وكان خيرا وإلا اكتسب الإعجاز مسافات ضوئية، إن شعبا يتمسك بلاهة بإعجاز هو صهيل لغة، شعب تسجنه اللغة وتشده إليها شدا هو شعب لن يعرف يوما أن التين في اللغة المغربية هو “الكرموس”،، في المغرب عندما ترجمت هذه الآية إلى الدارجة المغربية، نال المترجم وابلا من السب والشتم والإحتجاج كما لو كانوا أرادوا ان يترجم التين بشيء آخر، والكثير من فقهائنا قالوا بصدق فطري:” في الدارجة يتسطح المعنى” لكن ماذ عساه يكون التين او الزيتون باللغة الفصحى في الإدراك والفهم العضوي المرتبط بالدماغ” هل سيصبحان هلامة فكرية مبهمة كالذات الإلهية أم سيكون هو بالبساطة ذاتها كما في اللغة الدارجة” كرموسا” أوزيتونا بجلدهما، رفض الجمهور للترجمة كان رفضا عدميا يبتغي إقحام معجزمة ما في الكرموس مثلا لذلك كان قد وجب أن يكون التين شيئا آخر يتنظره الجمهور في مملكة السماء.كان رفض الجمهور المؤمن شيئا آخر أيضا، ليس رفض التين كتين، بل هو رفض له من حيث كان موضوع القسم إذ لا يمكن للجلال أن يقسم يشيء تافه، لكن الهالة الإعجازية والسحر السجعي حمله أن ينسى أن إله الصحراء كان يقسم في الحقيقة بما كان أعز شيء يفتقده قوم مملكته، والحصيلة الفعلية لهذه الهلامة الإعجازية، هي تاليا أن يرفض الجمهور لغته الأرضية ليبحث عنها في السماء، إنها عملية استلاب وغسيل دماغ ترفع ضالة الناس إلى ما فوق واقعهم الأرضي.
أليست “الحجاية ” في مضمونها الرمزي وكثافة استدلالاتها السجعية هي عملية تروم أن تكون عملية إعجازية من حيث تتناول موضوعاتها استنادا إلى لغة إيحائية أكثر منها لغة مباشرة، بمعنى أن صاحب الحجاية حين يحكيها يروم في مخاطبه تعجيزه عن إدراك موضوعها، ثم إن المخاطب حين يعجز عن فك رموزها يستسلم ويعترف بعجزه، في القرآن انتقلت حجايته من لغتها البدوية البسيطة إلى مايرفعها إعجازا سرمديا لا ينتهي، كلما بلغت فيه الشروحات مقاما ارتفع المعنى إلى ما يديم هلاميته بشكل يكون المعنى فيه، في المطاف الأخير هو اللامعنى، إن التفسير الوحيد للإعجاز هو أنه اللامفسر بحيث ينفلت المعنى فيه دائما إلى ماليس هو، إنها صيرورة عبثية تدخل شعوبا بأكملها في متاهة الرقي التجريدي في انسلاخ تام عن صيرورتها التاريخية.إنه انفصام في اللغة بين أن تكون لغة أرضية وأن تكون لغة سماوية
ـ



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رفاق الفرقة
- النيولبرالية المتوحشة3 : وضع الطبقة العاملة المحلية
- حكايا من المهجر: آلة الوتر
- النيوليبرالية المتوحشة (2)
- اشراقات أمازيغية
- النيولبرالية الجديدة: الزراعة المكثفة نموذجا، إلخيدو (ألميري ...
- إعلان عن احتجاج عمال مهاجرين بألميريا (إسبانيا)
- العمالة المهاجرة: ودور التنسيق النقابي
- مدخل لفهم نمط القطاع الخدماتي
- سلام لذاكرة المعتوهين
- هل حقا انتفت الطبقات
- الإجماع الوطني، أو ميتافيزقا الجلاد المغربي (دفاعا عن الجمعي ...
- يوميات مغارة الموت: إضراب 1990
- يوميات مغارة الموت: تداعيات الأزمة
- يوميات مغارة الموت: تجربة الحلم
- سفر الخروج.. إلى أين ؟-2-
- سفر الخروج .. الخروج إلى أين؟
- حكايا من المهجر -لاموخنيرا-
- أوهام ماوراء المتوسط: -الحريك-
- أمة التستر


المزيد.....




- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عذري مازغ - نداء الأرض