أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - حكايا من المهجر: لقاء مع بيكاسو (2)















المزيد.....

حكايا من المهجر: لقاء مع بيكاسو (2)


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3361 - 2011 / 5 / 10 - 21:27
المحور: الادب والفن
    


كان الرسام العربي مشردا في مالقا المفعمة أزقتها بكل ألوان السياحة، كل شيء فيها مخادع، الناس فيها يبتسمون في تصنع مفضوح، حتى ابتسامته هو، بل حتى القلب الذي رسمه في لوحة الضفدع والأرنب، كان قلبا محطما إلى أبعد الحدود، ربما كان وهو يطبعنا في ورقته، يتذكر أيام الجد والنشاط التي ابتلينا بها في المدارس الإبتدائية حين كنا نرسم شغب الطفولة في جدار المراحض، حين كنا نتلصص على بنات الجيران وهن ينشرن بفرح عارم خبر العادة السرية، وكنا نحن نرقعها باللون المفحم في كل الجدار: فلان فعل فلانة، وكانت جريمة بقلب الفاجعة، لكن الرسام الصغير رسم قلبا صغيرا وجريحا يربط ضفدعا بأرنبة، والحقيقة انه كان يرسم تسوله أكثر من انه يرسم ملامح كاريكاتورية، إيزا الحائرة في نصبه لم تستصغ حتى الآن كيف اخذ منها تلك النقوذ البئيسة، ولم تستمتع تلك اللوحة الجميلة التي كان يمثلها هو نفسه، كان يقول لها ان تنظر إليه وهو يوقع بصماته، وحين يوقع، كان يوقع ملامح أخرى تشبه مثلثات مكشرة كتضاريس مالقا نفسها المليئة بالضفادع وكانت هي تتحدث عن وقع ارتسامات أصدقائها وصديقاتها حين يرون صورتها في الفايسبوك: مارغريت جديدة محنكة كأرنب وضفدع يشبه تماما جاك شيراك، لقد كان بيكاسو عجيبا حقا فهو يفترض ان تتخيل أنت الصورة العجيبة من مثلثاته وأن تضفي عليها شخصية إنسانية هائلة، يذكرني هذا بأخي الذي ذهب لأول مرة إلى الغابة قصد الحطب كان ينهال على حمار عبقادر بقسوة بالغة حتى نبهته ان يرفق به لأنه مجرد حيوان، تأمله فجأة وكانت عين الحمار تدمع فمال أخي يستعطفه وهو يشير إلي بأني على حق، وبعد أن تفحصه نطق فجأة بأن الحمار يشبه عبقادر صاحبه، نظرت إلى الحمار وكان حقا يشبه صاحبه، ولما بلغنا الغابة، صعبت على أخي صورة عبقادر في حماره وعزم أن لا يحمله من الحطب أكثر مما يستطيع عبقادر حمله، وعند عودتنا التقينا باحد الأهالي وهو شيخ حكيم، نظر بتأمل إلى أخي وهو يتكيء على الحمار فقال له:
ـــ يستحسن أن تركب الحمار حتى لا يظن الناس بأنك أتيت من الحطب
قالت إيزا بانها لم تفهم شيئا من قصة الحمار، قلت: ستفهمين هذا عندما نزور متحف بيكاسو الذي أنت مصممة على زيارته رغم أني أفضل زيارة منزله
ـــ لماذا هذا التفضيل
ـــ ربما لأني لدي نفس الحس الذي كان لي في صورة عبقادر مشخصنة في حماره، في علم الإجتماع هناك علم جديد يقول: «أرني منزلك أقول لك من أنت » وإذا كان هناك حمار بالمنزل، فهو حتما يحتكر سمات المنزل وصاحبه، هذه نظرية أخي التي لم يسجلها في موسوعة العجائب، لكن تلقفها الشيخ الحكيم بمجرد النظر، ونصحه النصيحة المثلى: أن يركب الحمار عفوا بصاحبه
ـــ لم أفهم شيئا
ـــ مثلا الحكام العرب يركبون حمار أوربا وأمريكا عفوا بهم
ـــ هذا لغز آخر، أنت مجنون أيضا، دعنا من حيض فلسفتك، أقترح عليك شيئا، سنذهب غدا لزيارة ميخاس، ستعجبك على ما أظن، حدثني عنها إكس زوجي، قال بأن مبانيها عربية
ـــ أنا عشت فيها أسبوع عندما “حرقت” من المغرب، لكن لا أذكر منها شيئا لأني حينها كنت مجنونا أو أحمقا او غسيلا لا أدري
ـــ ماذا تقصد ب”حرقت”؟!
ـــ تعني عندنا: عندما هاجرت في الباتيرا إلى إسبانيا تعني (الهجرة سرا)،، كانت ميخاس أرض الإستقبال، لكني لم أشاهدها جيدا حينها، وهي الآن مناسبة جيدة لمشاهدتها
ـــ لكن كيف أنك عشت فيها أسبوع وتقول بانك لم تشاهدها؟
ـــ صدقيني لم أشاهدها رغم ذلك، كنت مثقلا بالوصايا من المغرب، كان السابقون في الهجرة ينصحون بان نحرق اوراق الهوية، وأن لا نتكلم إلا مع الذين نثق بهم وهم طبعا من اهالينا وأن لا نسأل أحدا عن طريق، وأن نحفظ أرقام هواتف الذين سينقذوننا في الذاكرة، وعندما وصلت إلى شاطيء فوينخيرولا نسيت كل شيء رغم أن ذاكرتي قوية: ولدت من جديد في بلاد دون كيخوتي. حتى ميخاس لا أذكرها.كأنما دماغي غسل منذ كنت في المغرب.
ـــ أفهم من هذا انكم تعرضتم لعملية غسل دماغ في المغرب
ـــ ربما صحيح، لكنها عملية غير مؤلمة على ما أعتقد، لم أشعر بها في وقتها، وحتى الذين قاموا بها لا أظنهم واعون بها، فالحكاية معقدة جدا، ولها علاقة بالنهب والإستغلال، ولم أشعر بها إلا عندما عاشرت الفضلاء من الماهجرين السابقين.
ـــ تقول الفضلاء؟؟
ـــ نعم، بفضلهم أنا هنا هاربا من ضيق الوطن
ـــ ضيق الوطن؟؟
ـــ نعم، بربك هل جربت البطالة؟، وشعرت أن الفضاءات كلها ضيقة، من منزل الإقامة إلى المقهى، إلى الزقاق، إلى المدينة، كانت المدينة التي أقطن بها، كلها ضيق، وحين أسافر.... دعنا من هذا يجب أن تعيشي البطالة لتعرفي
ـــ تعتقد أني لم أجربها، حقا، أنت لاتعرفني أنا من دولة عربية أيضا، لكن مات فيي الوطن حتى لا أتكلم لغته، ليست البطالة هي من حملنا على الهجرة، بل شيء آخر، نحن طردنا من الوطن وتشتتنا بين أم ينتمي أصلها لبلد وأب إلى آخر، ونحن الآن عائلة مشتتة تماما، أخ هناك وأخت هنالك، وأب هنا وام متزوجة ووو...، لنقفل هذا الموضوع، أرجوك
ـــ أنا فقط تكلمت عن البطالة وضيق الوطن لم أتكلم عن بحر آخر، أنت من اتى بمحيط آخر عندكم، أنت إيزا أيضا مهاجرة مثلي؟
ـــ نعم بفارق بسيط، هو أني سائحة هنا بجنسية أوربية، لذلك يحترمونني على خلاف منك، عندما أتكلم الإنجليزية
ـــ تحيى الإنجليزية إذن في بلاد دون كيخوتي، كلميهم أنت عند التسآل واعفيني انا
ـــ نعم، هذا جيد، انا سائحة أوربية
ـــ نعم، نعم، جنسية الزعفران الحر، أنا فهمت الآن، لهذا سنزور ميخاس التي سنكتشف فيها حمار عبقادر، وبعدها متحف بيكاسو كما تعشقين. لنكتشف الزعفران الأوربي في مطاعم السياحة الغربية. لكن لماذا لا نزور اولا قصبة القصور الحمراء بالأندلس؟
ـــ لنزور إذن القلعة بمالقا وبعدها ميخاس، أوه، لماذا لا نذهب إلى غرناطة لزيارة قصر الحمراء؟
ـــ غدا سنسأل في المحطة عن أوقات الرحلة لنرى هل يمكننا السفر إلى غرناطة
ـــ ألم تزرها أنت
ـــ نعم زرتها، لكني نسيت مارأيت فيها، فأنا مذ وصلت إلى أوربا، كل يوم، أولد فيها من جديد، لا أذكر منها الآن إلا الجعة التي تحمل اسمها، وهي جعة تشبه في مذاقها جعة السبيسيال المغربي.
ـــ أنا لا تعجبني الخمور، وأنت فاقد الذاكرة، لا تذكر إلا مذاق الخمور
ـــ اعرف، كل النساء لا تعجبها الخمور
يتبع...



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايا من المهجر: لقاء مع بيكاسو
- الثوابت الخرافية في المغرب
- التحول في الثبات
- المؤامرة حين تتأسطر عند الأنظمة
- شظايا خواطر
- ملح الثورات العربية
- قراءة في الهيكل الإقتصادي لوليد مهدي
- وليد مهدي: قراءة ماركسية في الهيكل الإقتصادي
- المغاربة عندما يكتبون بالنجوم
- ليبيا والمؤامرة الدولية
- ثورة الشعوب العربية والإسلام السياسي
- القذافي، الهلوسة وخطاب الإحتضار
- التنوع في وحدة الهم
- المغرب و20 فبراير
- الثورة في تونس ومصر وآفاق خلق فضائية يسارية
- ساحة التحرير المصرية والصراع السياسي
- مصر ونظام البلطجة
- نداء إلى كل احرار العالم
- الثورة التونسية واليسار الماركسي
- تونس: الرئيس أو اللص الظريف


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - حكايا من المهجر: لقاء مع بيكاسو (2)