أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - -الجمعة العظيمة-.. لحظة بدء السقوط!















المزيد.....

-الجمعة العظيمة-.. لحظة بدء السقوط!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3345 - 2011 / 4 / 23 - 14:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حتى لا يعسر على المؤرِّخين التعيين الدقيق للحظة بدء السقوط الفعلي لنظام الحكم الدكتاتوري في سورية فإنِّي أقول إنَّ "الجمعة العظيمة" الموافِقة للثاني والعشرين من نيسان 2011، هي هذه اللحظة؛ فَلْنَحْفَظ هذا التاريخ في الذاكرة.

وللتذكير إنْ نفعت الذكرى أُذكِّر بما قُلْتُه في المقالة "عندما يُحْظَر التظاهر بموجب إلغاء الطوارئ!"، والمنشورة في الثامن عشر من نيسان الجاري، أي قبل ثلاثة أيام من توقيع بشار الأسد مرسوم "رفع حالة الطوارئ".

قُلْتُ فيها: لستُ من المشتغلين بعلم الغيب, ولا من المنجِّمين; لكنَّني متأكِّد تماماً أنَّ الرئيس السوري بشار الأسد لن يأتي بأيِّ إصلاح (سياسي وديمقراطي..) يُمْكِنه أنْ يُضْعِف, أو ينهي, حاجة الشعب إلى الاستمرار في حراكه وثورته حتى ينال ويُدْرِك حرِّيته.. وإذا كان لي أنْ أُسْدي نصيحة إلى كل نظام حكم عربي أعْجَزَته بنيته عن تعلُّم "فن الطيران" فإنِّي أنصحه أنْ يتعلَّم "فنَّ السقوط". إنْ هي إلاَّ مسافة زمنية تُحْسَب بالأيام ونرى العلاقة بين الشعب ونظام الحكم وقد "تحرَّرت" من "قانون الطوارئ" المعمول به في سورية منذ استيلاء حزب البعث على السلطة, أي منذ سنة 1963.. ولسوف يَعْرِف الشعب السوري من القمع والإرهاب والدكتاتورية والاستبداد بعد إلغاء العمل بـ "قانون الطوارئ" أكثر ممَّا عَرَف قبل إلغائه.. لكنَّ الأهم من هذا القرار (قرار إلغاء حالة الطوارئ) نَقِف عليه في القول الإضافي والتوضيحي للرئيس بشار والذي جاء فيه "مع صدور حزمة القوانين الجديدة (التي تتضمَّن رَفْع "حالة الطوارئ") تنتفي الحُجَّة (أي ينتفي الدَّاعي) لتنظيم مظاهرات في سورية; ويتعيَّن على الأجهزة المعنية بهذا الشأن, وفي مقدَّمها وزارة الداخلية, أنْ تُطبِّق هذه القوانين (الجديدة) بحزم تام, فلا تَساهُل بعد ذلك مع أيِّ عمل من أعمال التخريب".

والآن، أقول لكم (وَلْتَتَذكَّروا هذا القول جيِّداً؛ فلسوف أُذكِّركم به عمَّا قريب) لقد وقَّع بشار الأسد مرسوم "إلغاء حالة الطوارئ"؛ لكنَّ هذه الحالة (التي سيخالطها من وحشية القمع للشعب الثائر ما يجعلها "التربيع"، أو "التكعيب" لها) لن تُلْغى، أي لن يصبح إلغاؤها حقيقة واقعة ملموسة، إلاَّ مع "إلغاء نظام الحكم السوري نفسه"؛ فـ "التوقيع منه (يأتي)"؛ أمَّا "التنفيذ (أو التطبيق)" لقرار إلغاء هذه الحالة فلن يأتي إلاَّ من ثورة الشعب السوري، وبعد، وبفضل، "إلغائها لنظام حكم بشار الأسد"، فلا تَسْتَغْربوا؛ فإنَّ بعض الحقائق أغْرَبُ من الخيال!

في "الجمعة العظيمة".. العظيمة بالقاتل والتقتيل والمقتول، خَطَبَ بشار الأسد في شعبه قائلاً: إذا رأيتَ أنياب الأسد بارزة فلا تحسبن الأسد يبتسم. وإنَّه، في خطابيه "الإصلاحيين" لم يكن يَضْحَك ليُضحِّك مستمعيه والشعب؛ بل كان يكشِّر عن أنيابه.

وفيها أيضاً، وبها، ظَهَر وتأكَّد أنْ لا سبب وجيهاً لتصوير نظام الحكم البعثي في سورية على أنَّه نسخة من فاشية موسوليني أو نازية هتلر؛ فهذان الطاغيتان كانا يتمتَّعان بما لا يتمتَّع به بشار الأسد، ألا وهو "التأييد الشعبي الواسع"؛ فأيُّ نظام حكم هذا النظام الذي يضاهي الفاشية أو النازية لجهة وحشية القمع؛ لكنَّه يفتقر إلى ما تملكه من تأييد شعبي واسع؟!

الألسنة والأقلام الإعلامية لنظام الحكم السوري، من سوريين وعرب، سعوا، قبل "الجمعة العظيمة"، التي كانت السيف البتَّار في حدِّه الحدُّ بين الجدِّ والهزل، في أنْ ينفثوا في روع الشعب فكرة أنَّ "الإصلاح (لا الثورة)" المتأتي من التصالح بين الشعب والطاغية هو وحده الطريق إلى نَيْل الشعب حقوقه السياسية والديمقراطية في سورية، فَحَبُط سعيهم؛ ولقد أحبطه بشار الأسد نفسه إذ "أقنع" شعبه المؤمِن بـ "سِلْمية" حراكه، ومن خلال المجزرة، بأنَّ الحرية حمراء، وبأنَّ لهذه الحرية باب بكل يد مضرَّجة يُدقُّ.

الشعب السوري، وبعد "الجمعة العظيمة"، تحرَّر، عقلاً وشعوراً وإرادةً وسلوكاً، من البقية الباقية من الأوهام، وفي مقدَّمها وَهْم "الإصلاح المتأتي من داخل نظام الحكم نفسه"؛ فإنَّ المئات من السورين (الشهداء والجرحى) خَطُّوا بدمائهم الحقيقة الكبرى ألا وهي أنَّ نظام حكم بشار الأسد لا تسمح له ماهيته وخواصه الجوهرية بأنْ يكون متصالحاً مع أبسط المطالب الشعبية الديمقراطية؛ وهذا النظام يمكن أنْ ينتحر إذا ما تناول أصغر جرعة من دواء الإصلاح، فهو إمَّا أنْ يبقى على ما هو عليه، من حيث الجوهر والأساس، وإمَّا أنْ يخلي المكان (مُكْرَهاً لا طائعاً) لنظام حكم آخر يمثِّل الشعب حقَّاً، فليس من حقِّه، ولا في مقدوره، أنْ يمثِّل دورين متناقضين على مسرح التاريخ.

وعلى كهنة نظام الحكم السوري أنْ يأتوا بمعجزة سياسية هي أنْ يُثْبِتوا أمْرين هما أمْرٌ واحد: أنَّ "الإصلاح" ممكن في سورية من دون تحطيم الآلة الأمنية القمعية لنظام الحكم فيها إرباً إرباً، وأنَّ "الإصلاح" من خلال هذا "التحطيم" ليس هو "الثورة" بعينها.

لو سألْتَ هؤلاء الذين يبيعون أشياء يكفي أنْ يبيعوها حتى تصبح بائعة جسدها أفضل منهم، عن رأيهم في ما شهدته سورية في "جمعة ما قبل القيامة" لأجابوك على البديهة قائلين إنَّ قِلَّة قليلة جدَّاً من الشعب هي التي نزلت إلى الشوارع، وشقَّت عصا الطاعة للحاكم الذي لَبِس، في ربع الساعة الأخير من عُمْر نظام حكمه، لبوس "المُصْلِح الأكبر"، وإنَّ هذه القِلَّة تشبه زورقاً تُسيِّره ريحاً هي ريح الأعداء لسورية بصفة كونها خطُّ الدفاع الأوَّل والأخير عن الأمة العربية وقضاياها القومية.

إنَّهم "قِلَّة قليلة"، فالغالبية العظمى من الشعب السوري تَقِف مع الرئيس بشار، وتُعْرِب عن تأييدها له من خلال ملازمة المنازل وعدم النزول إلى الشوارع!

ولو كان لهؤلاء "الكهنة" من سعة الأفق ما يسمح لهم بأنْ يُحْسِنوا الفَهْم (أو التعليل والتفسير) لفهموا الضآلة النسبية لحجم المتظاهرين على أنَّها الوجه الآخر لِعِظَم حجم القمع والإرهاب؛ وَلَفَهِموا "الأكثرية (الشعبية) الصامتة" على أنَّها فئة شعبية لم تَكْتَسِب بَعْد ما يكفي من الجرأة لكسر حاجز الخوف؛ لكنها ستكتسبها حتماً، وبفضل نظام الحكم السوري نفسه.

ولو كانت تلك الأكثرية (التي تتحوَّل تدريجاً إلى أقلية) قاعدة شعبية لنظام حكم بشار الأسد لانتفت الحاجة لديه إلى ارتكاب مجزرة في حقَّ "الأقلية (الشعبية) المتظاهرة ضده"، وِلَرَأيْناه لا مانع يمنعه من أنْ يتَّخِذ "صندوق الاقتراع الديمقراطي الشفَّاف" سلاحاً يحارب به تلك "الأقلية العاصية"، ويفتك بها؛ فكيف للحاكم أنْ يكون دكتاتوراً مستبدَّاً إذا ما كانت الأكثرية الشعبية مؤيِّدة له، تُسبِّح بحمده، وتكاد أنْ تَكْفُر بالله حتى لا تُشْرِك به؟

"السقوط" أصبح فعلاً ماضياً؛ ولقد بدأ السقوط الفعلي لنظام الحكم السوري مع ارتكابه مجزرة "الجمعة العظيمة" في حقِّ شعبه؛ ولن ينقذه من هذا السقوط المحتوم مصالح وحاجات دولية وإقليمية، ولو كانت مصالح وحاجات إسرائيلية أو إيرانية.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -ورقة التوت- القومية و-العورة الديمقراطية-!
- عندما يُحْظَر التظاهر بموجب -إلغاء الطوارئ-!
- -فِلْمٌ- أصْدَق من -خطاب-!
- لماذا هذه الحملة الظالمة على شاهين؟!
- الأردن وسورية!
- السيِّدة المسالمة.. بأيِّ ذنبٍ أُقيلت؟!
- دكتور بشارة.. يا للأسف!
- -الإصلاح- في سورية بين الوهم والحقيقة!
- الأهمية الثورية ل -الاعتصام-!
- -الدِّين- و-الثورة- في ميزان -الوسطية-
- تقرير -فيلكا إسرائيل-.. كيف يجب أنْ يُفْهَم؟
- التِّيه العربي إذ شرع ينتهي!
- سؤالٌ صالح جعلناه فاسداً!
- الطريقة العربية في الحُكْم!
- خطاب السقوط!
- .. إلاَّ سورية!
- كيف تكون -قذَّافياً- مستتراً
- مواقف -ثورية- لمصلحة القذافي!
- العبور الثوري من -الواقع الافتراضي- إلى -الواقع الحقيقي-!
- مخاطر ما يحدث في البحرين


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - -الجمعة العظيمة-.. لحظة بدء السقوط!