|
مخاطر ما يحدث في البحرين
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 3307 - 2011 / 3 / 16 - 12:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مخاطر ما يحدث في البحرين
جواد البشيتي
في البحرين، وعلى ما نرى ونسمع، حراك "شعبي"، "ديمقراطي"، يستهدف، في المقام الأوَّل، وعلى ما يُعْلِن قادته، جَعْل نظام الحكم الملكي فيها "دستورياً"، أي تقليص ما يتمتَّع به ملكها من صلاحيات وسلطات، وجَعْل "الحكومة البرلمانية المنتخَبة" تتمتَّع بحصَّة الأسد من السلطة التنفيذية في المملكة، التي على صِغَر مساحتها، وقلَّة عدد سكَّانها، تتمتَّع بأهمية إستراتيجية (عسكرية) بالنسبة إلى الولايات المتحدة؛ ففيها مقر قيادة أسطولها الخامس، كما أنَّ الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدَّمها السعودية، تريد للبحرين أن تكون محصَّنة ضد النفوذ الإيراني (الفارسي ـ الشيعي) فيها، وفي الإقليم على وجه العموم.
لقد وصَفْتُ هذا الحراك بأنَّه شعبي (بين مزدوجين) وديمقراطي (بين مزدوجين أيضاً) لأنَّني (وأقولها في ألم وحسرة) أرى كثيراً من "الدافع الطائفي الشيعي (لعرب البحرين) كامناً فيه؛ وكأنَّ هذا الدافع الكامن (والذي يَظْهَر بين الفينة والأخرى) هو المحتوى الحقيقي، أو الجزء الأهم من المحتوى الحقيقي، للوعي الذي يقود هذا الحراك، والذي يتَّخِذ من "الشعارات والمطالب الديمقراطية" شكلاً له.
وأحسب، أيضاً، أنَّ الشيعة من عرب البحرين، وهم غالبية السكَّان، أو المواطنين، لديهم ميل إلى إيران (الفارسية ـ الشيعية) تَرْجَح كفَّته على كفَّة ميلهم القومي العربي؛ وإنِّي لأُحمِّل أنظمة الحكم العربية مسؤولية إضعاف (وزيادة إضعاف) الميل أو الانتماء القومي العربي لدى شعوبها؛ فهي جميعاً لا تعيش، ولا يمكنها العيش، إلاَّ في الحرب، وبالحرب، على "القومية العربية الديمقراطية".
وإنصافاً للحقيقة، أقول، وينبغي لي أنْ أقول، إنَّ نظام الحكم في البحرين لم يعمل إلاَّ بما يُظْهِر ويُؤكِّد حرصه على ترجيح كفَّة السنة (من عرب البحرين) وهم أقلية على كفَّة الغالبية الشيعية (العربية) من مواطنيه، فالظلم أو الجور الطائفي (بمعناه هذا) هو الذي تسبَّب في تقوية الميل إلى إيران لدى الشيعة من عرب البحرين، وفي جَعْل الحاجة الشعبية إلى التغيير الديمقراطي تبدو "مصلحة طائفية للشيعة من عرب البحرين".
وهذا يُذكِّرني بموقف الموارنة في لبنان من "برنامج الإصلاح السياسي" لـ "الحركة الوطنية اللبنانية"، سنة 1975، فهذا البرنامج، وعلى الرغم ممَّا اشتمل عليه من شعارات ومطالب ديمقراطية، ظلَّ الموارنة ينظرون إليه على أنَّه برنامج طائفي سنِّي، يستهدف إخضاع المسيحيين في لبنان للمسلمين من أبنائه.
الشيعة من عرب البحرين ساهموا في تلوين الحراك "الشعبي الديمقراطي" باللون الطائفي من خلال زيادة ظهور رجال الدين الشيعة في قيادة هذا الحراك؛ وكان ينبغي للحريصين على النأي بهذا الحراك عن الطائفية البغيضة أنْ يسعوا إلى ما يشبه "العلمنة" له؛ فرجال الدين، أكانوا من المسلمين أم من المسيحيين، من السنة أم من الشيعة، يجب ألاَّ يكون لهم مكان في القيادة المركزية لأيِّ حراك شعبي عربي ديمقراطي، ولو ظهروا في الصورة (الإعلامية) متآخين متحابِّين.
وكان ينبغي لهم أيضاً أنْ يسعوا إلى ضمِّ قسم كبير من السنة من عرب البحرين إلى هذا الحراك حتى لا يكون المشهد البحريني مشهدين، في الأوَّل نرى الحراك "الشعبي الديمقراطي" يمثِّل الغالبية الشيعية، وفي الآخر نرى نظام الحكم يُصارِع وكأنَّه يُمثِّل الأقلية السنية.
أمَّا السبيل (أو بعضه) إلى ذلك فهو أنْ يجعلوا لحراكهم شعاراً يؤكِّدون فيه انتماءهم القومي العربي (الذي يذوي فيه، وبه، الانتماء الطائفي أكان شيعياً أم سنياً) وعدم موالاتهم لإيران.
ولو سعوا في ذلك، ونجحوا فيه، لشقَّ على السعودية (ودولة الإمارات) أنْ تُرْسِل قوى عسكرية وأمنية إلى إيران، ولشقَّ على إيران أيضاً أنْ تقف من هذا التصرُّف السعودي (الذي حظي بمباركة الولايات المتحدة) موقفاً تبدو من خلاله حليفاً طائفياً للشيعة من عرب البحرين.
وأخشى ما أخشاه أن يؤدِّي هذا وذاك إلى "أقلمة" هذا المشهد البحريني، فنرى، مثلاً، حراكاً "شعبياً ديمقراطياً" في السعودية يتَّخِذ من منطقتها الشرقية التي تقطنها غالبية شيعية، وتتركَّز فيها الثروة النفطية للملكة، مركزاً له، فيرتَّب على ذلك أنْ تقف الغالبية السنية في السعودية ضدَّ هذا الحراك (الذي قد يحظى بتأييد إيران).
إنَّني أرى ما يشبه "المصلحة المشتركة" للولايات المتحدة والسعودية وإيران (ولدول وقوى أخرى) في تحصين هذا الإقليم النفطي والمهم إستراتيجياً في مواجهة رياح التغيير الشعبي الديمقراطي الثوري التي هبَّت من تونس ومصر وليبيا واليمن من خلال "أقلمة" المشهد البحريني؛ فإنَّ في هذه الطائفية البغيضة لخير سند لكل من له مصلحة في منع الثورة الشعبية الديمقراطية القومية العربية من التمدُّد والانتشار.
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إشكالية التدخُّل العسكري الدولي
-
إنسان جديد خلقته الثورة!
-
شياطين في هيئة شيوخ السلاطين!
-
أين انتفاضة الفلسطينيين؟!
-
والقَلَمِ وما يَسْطُرُون
-
ما الذي يريده الشعب حقَّاً؟
-
من وحي اعتصام -الرأي- الأردنية!
-
جهاز -أمن الدولة-.. كان يجب أن يسقط فسقط!
-
القذافي الخَطِر!
-
الْغوا عقولكم حتى تصدِّقوهم!
-
كما أصبحنا يجب أنْ يُولَّى علينا!
-
الدستور!
-
حصانة دولية للثورات العربية!
-
مصر.. أكثر من -انتفاضة- وأقل من -ثورة-!
-
الطاغية المُطْلَق!
-
البحرين.. سؤال ديمقراطي آخر!
-
-نصف انقلاب-.. و-نصف ثورة-!
-
شباب اكتشفوا الطريق.. واخترعوا الوسيلة!
-
-الثورة الناقصة- هي الطريق إلى -الثورة المضادة-!
-
انتصرنا!
المزيد.....
-
صاحب متجر المثلجات الوحيد الحائز على نجمة -ميشلان- يريد صنع
...
-
تداول فيديو لـ-طابور سير الصاعقة المصرية في شوارع رفح-.. هذا
...
-
-قولوا لنا كيف مات-.. صلاح يُحرج -يويفا- ومنشوره عن -بيليه ف
...
-
الشرق الأوسط قد يكون ساحة لحرب نووية - الغارديان
-
100 يوم من حكومة ميرتس.. هل -عادت ألمانيا-؟
-
لبنان امام اختبار حصر السلاح بيد الدولة
-
العراق: تسرب غاز كلور في كربلاء يصيب أكثر من 600 زائر شيعي
...
-
اجتماع عربي لبحث التصدي لقرار إسرائيل احتلال غزة
-
مظاهرة في ماليزيا تطالب بوقف الجرائم الإسرائيلية في غزة
-
الحياة تعود تدريجيا في بعض أحياء الخرطوم بعد سيطرة الجيش علي
...
المزيد.....
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|