أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نضال فاضل كاني - لماذات زينب وعائشة..!! - قصة قصيرة














المزيد.....

لماذات زينب وعائشة..!! - قصة قصيرة


نضال فاضل كاني

الحوار المتمدن-العدد: 3335 - 2011 / 4 / 13 - 10:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


خرجت زينب وعائشة من قاعة المحاضرات في جامعة بغداد بعد ان استمعتا الى محاضرة من الدكتور عبد الكريم البغدادي عن لماذات الفلسفة، حيث بين الدكتور فيها ان مفتاح جميع الفلسفات التي ظهرت في التاريخ الانساني هو الاستفهام بلماذا.. اذ الانسان الذي يتفلسف يبدأ من أي شيء قد يثير فيه الدهشة كما قال افلاطون او يبدأ من شيء يثير فيه التعجب كما ذهب ليبنتز.. ليقول: لماذا .. يتسأل مثلا : لماذا وجدنا هكذا وليس غير هكذا؟ لماذا الموت؟ لماذا الألم؟ لماذا الشر.. الشقاء .. ؟؟ وغير ذلك.
دونت زينب نصا ذكره الاستاذ المحاضر قال فيه: « الفلسفة هي تلك العملية التساؤلية التي نحاور فيها انفسنا ونتحاور فيها مع الآخرين والعالم »(1).
كان الفرض المنزلي هو صياغة نص حواري بين كل طالبين او ثلاثة طلاب عن لماذات يستقونها مما في انفسهم او مما يحيط بهم.
كانت كل من زينب وعائشة تتذمران من هذا التكليف، قالت عائشة ساخرة: لماذا يطلب منا مثل هذا الفرض؟ ولماذا لا يطلب منا النوم مثلا؟ لقد اصبحت الان فيلسوفه .. وضحكتا معا.
في المنزل، رن موبايل عائشة، نظرت الى الرقم فاذا بها زينب، فتحت الخط، قبل ان تقول الو، جاءها صوت زينب، وجدتها.. وجدتها..
- ردت عائشة مستغربة، ما لذي وجدتيه؟
- زينب: اللماذا التي سنكتب حواريتنا حولها
- تأففت عائشة وهي تقول: افزعتني، ظننتك وجدت سورا من ذهب، ما..
- قاطعتها زينب وقالت: انا متحمسة هل آتي اليك ام تأتين إلي؟
شعرت عائشة ان زينب جادة بشكل لا يتحمل المزاح، فقالت لها، عشر دقائق واكون عندك. وقد كانتا يسكنان في الشارع ذاته.
بعد ان جلستا في غرفة زينب، بدأت زينب حديثها وقالت: لقد حصل لي شيء غريب، كنت اشاهد التلفاز واستمع الى الاخبار المشحونة بالقتل والتفخيخ والثورات والمقاومة، وكانت امي تجلس أمامي ، وفجأة رفعت يديها الى السماء وقالت: يا الله، لماذا يحصل هذا بنا؟
كان سؤالها يا عائشة في تضرع ولوعة ورغبة شديدة لمعرفة الجواب بدرجة اثرت بي بحيث رأيت في ثوان قليلة سلسلة فكرية متصلة، قد تصلح ان تكون الحوارية الفلسفية التي طالبنا بها دكتور عبد الكريم.. ثم صمتت قليلا وقالت: ليس الامر اني اهتم لهذه الدرجة بسبب تكليف الدكتور، بل لاني بالفعل شعرت بشيء ذي معنى حقيقي خلال تأملي ذاك.
قالت عائشة: لقد اثرت اهتمامي، حسنا، ما فكرتك؟ وكيف ستكون هذه الحوارية الفلسفية؟
قالت زينب بلهفة: حسنا اسمعي.
* * *
بعد يومين وفي قاعة المحاضرات، كانت زينب وعائشة من ضمن الطلبة الذين رفعوا ايديهم لتقديم حواريتاهم الفلسفية امام الطلبة.. وبعد ان تجاوزهما الدكتور – من غير عمد – مرتين، جاء دورهما .. صعدتا على المنصة قرب منضدة المحاضر .. وقفتا واحدة مقابل الاخرى وبدأتا بالحوار..
عائشة: الى متى يا زينب نبقى بهذا الحال، لا كهرباء لا اعمال لا حقوق لا خدمات ؟
زينب : لا اعلم الى متى، ولكن ليس هذا ما يهمني الان؟
عائشة: وهل هناك شيء اكثر اهمية من هذا ؟ نكاد ننسى اننا نحيا في القرن الحادي والعشرين بسبب الحر واختناقات المرور والعنف والمهاترات الكلامية بين الساسة ؟ هل هناك اهم من هذا يا زينب؟
زينب: لا و نعم.
عائشة : ماذا تقصدين بـ لا و نعم
زينب: يا عائشة، ليس هناك اهم من هذا الهم الذي وضعونا فيه، لقد نجحوا بالفعل في تجريدنا من جانب كبير من انسانيتنا حتى بتنا وكأن لسان حالنا يقول: بالخبز وحده يحيا الانسان، ولكن السؤال الذي يشغلني ليس الى متى بل لماذا يفعلون ذلك؟
عائشة: ماذا تقصدين؟
زينب: انا حائرة، لقد كانوا معارضة، وعاشوا عقودا في الخارج يتنقلون ما بين الدول الغربية، ورأوا كيف بنت الامم المعاصرة حضاراتها .. رأوا كيف نجحت الامم المتقدمة في احتواء التعدد الديني والطائفي والحزبي والقومي .. رأوا كيف تحترم الحكومات شعوبها .. ورأوا اشياء كثيرة متحضرة. فلماذا عندما اصبحت السلطة بأيديهم نسوا كل ذلك وعادوا الى سيرة الجاهلية الأولى ..
عائشة وقد بدا عليها انها دخلت في فضاء زينب الفكري وكأنها تشهد معها الصور ذاتها: تسألين لماذا يفعلون بنا ذلك؟
لعل السؤال الاهم يا زينب هو : لماذا اخترناهم اصلا، لماذا جددنا لهم الولاية علينا مرة واثنتين وثلاثة ، ولا شك اننا سنجددها لهم رابعة وخامسة وسادسة .. لماذا نحن نفعل ذلك بأنفسنا يا زينب؟ لماذا نجدد لهم الولاية على حريتنا وكرامتنا وحقوقنا واحلامنا .. لماذا ؟
زينب: أو لعل السؤال الأهم هو : لماذا لا نستطيع اختراق الاجندات الموروثة والأيدولوجيات المستوردة ..
عائشة: معك حق، فهناك عدم قدرة على التحرر في اتخاذ قرار حر في بلد كل يدعي فيه أنه حر.
زينب : هل تعتقدين ان دكتور عبد الكريم سيعجب بهذه اللماذات ام سيعتبرها مخالفة لقانون حرية التعبير عن الرأي ويشي بنا الى اقرب ميليشيا تلبس الزي الرسمي لتحمي نفسها منا؟
ضحكت عائشة وقالت: لا لا لن يفعل لا تخافي فدكتور عبد الكريم استاذ اصيل، جذوره ضاربة في اعماق الارض ولا يزال شامخا رغم الاعاصير كجذوع النخيل.
صفق الدكتور عبد الكريم لهما وصفقت معه قاعة المحاضرات بأجمعها وقد تأثر بحديثهما الجميع .
النهاية
ـــــــــــ
(1) زكي ابراهيم – مشكلة الفلسفة.



#نضال_فاضل_كاني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا اكتشفت عنواني الذهبي - قصة قصيرة
- هل مزقت الجمعة خيوط العنكبوت؟
- إمي .. هل نحن سُنّة أم شيعة ؟ - قصة قصيرة
- المقدس - قصة قصيرة
- صرير الباب
- طيور الحقيقة - قصة قصيرة
- هل يمكن ان يستعمر التصوف العقل؟
- الخلود بين عقلنة الفلاسفة وروحنة أهل الطريقة
- الثورات الشعبية واضمار الثقوب السوداء
- لان هناك عقولا تطرح أفكار التقسيم
- حين يشهد المثلث ان اضلاعه نقطة واحدة
- لماذا تخلى سندباد عن خارطة الكنز ؟..
- الرقص قرب شجرة آدم - ج1
- الواقفون خلف أسوار الأنا
- لهذا تبدل الأفعى جلدها
- ربما تكون الفنتازيا قمة الهرم
- حي على الانقلاب
- هل للخيال صورة في المرآة ؟
- فوبيا المستقبل .. والمنفذ الروحي للضوء في آخر النفق
- وفجأة ظهر الشبح وكأنه القمر


المزيد.....




- كاميرا مراقبة تظهر ما فعله رجل يواجه تهمة -محاولة اختطاف طفل ...
- ترامب يعلن عن نية لتخفيف الرسوم الجمركية على البضائع الصينية ...
- السودان.. مقتل 3 أطباء على الأقل في أعقاب سيطرة -الدعم السري ...
- -البديل الألماني- يعتزم اللجوء إلى القضاء بعد تصنيفه كيانا م ...
- اتفاق تاريخي بين مصر ومجموعة موانئ أبو ظبي لإنشاء منطقة صناع ...
- ألمانيا تعيد السماح للسوريين بعرض أسباب اللجوء وتبقي على تعل ...
- ماذا تقول الأرشيفات السوفيتية عن صراع الاستخبارات العالمية ف ...
- الإعلام العراقية توقف برنامجا شهيرا وتمنع إعلاميا من الظهور ...
- خبير فنلندي يتحدث عن -الوسيلة الوحيدة- لمنع نشوب حرب عالمية ...
- لافروف يؤكد لنظيره الباكستاني استعداد موسكو للمساعدة في تسوي ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نضال فاضل كاني - لماذات زينب وعائشة..!! - قصة قصيرة