أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - الشاويش صالح: الى الخلف دُرْ!















المزيد.....

الشاويش صالح: الى الخلف دُرْ!


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3321 - 2011 / 3 / 30 - 07:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" الشاويش صالح" ليس لقباً من عندي للرئيس اليمني علي عبد الله صالح. وإنما هي صفة أطلقها عليه المفكر والسياسي السوداني حسن الترابي - فكَّ الله أسره- . فالترابي لا يكن احتراماً لمعظم الحكام الدكتاتوريين العسكر في العالم العربي. وهو الذي نال منهم كل مكروه، سجناً، وإقصاءً، ونكراناً.
الثورة اليمنية الثانية 2011
تذكرت هذه الصفة - الشاويش صالح- التي أطلقها الترابي على الرئيس صالح، في وقت تتصاعد فيه الانتفاضة اليمنية، وتكاد ترقى في أهميتها إلى ثورة الجمهوريين عام 1962 ضد المتوكلية اليمنية، والإطاحة بآل حميد الدين. ففي اليمن الآن ثورة شعبية، لا يريد الرئيس صالح أن يعترف بها ويخضع لمطالبها المشروعة، كما لم يعترف بها من قبل زين العابدين بن علي في تونس، ومبارك في مصر، والقذافي في ليبيا.. والحبل على الجرّار كما يقولون. ففي اليمن انتفاضة شعبية، تحولت إلى ثورة ترفض كل تنازلات الرئيس صالح، فهي ضده وضد حكمه، الذي امتد حتى الآن أكثر من ثلاثين سنة منذ 1978، وانتهت صلاحية حكمه، كما تنتهي صلاحية علبة (حليب الأطفال)، ولا تعود تصلح إلا للرمي.
فهل لا يحق للشعب اليمني الذي ثار على الإمامية المتوكلية الجاهلية (جهالة القرن العشرين) عام 1962 أن يثور على الرئيس الآن، ولأسباب مختلفة، لا علاقة لها بالثورة على الإمام يحيى حميد الدين (1869- 1948) الذي اغتيل في الانقلاب الدستوري الفاشل عام 1948، بعد أن حكم اليمن حكماً قروسطياً طيلة 45 عاماً من الظلام والظلامية، والتخلف والأصولية الدينية المتشددة جداً، ثم ورث الحكم من بعده الإمام أحمد ثم الإمام البدر (آخر حكام المملكة المتوكلية اليمنية) الذي أطاحت به ثورة سبتمبر 1962، بعد حكم لم يدم غير ثمانية أيام، وحارب الثوار لمدة سبع سنوات لاستعادة عرش المتوكلية. وهو يذكرنا الآن بما يفعله القذافي في ليبيا مع ابنه سيف الإسلام؟ (وكان في اليمن من آل حميد الدين الذين ينسبون كذباً إلى آل البيت، الكثير من سيوف الإسلام الكاذبة، من أبنائهم، كما هو الحال في ليبيا الآن.)
نعم، يحق للشعب اليمني الثورة على حكم الرئيس علي عبد الله صالح، بعد أن ارتكب عدة أخطاء مميتة، مقلداً الكثير من الحكام العسكريين الدكتاتوريين في تونس، وليبيا، ومصر، والعراق، وسوريا، في الطمع بالحكم عقوداً بعد عقود، وبنية توريث الأبناء الحكم.

اليمن : من القرون الوسطى إلى عصر العولمة
لم يكن في العالم العربي بلداً متخلفاً تخلفاً قروسطياً كاليمن. فالدولة، والمجتمع، والمدينة، والقرية، والحاضرة، والأرياف، والجبال، والوديان، ومتعاطو القات وغير المتعاطين، الإمام في المملكة المتوكلية، والرعية.. كل هؤلاء كانوا يعيشون في القرن العشرين في القرون الوسطى حياةً، ومأكلاً، ومشرباً، وفكراً، وديناً، وقاتاً.
وما زال في الشعب اليمني حتى الآن، ثمانين بالمائة من السلفيين المتشددين، ذوي الأوداج المنفوخة بالقات (تنفق اليمن على زراعة وشراء القات أكثر من 2 مليار دولار سنوياً). وما زالت الأميّة منتشرة في اليمن بنسبة أكثر 60% (ما عدا الجنوب الذي قضى على الأمية قبل الوحدة). والبطالة بنسبة 50%. وما زالت المرأة اليمنية في سجنها الاجتماعي، والثقافي، والسياسي.
وكان على الرئيس صالح أن ينقل هذا اليمن التعيس.. اليمن "السعيد" كذباً، إلى اليمن في القرن العشرين في سنوات محدودة. ولكنه لم يفعل، لأن ذلك كان أكبر من طاقاته كسياسي، وأكبر من إمكاناته في بلد عسير، وفقير، ومتخلف كاليمن .
فكان على الرئيس صالح – وهو ليس عالم فضاء - أن يضع هذا اليمن في كبسولة فضائية، ويطلقه في فضاء التنمية والتغيير، خمسة أو ستة قرون زمنية. ولكنه لم يفعل، فتلك كانت أقرب إلى المعجزة، في زمن لا معجزات فيه.

الفرصة الضائعة
كان على الرئيس صالح أن ينهي حكمه عام 2006 ،عندما قرر في ذلك العام رفضه لترشيح نفسه لولاية رئاسية جديدة، وليرحل رئيساً مكرماً، وبطلاً من أبطال اليمن، الذين وحدوا شماله مع جنوبه في وحدة سياسية هي النادرة في العالم العربي، بعد الوحدة السورية – المصرية 1959 التي لم تدم غير بضع سنوات، انهارت بعدها عام 1961.
ففي عام 2006 ، رجع الرئيس صالح إلى رشده لساعات معدودات فقط، وتخلّص من عقدة الرئيس الأبدي، والرئيس المورِّث، والرئيس المقلِّد للدكتاتوريين العسكريين الآخرين. وأعلن أنه لن يترشح لانتخابات الرئاسة في 2006. ولكن بعد يوم واحد، وفي 24/6/2006 تراجع صالح عن قراره، بعدم ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة "بناءً على طلب الجماهير، ونزولاً عند رغبة الشعب"، كما قال. وبذا، صدقت رؤية المعارضة اليمنية، من أن ما قاله، وما أعلنه الرئيس اليمني، كان مسرحية سياسية، ومسرحية سياسية هزلية مقرفة، ضحك بها الرئيس اليمني على الجميع.
تاكسي الأجرة
وبذلك رضي الرئيس صالح لنفسه أن يكون تاكسي أجرة، يستأجره "حزب المؤتمر الشعبي العام"، الحاكم أو القوى السياسية، لإيصالها من المحطة إلى الفنادق على حد قوله، وتعبيره. ورضي الرئيس صالح أن يكون مظلةً لفساد حزب سياسي، أو قوى سياسية، كما قال حرفياً في خطابه في ذلك الوقت.

هكذا تفعل الشعبوية بالحكام
وهكذا، استجاب صالح عام 2006، لعواطف الشارع اليمني الخادعة، كما استجاب عبد الناصر لعواطف الشارع المصري الخادعة، بعد هزيمة 1967.
كنا نريد من الرئيس صالح، أن يكون صلباً أمام عواطف الشارع اليمني، ويضرب مثلاً حياً للزعماء اليمنيين الذين سيحكمون بعده، وكذلك للزعماء العرب المتمسكين بكراسيهم وعروشهم، لأسباب كثيرة منها – كما يقول إعلامهم - لمنع انتشار الفوضى في بلدانهم، بعد أن يبتعدوا عن الحكم، ومنها أن الجماهير المخلصة تريدهم، ومنها أن الوطن يعدّهم من الآباء المؤسسين، ومنها أن الله خلقهم وكسر القالب بعدهم. فلا يوجد في البلاد التي تعدادها أكثر من سبعين مليوناً مثلاً، غيرهم يستأهل الحكم، ويقدر على مشقاته، حتى أن بعض الحكام في العالم العربي، الذي أمضوا في الحكم عشرات السنين، لم يكن لهم نواب يتولون الحكم من بعدهم.

نهاية أصحاب المزارع والعِزَب
كنا لا نريد للرئيس صالح أن يسير على طريق الأصحاب والأحباب، من الحكام العرب المعاصرين والمناضلين، الذين استولوا على الأوطان وما عليها من أنعام بـ (الأونطة)، والحيلة، والاستلاب، وحوّلوها إلى مزارع وعِزَب لهم ولأبنائهم، من بعدهم. لذا، فخطوة الرئيس اليمني (بعدم الترشّح) لم تكن بالخطوة الحكيمة - في ذلك الوقت - في رأي كل الحكام العسكريين الانقلابيين العرب، لأنها تكسر القاعدة، وتحرم أصحاب المزارع والعِزَب من استمرار امتلاكهم، هم وأولادهم، للوطن وما عليه من أنعام. فقد ناشد القذافي – وقتها - صالحاً "النزول عند رغبة الشعب اليمني، وإعادة ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية القادمة".
ولم يتذكر صالح - وقتها - جورج واشنطن مؤسس الولايات المتحدة الأمريكية، وبطل الاستقلال، الذي أصرَّ عليه مواطنوه أن يكون رئيساً مدى الحياة بعد ولايته الثانية، أو أن يحكم على الأقل ولاية ثالثة وفاءً له، واعتزازاً بانجازاته التاريخية، باعتباره بطل الاستقلال، والأب الروحي للشعب الأمريكي، ولكنه رفض ذلك رفضاً باتاً، وعارض عواطف شعبه، ورغبات والتماسات الكونجرس الأمريكي، لكي لا يكون سابقة سياسية سيئة، ومثالاً يُحتذى في المستقبل لمن سيأتي بعده من الرؤساء، ولم يرقَّ قلبه لكل هؤلاء، لأنه حرص على مستقبل أمريكا، أكثر من حرصه على كرسي الحكم.
فهؤلاء هم العظماء في التاريخ البشري.
أما الحكام الدكتاتوريين الأبديين، فهم عظام التاريخ المنخورة.

من باب العزيزية إلى مأرب: إلى الخلف دُرْ!
نشهد الآن حصار الدكتاتورية – بشتى مظاهرها وأشكالها - في كل مكان الآن في العالم العربي. ويمكن للباحث والمحلل السياسي أن يتحدث عن "الثورة العربية" و "الصحوة العربية" و "النهضة العربية" السياسية والاجتماعية في كل مكان من العالم العربي. والدكتاتوريون العقلاء (يأخذونها من قصيرها) كما يقال، ويتنحّون. بل هم يسارعون إلى التنحّي قبل إراقة مزيد من الدماء، كما فعل ابن علي، ومبارك. أما الدكتاتوريون - فكعادتهم – يتمسكون بالسلطة، ويدعون الفرصة لمجلس الأمن، لكي يُشهر في وجوههم العصا الغليظة، والصاروخ الفاتك، ويحرِّك قوات الأحلاف العسكرية المجهزة بأسلحة فتاكة، لكي يدمر مقارهم وحصونهم العنكبوتية، بعد أن ثبت لشعوبهم بأنهم نمور من ورق، وأن خوف الشعوب منهم كان وهماً وخرافةً. وأن سكوت شعوبهم عليهم طوال هذه السنوات الطوال لم يكن خضوعاً للطغيان ولكن عدم قدرتهم على دفع ثمن الحرية الغالي، كما يقول الفيلسوف الفرنسي آتيين دي لابويسيه( 1530-1563) في مقالته الشهيرة "العبودية المختارة" من أن "الخضوع للطغيان لا يعني انعدام إرادة الحرية، بل الإحجام عن دفع ثمنها."
فهل كان ثمن الحرية في ليبيا واليمن غالياً – كما نرى الآن - إلى الحد الذي لم يقدر الشعبان الليبي واليمني على دفعه طيلة العقود الماضية، وأصبحا الآن قادرين على ذلك، ويقولان لحكامهما:
إلى الخلف دُر؟!



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا -بيضة قبّان- الثورة العربية
- لا هوان لمصر في يوم الامتحان
- لماذا يتعفف الإخوان حتى الآن عن الحكم؟
- نيرون الألفية الثالثة يتحدى العالم!
- مقتل الثورة الليبية في البيت الأبيض
- شاكر النابلسي في حوار مفتوح حول: انفجار البراكين العربية
- عن جذور التنوير الفكري والديمقراطية
- عودة الروح للعرب بعد غياب طويل
- ما تكوين عقل شباب 25 يناير؟
- مصر: ثورة أم انقلاب عسكري؟
- ما تكوين عقل الانتفاضة التونسية؟
- الإخوان: من مجلس الشعب الى ميدان التحرير
- العقلانية والخرافة في الفكر السياسي العربي
- مبارك يدفع ثمن ديمقراطيته غالياً
- مخاوف من تدمير تراث بورقيبة
- هؤلاء هم أعداء ثورة بورقيبة
- مخاطر وسلبيات الهيجان الشعبي
- ثورة تونس الخضراء
- أحفاد بورقيبة ينتفضون
- دحر الإرهاب وتراجع تسييس الدين


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - الشاويش صالح: الى الخلف دُرْ!