أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - شاكر النابلسي - العقلانية والخرافة في الفكر السياسي العربي














المزيد.....

العقلانية والخرافة في الفكر السياسي العربي


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3270 - 2011 / 2 / 7 - 20:38
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


-1-
ليست العقلانية المطلقة دليل الصواب والصلاح. فالعقل الأيديولوجي – على سبيل المثال – عبارة عن أداة لتحقيق مآرب وأغراض سياسية واجتماعية. وفي هذا يقول الفيلسوف الألماني ماكس هوركايمر في كتابه (كسوف العقل Eclipse De La Raison ) عن العقل الأيديولوجي الذي فقد استقلاله بعد أن التهمه الوحش الأيديولوجي "أصبح خاضعاً للمسار الاجتماعي. فلم يعد هناك سوى مقياس وحيد لقياس قيمة العقل وهو قيمته الإجرائية ودوره في السيطرة على البشر والطبيعة."
ولكن الأخطر من هذا عندما يختفي دور العقل نهائياً، وتفرغ ساحة الحياة من العقل، وتحلُّ محلَّه الخرافة، وخاصة الخرافة الأيديولوجية كذلك، سواء كانت سياسية، أو اجتماعية، أو دينية. وقد تنبه هوركايمر إلى هذه النقطة المهمة في الكتاب الذي نشره مع الفيلسوف الألماني الآخر أدورنو بعنوان (جدلية العقل المستنيرAufklarung (. واستطاع هذان الفيلسوفان أن يميزا بين العقل المستغل من قبل الإيديولوجيا بحيث يتحول إلى أسطورة في النهاية، ويقع فريسة للتلاعبات الأيديولوجية وللنزعات الفكرية المانوية كما يقول الفيلسوف الإيراني شايغان. وهو ما تم في عصر الأنوار الأوروبي حين انحطَّ العقل إلى مستوى الخرافة والذهان الهذائي Paranoia. وقد شاهدنا في العالم العربي هذه الأيام مدى تسلّط الإيديولوجيا الدينية التي لعبت دوراص كبيراص في قيام موجات الإرهاب. إذ كانت تعني الإيديولوجيا الدينية : مجاهدين + أفكار الجهاد + الفعل الإرهابي. في حين أن الإسلام كان يعني عقيدة، وتعاليم روحية، وشعائر. وكما يقول شايغان فإن الثقافة الإسلامية تقتصر على تكوين رجال دين ودعاة وهداة. في حين أن الإيديولوجيا الدينية تقوم بتربية وتنشئة ارهابيين دينيين لا علماء ولا أساتذة جامعيين، ولا مخترعين مبدعين. وهو المطب السحيق الذي وقع فيه المفكر السياسي/الديني الإيراني الراحل علي شريعتي (1933-1977) (الأب الروحي للثورة الخمينية).
-2-
إذن، من السهل أن يتحول العقل إلى خرافة أو أسطورة، أو خرافة اسطورية، كما حصل في جانب من عصر الأنوار نتيجة للمبالغة في استعمال العقل من قبل بعض المفكرين وعلى رأسهم كانط. ولكن ذلك لم يحدث لدينا نحن العرب في العصر الحديث. حيث تم اغتيال العقل كما قال المفكر السوري/الفرنسي برهان غليون، وسيطرت الخرافةFable وليس الأسطورة Myth على الحياة العربية وخاصة الناحية السياسية وما زالت حتى الآن. والفرق بين الخرافة والأسطورة. أن الخرافة لا عمق فلسفياً لها، وليست صالحة لكل زمان ومكان، كما هو الحال لدى الأسطورة. لذا فقد عاشت الأساطير اليونانية القديمة حتى وقتنا الحاضر وما زلنا نستعملها في الأدب وخاصة في الشعر والمسرح والرواية. ولعل العالم العربي لم يشهد في تاريخه الطويل خرافات سياسية كما شهد في العصر، لكثرة كوارثه ونوازله. فكلما كثرت نوازال وكوارث أمة متخلفة زاد انتشار الخرافات في مجتمعاتها.
-3-
لقد نقل إلينا من أرخوا للمجتمع العسكري شواهد كثيرة على انتشار السحر والخرافة والشعوذة في المجتمع العسكري المصري. فكلنا يذكر خرافة ظهور السيدة العذراء في كنيسة «الزيتون»، في القاهرة في العام 1968 على إثر هزيمة 1967، وكيف أن السيدة العذراء هي التي ستحرر القدس، وتعيد سيناء. وكيف تولَّت جريدة "الأهرام"، في ذلك الوقت الترويج الإعلامي الواسع لهذه الخرافة، ونشرت صوراً للسيدة العذراء، تظهر بكاملها على سحاب ناصع البياض، أو بشكل نور يسبقه انطلاق أشكال روحانية تشبه الحمام. وكيف أن عدداً من أساتذة الجامعة تصدوا لعلمنة هذه الحادثة. وقام رجال دين ومفكرون وعلماء بكتابة مقالات علمية، لإثبات هذه الحادثة وتعليلها. وذلك كله، نتيجة لخيبة الأمل والهزيمة التي حلت بالأمة العربية في العام 1967 وكذلك القصة التي روتها فتاة مصرية، تقول فيها أن العذراء قد أجرت لها عملية جراحية ناجحة. وقد قامت مجلة "روز اليوسف" بالترويج لهذه القصة، ونشر تفاصيلها. وكان ذلك كله، بوحي من السلطة الحاكمة لتخدير الشارع المهزوم والمجروح في كبريائه القومية والوطنية، كما قلنا في مقالات سابقة، هنا على صفحات الوطن.
كذلك، نذكر الفضيحة التي نشرتها جريدة "الأهرام"، في العام 1971 حول اشتغال رجال القمة السياسيين المصريين، من كبار معاوني عبدالناصر بتحضير الأرواح، ومنهم وزير الحربية الفريق أول محمد فوزي، وسامي شرف، سكرتير الرئيس عبدالناصر للمعلومات، وشعراوي جمعة وزير الداخلية. وكل هؤلاء من العسكريين. وكان الوسيط بين هؤلاء وبين الأرواح المزعومة أستاذاً جامعياً. وحسب الرواية، فإن هؤلاء كانوا يقومون بسؤال "الجان" للحصول على إجابات تتعلق بالوضع العسكري والسياسي!
كذلك، انشغال كثير من الكتاب والصحفيين المصريين بمسألة تحضير الأرواح وعلى رأسهم أنيس منصور. كما قام الكاتب المصري الآخر مصطفى محمود بالدور نفسه. وقد نشر أنيس منصور أن السفير المصري في جاكرتا وطاقم السفارة هناك، كانوا يقومون بتحضير الأرواح بالسلة.
-4-
المفكر العراقي وعالم الاجتماع فالح عبد الجبار، في كتابه (معالم العقلانية والخرافة في الفكر السياسي العربي) يؤكد أن الإسلام كثيراً ما امتطي واستخدم كأيديولوجيا بديلة عن الإيديولوجيا القومية كسبيل إلى تحقيق أهداف ومآرب سياسية مختلفة، وذلك على غرار ما تمَّ استعمال الخرافة في الستينات من القرن الماضي كما قرأنا قبل قليل. فيذكر عبد الجبار كيف استبدل صدام حسين شعار "البعثي يتقدم" بشعار "المؤمن يتقدم" وهو ما اصطُلح عليه بـ "التدين الشعبي" الذي شرحته وافراً، الباحثة التونسية زهيّة جويرو في كتابها (الإسلام الشعبي).



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مبارك يدفع ثمن ديمقراطيته غالياً
- مخاوف من تدمير تراث بورقيبة
- هؤلاء هم أعداء ثورة بورقيبة
- مخاطر وسلبيات الهيجان الشعبي
- ثورة تونس الخضراء
- أحفاد بورقيبة ينتفضون
- دحر الإرهاب وتراجع تسييس الدين
- العراق بين حزب الدعوة وحزب البعث
- تقدم الليبرالية الإسلامية في الخليج
- من ثقافة الذاكرة الى ثقافة الإبداع
- العَلْمانية لشفاء العراق من أمراضه المزمنة
- لا ليبرالية دون سلطان
- هل العرب آخر الإرهابيين؟
- الحرب التي لم تكتمل: الديمقراطية في العراق
- لا شمس تشرق على الجزيرة العربية كل يوم!
- ما حاجة العراق لعقد مؤتمر قمة عربي في بغداد؟
- ضرورة الحل السياسي للقضايا الثقافية
- نسخة جديدة من (طالبان) في العراق
- بين الدين والتنوير والحرية
- أسباب وتداعيات سقوط -الإخوان- في الانتخابات


المزيد.....




- -انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا ...
- لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
- ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة- ...
- أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال ...
- سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها ...
- مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو ...
- مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا ...
- علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
- إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
- مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - شاكر النابلسي - العقلانية والخرافة في الفكر السياسي العربي