أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر النابلسي - العَلْمانية لشفاء العراق من أمراضه المزمنة















المزيد.....

العَلْمانية لشفاء العراق من أمراضه المزمنة


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3238 - 2011 / 1 / 6 - 18:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العَلْمانية لشفاء العراق من أمراضه المزمنة
شاكر النابلسي

-1-

أساء معظمنا فهم العَلْمانية. واعتبر الأصوليون الدينيون أن العَلْمانية هي إنكار الدين وإنكار العقيدة الدينية التي جاءت بها مختلف الأديان. فلم يتم التفريق مثلاً بين العَلْمانية الفرنسية الملحدة وبين العَلْمانية الأمريكية المؤمنة، والتي دُهش لها الفيلسوف السياسي الفرنسي دو توكفيل Tocqueville صاحب الكتاب الشهير (الديمقراطية الأمريكية) عندما قال في كتابه هذا، عن ظاهرة الدين والتديّن الأمريكي، قياساً على موجات الإلحاد المتتابعة في فرنسا، والتي قامت العَلْمانية الفرنسية على أساسها، على عكس العَلْمانية الأمريكية التي تفصل الدين عن الدولة، ولكنها لا تفصل الدين عن المجتمع: "إن فلاسفة فرنسا اعتقدوا أن الحماسة الدينية ستخمد عندما تزيد الحرية ويزداد التنوير. وشرح توكفيل هذه المسألة بصرامة أكثر في خطابه إلى صديقه دو كيرغورلاي حيث يقول كما جاء في كتابه (الديمقراطية الأمريكية) من أن "الحرية السياسية بوصفها مبدأ عاماً تزيد الشعور الديني، بدلاً من أن تجعله يتضاءل وينقص."(ص282).

وكان ذهول توكفيل عند وصوله إلى أمريكا كبيراً، عندما أيقن طبيعة أمريكا الدينية، حيث يقول في كتابه المذكور: "لقد رأيت في فرنسا روح الدين وروح الحرية تتحركان باستمرار في الأغلب باتجاهات متعارضة. أما في أمريكا فقد وجدتهما متحدتين كل منهما مع الأخرى بصورة وثيقة. ففي البلد الذي يكون فيه الدين مؤثراً، وذا نفوذ كبير، يكون هو البلد المستنير، والأكثر حرية." (ص278).

وتقول الباحثة الأمريكية غيرترود هيمل فارب Himmelfarb أستاذة التاريخ في كلية الدراسات العليا في جامعة نيويورك، وزميل الأكاديمية البريطانية والجمعية الفلسفية الأمريكية، في كتابها "الطرق إلى الحداثة"، الذي يبحث في تاريخ التنوير البريطاني والفرنسي والأمريكي، وهي الطرق الثلاثة التي قادت إلى الحداثة في الغرب: "إن أمريكا شهدت ثورتين: الأولى روحية، جعلت من المجتمع الأمريكي ديني النزعة. والثورة الثانية سياسية، جعلت من أمريكا جمهورية ديمقراطيةً."

-2-

أمريكا قلعة الرأسمالية في الغرب، ولكنها تأسست في البداية على أسس دينية توحيدية. فصحيح أن الحرية – كما تقول الباحثة هيمل فارب – كانت قوة التنوير الأمريكي الدافعة، ولكن هذه الحرية بُنيت على أسس دينية أيضاً. وكما قال بنيامين رش Rush (رائد حركة الإصلاح في أمريكا) فإن "الحرية من دون فضيلة، لن تكون نعمة بالنسبة إلينا." كما يرى بنيامين رش "أن التربية وليست الحكومة هي الأداة الملائمة لانتشار الفضيلة. وهي تربية تمتد بجذورها في الدين. وأن الأساس الوحيد لتربية مفيدة ونافعة، يجب أن يُدَّخر في الدين. فمن دون الدين لا يمكن أن تكون هناك فضيلة. ومن دون فضيلة لا يمكن أن تكون هناك حرية."

فالمؤسسون لأمريكا لم ينظروا إلى ما يمكن أن يحققوه من أجل زمانهم وجيلهم. ولكنهم نظروا إلى مستقبل لا حدود له، وإلى عدد لا يحصى من الأجيال المستقبلية. مما يعني أن إقامة الوحدة الأمريكية تمت بعد تفكير عميق وطويل وبناء استطاع – كما أثبت الزمن حتى الآن – أن يقاوم كل التقلبات السياسية الدولية الداخلية منها والخارجية.

ويعتبر بنيامين فرانكلين (1706-1790) من جيل الآباء الذين أسسوا أمريكا على أسس الدين والتقوى. فهو المؤسس الذي أراد أن يُذكر الله عز وجل في الدستور الأمريكي، وهو الذي اقترح أن تبدأ أعمال المؤتمر بصلاة يومية، رغم أنه كان أقل المؤسسين تديناً.

-3-

نريد أن نؤكد من خلال هذا الاستعراض للديمقراطية والتديّن الأمريكي، أننا كنا نأمل أن يتمَّ في العراق ما تمَّ في أمريكا، وهو ما عبَّر عنه سمير الخليل (كنعان مكيّة) في كتابه (الحرب التي لم تكتمل: الديمقراطية في العراق ومسئولية التحالف) التي استعرضنا بعض جوانبه في مقالنا السابق. وقد اعتبر مكيّة أن مسئولية الديمقراطية في العراق هي مسئولية التحالف، الذي شن حرباً على العراق. فمسئولية التحالف ليست الإطاحة بالنظام الدكتاتوري السابق، ولكن مهمته أيضاً أن يبني الديمقراطية في العراق، والتي لا تُبنى إلا بانتهاج النهج العَلْماني الذي تحدث عنه السياسي العَلْماني إياد علاوي، الذي استبعدته إيران (حاملة المفاتيح العراقية) واختارت المالكي ونهجه، من خلال "حزب الدعوة" الديني لحكم العراق خمس سنوات أخرى، بعد أن تمِّ حكم العراق على هذا النحو ست سنوات ماضية برئاسة إبراهيم الجعفري (2004-2005)، وخمس سنوات برئاسة المالكي (2005-2010). ثم ها هو المالكي من خلال "حزب الدعوة" سيحكم العراق خمس سنوات أخرى (2010-2015). وبذا يكون حزب الدعوة الديني قد حكم العراق 11 سنة. وكانت الخطورة العظمى في هذا الحكم انتشار الطائفية والمحاصصة الطائفية كما أشرنا في مقال سابق. وهو ما تمَّت تنميته وتعميقه زيادة على ما كان عليه الحال في عهد الدكتاتور السابق، حين اختفى في ذلك العهد المجتمع المدني، وقام المجتمع البوليسي الصارم، و"حيث بدأ الناس بالرجوع إلى تجمعات أصولهم، التي انحدروا منها، والتي أصبحت تمثل شكلاً من أشكال الدفاع الذاتي أمام البعثية التي تحيط بهم من كل جانب وتخنقهم. فالسلوكيات العامة الوحيدة التي يعيها العراقيون اليوم هي ما زرعها النظام الدكتاتوري السابق."("الحرب التي لم تكتمل"، ص 54-55).

-4-

يؤكد مكيّة في كتابه أن العَلْمانية في العراق ليست مجرد رغبة، بل هي مبدأ أساسي، مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحفاظ على الحياة الإنسانية، وعلى العراق كوحدة متماسكة. وأن مسئولية أمريكا في هذه الحالة كانت تنحصر في التالي:

- فصل الدين عن الدولة وليس عن المجتمع، كما تمَّ في أمريكا، منذ القرن الثامن عشر.

- تأمين الحدود العراقية كافة، لمنع دخول الإرهابيين. ولكن ذلك لم يحصل، فبقيت القوات الأمريكية في داخل المدن العراقية.

- عدم بناء جيش جديد بدل الجيش المُدمَّر عام 1991 وعام 2003. وتحويل عائدات النفط إلى إعمار البلاد التي دمرتها حرب 1991 وغزو 2003.

- ضبط الفساد المالي والإداري بالقوة والعلم والتكنولوجيا الحديثة، لكي لا يتحول العراق إلى أكبر مثال للفساد في التاريخ البشري، كما قالت "منظمة الشفافية الدولية" في أحد تقاريرها.

- عدم السماح للأحزاب الدينية وعلى رأسها "حزب الدعوة" بممارسة النشاط السياسي، لكي لا يتعمق الاصطفاف الطائفي والمحاصصة الطائفية، كما هو قائم منذ 2004 إلى الآن. فلا يهم الناس الأساطير الدينية والقومية بقدر ما يهمهم مستقبل أبنائهم.

- تعميق فكر التسامح الديني والسياسي، وإعادة بناء المجتمع المدني، الذي قوضه العهد الدكتاتوري السابق.





#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا ليبرالية دون سلطان
- هل العرب آخر الإرهابيين؟
- الحرب التي لم تكتمل: الديمقراطية في العراق
- لا شمس تشرق على الجزيرة العربية كل يوم!
- ما حاجة العراق لعقد مؤتمر قمة عربي في بغداد؟
- ضرورة الحل السياسي للقضايا الثقافية
- نسخة جديدة من (طالبان) في العراق
- بين الدين والتنوير والحرية
- أسباب وتداعيات سقوط -الإخوان- في الانتخابات
- عاصفة على النيل!
- من الإرهاب المسلح الى الإرهاب الإليكتروني
- سقوط شعار -الولاء والبراء- في Starbucks
- الديمقراطية وسيلة الخروج من قضبان الإرهاب والفساد
- هل الديمقراطية عصيّة في الخليج العربي؟
- هل سنشرب دجلة أو الفرات قبل ولادة العراق الجديد؟
- أفكار الليبرالية الجديدة بعد خمس سنوات
- دعونا ننتظر ماذا سيحدث في العراق
- ضرورة تنجيد الليبرالية
- لماذا يركع -العرق الجديد- الآن تحت قدمي خامنئي؟
- لماذا نمنع المتاجرة بالشعارات الدينية؟


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر النابلسي - العَلْمانية لشفاء العراق من أمراضه المزمنة