أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - ضرورة تنجيد الليبرالية















المزيد.....

ضرورة تنجيد الليبرالية


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3187 - 2010 / 11 / 16 - 17:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-
اعتاد الأهل، قبل وجود مراتب الاسفنج، والمراتب ذات الزنبركات (السبرنجات) ومخدات الريش وغيرها من (الفرش) الحديث، أن يقوموا كل عام بدعوة المنجد لتنجيد فراشهم الذي كان غالباً من الصوف، وكذلك مقاعدهم ومساندهم، لكي تبقى طرية لينة في الجلوس عليها، ولا تسبب آلام الظهر، وتساير أعمار مستعمليها. كذلك فإن الأفكار والقيم بحاجة إلى التجدد والتنجيد من وقت لآخر، وإلا أصبحت من (كراكيب) الماضي، لا تصلح للاستعمال، وخارجة من العصر، وحلّت محلها أفكار وقيم جديدة. وقد شهدنا الكثير من الدعوات الدينية والمدنية، التي تنادي وتقوم بالتجديد والتنجيد للفكر والأيديولوجيا الدينية والمدنية، لكي لا يصبح هذا الفكر، وهذه الإيديولوجيا من صخور الماضي، من كثرة ما تراكم عليها من غبار الأزمنة، وبالتالي أصبحت زحزحتها عسيرة وتفكيكها صعب، والحفر فيها من المشقات. وكانوا يقولون أن كل شيء يتغير في هذا العالم ما عدا الحجر. ولكن الحجر يتغير أيضاً بفعل التغيرات الطبيعية من حرارة وبرودة ورطوبة.
-2-
ما أخبار الليبرالية الجديدة.. والليبراليون الجُدد. وهي التسمية التي أطلقها عام 2004 الآخرون الحاقدون والكائدون لليبرالية العربية، لموقفها ضد الديكتاتورية، وإلى جانب الشعب العراقي في فجر تحطيم قضبان سجنه الكبير، في التاسع من نيسان/إبريل 2003، لكي يربطوا بينهم وبين المحافظين الجُدد في أمريكا. ولكن تبيّن بعد ذلك أن لا علاقة لهؤلاء بأولئك، كما بيّنا في كتابنا "الليبراليون الجُدد.. جدل فكري"، 2005؟
ما هي الأفكار الجديدة التي طرأت، ويمكن إضافتها على مسودة المانيفستو المُعلن عام 2004، (في الكتاب المذكور) باعتبار أن الليبرالية الجديدة، نهر متدفق المياه، ويأتي في كل يوم بمياه جديدة، ليسقي زروعاً جديدة ومتجددة. وليست مستنقعاً راكد المياه، عفن الطحالب، كريه الرائحة، لا يصلح إلا للردم؟
أين أصبحت إذن الليبرالية الجديدة.. وما هو موقفها من "العراق الجديد"، بعد وقعت "الطرائد الجديدة" على الفريسة النفطية ؟
وما هو موقف الليبرالية الجديدة من حزب الله، وما جرى ويجري في لبنان من قتل لزعاماته، واقتلاع لأشجاره، وحريق لغاباته؟
ولماذا تقف الليبرالية الجديدة من بعض الأنظمة العربية، التي تقود "مسيرة الإصلاح والانفتاح" موقف المشجع والدافع والمساند، لاعتبار أن كل ومضة نور في أفق الفجر العربي، إشارة إلى قرب بزوغ فجر النهضة العربية الجديدة؟
وما هو موقف الليبرالية الجديدة من السلام والمفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية؟
وأخيراً، ما هو موقف الليبرالية الجديدة من الإرهاب الديني المسلح؟
وآخراً، ما هو موقف الليبرالية الجديدة من السلفية والأصولية الدينية، التي بدأت شمسها بالأفول، وانتقلت من الهجوم إلى الدفاع، كما هو حالها الآن؟
-3-
أسئلة كثيرة.. تحتاج إلى إجابات مفصلة.
وقد رأينا أن تكون الإجابة عن كل سؤال من تلك الأسئلة، في مقال منفصل تخفيفاً على القارئ، وإتاحة الفرصة لنا لكي نوفي كل إجابة حقها.
ونبدأ اليوم بالإجابة عن السؤال الأول، وهو :
ما هي الأفكار الجديدة التي طرأت، ويمكن إضافتها على مسودة المانيفستو المعلن عام 2004، (في الكتاب المذكور) باعتبار أن الليبرالية الجديدة، نهر متدفق المياه ويأتي في كل يوم بمياه جديدة، ليسقى زروعاً جديدة ومتجددة. وليست مستنقعاً راكد المياه، عفن الطحالب، كريه الرائحة، لا يصلح إلا للردم؟
-4-
الجديد في الفكر الليبرالي العربي المعاصر، تأكيده على الثوابت، وتعميقه لمفهوم الحرية والعدالة والمساواة. وأهم هذه الثوابت:
1- المطالبة - بإصرار - بإصلاح التعليم الديني الظلامي، في ظل انتشار الإرهاب الديني، بعد أن تمَّ خطف الإسلام وتزويره، وأدلجته أدلجة دموية مسلحة.
2- الدعوة إلى محاربة الإرهاب الديني والقومي السياسي والدموي المسلح بكافة أشكاله.
3- تأكيد إخضاع المقدس والتراث والتشريع والقيم الأخلاقية للنقد العميق، وتطبيق النقد العلمي العقلاني بموجب مبدأ الجينيالوجياGenelogy الذي يتلخص بالسؤال التأويلـي (من ؟) وبالسؤال التقويمي (لماذا ؟)، وبحيث يكون النقد تأويلاً وتقويماً، لا مجرد سخرية وسباب، باعتبار إن الجينيالوجيا هي أداة وعي الحداثة، حيث يصبح النقد الحقيقي سبيلاً إلى الرشد الحقيقي.
4- اعتبار موقف الدين العدائي من الآخرين موقفاً جاء بناءً على ظروف سياسية واجتماعية معينة قبل خمسة عشر قرناً، ولم تعد هذه الظروف قائمة الآن، وانما تغيرت تغيراً كلياً. فالمصالح متغيرة، والمواقف متغيرة. والتغير هو سُنّة الحياة.
5- اعتبار الأحكام الشرعية أحكاماً وضعت لزمانها ومكانها، وليست أحكاماً عابرة للتاريخ كما يدعي بعض رجال الدين، ومثالها الأكبر حجاب المرأة، ونقاب المرأة، وميراث المرأة، وشهادة المرأة، وتولي المرأة المناصب السياسية والقضائية العليا.. الخ.
6- إن الفكر الديني، وهو الفكر الذي جاء به علماء الدين وفقهاؤه ورجاله وليس الدين الرسولي نفسه، يقف حجر عثرة أمام الفكر الحر والعلمي وتطوره.
7- لا يمكن إنتاج الحاضر بتاريخ الماضي، وإنما بتاريخ الحاضر، والمستقبل كذلك. وشرط تخطي الماضي قائم في الحاضر والمستقبل، وليس في الماضي. وخاصة ماضينا وتراثنا الثقافي الذي أقام مجزرة معرفية لنفسه بنفسه، وعادى الفلسفة بقيادة ابن تيمية والسيوطي وابن القيم الجوزية وغيرهم، وطرد العقل، واضطهد المعتزلة، وأغلق باب الاجتهاد، وحرّم علم الكلام، ونفى أصحاب المنطق، ووضع النصوص الدينية المزوّرة التي تحارب الفلسفة والحكمة وإعمال العقل (من تمنطق فقد تزندق)، وألغى العلوم الطبيعية والطب واعتبرها "علوماً دخيلة"، واستبدل بها العلوم الدينية والطب النبوي حتى أصبح النبي عليه السلام أشهر وأحذق من أبي الطب "أبوقراط"، وحرّم الموسيقا والغناء والنحت والرسم والشعر، وكافة أشكال الفنون الإنسانية الرفيعة. فكيف يمكن الاستعانة بهذا الماضي للعبور من الحاضر إلى المستقبل؟
8- إن ضعفنا، وهزالنا، وقلة معرفتنا، وعجزنا العلمي والعقلاني هو الذي يؤدي بنا إلى الاتجاه إما إلى الماضي للاستعانة به لبناء الحاضر، وهي أسوأ الخيارات، حيث لا يملك الماضي إلا ماضيه فقط الذي انتهت صلاحيته في وقت مضى، ولم يعد صالحاً للحاضر، وإما اللجوء إلى الخارج لبناء الحاضر، وهي أقل الخيارات سوءاً .
9- الإقرار بأن التاريخ محكوم بالقوانين، وليس بهوى الشعوب، ولا بخيالها، ولا بتعلقها بماضيها. ولا شعب يقدر على تشكيل التاريخ حسب رغبته بالعودة إلى الوراء، واستعادة أمجاد سالفة ومدنية وحضارة سابقة. وأن الكمال البشري كما قال قاسم أمين ليس في الماضي.
10- الإيمان بأن اغتراب العقل لا يحقق غير سيادة الهمجية، والغوغائية، والمجتمع الدموي.
11- طرح أسئلة - على كافة المستويات - لم يسبق طرحها في الماضي من قبل تنويريي القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن العشرين، بدءاً من الأفغاني وانتهاءً بطه حسين، وكسر جوزة المسكوت عنه، وتفكيك وتحليل ما بداخلها.
12- تبني الحداثة العربية تبنياً كاملاً باعتبارها هي التي تقود إلى الحرية. والتفريق بين الحداثة الغربية والحداثة العربية. فلكل أمة حداثتها الخاصة بها.
13- تحرير النفس العربية من أوهامها، ومن السحر، والتعاويذ، والشعوذة التي تحيط بها.
14- العودة إلى الذات ونقدها. والعودة إلى الوعي بالذات، لا كأفراد، ولكن كأمة. ولا يكفي أن نهزم الأساطير، ولكن علينا ملاحقة ظلالها في الكهوف أيضاً.
15- المطالبة بمساواة المرأة مع الرجل مساواة تامة في الحقوق والواجبات والعمل والتعليم والإرث والشهادة والتوظيف. وتبنّي مجلة الأحوال الشخصية التونسية التي صدرت 1957 والتي تعتبر النموذج العربي الأمثل لتحرير المرأة العربية، دون الحاجة إلى تبني قيم الغرب في تحرير المرأة، ومساواتها بالرجل.
هذه جزء من مسودة مانيفستو "الليبراليين الجُدد" المعلنة في 2004، فأين الجديد طيلة خمس سنوات ماضية؟
هناك الكثير من الجديد، ولكن المقال والمقام قد طالا، فإلى الأسبوع القادم.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يركع -العرق الجديد- الآن تحت قدمي خامنئي؟
- لماذا نمنع المتاجرة بالشعارات الدينية؟
- كلنا أرهابيون!
- ما حاجة العراق للساعدين العربي والإيراني؟
- لماذا إثار إيران بإعمار العراق؟
- استحالة قيام الدولة الدينية
- لماذا ترفض إسرائيل الآن السلام العربي
- نقد ايديولوجيا ثورة المعلومات والاتصالات
- كيف نضبط ظاهرة الشبق السياسي العربي
- لماذا منعت مصر شعار -الإسلام هو الحل-؟
- ما ثمن بقاء الزعيم على كرسيه مدى الحياة؟
- كارثة القطيعة العربية لمدنية العالم وحضارته
- لماذا كان السلام الدائم خرافةً ووهماً؟!
- أعيدوا الانتخابات لكي تحسموا الخلافات
- هل كان -العراق الجديد- أكثر خطورة على العرب من إسرائيل؟
- ايجابيات الاحتقان السياسي العراقي!
- هل أضاع العراق اللبن في الصيف كما ضيّعته دخنتوس؟
- احتمالات الحرب الأهلية في العراق
- ما هي المبررات الإرهابية لقتل العراقيين في رمضان؟
- العراق: من النزاع السلمي إلى الصراع المسلح


المزيد.....




- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - ضرورة تنجيد الليبرالية