أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - ما تكوين عقل شباب 25 يناير؟















المزيد.....

ما تكوين عقل شباب 25 يناير؟


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3286 - 2011 / 2 / 23 - 13:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



قد يكون ما حصل في مصر في 25 يناير وبعد ذلك، مفاجأة لمعظم المراقبين والمحللين، من حيث حجم، وشكل، وتفاعلات ذلك الحدث. ولكن مؤرخي الأفكار مستقبلاً، لن يستغربوا ما حدث، حين يبدأوا الحفر والبحث عن مكونات عقل شباب 25 يناير 2011. وهو عمل أشبه بعمل علماء الآثار، الذين يحفرون، وينقبون، ويبحثون، عن الدلائل المسببة للحدث التاريخي أياً كان.

طلبة التعليم القائم
تكوين عقل شباب 25 يناير، يقول لنا – مبدئياً- أن معظم هؤلاء الشباب من خريجي الجامعات المصرية، وربما نسبة قليلة جداً منهم، من خريجي جامعات غير مصرية في مصر وخارج مصر.
إذن، معظم هؤلاء الشباب قد درس في مدارس ومعاهد وجامعات مصرية، ذات المناهج التعليمية القائمة حالياً، والتي نشنُّ عليها حملات نقدية، رافضين لها، مطالبين بتغيير مناهجها، أو تعديلها.
فها هي إذن، تلك المناهج التعليمية "المغضوب عليها"، تُخرج لنا جيلاً ثورياً من الشباب، يستطيع التفكير بعناية وحكمة، ويستطيع التنظيم والحشد، ويستطيع الثورة إن أراد، ويستطيع إسقاط رأس النظام السياسي إن سعى إلى ذلك.
فلماذا إذن نطالب بتغيير المناهج التعليمية، التي أخرجت لنا هذا الجيل الثوري، الذي لم تشهد له مصر مثيلاً من قبل؟
فهل كانت مخرجات التعليم المصري الحالية، مفاجأة غير متوقعة للجميع، بعد أن طالبت أجيال مختلفة، بدءاً بطه حسين في كتابه ("مستقبل الثقافة في مصر"، 1938)؟ وفي عام 2010 جرى استفتاء، تبيّن منه، أن سبب تخلف التعليم في مصر هي المناهج الدراسية، التي حظيت بـ 40% من أسباب تخلف التعليم. ولا نريد هنا أن نستعرض المزيد من الآراء، والندوات وورش العمل، التي أقيمت خلال الستين عاماً الماضية منذ 1952 إلى الآن، والتي دللت على تخلف مناهج التعليم، وعدم قدرتها على تخريج شباب واعٍ، وبناء، ومبدع .. الخ. فإذا ما حصل في ثورة 25 يناير قد قلب كل الموازين، وغيَّر الكثير من المعادلات، واستدعي إعادة النظر في كثير مما قيل في السابق.
وإذا استنكر البعض دور مناهج التعليم المصرية، ومساهمتها في تكوين عقل شباب 25 يناير، هذا التكوين الذي نرى نتائجه الآن، فما الذي إذن، ساهم في بناء تكوين عقل هؤلاء الشباب؟
ليست ثورة المعلومات فقط
تردد في كتابات الكثيرين من المحللين السياسيين، الذين كتبوا عن التغيير الذي تم في تونس ومصر، من أن ثورة المعلومات والاتصالات، والعولمة كذلك، كان لها الأثر الأكبر في ما حصل. وأن الانترنت لعبت دوراً كبيراً في تسريع، وتنظيم الأحداث، والوصول إلى النتائج الحاسمة. ولو حدث ما حدث، قبل عشر سنوات، أو يزيد، لما شهدنا، وشاهدنا ما حدث. ويكاد يُسلِّم بهذه المقولة الغالبية العظمى ممن كتب، وخطب.
ولكن هل الثورة التكنولوجية، المتمثلة بالانترنت الآن، كانت - بما توفره من معلومات، وسرعة الاتصال – هي السبب الرئيسي فقط، وراء كل هذا؟
صحيح أن الانترنت تُوفرُ قدراً هائلة من المعلومات، ولكنها في الوقت نفسه، لها جانب سلبي خطير، وهو عدم تربية الفرد على التفكير النقدي. وهو ما تحتاجه عناصر الثورة في كل زمان ومكان. وكما يقول المفكر التونسي محمد الحداد، أستاذ كرسي دراسات الأديان المقارنة في الجامعة التونسية، في كتابه (مواقف من أجل التنوير) فإن "الثورة التكنولوجية لا توفر مجالاً واسعاً للتفكير النقدي، وإن جاءت فتحاً في مجال توفير المعلومات، ودمقرطتها. لأن التدفق العالي والعشوائي للمعلومات يؤدي إلى ضمور ملكة النقد، وتضييق إمكانية السبر والتمحيص، ورفع فرص التلاعب بالعقول، وذلك بنفي القدر المترتب عن تدفقها الشحيح المراقب سابقاً. وليس المسئول عن ذلك التكنولوجيا ذاتها، بل المجتمعات التي ظلت متخلفة عنها بمراحل." (ص 277).
إذن، فمرد ما حصل في مصر في 25 يناير وما بعدها، ليس كله بسبب ثورة المعلومات، وفتوحات الانترنت، كما يظن، ويكتب معظمنا. ولو كان الأمر كذلك، لفعلت ثورة الانترنت فعلها ذاته، في شباب باقي بلدان العالم العربي التي تعاني من وطأة الدكتاتورية، كما كانت تعاني مصر منها، منذ ستين عاماً؛ أي منذ 1952.

عوامل مجتمعة أدَّت إلى الثورة
لماذا لا يذهب تحليلنا، إلى أن هناك عوامل مجتمعة، وليس عاملاً واحداً أدت إلى وقوع 25 يناير، منها السياسي المتمثل بما كان عليه الواقع خلال الستين عاماً الماضية، وخاصة في الثلاثين عاماً الماضية من حكم مبارك، ومنها ازدياد حالات الفساد، وازدياد نسبة البطالة نتيجة زيادة نسبة السكان (ازدادوا بنسبة 100% منذ 1952)، وضيق فرص العمل، في بلد ذي إمكانيات مالية وموارد طبيعية محدودة، وانتشار العشوائيات، وأطفال الشوارع، وزيادة نسبة الفقراء المعدمين؟ ولا ننسى من هذه العوامل أيضاً، وجود مفكرين ديمقراطيين، استطاعوا أن يقفوا في وجه الديكتاتورية الجمهورية، منذ تشكلها، وعلى رأس هؤلاء يأتي الشيخ الأزهري والمصلح السياسي والاجتماعي، خالد محمد خالد (1920-1996).

صراع خالد مع الدكتاتورية
لقد كانت مسألة الدكتاتورية، تشكل جانباً مهماً من الخطاب السياسي لخالد محمد خالد. بل إن الدكتاتورية، كانت ألد أعداء فكره السياسي. وقد استغرقت من تفكيره زمناً طويلاً، وأدت دوراً حاسماً من موقفه من ثورة 23 يوليو. فعلاقة خالد، وموقفه من ثورة 23 يوليو، حددها بارومتر الدكتاتورية. فخالد لم يكن على خلاف مع عبد الناصر والسادات في مسألة مهمة، قدر خلافة معهما في سلوكهما السياسي الدكتاتوري. ففي عام 1953، أدرك خالد مبكراً ملامح الحكم السياسي القادم. لذا فقد بادر إلى إصدار كتابه المهم ("الديمقراطية أبداً"، 1953). وكان هذا الكتاب بمثابة لفت نظر من خالد لثورة 23 يوليو وزعامتها، بضرورة تطبيق الديمقراطية، والتخلّي عن الحكم الدكتاتوري. وقد فهمت الثورة المصرية هذه الإشارة المبكرة، لذا فقد بادرت إلى حوار خالد من خلال اللقاء الذي تم بينه وبين عبد الناصر في بيت عبد الناصر عام 1956 وكان خالد أول مفكر يجتمع به عبد الناصر لمدة ساعتين على هذا النحو.

المقاومة المولود الشرعي للدكتاتورية
يعتبر خالد، أن الاستبداد هو الأب الشرعي للمقاومة. والمقاومة هي الطريق إلى محاربة الدكتاتورية. وبالتالي، فإن المقاومة هي المولود الشرعي للدكتاتورية. وهذا ما تم في 25 يناير 2011، وما بعد ذلك.
ويقرر خالد أن الدكتاتورية سلطة مفسدة. فالفساد مظهر من أبرز مظاهر الدكتاتورية. فالإنسان الذي لا تفسده الدكتاتورية لم يُخلق بعد. ولا يمكن للديمقراطية أن تتحقق إلا إذا انمحت الرغبة المطلقة من ضمائر الحاكمين.
فالديمقراطية ضرورة خلقية.
والديكتاتورية مفسدة ضرورية.
فكيف تلتقي ضرورة الخلق، مع ضرورة الفساد؟
إن الدكتاتورية حكم استثنائي دائم؛ أي أنه لا يحمل سمة الديمومة، وإن طال أمده في بعض الأحيان، نتيجة لظروف سياسية واقتصادية، كما كان الحال في مصر منذ ستين سنة؛ أي منذ 1952.
فلقد كان في مصر خلال السنوات الماضية أزمة شعبية، ساعدت على قيام الدكتاتورية. كذلك، كان في مصر قبل 1952 أزمة شعبية، قامت نتيجة لها دكتاتورية ملكية، تمثلت في عهد الملك فؤاد، وعهد الملك فاروق، على وجه الخصوص.

صدقت رؤية خالد
في الثمانينات من القرن الماضي، كتب خالد محمد خالد في جريدة "الوفد"، يقول :
"إن مبارك عزيز علينا، ولكن الحقَّ أعزُّ علينا منه." ("الوفد"، 1985)
وهي عبارة مأخوذة من قول أرسطو، عن صديقه أفلاطون. يقول أرسطو فيها: "افلاطون صديقي، لكن الحقَّ أولى بصداقتي منه."
وكان أرسطو يردد هذه العبارة معتذراً، كلما وجد نفسه مضطراً للاختلاف مع بعض آراء أفلاطون.
ويتابع خالد كلامه عن مبارك، في مقاله ذاك قائلاً:
"فإما أن نعيش مع مبارك في ظل الديمقراطية، وإما أن يموت معنا دفاعاً عنها." وصدقت رؤية خالد، فقد واجه مبارك في الأمس، ما هو أشد من الموت!



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر: ثورة أم انقلاب عسكري؟
- ما تكوين عقل الانتفاضة التونسية؟
- الإخوان: من مجلس الشعب الى ميدان التحرير
- العقلانية والخرافة في الفكر السياسي العربي
- مبارك يدفع ثمن ديمقراطيته غالياً
- مخاوف من تدمير تراث بورقيبة
- هؤلاء هم أعداء ثورة بورقيبة
- مخاطر وسلبيات الهيجان الشعبي
- ثورة تونس الخضراء
- أحفاد بورقيبة ينتفضون
- دحر الإرهاب وتراجع تسييس الدين
- العراق بين حزب الدعوة وحزب البعث
- تقدم الليبرالية الإسلامية في الخليج
- من ثقافة الذاكرة الى ثقافة الإبداع
- العَلْمانية لشفاء العراق من أمراضه المزمنة
- لا ليبرالية دون سلطان
- هل العرب آخر الإرهابيين؟
- الحرب التي لم تكتمل: الديمقراطية في العراق
- لا شمس تشرق على الجزيرة العربية كل يوم!
- ما حاجة العراق لعقد مؤتمر قمة عربي في بغداد؟


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - ما تكوين عقل شباب 25 يناير؟