|
نساء البصرة
أسعد البصري
الحوار المتمدن-العدد: 3320 - 2011 / 3 / 29 - 02:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أقدم هذا النص هدية إلى نساء وطني العظيمات ، حيث
يحاول الإحتلال زعزعة الثقة بثقافتنا وبعظمة نسائنا ومدننا وتاريخنا .
أية أمريكية أو مجندة هذه أعظم من جدتي التي تضرب فخذها حسرةً كما تفعل
السومريات . وتقول عمّن يعشق ( إنجبر بيهه ) . وهو مصطلح
فلسفي يذكر بحوارات ( الجبر والتخيير ) في البصرة . أيام أخوان الصفا والمعتزلة
والمتصوفة حيث يستشهد بالعشق ك ( جبر )
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
يا عجائز البصرة الحكيمات ، يا نساءها ، يا فتياتها ..أنا دمعةٌ بصرية سالت
على كلّ مدن الدنيا ، دمعة ضالة..دمعة من مطر وتمر و غيوم وشناشيل ...سقطتُ
على شفاه العربيات والفارسيات فلم تتمكن فتاة من آبتلاعي
كما يبتلع البحر مياه الأنهار . كنتُ دائماً أفيض من الملل..أنا دمعة
تدور دورةً كاملة وتعود سالمةً إلى عينها ..تعود إلى البصرة .
أعود أحتمي بعباءاتكن السود أيتها البصريات ...أحتمي بكنّ من قسوة القلب
كما يحتمي المزارع بنخلته من قسوة الشمس . إحملنني بين سواعدكن
يا فتيات البصرة فلم يحملني أحدٌ منذ انقطعت عني رائحتكن ورائحة الخبز المعجون بفتنتكنَّ .
هارباً من أكاذيب الحضارات ، منخذلاً من قصص حبٍّ
فاشلة ، مرمياً وحيداً وسط الأغاني التي رضعتها من عجائز البصرة وفلاحيها .
محمولاً بحنيني إلى بنات الجيران اللواتي أصبحنَ
جدات ، بالطريق الترابي الحلو الذي تنمو عليه الأعشاب وأقدام البنات العارية .
أيتها البصرة حملتُ أغانيك ولغتك التي تدهش الدنيا إلاّ البصريّين ،
لأن البصرة كلها شعر ، أية عجوز بصرية تقول حكماً أفضل مني .
أي عاشق بصري يقول شعراً أفضل مني بكثير ،
ألشعر في البصرة هو حياة الناس اليومية
ولهجتهم الدارجة وأمثالهم وخيالهم الحر المطلق .
الشعر في البصرة ليس شيئاً مدهشاً و غريباً ،
القسوة والقبح والمكر غريبٌ في البصرة
وكنت أظن البصريين أقلَّ ذكاءً و دهاء بسبب ذلك
حتى علمت أن المرأة القبيحة والبدينة تلجأ دائماً إلى القسوة والمكر ،
بينما الفتاة الجميلة يكللها الحياء وتزينها الرقة والطيبة ،
أخلاق البصرة وشمائلها هي أخلاق الفتيات الجميلات وطبائعها طبائعهن .
أيتها البصريات اللواتي حملن وأنجبن بكل متعة
وبساطة ، كما تحمل النخلة وكما يسقط المطر .
أيتها البصريات اللواتي حملن الماء والحب صافياً من الجداول في جرارٍ تلمعُ بقوتكنّ وفتوّتكنّ وضحكاتكنَّ .
أيتها الفتيات البصريات اللواتي حملن الكتب إلى المدارس ، والأطفال
إلى المستوصف ، والرجال إلى السرير ، والأمهات إلى الحمّام .
يا فتيات البصرة الجميلات الطيبات ..عندي لكنَّ حملٌ ثقيلٌ
هو قلبي الميّتْ فهلاّ حملتنّه قبل أن يسقط المطر وقبل أن تأكله الكلاب .
يا فتيات البصرة المطمئنات كما يطمئن الصغير في حضن أمه ،
كنتُ سأقول أني سأكافئكنَّ بالشعر أو بالغناء ،
ولكنكنَّ بصريات ممزوجات بالأحلام وأغانيكن تُبكي القطعان قبل البشر ، وقصائدكنّ هي ما يدفع الزرع لأن ينمو ،
وأثداؤكنّ أرضعت فحول الشعراء ..
ليس عندي خبرٌ ولا نبأ أيتها الجميلات الحالمات ،
كفّي كتابٌ قديم لم تستطع النساء الغريبات قراءته فأحرقن كفي بالوداع ،
فلتتقدم واحدةٌ منكنَّ وتقرأ خطوط يدي فأنتنَّ مَنْ كتبنه وأنتنَّ مَنْ يقرأه ،
أعلم أنكنّ مشغولات الآن بجمع الحطب ، ومشغولات بأولاد الجيران ،
وبالطفل الذي يبكي ، وبالإمتحانات ...
ولكنَّ بصريةً واحدة تكفي لقراءة كفي ...
و صحيح أن راحتي صارتْ قديمة وصدئة ،
لكن البصراويات معروفات بحدّة البصر ،
لو كانت جارتنا العمياء حيةً لقرأت كفي بمسحةٍ واحدة .
أيتها البصريات ما زلتُ أقرأُ آثار أقدامكنّ العارية في الجداول الصافية ،
وفي خليط التراب بالمطر ، وفي التمر (المجبوس) الذي يحمل حلاوة أقدامكن المقدسة .
ويسألوني كيف تكتب القصائد ؟
وهل يحتاج أهل البصرة إلى تعلم الشعر ،
هم فقط بحاجةٍ إلى مدارس تعلمهم الأبجدية ،
حتى لا يظل كلامهم مجهولاً و يتمكنوا من تدوينه
http://www.youtube.com/watch?v=ipZ4c3zl5rs
[email protected]
#أسعد_البصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حسن العلوي وأشياء أخرى -ألسعودية 3
-
العراق الأمريكي لن يثور ولن يصبح عراقياً
-
حسن العلوي و أشياء أخرى - 2
-
حسن العلوي وأشياء أخرى
-
دعاء خبيث
-
فجر أوديسة و أفول الشرق
-
أحمد عبد الحسين
-
قرار مجلس الأمن ضد ليبيا ١٩٧٣
-
قضاء الكتابة وقدرنا
-
قراءة تحاور قراءة تمارة فريد لنجيب محفوظ
-
ألندم
-
سجالات
-
وطني كلبٌ مسعور
-
ضَحِكٌ و رثاءْ
-
زكطة عجل
-
إلى خزعل الماجدي وجيل السبعينات
-
الرائحة
-
بؤس العلمانية في العراق
-
و كيف يُمات الموت ؟
-
حنين
المزيد.....
-
عض سيدة وجرها إلى الأرض.. كلب بيتبول يهاجهم طفلًا و3 أشخاص ب
...
-
من القاهرة.. بلينكن يدعو دول الشرق الأوسط إلى -الضغط على حما
...
-
بشأن الإقامة.. السفارة السعودية في القاهرة تصدر -بيانا هاما-
...
-
غرامات وعقوبات تفرضها السعودية على المخالفين في الحج
-
شاهد: ثور يقفز فوق سياج حلبة في أوريغون ويصيب 3 أشخاص قبل ال
...
-
مراسلنا: إسقاط طائرة مسيّرة إسرائيلية فوق أجواء منطقة إقليم
...
-
حزب الحرية النمساوي يفوز في انتخابات البرلمان الأوروبي في ال
...
-
الجيش الإسرائيلي يؤكد سقوط مسيّرة تابعة له بصاروخ أرض جو في
...
-
بدء الحملات الانتخابية في إيران
-
النصيرات.. تواصل انتشال الضحايا
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|