أسعد البصري
الحوار المتمدن-العدد: 3319 - 2011 / 3 / 28 - 18:36
المحور:
الادب والفن
من الواضح أن كتاب العلوي في جزء منه موجه إلى السعودية
وهذا ينكشف في ص٦٢ ( وعمر ليس له ظاهر وباطن ،
وليس له سياستان سرية و معلنة ، وليست له جملتان واحدة لنفسه
وأخرى للناس ويفضح نفسه أكثر عندما يضيف في ص 133
( وأخذ من وضوح الصحراء والسماء وضوح العقيدة وتسهيل
الحياة على الناس ، والعين تمتد حتى الأفق ، فإذا آرتفعت
أخذت من صفاء السماء في نجد والحجاز صفاء النفس والروح .)
ينظر حسن العلوي إلى الخليجيين نظرته
إلى الحمار يحمل أسفارا . فهو يسيل لعابه
لما عندهم من كنوز و يحتقر ما عندهم من عقول . في منتصف التسعينات
ذكر لي الكاتب العراقي محمد علي كاظم أنهم كانوا في الكويت
فتحلق الصحفيون حول لأستاذ حسن العلوي يسألونه عن الأسرار ومصيرهم
وسريرة صدام حسين فقال لهم :ألخليج لن يستقر
إلا إذا تسلم الشيعة الحكم في العراق ، لأن الخليج كله
سنة والشيعة لا يريدون إضافة سنة إلى العراق . في اليوم التالي ظهرت تصريحاته
بالخط العريض على الصفحة الأولى . فقال العلوي : ألم أقل لكم هؤلاء بهائم . وفي كتابه هذا
يضيف أن إيران نفسها لا تشكل خطراً. ففي صفحة ٢٩١
يقول :( لهذا كنت أكرر القول في نشاطي السياسي والإعلامي ، إن حرب
النيابة الأمريكية لتحجيم ثورة الخميني لم تكن ضرورية . فهذه الثورة محجمة
بالعاملين إياهما ، ومحددة الحركة بحدود إيران ، وبالحجم السكاني
للمسلمين الشيعة في المحيط السني الواسع )
بل يعيد على مسامعنا كلاماً قديماً ل عمر كان صحيحاً
في زمانه وليس اليوم ، مثل أن الكوفة جمجمة العرب . الحاصل اليوم هو أن الكوفة
جمجمة جنوب العراق ، والفرس جمجمة الكوفة . في مقال خطير عن انهيار الطبقة الوسطى
في العراق كتب زاهر الجيزاني مقالاً الشهر الماضي
في صحيفة السلطة ( جريدة الصباح) . غباء السلطة الصفوية وحده
جعل هذا المقال يمر .لأن الجيزاني كاتب كبير لا يعرف هؤلاء كيف يقرؤونه. يقول الجيزاني
أن استلام الشيعة للحكم لم يجلب لهم أية منافع إقتصادية أو ثقافية واكتفت المؤسسة الدينية
بإدامة أجواء الدعاية والطقوس الدينية . إن استلام الصفويين وليس الشيعة للحكم في العراق
يعني تحويل الشيعة العرب إلى خوزستانيين ينضمون إلى ثمانية ملايين خوزستاني في إيران
يمارس عليهم التفريس والتجهيل والأمية. بحيث لا يعنيهم
عمر بن الخطاب ولا علي بن أبي طالب في شيء ، بل يتوقون إلى بنات طارق
اللواتي يمشين على النمارق. يتوقون إلى بنات عبد الدار وإلى العروبة وحدها.... أما السنة العرب
فيجب تحويلهم إلى بلوش أو إلى موالي معكوسين يخافون
أن يتخطفهم الناس من حولهم على رأي السيدة زينب . وهذه هي النتيجة الطبيعية لما يسميه
توينبي ب ( التمثل الكاذب ) حين تم إدخال ثقافة وحضارة نرجسية عظيمة
مثل إيران وبشكل شامل وقسري داخل الحضارة العربية . وإلا ماذا تفسر
أن يبني السيستاني كل هذه المستشفيات والمدارس
والدور السكنية في إيران. هذا الرجل مناضل قومي فارسي يقف له كل قومي بإجلال .
ألمشكلة الوحيدة التي تواجه الصفويين هي
المسيحيون و سورية. لأن العراق ينام على جذرين تاريخيين نابضين ، هما الجذر الساساني
المتمثل بواحد بالمئة من السكان يمسكون بناصية الحوزة يتحدثون بإسم الشيعة
والجنوب وينطلقون منها إلى السلطة والمال العراقي . وهناك جذر منافس له
هو الجذر السرياني الآرامي المسيحي وهو جذر منح نفسه إلى الثقافة العربية
كما منح بولس نفسه إلى الرب في رؤياه . جذران واحد ديني عمقه إيران
والآخر علماني عمقه سورية. وليس من قبيل الصدفة أن تذهب وزارة الخارجية
من المسيحيين العراقيين إلى الأكراد . كما ليس من قبيل الصدفة
أن تذهب المرجعية الثقافية من يد المسيحيين إلى مرجعية دينية بيد الفرس.
إن كلاب القاعدة هم تشويه للقومية العربية يستخدمهم العهد الصفوي
لإبادة المسيحيين .الجذر الآرامي والساساني
لن يتعايشا وسيتم قتل وتهجير المزيد من المسيحيين .
كلاب القاعدة يرسخون المشروع الصفوي
بقتلهم للعراقيين ، كما أنهم يقتلعون روح المشروع العروبي بقتلهم للمسيحيين .
فيما يجتمع الشيعة والسنة العرب العراقيون على حب المسيحيين
نرى أن الصفويين لا يرون فيهم سوى تهديد لمشروعهم
ولا بد أن يتصارع إثنا عشر حوارياً من أتباع المسيح
مع إثني عشر إماماً من أحفاد محمد .بحيث لا ينجو
من الذبح سوى الفرقة الناجية ، ينسكب الماء
الذي لا يظمأ من شربه أبداً . ماء المسيح وماء علي . هكذا تتذابح
الأساطير في بلادي .
يقول المطران مارسويريوس إسحق ساكا ، أستاذ العلوم اللاهوتية
في إكليركية الموصل في كتابه
طاقات سريانية ص ٩٩ : (( في عام ٩٩١ م ثار الإسلام على المسيحيين في بغداد
وهدموا كنيستهم ، فلحق بالإسلام أذىً من وراء ذلك ، فقال علماء الإسلام
معللين سبب ذلك : لأن المسلمين نقضوا العهد
الذي أعطي لهم من النبي وخلفائه .)) ويقصد أول عهد في الإسلام
هو عهد النبي محمد لنصارى نجران ، الذي قال فيه كلمته المعروفة : وليس عليهم من دنية ولا دم جاهلية .
إن ما يجلب اللعنة على المسيحيين في العراق . وما قتل منهم أكثر من خمسين كلمة طاهرة
من كلمات الرب مؤخراً في الكرادة ببغداد يوم ٣١/١٠/٢٠١٠ م هو أنهم أول من ترجم إلى العربية مقولة سقراط
التي كانت مكتوبة على معبد دلفا في اليونان القديمة ..وهي (( إعرف نفسك )) وقالوا
أنها اللبنة الأولى في صرح الحكمة . وإذا كان دركهايم على حق في نظرية العقل الجمعي
فإن معرفة النفس هي معرفة الهوية . لهذا بلغ إخلاص المسيحيين إلى العروبة
درجة تأسلمت فيها لغتهم . ووقعوا في غرامنا نحن البدو وعلمونا الفلسفة والطب
ثم ذابوا في حضارتنا . ويقول طه حسين في كتابه (في الأدب الجاهلي ) لم تظهر شعوبية نصرانية
في التاريخ الإسلامي لأن المسيحية لم تفقد ذاتها الثقافية
كما حدث مع الفرس . إن ما يسميه المفكر الإيراني داريوش شايغان بالنفس المبتورة
تنفجر على المسيحيين وتمنعهم من ترجمة حكمة سقراط في أهمية الهوية القومية .
ما يفتك ب حسن علوي هو هذا (الخل الوفي) طارق عزيز
المسيحي الذي لا يبيع صاحبه
حتى بعد أن مات . ورغم أنه
لم يوافقه على كثير من مغامراته إلا أنه يعلم
أن عبد الرزاق عبد الواحد كان حكيماً بقوله
:
مضى ما مضى منك خيرٌ وشرْ
ومرَّ الذي مرَّ طيَّ القدرْ
يروي أحد المحامين أن طارق عزيز أرسل يطلب ( نهج البلاغة ) في سجنه
وقال حكمة عمر أنفع للسياسة ، وحكمة علي أنفع في الصبر
وانتظار الأجل . طارق عزيز هو عقدة
حسن العلوي . عقدة الغدر أمام كبرياء الوفاء . فيا حسن : منك الضحايا وإن كانوا ضحايانا
أما رسالة حسن العلوي إلى السعوديين
فهي من النوع الذي يعاقب عليه عمر كما عاقب الحطيئة :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها
واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
[email protected]
#أسعد_البصري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟