سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 991 - 2004 / 10 / 19 - 09:02
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ما كان لي أن أحتفي ، هذا الإحتفاءَ ، بِــمَ ؟ لولا رسالةٌ مباغِــتةٌ من :
قاســم محمد علي اسماعيل .
كنتُ عرفتُ قبل شهرين أو نحوِ ذلك ، أن " قاسم " ذو علاقة بصحيفة " الأخبار " في البصرة ، وقد أثارَ الأمرُ لديَّ إحساساً بالمفارَقة ، فما تفاداه الأبُ ، حَيطــةً ، تورَّطَ فيه الإبنُ جهاراً نهاراً !
أشكرُ قاسماً ، لأنه دفَــعَ إلى عتبتي ، صندوقاً هو نصفُ قرنٍ من الزمان !
*
في 1954 ، في أغلب الظنّ ، نُسِّــبتُ إلى التدريس في متوسطة أبي الخصيب ، ( صارت ثانويةً في ما بَعدُ ) ، وكان محمد علي اسماعيل مدرِّساً فيها .
قيلَ لي ، قبل أن آتيَ المكانَ إن الرجل صديقٌ لبدر شاكر السياب ، وإنه فُصِــلَ معه ، وإنه - إضافةً إلى هذا كله – يكتب شعراً جيداً …
وألتقي محمد علي اسماعيل :
ابتسامةٌ محايدةٌ لا تكاد تغيب .
صوتٌ أقربُ إلى الهمس الـمُــوَقَّعِ .
ودفءٌ تتحسســه ، لكنك لا يمكن أن تمضي معه طويلاً …
أهي التَــقِــيّــةُ ؟
تسأله ، فلا يكاد يجيب . إنه يومِــيءُ على استحياءٍ .
ثَـمّـتَ إحساسٌ بالعدالة ، والعدل ، والإعتدال لدى محمد علي اسماعيل :
شاعرٌ تكتّــمَ على ما كَتبَ .
مدرِّسٌ أعطى الدرسَ حقّــه ، ولم يمضِ أبعدَ …
" خاروصٌ " مؤتمَــنٌ على حقوق الناس .
وأخيراً …
إمامٌ في جامعٍ بالفلّــوجةِ ، قبل أن يُــتَــوَفّــى ( لم يكن الأميركيون استعمروا بلدَنا بعدُ ) .
أكان محمد علي اسماعيل ، بعد طول طوافٍ ، يسندُ ظَــهره إلى الحائط نفسه الذي اختاره الرصافيّ ؟
أُمُّكَ ، يا قاسم ، هي ابنة الحاج عمر النائب ، الرجل المجتهد الذي قرأتُ في مسجده رسائل إخوان الصفاء …
وأبوك هو محمد علي اسماعيل …
شجرةٌ مبارَكةٌ !
لندن 14/10/2004
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟