أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد ثامر جهاد - من دون اليابان، ما هو شكل العالم ؟














المزيد.....

من دون اليابان، ما هو شكل العالم ؟


احمد ثامر جهاد

الحوار المتمدن-العدد: 3316 - 2011 / 3 / 25 - 20:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جاءت فاجعة اليابان لتضيف إلى العالم شاغلا إنسانيا آخر مع ما يشهده من اضطرابات وثورات وأزمات متلاحقة في غير مكان.
وعلى نحو متسارع تفتتت لحمة الموزائيك الشرقي الفريد تحت عصف سيول تسونامي وزلازله غير الرحيمة.وما عاد يسيرا الاهتداء إلى الفضاء الياباني الحيوي الذي حفز يوما ما فكر رولان بارت ليكتب عن اليابان قائلا:"انها إمبراطورية دوال شاسعة جدا.. الجسد هناك يوجد، يمتد،يتصرف،يمنح نفسه من دون هستيريا،من دون نرجسية..
الجسد برمته( العيون، الابتسامة،الخصلة، الحركة، اللباس ) يتحاور معك بضرب من " الثغثغة "،حيث الهيمنة التامة للشفرات تنزع كل طابع ارتدادي أو طفولي..
أما صينية الطعام في هذا البلد فيمكن اعتبارها لوحة..
ما الذي يمكن لبارت ان يقوله لو شاهد الدوال اليابانية تلك،وهي تجرف مثل قطع ورق صغيرة بفعل اللغة الصماء للطبيعة.
انها الطبيعة ذاتها التي طالما احتفت بها الثقافة اليابانية لقرون،ومنحت إنسانها فضاء روحيا فريدا.
***
ما ان ضرب التسونامي استرخاء المدن اليابانية حتى انهارت إلى حد ما ثقة مواطني العالم بالأمن الصناعي الذي توفره الدول المتقدمة لشعوبها .وبدت العظمة التكنولوجية للعملاق الآسيوي مجرد فارق زمني محدود مرتهن بشدة الموجات الضاربة للزلازل والأعاصير وما ينجم عنها من كوارث بيئية لاحقة.
أما ذعر البشر من غضب الطبيعة وهياجها فهو الذعر البدائي نفسه،الذي دفع أجدادنا القدماء للاحتماء بأقرب جحر أو كهف.ورغم عظمة المنجز الحضاري والتقني الذي فصلنا عن تلك اللحظة التاريخية البعيدة تبدو الحياة البشرية اليوم أسيرة المخاوف ذاتها.
بأي مقياس إنساني إذن يمكن تقييم حضارة اليوم ؟
بالطبع ليست المشكلة ضعفا في تدابير الحكومة اليابانية لمواجهة أهوال من هذا النوع، خاصة وانها تبذل كل بوسعها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بشر وممتلكات،ناهيك عن مناشدتها الأصدقاء في العالم الغربي لتقديم يد المساعدة اللوجستية والسيطرة على تلوث مناخها بالسموم النووية. إلا ان أمرا ما غير حميد ربما يكون اكبر من قدرة اليابانيين وأصدقائهم على تجنب حلول الكارثة.
انها بالفعل محنة كبيرة لا يستحقها شعب متحضر ومثابر،خبر معنى الآلام وأثقلت ذاكرته بالمآسي،لكنه لم يتوقف يوما عن تسخير كل جهوده لجعل حياة البشر أكثر يسرا ورفاهية عبر دفق منتجاته الصناعية العديدة التي لا تعلو عليها منتجات..
هل يخلو بيت في العالم من اثر لليابان،سلعة صغيرة أو كبيرة،نكيل المديح لمتانتها وتناغمها مع رغباتنا وهوانا؟
من بوسعه إنكار إسهام اليابانيين في تغيير أسلوب الحياة الإنسانية،شكلها وآفاقها بفعل ابتكاراتهم ورؤيتهم الحداثية لطريقة العيش؟
البعض أعاد حساباته حول شروط الأمان المطلوبة لاستمرار الحياة،والآخر يفكر جديا بترك المفاعلات النووية والعودة للطرق التقليدية في إنتاج الطاقة.
فيما يختبر الإنسان مجددا حاجته إلى معرفة قدراته العقلية في قبول الأقدار المجهولة التي تنتظره خلف كل باب موصد.
***
تساءلت مرارا ان كان الحلم الأخير في رائعة المخرج الياباني اكيرا كيراساوا (أحلام) إنتاج عام 1990 والمعنون (اللهب الأحمر لبركان جبل فوجى) يمثل رؤية استباقية لما يحدث اليوم في اليابان؟
في حلم كيراساوا المفزع يفر الناس مذعورين من منظر انفجار هائل في جبل فوجي،يتضح فيما بعد انه انفجار لست مفاعلات نووية.ولا مجال لقول أي شئ آخر.
اللهب الأحمر يتصاعد بقوة وتغرق المدينة بالحمم النارية التي تلتهم كل شئ،فيما يهرب الناس كالضفادع الجريحة أملا في النجاة من مصير محتوم.
نتمنى ان تلك الصورة من وحي أحلام اكيراساوا ليس إلا.لأننا ببساطة لا نستطيع تخيل العالم من دون اليابان.



#احمد_ثامر_جهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن عالم بلا أحلام
- في سينما سكورسيزي كلنا ضحايا المدينة
- برسيبوليس
- المخرج فيم فندرز ..مرثية لامريكا الاحلام والوفرة
- قراءة في صور حروب أمريكا-كتاب-أبو غريب والإرهاب والميديا-
- العالم بعين سينمائية واحدة
- شفرة دافنشي ..فضاء الرواية وأداء الفيلم
- راشد يزرع عبوة !!
- - بيرل هاربر -
- الناصرية .. مدينة من غبار وأسى
- كهربة المواطن العراقي
- اسود او ابيض / في ثقافة أقاصي الاختلاف
- سائق التاكسي .. سيناريو موت عراقي قصير
- عن حلم فلوبير ورواية الوردة
- اغتيال البسمة ..في اغتيال الفنان وليد حسن جعاز
- مواطن .. بعد فوات الأوان
- في التنوع والاستبداد صورة عن الجدل الثقافي والسياسي
- مديات عراقية في ربيع المدى الثقافي
- بيان استنكار من اتحاد الصحفيين العراقيين في ذي قار
- في حقائبه السينمائية المسافرة .. رسائل للوطن والأصدقاء


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد ثامر جهاد - من دون اليابان، ما هو شكل العالم ؟