أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - احمد ثامر جهاد - في التنوع والاستبداد صورة عن الجدل الثقافي والسياسي















المزيد.....

في التنوع والاستبداد صورة عن الجدل الثقافي والسياسي


احمد ثامر جهاد

الحوار المتمدن-العدد: 1604 - 2006 / 7 / 7 - 11:20
المحور: المجتمع المدني
    


( ان التعايش مع يأس مدجن اسهل من الاستمتاع بآمال غير أكيدة ..)
داريوش شايغان

في الوقت الذي تبدو أوضاعنا المأساوية الراهنة متروكة لأهواء السياسة والاحتلال وقوى الاستبداد الجديد ، سنرى هاهنا أن ثمة تناقضات ومفارقات ومخاطر تحيط بنا من كل صوب وترسم حياتنا ومصائرنا . وثمة حاضر ملتبس تتنازعه مصالح ونوايا وقطاعات رأي وكتل تأثير ، يُعيد بعضها إنتاج صور الاستبداد في بنى عدة قادرة على أداء وظيفة البنى القديمة ، من دون أن يكون لها إحاطة واعية بدلالات التجربة العراقية أو الاكتراث بمسارها الكارثي على مختلف الصعد ، خاصة وإن فئات واسعة لم تستوعب بعد ، على نحو عقلاني ، صدمة التغيير الحاصل ، إنْ في التفكير أو الممارسة .
وفي إطار التلويح بهذه الإشارة التي نفترض كونها ملحوظة في صورة الحدث العراقي إجمالا ، سنحاول طرح بضعة تصورات ، نزعم أن لها أهميتها الراهنة :
لاشك إن قراءة واستيعاب مظاهر الاستبداد - أيا كانت - وفضح آلياته ومعارضة وسائله ، هي جزء لا يتجزأ من إرادة التخطيط لمستقبل الثقافة في أي مجتمع يسعى لاجتياز مستنقع محنته الشمولية ، لينشأ ثقافة لها ملامحها المتحررة والمستقلة والفاعلة ضمن اتجاه السعي المبذول لإرساء دعائم المجتمع المدني بأوسع معانيه . كما إن إعادة كتابة تاريخ الثقافة - العراقية – تحديدا تعني في جانب من جوانبها تفعيل الإمكانات وتوسيع الحدود وتحديث الرؤى للوقوف على ما أنجز وما لم ينجز ، لتقرير حاجاتنا الراهنة بروح نقدية تؤسس لوضع صيغ مناسبة للتعامل مع صراعات الحاضر وإشكالياته .
من هنا تحاول مساهمتنا هذه أن تجعل الحاضر مركز اهتمامها الأساس ، خاصة وهي تتوجه لتمكين وضوح الحاجة من التباس المفهوم . لذا سيكون من أولوياتها اختبار إمكانية ومعنى خلق شراكة ما في الطموح السياسي والثقافي للنخب العراقية التي بات ملحوظا عمق الخلاف الذي يجمعها في ساحة انشغالاتها الحالية لاستعادة البلد ثانية من أيدي العابثين بمختلف أشكالهم وعناوينهم . وإذا ما حاولنا استشراف مستقبل الصراع الثقافي والأخلاقي الذي اخذ يهيمن على اهتمام النخب الاجتماعية والسياسية في الفترة الراهنة ، مع العناية بصورة أجلى مخصوصة لـ ( المحتل الغربي الذي هزم الدكتاتورية الوطنية ) ، سنجد إننا أمام تيارين رئيسين متعارضين ، أحدهما ليبرالي والآخر محافظ . يتغذى صراع هذين التيارين من التعارضات القائمة بينهما في رسم كيان الدولة وحدودها واتجاه السياسة والمجتمع ووضع الأفراد والجماعات وحرياتهما الواجبة . في الغضون لن يكون الغرب أو أمريكا مظلة حامية لهذا الصراع المتستر بقدر ما تعد برامجهما المعلنة والسرية ركنا أساسيا فاعلا في الصراع وموجها له .
قد يولد النزاع أحيانا من فرضية تفيد : أن كل محاولة تبذلها النخب السياسية الآن لشق الطريق وسط فوضى القوى المتصارعة هي فرصة لتحييد ( الآخر ) أيا كان ، والتعالي المؤقت على الصدام الدائر أو الكامن في منظومة المصالح والقيم ، وهي بذلك تركيز لا بد منه للمشكلات التي تسعى الجماعات المتصارعة إلى حلها توافقيا . وحيث لا تصلح التوافقية حلا ناجعا لمسائل خلافية أساسية يعيشها المجتمع العراقي ، إلا في حدود تقريب المفاهيم المتعارضة ودمجها القسري حينا ، وتكييف الوقائع والتخفيف من حدتها حينا آخر ، يصعب التكهن بحال الثقافة ومسؤلياتها وهي بعيدة تماما عن ساحة الصراع الفعلي وعن المحاولات التي تجري في قاعات مغلقة لتقرير شكل الدولة والقانون ودور المثقف وقضايا الحريات العامة والشخصية وحقوق المرأة وما إلى ذلك من القضايا الاشكالية . ربما والحال هذه ، سيظل تلميح المفكر ادغار موران اقرب إلى توصيف وضعنا القائم ، والذي يذهب إلى : أن السياسة تعالج اعقد المشاكل ، وهي التي تسودها اكثر الأفكار تبسيطا واقلها استنادا إلى أساس ، بل أقساها واشدها فتكا …
قد يشترك الجميع اليوم على نحو ظاهر في التنديد بالدكتاتورية ، وفي التصدي لمحاربتها ، لكن غالبية ماثلة في المقابل ، تصم الآذان عن العار الذي يلاحقها جراء عنفها واستبدادها وزيف ممارساتها . لذلك فإن رفضا مناعيا لثقافة الحوار يمهد الطريق درامتيكيا لاستعادة الاستبداد الكريه بصور مغايرة ، تعيد إنتاج الماضي ، وتصيب المجتمع بحمى الخوف من الثقافة ، الخوف من الحرية ، الخوف من الآخر .
×××××××××××××
عقب التغيير الحاصل عصفت بالشعب المأزوم جملة توسلات وجدانية بارتهانات غامضة ، ذهب بعضها لتمني حدوث مصالحة لاتاريخية بين النخب الثقافية والسياسية ، تشترط نقطة توافق ما – ان كان ممكنا - بين السياسي والثقافي .. توافق قوامه التخلي عن مواقعهما التقليدية : حينها لن يكون كل المثقفين عملاء للنظام القديم أو ضحايا للغرب الفاسد ، ولن يكون معنى المثقف متحققا فقط في كونه معارضا للسلطة . وتباعا يكون السياسي هاهنا أداة لتحقيق قيم المجتمع وقيم الثقافة بوئام أبوي . إلا ان فهما آخر ، دنيويا ومهمشا ، يعي المرتكزات الاجتماعية والسياسية لنشوء الديكتاتوريات في سياقها التاريخي ، يحاول ما أمكنه ذلك إعادة التأكيد على ضرورة ان يكون المثقف مدافعا عن منظومة قيم عالمية تتجلى في التحرر والديمقراطية وحرية الرأي والمعارضة . خاصة وان وظائف المثقف ملتبسة وغير محسومة في مجتمعاتنا ، بالنظر لحالها في الغرب الذي انتج عبر تاريخه التنويري معرفة تواصلية جعلت المثقفين حماة مشروع الحداثة والتقدم والرفاهية من خلال التسلح بنظرة نقدية امتلكت بجدارة معرفية وعيها الخاص المشفوع باستقرار ورخاء مجتمعي يجنبها براثن التفكير الديماغوجي ، لنرى صور شراكة منشودة تجعل المثقف الغربي داعما لمشروع الدولة في تحقيق القانون والنظام وتعزيز أمن الفرد والمجتمع .
عراقيا كان النظام السابق يستورد ببراعة المحترف شتى فنون الترهيب والفساد والموت ، من دون أن نقوى – كمثقفين - على فعل شئ يوقف عجلة الخراب ، واليوم تهرب إلينا بضائع الجهل والتخلف وفيروسات العنف والازدراء والتعصب وإلغاء الآخر من دون أن نتمكن رغم إدراكنا إياها من فضح مصادرها وهويات مورديها المحليين او الأجانب . ولن نكون مبالغين بإحصاء المعطيات المبرهنة على مظاهر هذا الاستبداد والاقصاء في مجتمعنا العراقي اليوم . استبداد متعدد الأطياف يفيد ظاهره بأن الخصم هو من يخالفك الرأي . وخصمك مخطئ وكاذب ومتآمر وجاحد على الدوام . ولا مجال لحسن النوايا ، أو اجتياز المحنة بالحوار . لاسيما وأننا من هذا المنظار التبريري : أمة تقف في مقدمة المستهدفين بغزو كاسح يهدد الثقافات الوطنية والقومية في أهم مقومات خصوصياتها وهويتها التاريخية ، مثلما يشير محمد عابد الجابري !
ولنا ان نتساءل : إن كانت هناك ثمة ثقافة عراقية تراهن اليوم على نجاة المركب عبر الدخول إلى حلبة معركة مختلة الأطراف ، يتسيد العنف مشهدها الأبرز وتغيب عن أولوياتها ، تحت ذرائع شتى ، سبل معالجة مظاهر الخراب المرير في حياة الناس والمجتمع ؟
إن استعادة طموحة لتاريخ صراع الأفكار في العالم قد تحتم علينا طرد أشباح الماضي الموجع واقتناص أية فسحة تحول سياسي ، لتعزيز ما يدعى بمنظومة القيم العالمية التي توحد الجماعات وتنظم حياة الشعوب مهما تباينت اختلافاتها . رغم ذلك وبسببه يحاول النخبوي أن يكون مستعدا لتحمل مأساته دائما ، بوصفه مثقف اليوتوبيات ، المثقف النبوي،حارس القيم والمفاهيم ، راهب عصر العولمة .. فقد أملت عليه قيم الحداثة وما بعدها أن يغدو شكاكا وممن لا يثقون بالعقل والحقيقة في نهاية الأمر ، وان يتذكر عبارة ( فولتير ) : " من انك لن تستقبل استقبالا حسنا إذا ما حاولت تنوير الناس ، فسوف تسحق .." وربما يلوذ البعض بوحدته المقدسة ، يائسا من صلاح الحال ، مرددا مع ( رولان بارت ) وقد توافق نسبيا مع حس رجل التنوير الفرنسي الذي سبقه بمئات السنوات ، حينما ذهب إلى : " أن الأمر الوحيد الذي على المثقف أن يقوم به اليوم ، هو أن يتحمل هامشيته وعزلته .."
××××××××××××××××××

ولكن ما هو عيني يلزمنا بالقول : بين ثقافة الحوار وثقافة التطرف ، بين التنوع والاستبداد ، ثمة مسافة فاصلة سرعان ما تتسع ، محطمة ما يمكن تسميته الأسس المدنية لكيان الدولة عبر عقود متراكمة من تاريخها الحديث . فلحظة تهشيم مؤسسات الدولة العراقية – عشية الحرب - بأيد وحشية من حديد تعيد إلى الأذهان مديات القسوة التي زرعتها ثقافة الخوف في نفوس الأفراد من مظاهر الدولة المهيبة . انه الخوف والجهل ذاته من اكتناه وممارسة الثقافة المدنية ، من فكرة شعور الفرد بأنه باني مؤسساته وحاميها في آن .
ولكن الأشد فزعا بالنسبة لمستقبلنا كعراقيين ، أن تكون لحظة الهدم لا البناء ، لحظة ديمومة تاريخية ملغمة بالخلط العميق والمستمر بين جملة حدود أساسية لا تحتمل الخلط المفاهيمي ، حدود عقلانية ترسم الكيانات البنيوية على هداها بين الدولة والجماعة والفرد والدين والسلطة والمعارضة والرأي ...الخ .
في وضع منفلت وشائك وغير مسبوق ، يلزمنا لتصويب مساره السياسي والثقافي اجتراح حاضنة قيمية فاعلة تنبذ العنف وتشيع الحوار وتحسن تقدير الوقت بشكل يمكنها من إعادة تأهيل الجماعات البشرية أيا كان دورها وموقعها ودائما في إطار دولة القانون والمواطنة والتمدن ؟
انه السعي الذي يوحدنا الآن ، حينما يجعلنا نختط ، ما أمكننا ذلك ، سبيلا لحوار ديمقراطي يؤمن بإمكانية الوصول إلى ضفاف آمنة تتجاوز المطالبة بحرية الثقافة نحو امتلاك ثقافة الحرية .



#احمد_ثامر_جهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مديات عراقية في ربيع المدى الثقافي
- بيان استنكار من اتحاد الصحفيين العراقيين في ذي قار
- في حقائبه السينمائية المسافرة .. رسائل للوطن والأصدقاء
- مواقف مساندة لصحفيي ذي قار عشية الاعتداء على زملائهم من قبل ...
- كلمة المثقفين التي ألقيت في حفل افتتاح متحف الناصرية بعد إعا ...
- اغتراب مطر السياب
- مثقفو مدينة الناصرية يتطلعون إلى دولتهم الليبرالية
- لصوص أكاديميون،العابث بمياه الآخرين لن يسرق المريض الإنكليزي ...
- عن السينما والدستور وحلمي الأثير
- المسافرون إلى السماء عنوة
- سيناريو الرعب ولغو الانتصارات الكاذبة
- سؤال سجين من زنزانة القاص محسن الخفاجي
- أودع عقيلا وانتظر موتي القادم
- نص مخمور
- سينمائيون بلا حدود
- قيثارة الكابتن كوريللي عزف سينمائي على أوتار الحرب
- بأبتسامة أمل ..سنرسم حاضرا لطفولتنا المؤجلة أبدا
- سؤل المواطن .. ولكن بعد خراب البصرة ؟
- بلاغة التحديث في الخطاب السينمائي
- الاسلام السياسي والغرب


المزيد.....




- ميدل إيست آي: يجب توثيق تعذيب الفلسطينيين من أجل محاسبة الاح ...
- بعد اتهامه بالتخلي عنهم.. أهالي الجنود الأسرى في قطاع غزة يل ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة للمركز الوطني لحقوق الإنسان حول اس ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة لمركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان ح ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة للمنظمة العربية لحقوق الإنسان حول ...
- هايتي: الأمم المتحدة تدعو إلى تطبيق حظر الأسلحة بشكل أكثر فا ...
- قبيل لقائهم نتنياهو.. أهالي الجنود الإسرائيليين الأسرى: تعرض ...
- هيومن رايتس ووتش تتهم تركيا بالترحيل غير القانوني إلى شمال س ...
- بسبب المجاعة.. وفاة طفل بمستشفى كمال عدوان يرفع حصيلة ضحايا ...
- الأمم المتحدة تحذر: الوقت ينفد ولا بديل عن إغاثة غزة برا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - احمد ثامر جهاد - في التنوع والاستبداد صورة عن الجدل الثقافي والسياسي