أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد ثامر جهاد - في حقائبه السينمائية المسافرة .. رسائل للوطن والأصدقاء














المزيد.....

في حقائبه السينمائية المسافرة .. رسائل للوطن والأصدقاء


احمد ثامر جهاد

الحوار المتمدن-العدد: 1455 - 2006 / 2 / 8 - 09:41
المحور: الادب والفن
    


عشية الاحتفال بأعياد راس السنة ، استعاد صديقنا المغترب - مرغما - مسلسل حياته المضطربة فصلا تلو الآخر ، صورة تمحو أخرى ، ذكريات أليمة متراصة عن الوطن والبيت والاخوة والأصدقاء والحبيبات ، حتى أن ابتهاجه بالحياة الصاخبة من حوله لم يمنع جريان دموعه الساخنة من أن ترسم في وجهه الصغير خرائط عراقية لحزن الأيام السود . . ما أشبه الأيام السود بتعبير ارض السواد ، كان الأخ الأصغر عازف العود ( عادل ) يردد دائما .
في بهجة انغماس الناس بكرنفال الكريسماس ظنَّ الفنان المغترب أن الأرواح الأوربية الراقصة على أنغام الموسيقى الصادحة ، تلك التي حلم بمعاشرتها والتعلم منها يوما ، ستجعله مختطفا صوبها من وجع سكناته العراقية الكامنة في أعماقه .. وتناسى هناك أصداء نصيحة أمه وهي تردد : وجع الذاكرة يا بني سيطوقك أينما حللت وارتحلت . أمك على حق : أحدهم يقول . ستشبع رغباتك كلها وتبقى تفكر بنكهة رغيفها الساخن المداف بعرقها ورائحتها وحنوها الرباني .
يوجعه أن السؤال ما زال محلقا في وحشته ، يلامس بقوة عوده الطري بعد : هل ثمة مكان سينسيه وطن التهديدات والاغتيالات والمطاردات ، أهوال وطنه ذاك ، وطفولته المؤبدة فيه ؟ ربما اعتصرت جوفه نسائم ارتياح قدري وهو يفكر بوجوه اخوته المفجوعين بلعنة الارتحال من مكان إلى آخر مثله تماما . لقد نجوت بنفسك وينتظر أحباؤك كلهم شريط صورك الملونة عنهم ، سلامك إليهم . أليسوا أهلوك ؟
في رسالة طويلة مشوشة وردتني منه ، بدا أن المخرج الشاب ضياء خالد - كسواه - لم يغادر طوق محنته في العراق إلا بقرار فرار قسري من بغداد إلى منافي الغرب اضطره لركوب سماء رحلة طويلة شاقة ، تاركا خزانة حياته المتواضعة مؤبدة في عيون أمه واخوته الذين فرقهم رعب الموت اليومي الراهن إلى أماكن مختلفة داخل الوطن وخارجه . هكذا تشظى الشمل الحميم دونما رحمة ، وتناثرت العائلة إلى أفراد مأزومين لا يني أحدهم ينشغل بمصير الآخر . بالتأكيد ليسوا وحدهم أبطال محنة الترحال العراقي القسري من سقف إلى آخر ، بل ذاك هو ديدن الحياة العراقية اليوم لمن يعرفها في مدنها المختلطة - المختطفة بفعل محرمات المذاهب والقوميات والأفكار .
كان القدر المجنون لهؤلاء الاخوة انهم يجهلون معنى الخيانة العظمى ويحبون الفن والوطن والحياة ليس إلا : فمنهم السينمائي والعازف والرسام والمسرحي . وما ابعد حياتنا العنيفة عن هضم كلمة الفنان وحلمه في رؤية حياة إنسانية كريمة . نعم تلك كانت المفارقة التي يتقاسم أنينها المجاني غير عراقي اليوم ، فصاحبنا المخرج عانى الأمرين مع زمنيين يفترض انهما مختلفان ، مع النظام السابق اضطرته همومه وتطلعاته البيضاء إلى الهجرة إلى عمان لعامين ونيف ، وعقب عاصفة التغيير عاد إلى بلاده لمواصلة حلمه في إنجاز فيلم عراقي مع مجموعة من الأصدقاء شكلوا فيما بعد جماعة دارك فيلم السينمائية . مات الشعر ولم تنتهي الحروب ، وُصفت حياتنا .
في رسالته يقول : لم نكن نعلم ان لنظام الموت الصدامي ثمة أذناب ستستمر بهذه البشاعة كل هذا الوقت متلبسة أشكالا ووجوها مختلفة . هذه هي الواقعة المريرة مجددا التي اضطرت الاخوة للشتات الموجع ثانية في عواصم عربية وأجنبية وفي جوفهم المتعب اكثر من غصة عراقية ، ترقب الحال والأحوال وتسأل عن من بقي من الأحباب حيا ومن مات .
الحكاية التي يتهامس بها الجميع ويستعيذون في سرهم من شر الشيطان الرجيم ، هي نفسها تشير إلى الخوف كل الخوف من وشوك كارثة تحل بالوطن الجديد وتجثم على رؤوس المساكين مرة أخرى ، حينما يسلم البلد بالكامل قياده لأصوات الظلاميين والمتطرفين ، يمرح القتلة من جديد ويتقهقر الحلم العراقي إلى الصدور ثانية ، فيفر من يفر ويعتزل من يعتزل ويغيب من يغيب ، ويضيع من أيدي الجميع الخيط الجميل الموصل إلى ضفاف البيت الهانئ .

لكن يا صديقي ، سأعيرك عيني .. لترى ما أرى :
في طريق عودتك ..
تذكّر ...
ان هناك من ينتظرك بابتسامة آمنة .



#احمد_ثامر_جهاد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مواقف مساندة لصحفيي ذي قار عشية الاعتداء على زملائهم من قبل ...
- كلمة المثقفين التي ألقيت في حفل افتتاح متحف الناصرية بعد إعا ...
- اغتراب مطر السياب
- مثقفو مدينة الناصرية يتطلعون إلى دولتهم الليبرالية
- لصوص أكاديميون،العابث بمياه الآخرين لن يسرق المريض الإنكليزي ...
- عن السينما والدستور وحلمي الأثير
- المسافرون إلى السماء عنوة
- سيناريو الرعب ولغو الانتصارات الكاذبة
- سؤال سجين من زنزانة القاص محسن الخفاجي
- أودع عقيلا وانتظر موتي القادم
- نص مخمور
- سينمائيون بلا حدود
- قيثارة الكابتن كوريللي عزف سينمائي على أوتار الحرب
- بأبتسامة أمل ..سنرسم حاضرا لطفولتنا المؤجلة أبدا
- سؤل المواطن .. ولكن بعد خراب البصرة ؟
- بلاغة التحديث في الخطاب السينمائي
- الاسلام السياسي والغرب
- وقائع مهرجان الحبوبي الابداعي الثاني في الناصرية
- عن الشتاء والمسؤولين وحب المطر
- حمى السلاسل السينمائية


المزيد.....




- رحيل الفلسطيني محمد لافي.. غياب شاعر الرفض واكتمال -نقوش الو ...
- موعد نزال توبوريا ضد أوليفيرا في فنون القتال المختلطة -يو إف ...
- الليلة..الأدميرال شمخاني يكشف رواية جديدة عن ليلة العدوان ال ...
- أعظم فنان نفايات في العالم أعطى للقمامة قيمتها وحوّلها إلى م ...
- “أحداث مشوقة في انتظارك” موعد عرض المؤسس عثمان الحلقة 195 ال ...
- نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس فور ظهورها عبر nateg ...
- صدر حديثا : محطات ديوان شعر للشاعر موسى حلف
- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص
- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد ثامر جهاد - في حقائبه السينمائية المسافرة .. رسائل للوطن والأصدقاء