أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد ثامر جهاد - برسيبوليس














المزيد.....

برسيبوليس


احمد ثامر جهاد

الحوار المتمدن-العدد: 3037 - 2010 / 6 / 17 - 15:49
المحور: الادب والفن
    


شهادة إنسانية عن أفول الأحلام في إيران الثورة

لم يتعرض فيلم من الأفلام السينمائية التي تصور شكل الحياة في ظل الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى حملة مضادة تستهدفه بالنقد والتشويه والمنع بقدر ما تعرض له فيلم الرسوم المتحركة برسيبوليس. وليس من المبالغة القول انه احد اشد الأفلام السينمائية التي وجهت نقدا لاذعا لواقع الحياة في إيران عشية ثورة الخميني أواخر السبعينيات وما تلا ذلك من أحداث جسيمة تركت أثرها البليغ على حياة الناس وأبرزها سنوات الحرب العراقية الإيرانية،خاصة وان كاتبة ومخرجة الفيلم إيرانية الأصل مارجان ساترابي اعتمدت في بناء حكاية فيلمها على سيرتها الشخصية التي وثقت بأسلوب شيق وسرد واقعي ما تعرضت له في طفولتها من مضايقات على يد رجال الدين،دفعتها لاحقا إلى أن تترك بلادها وتتوجه إلى النمسا،ومن ثم إلى فرنسا، في رحلة قسرية أبعدتها عن وطنها الإيراني إلى يومنا هذا.
وقد سبق لمارجان ساترابي ان نشرت حكايتها تلك على شكل قصة مصورة ترجمت إلى لغات عدة منها العربية. وأبقت المؤلفة على مسار القصة الدرامي في فيلمها المنتج فرنسيا والذي يقوم النجمان الفرنسيان الشهيران كاترين دينوف وسيمون أبكاريان بالأداء الصوتي للشخصيات الرئيسية فيه.
برسيبوليس أو مدينة الفرس،الفيلم الذي اختارت الإيرانية ساترابي بمساعدة فانسان بارونو أن تقدمه بطريقة الرسوم المتحركة وباللونين الأسود والأبيض ينتقد بأسلوب تهكمي الأوضاع السياسية والاجتماعية في ظل حكم الشاه،وتاليا في ظل الجمهورية الإسلامية التي فرضت رقابتها الدينية الصارمة على الحياة الإيرانية بقسوة لا مثيل لها،تركزت بشكل أساسي في لائحة المحظورات التي قيدت حرية المرأة الإيرانية وأبعدتها عن الحياة العامة خلف شريعة الحجاب.حتى ان الحوادث الصغيرة التي كوّنت عالم الطفلة مارجان،العاشقة لاغاني الروك اندرول والملابس الأوربية شكلت ملامح تجربة إنسانية مريرة بالنسبة لمن نشأ في ظل مجتمعات شمولية مغلقة لا تؤمن إلا بما تمليه عليها عقيدتها المطلقة.
يتناول الفيلم حياة أسرة مثقفة من الطبقة الوسطى ذات ميول يسارية،مؤيدة لحركة الإطاحة بنظام الشاه في إيران وتربطها علاقات طيبة مع معارضين سياسيين من غير المنتمين للتيارات الدينية،وذلك من خلال سرد الفتاة مارجان بحواسها الذكية لذكريات طفولتها عن تلك الفترة العصيبة التي سلبت منها العديد من الأقارب والأصدقاء وبينهم من كان له لاحقا أثرا فعالا في تشكيل تصوراتها عن الحياة والسياسة في إيران.
أقوى مشاهد الفيلم ركزت على إبراز مشاعر الإحباط والقسوة التي يتعرض لها هؤلاء المعارضين عقب استئثار الإسلاميين بالسلطة..آنذاك لم يعد أمام من يحب مواصلة حياته بعيدا عن عقيدة الثورة من خيار سوى الهروب خارج إيران.
من هنا تقرر ساترابي السفر إلى الغرب بعد تعرضها لسلسلة من الفقدانات والأوجاع الشخصية في ظل مناخ التحريم الأخذ في التوسع. لكن الغرب المنشود لم يكن ملاذا مثاليا مناسبا لفتاة تبحث عما هو نقي في عواصم تفترسها حمى الأنانية والنظرة العنصرية،سيما بالنسبة لمن ينتظر ان يكون المنفى بديلا فردوسيا عن وطنه المأزوم. سنشهد خلال أحداث الفيلم التالية فشل ماريان في استيعاب حياة المنفى والتخلص من الشعور بكونها مختلفة عن الآخر،كائن جريح،هوية قلقة،طموح زائف. فنراها تتخلى - في لحظة حرجة- عن هويتها لتعلن بلسان بارد انها (فرنسية) من دون ان تكون واثقة من انها فعلت الأمر الصواب أو أن أحدا سيصدقها أو يحبها جراء ذلك.
وفقا لروايتها الفيلمية لم تكن مارجان صفة الشر المطلق،مثلما لم يكن الغرب المنشود الخير كله. في غضون ذلك الترحال تفقد الفتاة حماسها وعذريتها،مستسلمة لخيار العودة إلى إيران؛ الوطن،والأهل،والمنفى الأول. حينها تكون حرب الثمان سنوات قد وضعت أوزارها بعد ان أزهقت آلاف الأرواح ودمرت إمكانات الدولة والمجتمع في النهوض بالحياة مجددا. ومع ان ثمة نسائم انفراج نسبي في الحياة الإيرانية خلال عقد التسعينيات إلا انها لن تكون كافية لمنع مارجان من العودة ثانية إلى بلاد الغرب، ولكن هذه المرة برغبة اكبر وعزم ثقافي اشد يتطلع إلى اكتناه تجربة الحياة الغربية بما هي عليه واستثمار فرصها الايجابية .
ربما يعد خيار المخرجة والكاتبة مارجان ساترابي في تبليغ رسالتها عبر لغة الرسوم المتحركة بروحها المرحة وبإطار انشغالها التعبيري في اللعب على ثنائية الأسود والأبيض الغنية بالدلالات،خيارا ذكيا لمنح حكايتها تأثيرا وجدانيا وانتشارا شعبيا واسعا.
ورغم جهود المعارضين لفيلم برسيبوليس التي وصلت إلى حد مخاطبة لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي بذريعة إساءة الفيلم لحقيقة الثورة الإيرانية،وكذلك محاولة إيقاف عرضه في لبنان وإخراجه من المشاركة في مهرجان بانكوك،إلا انه حصل على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان 2007،وجائزة أفضل سيناريو مقتبس في مهرجان سيزار،فضلا عن ترشّحه لجائزة الأوسكار عام 2008 عن فئة أفضل فيلم رسوم متحركة.
ولن يمنع الجدل المثار حوله من اعتبار فيلم برسيبوليس وثيقة إنسانية جريئة تنشد احترام الحريات الفردية وخيار الإنسان في حياة كريمة بعيدا عن أساليب العنف والاستبداد الايديولوجي .



#احمد_ثامر_جهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخرج فيم فندرز ..مرثية لامريكا الاحلام والوفرة
- قراءة في صور حروب أمريكا-كتاب-أبو غريب والإرهاب والميديا-
- العالم بعين سينمائية واحدة
- شفرة دافنشي ..فضاء الرواية وأداء الفيلم
- راشد يزرع عبوة !!
- - بيرل هاربر -
- الناصرية .. مدينة من غبار وأسى
- كهربة المواطن العراقي
- اسود او ابيض / في ثقافة أقاصي الاختلاف
- سائق التاكسي .. سيناريو موت عراقي قصير
- عن حلم فلوبير ورواية الوردة
- اغتيال البسمة ..في اغتيال الفنان وليد حسن جعاز
- مواطن .. بعد فوات الأوان
- في التنوع والاستبداد صورة عن الجدل الثقافي والسياسي
- مديات عراقية في ربيع المدى الثقافي
- بيان استنكار من اتحاد الصحفيين العراقيين في ذي قار
- في حقائبه السينمائية المسافرة .. رسائل للوطن والأصدقاء
- مواقف مساندة لصحفيي ذي قار عشية الاعتداء على زملائهم من قبل ...
- كلمة المثقفين التي ألقيت في حفل افتتاح متحف الناصرية بعد إعا ...
- اغتراب مطر السياب


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد ثامر جهاد - برسيبوليس