عجيب امركم يا حكام العرب

قحطان محمد صالح الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3309 - 2011 / 3 / 18 - 20:53
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    

عجيب امركم يا حكام العرب. أوائل الناس في الدكتاتورية وآخرهم في الإنسانية، واكثرهم حبا للجاه والسلطان. ولكن التاريخ أثبت بانكم اجبن خلق الله كلهم. فبقدر الظلم الذي تصبونه على مناؤيكم يكون خوفكم وجبنكم من شعوبكم اعظم واكبر حين تغضب وحين تريد الحياة، وهذا ما اكدته ايام العام 2011، فقد هرب أول الجبناء من لم يكن زينا لدينه ولا شعبه الى خارج وطنه لاجئا الى حيث أعتى الدكتاتوريات في العالم ،واعقبه في الهروب خائبا من لم يكن مباركا في حكمه، وقد اصيب الأثنان بغيبوبة افقدتهم الرشد الذي ظنوه حقا مقدسا لهم دون مواطنيهم.
ومن حكامنا من لم يهرب من عرشه وجبروته ولكنه اكثر من سابقيه جبنا واثبت لشعبه وللعالم بالفعل بانه قذافٌ للدم، فلم يرَ سبيلا لجبنه سوى قتل ابناء شعبه الثائرين ضده وهو الدعي بانه ابو الثوار ،وأي جبن أشد من جبن قائد يقتل شعبه بأشد الأسلحة فتكا ليظل حاكما مستبدا؟
وغريب امر جلالة السلطان حين حاول ومن منطلق الخوف من شعبه أن يحدث بعض التعديلات الدستورية في سلطنته المعزولة عن الحضارة. ولا غرابة في تصرفات الملك الهاشمي عبد الله الثاني الذي يجيد فن المراوغة الذي كسبه من اخواله الإنكليز وكيف لا فـ ( ثلثين الولد على خاله).
ومثل الملك الهاشمي فإن هناك ملكا في مغرب العالم العربي له من العروبة نسبه العلوي وهو خليفة المسلمين في القرن الحادي والعشرين ،هزته الأحداث فبدأ ينسق ليلعب لعبة تخفي خوفه وجبنه من شعبه ،ولكننا نخاف منه أن يعيدنا الى زمن والده والى انتهاكاته في سنوات الرصاص. ولن نتحدث عن بطل العرب والمسلمين في جلد الفتيات وضربهم وفي انتهاكه لحقوق الانسان وجرائمه في دارفور وجنوب السودان.
ومن جبن الملوك العرب ما دفع بملك ثاني اصغر دولة بالعالم الى ارتداء درع الجزيرة ليخوض معركة حماية العرش ضد شعبه الأعزل مبررا ان الشعب يريد اسقاط النظام، فدخلت دبابات ومدرعات الدرع الصدأ الى شوارع المنامة لتساهم في ابادة شعب لا يريد سوى العدل والمساواة ،وليثبت امراء الإمارات والسعودية للعالم جبنهم وخوفهم مما يسمونه المد الشيعي ودور ايران في الخليج.
واليوم توج جلالة الملك الخادم - الذي لم يحسن قراءة أوامره الملكية - جبن ملوك العروبة والإسلام بمكارمه السخية على شعبه وبشكره وتقديره لهيئة علمائه المبجلة وهيئات الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف معتقدا بانه بسخائه المفاجئ سيطفأ نار الثورة في جزيرة العرب.
وفي الوقت الذي كان الفقير لله عبد الله بن عبدالعزيز ينثر مكارمه على السعوديين، وصل الحاكم البدوي علي عبد الله غير الصالح الى قمة جبنه حين نثر الرصاص الحي فوق رؤوس اليمنيين ليفوق ولي نعمته فقتل في الحال اكثر من ثلاثين مواطنا وجرح ما يزيد على المائتين .
ولم يبق لنا من عظماء أمتنا الجبناء الميامين سوى ابن الأسد المغوار الذي وجد نفسه الوحيد بين صناديد الحكام العرب من ارتضى دوام الاحتلال لهضبة الجولان، فدخل الجبن قلبه فمارس الترهيب كعادة والده وبدأت فصول القمع في حمص ودمشق وربما ستعم مدن الشام الأخرى.
وحيث أن صور الجبن كثيره عند حكامنا العرب فقد رسم لنا نوابنا الميامين صورة غاية في الجبن حين اعلنوا تعليق عمل مجلسهم العتيد لمدة عشرة أيام احتجاجا على دخول قوات درع الجزيرة الى عاصمة البحرين. لقد جسد نوابنا ازدواجية في شخصياتهم ليظهروا شجعانا في وجه وجبناء في الوجه الآخر.
لقد كانوا شجعانا في تنديدهم بدخول هذه القوات (الأجنبية ) التي دخلت البحرين لقمع ثورة شعب يريد الحرية وينشد الكرامة، ويبغي العدل والانصاف ،وهذا موقف مشرف . ولكنهم كانوا جبناءَ لأن بعضهم جامل البعض الآخر لأسباب طائفية فلم يكن سعي البعض للتنديد بدخول قوات درع الجزيرة من منطلق احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها بقدر ما كان استجابة لرغبة ايرانية محضة في دعم شيعة البحرين، هذا من جهة ومن جهة اخرى جسد حكامنا جبنهم من خلال هروبهم من ساحة مواجهة المطاليب المشروعة لشعبنا العراقي وتعليقها على شماعة البحرين بتعليق جلسات المجلس الذي كان عليه أن يحدد موقفا واضحا وصريحا من انتهاكات حكومة دولة رئيس دولتنا التي وصلت في إحدى الجمعات الى الضرب والحجز وانتهاك حقوق الإنسان.
قالوا: مسكين هو الشعب العربي، ولكننا اليوم نقول مساكين هم حكام العرب. فهم الجبناء ونحن الشجعان .ولن نرضَ بعد اليوم أن يحكمنا غير القوي الأمين.

#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل