إصلاحات جَذرية مطلوبة في الأقليم

امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3292 - 2011 / 3 / 1 - 01:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

أعتقد بأنهُ خطأٌ من الناحية السياسية ، أن يَعمَد الحزب الديمقراطي الكردستاني ، في هذه الظروف الإستثنائية التي تَمُرُ بها المنطقة .. الى تسيير مُظاهرات ومسيرات مؤيدة للحكومة ولرئيس الأقليم . فبِغَض النظر عن مدى شعبية الحزب والمَكانة المُمَيزة التي يحتلها السيد مسعود البارزاني ، لدى قطاعات واسعة من الشعب الكردستاني ، لاسِيما في دهوك وأربيل والموصل ، فأن المُظاهرات التي تخرج في صنعاء والمنامة ، والتي لها مغزى رجعي وهي بالضِد من تطلعات جماهير هذين البلّدّين ، وكذلك المظاهرات المُفتعلة لمؤيدي بن علي ومُبارك ، أمس ، ومظاهرات هتافي ومداحي القذافي هذه الأيام ... كُل هذهِ المظاهرات ، وَلَدتْ إنطباعاً جمعِياً ، بأن كافة المُظاهرات المؤيدة للأحزاب الحاكمة وللرؤساء ، لها مردودٌ عكسي لدى عامة الشعب!. مع الأخذ بنظر الإعتبار .. بأن الحزب الديمقراطي الكردستاني ومسعود البارزاني ، يتمتعان فِعلاً بتأييدٍ حقيقي مِنْ قِبَل الكثير من مواطني الأقليم .
وعودة الى أصل المُشكلة ، والتي تتمَثَل بالفساد وإستغلال السلطة ولا عدالة توزيع الثروة .. فأن تحويل الأمْر الى مُجّرد مُزايدات بين " حركة التغيير " و " الحزب الديمقراطي " و " الاتحاد الوطني " ... والإنجرار نحو إستعراض القوة المُتَبادَل وتجييش الشارع ، هو تسطيحٌ للمشكلة وذَرٌ للرَماد في عيون الشعب المُفَتَحة !. فسابقاً ، أي قبل عشر سنوات مثلاً ... حيث لم تكن وسائل الإتصال والمعلوماتية ، منتشِرة على نطاقٍ واسع .. كانَ في الإمكان طَمْس الكثير من الحقائق ، ولَوي عُنق العديد من الوقائع ، وإخفاء كومةٍ من الدلائل ، وإنكار سيلٍ من الإتهامات ، والتعتيم على الأخبار ومنع نشرها... لكن اليوم ، لم يَعُد ذلك مُمكِناً !. فطراطيش العَولمة التي وصلَتْنا من خلال الهاتف الخليوي والإنترنيت والفضائيات .. كافية لِفضح كثيرٍ من المُخالفات التي يقوم بها المسؤولون الكبار في الحزب الحاكم او الحكومة .
ان مُحاولة " حركة التغيير " إحتكار المُطالبَة بالإصلاحات ، وتجيير التحركات الجماهيرية لحسابها الخاص ... ليسَ مقبولاً بالمّرَة . فأي مُراجعٍ لأرشيف الصحافة الكردستانية والعراقية ، سيكتشف الكثير والكثير ، من الدعوات الى إصلاحات جذرية ، والحَد من الفساد المُستشري بجميع أنواعهِ في كُل مرافق الأقليم ، وإختلاط حزبَي السلطة بالحكومة والدولة ، ووجود إدارَتَين في الأقليم ، والتأشير على مواقع الخلل ..، منذ سنواتٍ عديدة ، قبلَ ظهور حركة التغيير ... في الوقت الذي كان لايزال مؤسسوا هذهِ الحركة جزءاً فاعلاً من ماكنة السلطة !.
لا أحد ينكُر ، ان هنالك الكثير من التحديات الصعبةِ في إنتظار الكُرد في المرحلة القادمة .. وان ملفاتٍ مُعقدة يجب أن يتم التعامُل معها ، مِنْ قِبَل السياسيين الكُرد بمختلف إنتماءاتهم ، بروح الفريق الواحد المُوَحَد .. وخصوصاً في بغداد والمناطق المتنازع عليها . ولكن ينبغي ان لا يصبحَ هذا الأمر ، شماعةً تُعّلَق عليها ، التأجيلات المُستمرة والمتلاحقة .. للإصلاحات الجذرية المطلوبة والمُلِحة .
بالعكس تماماً .. فمُحاربة الفساد بِجدية ومُعاقبة ومحاسبة الفاسدين والمُفسِدين ، مَهما كانتْ مناصبهم ومواقعهم ، والشفافية في كل الأمور المالية .. يجب ان تتم اليوم وفوراً .. والكف عن إستغلال السلطة لمصالح حزبية أو شخصية .. من المفروض ان يبدأ في الحال .. هذه الأمور إذا جرتْ .. فأنها ستساعد كثيراً في حل ليس المشاكل الداخلية في الاقليم ، فحسب .. بل حتى تلك العالقة مع الحكومة الإتحادية أيضاً .
من الضروري الإستماع ، ببالغ الجِدية .. الى مطالب الشباب خاصةً .. هذا الجيل الذي لم يشهد حُكم صدام الدموي ... ولم يشهد مصاعب وتضحيات سنوات نضال الحركة التحررية الكردية .. هذا الجيل .. الذي تعّودَ على الإنفتاح على العالم من خلال الانترنيت .. هذا الجيل الذي سوف يقود المجتمع في المرحلة القادمة ... هذا الجيل يستخدمُ " لغة " اُخرى واسلوباً آخر وطريقةً مُختلِفة ... يجب على السلطة وأحزابها ، ان تتفهم هذه المتغيرات وتتأقلمَ مع الأمر الواقع .

#امين_يونس (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل