أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جمال علي الحلاق - المكنسة شعار الثورة العراقية















المزيد.....

المكنسة شعار الثورة العراقية


جمال علي الحلاق

الحوار المتمدن-العدد: 3284 - 2011 / 2 / 21 - 04:03
المحور: حقوق الانسان
    




المكنسة شعار هائل ، وأعتقد أنّها شعار صرفٌ للثورة العراقية ، لذا أتمنّى أن تكون المكنسة حاضرة دائماً في كلّ تظاهرة تنزل الى الشارع .

***

المكنسة كشعار ، يمكن ان تُقرأ دلالاتها بمستويات عديدة ، أسوةً بأيّ نصٍّ أدبي مكثّفٍ ومنفتح ، ستكون أبسط دلالات المكنسة كنس الشارع من كلّ القمامة المتراكمة ، وأعلى دلالات المكنسة كنس الثقافة التي أنتجت كلّ هذا الفساد .

وعليه ستكون للمكنسة قراءة خاصّة عند كلّ فرد ، وعند كلّ جماعة ، وسوف يعمل كلّ فرد منطلقاً من فهمه وعمق قراءته لها كرمز .

***

المكنسة الآن تحوم حول كلّ مسؤول في الدولة ، بكلّ تدرجاتهم الوظيفية ، من الرأس الى أخمص القدم . الكلّ جاهز للكنس ، وأوّلهم المسؤولون عن الخدمات الإجتماعية ، والمنبريّون الذين يعتاشون بالإحتيال على وجدان الشارع العراقي .

***

القمامة التي تتراكم على وجوه المدن ، إبتداءً من العاصمة الى أصغر قرى العراق ، إشارة الى الفقر والتخلّف الذين يحطّان على أكتاف المجتمع ، ( أكثر من مليون مواطن يعيش تحت مستوى خط الفقر في بغداد وحدها ) ، القمامة تمنح المكنسة شرعيّتها ، فهي كشعار للثورة شرعي جداً ، ولا يخرج على القانون ، على العكس تماماً ، فإنّها تخدم القانون المدني ، وتعمل على تفعيله .

القمامة المتراكمة في الشوارع ، التي تحيط بالمستشفيات وبالمدارس ، والتي تغلق على الفرد العراقي شبابيك الإحساس بإنسانيته تجعل المسؤولين خُرساً إزاء هذا الشعار ، لن يجرؤ أحدٌ منهم على رفضه ، الكلّ يتقبّله ويغضّ الطرف عن دلالاته الأخرى .

***

لنتوقّف عن ترديد : " لقد أسمعت لو ناديت حيّاً " ، لأنّ الجميع أدرك الآن ، أو سوف يُدرك رُغماً ، دلالة المكنسة التي تحوم حوله . لقد مضى زمن التغليس ، المسؤول موظّف إداري مطالب بإداء واجابات محدّدة ، فإن لم يقم بها فالمكنسة هي الحلّ .

المكنسة شعار تأسيسي ، يتجاوز المرحلية ، يضع اللبنات الحقيقية للبدء بإنشاء ثقافة تدوينية وليست شفاهية . المكنسة بداية لا تُدحض ، بداية قائمة ، لأنّها خبرة جاءت نتيجة ممارسة تجريبية حيّة . كم أتمنى لو يصار الى وضع المكنسة كهويّة عراقية ، إي وضعها كإحدى ثيمات العلم العراقي .

يجب أن يُدرك المسؤول المقصّر في إداء واجبه أنّ وجوده في المنصب تماماً مثل وجود القمامة على الأرصفة .

***

تكثيف نزول المكنسة كشعار الى الشارع سيعمل على توضيح الدلالات الأخرى ، وهو المطلب الأكثر عمقاً في التظاهرات كلّها ، وأقصد تحديداً كنس الثقافات التي أنتجت كلّ هذا الفساد .

***

لا يزال ( المالكي ) يردّد بشرعية الحكومة لأنّها – بحسب رأيّه -منتخبة ، وينسى أنّ الشارع هو الذي إنتخب الحكومة ، وأنّ خروج الشارع الآن إشارة الى نقض هذا الإنتخاب في حالة استمرار الفساد . ينبغي على الحكومة أن تُدرك أيضاً أنّ بقاءها مرهون برضا الشعب عنها .

***

التظاهرات السلمية دلالة اعتراض على سوء الإداء الوظيفي للحكومة بكلّ تدرّجاتها الهرميّة ، فإذا بلغت التظاهرات حدّ العنف فإنّها إشارة الى رفض الجماهير للحكومة رفضاً كاملاً ، وهنا يُرفع شعار إسقاط الحكومة .

الشارع الآن يعترض فقط ، وعلى الحكومة أن تتدارك نفسها .

***

على الحكومة إن تحاسب المسؤول الذي يستخدم العنف ضدّ المتظاهرين بشكلٍ سلمي ، لقد تمّ التحدّث كثيراً عن عمليات إحراق بناية محافظة واسط ، وتمّ السكوت عن القتلى الذين راحوا ضحيّة إجراءات همجية المحافظ ، ينبغي إقالة المحافظ وإحالته الى المحاكمة . الشارع الآن لا يتحمّل إهانات أخرى ، لقد مات زمن الخضوع والتذلّل ، الشارع العراقي يغلي أسوةً بالشارع العربي ، لقد انتقلت عدوى الإعتراض والإحتجاج ، إنتقلت عدوى المطالبة بالحقوق ، أحجار الدومينو تتساقط ، والحسّ الإنساني ينهض بعد أن تمّ دفنه لعقود طويلة وثقيلة .

***

من في السلطة الآن هم الصفوة المنتخبة لكافّة الأحزاب المشتركة فيها ، وعليه ، فإنّ سكوت هذه الأحزاب عن كلّ هذا الفساد إشارة صارخة الى فساد الأحزاب ذاتها ، وخلوّها من أيّ حسٍّ وطني يمكن أن يقود الوطن الى رفاهيّة تمنح الفرد إحساساً أعمق بإنسانيّته .

الفساد الموجود إدانة لكلّ الأحزاب المشاركة في السلطة ، إدانة للآلية التي تتحرّك بها هذه الأحزاب ، صعود الأميّين على أكتاف أصحاب الشهادات والخبرة كلّ ضمن تخصّصه ، الحسّ العشائري والولاءات الشخصية أو الطائفية أو القومية البغيضة .

***

المساكتة هي بيت الداء ، وهي مرض عربي قديم ، إبتدأ بين مثقّفي السلطة بأمر من الولاة ، واستشرى حتى أصبح حياة يومية ، فنحن نسكت عن ذكر الأسماء ، ونسب ونلعن الفساد الذي يعمّ البلد من أعلاه الى أدناه ، وبكلّ تدرجاته الطبقية ، مساكتة حزب عن حزب ، ومساكتة دين عن دين ، ومساكتة طبقة إجتماعية عن أخرى .

مساكتة متبادلة في حال توازن القوى ، لكنّها ليست كذلك في حال الإنفراد بالسلطة من قبل فئة أو حزب أو طائفة أو طبقة إجتماعية . فأوّل وظائف المكنسة هي كنس هذه المساكتة القائمة على سرقة أموال الشعب وسرقة حريّاته أيضا .

***

المساكتة تجعل العلماني والتقدّمي والمُنْفَتِح أكثر إنتهازيةً وتخلّفاً ورجعيةً ، وعليه لا وجود لعلمانيين والتقدّميين والمنفتحين في حكومة قائمة على المساكتة .

***

( المالكي ) خائف من تسييس التظاهرات الجماهيرية ، وخوفه هذا يعني أنّ الحكومة إمّا أنّها لا تمثّل كافة شرائح الشعب ، أو أنّ البعض فيها مشارك برغم إرادته .

وبالتأكيد فإنّ المشارك لا يحق له الإعتراض لأنّه جزء من السلطة ، وإذن فعلى الشارع الخارج للتظاهر ، باعتباره هو الذي إنتخب السلطة ، أن لا يدين الكتل السياسية ، بل يدين الفساد ، أي جعل الفساد مسألة فردية ، وأنّها يمكن تداركها ، سواء عن طريق الفرد المسؤول ذاته أو عن طريق غيره .

( المالكي ) هنا يحاول إضفاء الصفة الوطنية على الكتل والأحزاب المشاركة في السلطة ، يحاول إضفاء الوطنية على السلطة ، وهذا شيء لا يشعر به المواطن العراقي ، المالكي الآن يناقض الشارع ، لأنّه هو الآخر واقع في فخّ المساكتة ، فقوله بأنّه يعرف بعض الذين يحاولون تسييس التظاهرات ، وأنّه لا يريد أن يُدفع دفعاً الى الإعلان عنهم ، إشارة صارخة لهذا النظام الذي لا يمكن ان يخطو خطوة حقيقية لأنّ الجميع فيه ساكت عن الجميع .

***

على ( المالكي ) باعتباره رأس السلطة الآن أن لا يقف بالتضاد مع الشارع ، وأن يتابع حركة المكنسة الجماهيرية ، وأن يبادر هو من موقعه الرئاسي الى كنس المسؤولين الذين يتمّ تشخيصهم من قِبل الشارع ، كخطوة أولى في تعجيل عملية التغيير ، الشارع يطالب بالإصلاح ، إصلاح النظام أوّلاً ، ويطالب بالخدمات الإجتماعية ، بعيداً عن ثقافة القناعة والصبر وهلمّ جرا .

الشارع يريد كنس ثقافة الفساد التي تعيق أيّ عملية بناء حقيقية .

كنس ثقافة الإحتكار التي تجعل أرقام الفقر تتعالى ( أكثر من 7 ملايين من الشعب العراقي يعيشون تحت مستوى خط الفقر ) .

كنس ثقافة المحاصصة التي تجعل الكتل والأحزاب تتطاحن على الكراسي وليس على إداء الواجبات .

كنس الثقافة المنبرية القائمة على النفاق واللعب بعواطف الشارع .



#جمال_علي_الحلاق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خدمات لا مساجد
- أزمة الثورة الإنفعالية
- نحن جيل محظوظ
- هل يحقّ لنا إغلاق المساجد ؟ قراءة في سطحية الخطاب الإسلاموي
- أزمة الإيمان والمؤمنين
- أزمة المعرفة الجاهلة
- من دكتاتورية الفرد الى دكتاتورية المجتمع
- الصخرة لا تنزل يا كامو / إعتذار متأخّر لبشرى
- قلق البوصلة ... الى مَنْ ؟ والى أين ؟
- نزهة القائد العام للحواس
- إحباط ليس في أوانه
- بين كلب جياكوميتي وكلب أبي / صفحة من كتاب أصدقائي
- آني جدّي قرد
- مراسيم الدّفن الجميل / صفحة من كتاب أصدقائي
- الى ليلى محمد أقف على رؤوس أصابعي
- قراءة منحازة لحادثة أحمد عبد الحسين وتداعياتها
- لا يزال كامل شياع يقود دراجته بإتّزان جميل
- علاقتي ببيتهوفن - صفحة من كتاب أصدقائي
- التضامن تمرين في النجاة رسالة الى السيدين جلال الطالباني ونو ...
- موت حبّابة وانتحار العالم / الانتباهة التي تلد خروجا


المزيد.....




- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...
- انتشال 19 جثة لمهاجرين غرقى بسواحل صفاقس التونسية
- غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح
- جندته عميلة أوكرانية.. اعتقال المشتبه به الثالث في محاولة اغ ...
- الحكومة اليمنية تطالب الأمم المتحدة بإعادة النظر في التعامل ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى إجراء تحقيق دولي بشأن المقابر الجماعي ...
- مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: نحاول إعادة تشغيل مستشفى الأ ...
- الأمم المتحدة: توزيع مساعدات على نحو 14 ألف نازح حديث في الي ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جمال علي الحلاق - المكنسة شعار الثورة العراقية