أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - هل تكفّر الجيوش العربية عن تاريخها القديم؟















المزيد.....

هل تكفّر الجيوش العربية عن تاريخها القديم؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3278 - 2011 / 2 / 15 - 11:40
المحور: كتابات ساخرة
    


اشتهرت الجيوش العربية عبر التاريخ الحديث بأنها كانت مجرد أدوات بأيدي النخب الحاكمة والقوى النافذة تلعب بها ذات اليمين وذات الشمال وتخضع لسلطة الفرد المطلقة، وكانت هذه الجيوش تعمل على حماية الأنظمة القمعية العربية الفاسدة بحيث تحولت مهمتها من حراسة الحدود والأوطان إلى حراسة المصالح الفردية والعائلية للحيتان والضباع والغيلان المتكرشة وشبكات المال والنهب والفساد، وصارت صورة الجنرال والعسكري العربي، لا تختلف كثيراً عن صورة التاجر الجشع " المتكرش" الطماع، ورجل الأعمال الفهلوي النهاب، وصاحب الامتيازات والشركات والوكالات بدل أن يكون "الفارس" الهمام المغوار صاحب الفتوحات والبطولات والأوسمة والصولات والجولات في ميادين الوغى والشرف والقتال. وصارت المؤسسة العسكرية لا تختلف عن أية مؤسسة مدنية بيروقراطية مترهلة لا عمل لها بعد أن تخلت عن وظيفتها الأساسية في الذود عن حمى الأوطان مجمعاً وموئلاً للحيتان وإدارة "البزنس" والحفاظ على الامتيازات. واشتهرت مصر مثلاً في تاريخها الحديث، وصار الأمر "سـُنـّة" سلطوية هناك، وذلك بانتقال كبار الضباط وبعد إحالتهم إلى المعاش، للعمل كمحافظين، وحكام للأقاليم، في استكمل لمهمة النهب والفساد والإفساد والبيروقراطية وتكريس لصورة القبيحة التي تكرست عن العسكر العرب في التاريخ الحديث، أو إرسالهم كسفراء في الخارجية لإرضائهم وضمان سكوتهم وعدم فضح أسرار وملابسات ما كان يدور في الخفاء والحلقات والدوائر الأضيق للنخب الحاكمة، ولاستمرار مهمتهم الرئيسية في مصهم للمال العام عبر العطاءات والعلاوات والتعويضات والبدلات الضخمة التي كانوا يتلقونها فيما كانت الشعوب الجائعة تبحث عن غذائها في القمامات، ألم يكن من الأفضل استرضاء هذه الجماهير وضمان صمتها وكسب محبتها واحترامها بدلاً من التعويل على صمت وولاء أولئك الفاسدين؟

وتكرست الصورة السلبية للجيوش العربية إبان هزيمة حزيران يونيو من العام 1967، وعدم قدرتها أصلاُ على منع قيام الكيان الصهيوني المغتصب في قلب ما يسمى بالوطن العربي في العام 1948، حيث استطاعت مجرد ميليشيات وعصابات صهيونية من هزيمتها مجتمعة، وفقد المواطن العربي، لذلك، ثقته واحترامه لهذه الجيوش. كما كانت هذه الجيوش العربية مجرد أدوات انقلابية جل مهمتها هي إذاعة البيان رقم واحد، كما فعلت زمرة ناصر الفاشية القومية، التي أدخلت المنطقة في أتون الاستبداد منذ انقضاضها على حكم مصر لتكرس النزعة العسكريتارية البوليسية الأمنية القمعية في ما يسمى بالدول العربية. ومن نوادر العسكريتاريا العربية أن اشتهر بعض من رجالات العسكر الكبار في العصر الحديث بكونهم قد تحولوا لقوى ناعمة يعنون بشؤون الطبخ والورد وترتيب غرف النوم ويفهمون في موديلات "التنانير" وأنواع تصفيف الشعر والملابس والأحذية الداخلية النسائية أكثر من معرفتهم بميادين القتال وصناعة التاريخ والرجال. ومن هنا كان ينبغي انضمامهم لمنظمات ونواد وجمعيات نسائية وتعنى بشؤون المرأة والجنس اللطيف، وما يعرف بالاقتصاد المنزلي، أكثر من انتمائهم لمؤسسات تتطلب الفرسان والأبطال من الرجال من أصحاب الشكيمة والبأس والعزم والإقدام. ولم يكن ينقص بعض من هؤلاء سوى تقديم استشارات تلفزيونية حول الدورة الشهرية، وأفضل وأيسر السبل وأسهلها لكيفية نزع شعر العانة والأفخاذ والسيقان الجميلة المكتنزة، والحديث عن الطمث، وأنسب أوقات ووضعيات الجماع، فلعمري كان ذلك أجدى من وجودهم على رأس مؤسسات عسكرية اتسمت تاريخياً بوجود رجال أشداء وبواسل فيها.

وحين تحدث مثلاً، خالد بن سلطان القائد العام لقوات عاصفة الصحراء، وأدلى بحديثه الشهير لقناة الجزيرة إبان مواجهات "جيش" الماريشال علي عبد الله الصالح مع الحوثيين، ولعب فيها الجيش السعودي دور القوة الغاشمة الوحشية التي قصفت السكان المدنيين "المسلمين" العزل، نقول حين تحدث تحول الأمر إلى فضيحة بسبب جهله المطبق بقواعد النحو واللغة العربية، ناهيك عن جهله المطبق بقواعد وخطط واستراتيجيات وتكتيك القتال، ما وضع عشرات علامات الاستفهام والتساؤل عمن كتب له كتابه الشهير "مقاتل من الصحراء" الذي "وضعه"، والله أعلم، من واقع خبرته كقائد لجيوش الحلفاء التي خاضت حرب الخليج الثانية لإخراج صدام من الكويت، إذ تبين وبما لا يدع مجالاً للشك في ذاك اللقاء الفضيحة بأنه لا يفقه شيئاً لا في العسكريتارية ولا في اللغة العربية غير أنه يبلي بلاء حسناً، وله صولات وجولات، في مجالات عديدة نتركها لفطنة القارئ الكريم وهو أدرى بها مني على الأرجح.

وكم كانت مشاعر المواطن العربي المسكين تـُسـْتـَفز حين يرى الأوسمة والميداليات والأنواط والنياشين والأوشحة الملونة والمزركشة بالألوان الزاهية التي تزين صدور وبزات الماريشالات والجنرالات، و"العقداء" العرب الكبار، من دون أن يدري كيف تحصلوا عليه، وفي أية ميادين ووقائع وغى، ومعارك شرف نالوها، وكيف وصلت إلى صدورهم ومن قلـّدهم إياها وهل يستحقونها فعلاً، وكثيراً ما كان يحبس آهاته وأناته وتساؤلاته ويحبسها ويكبتها في صدره بسبب ذات "البسطار" العسكري المسلط فوق رأسه.

وللموضوعية والحق، لا ننكر أن وجود بعض "الشذرات"، والمعارك والحروب "النادرة" في المنطقة قد عدّلت شيئاً ما من هذه الصورة السلبية عن المؤسسة العسكرية العربية، بشكل عام، في أذهان الناس، فكثيراً مثلاً، ما كان يذكر حسني مبارك الشعب المصري بأنه من قاد ونفذ الضربة الأولى ضد إسرائيل في حرب أكتوبر/ تشرين ثاني من العام 1973. غير أن التطورات الأخيرة من ثورات الجياع والفقراء المهمـّشين ضد رموز القمع والفساد واللصوص والحرامية النشترية الكبار، قد رسمت وكرست، وبحث، صورة جديدة مغايرة، ومشرفة عن هذه المؤسسة، ولاسيما الموقف اللافت للجنرال رشيد عمار الذي رفض فتح النار ضد الثوار الجياع بأمر من زين النشترية، والتزامها جانب الحياد تقريباً، وعزوفه عن ارتكاب أية "حماقات" ضد جموع المتظاهرين. وإذ كنا لا ننكر عليه هذا الموقف، فلا بد لنا أن نذكر، أيضاً، أنه وبسبب ثورة التكنولوجيا والمعلومات والقدرة الفائقة على توثيق أية جريمة حرب أو إبادة جماعية ضد المدنيين العزل، لم يعد بإمكان أحد أن يرتكب مجازر جماعية دون أن يفلت من الانكشاف والمساءلة والتشهير به في ظل عالم يتعولم على نحو مذهل، ويتضاءل، ويقترب من بعضه بشكل غير مسبوق. وتردد كثيراً أن ضغط الجيش، وربما تهديده لمبارك، ورفضه العلني التصدي للثوار بشكل وحشي وقمعي، كانت وراء الأسباب المباشرة للتنحي المشين للرئيس المخلوع مبارك. وكم كانت صور الجنود والضباط وهم يعانقون الثوار منظراً باعثاً على الطمأنينة والارتياح والإعجاب الكبير بصورة الجيش الحر الوطني.

ليس من قبيل الصدفة البتة أن يتكرر موقف جيشين عربيين حيال ثورات الجياع والمهمشين الشعبية الهائجة ضد نظامين عربيين فاسدين وقمعيين، ومهما تكن العوامل والأسباب الكثيرة والمتعددة التي يمكن التكهن بها وقد تكون وراء هذه المواقف الجديدة، فهي، ولا شك، مواقف نبيلة، ومضيئة ومشرفة تستحق الثناء والشكر والاحترام، وتكتب تاريخاً جديداً لهذه الجيوش، التي لم يكن تاريخهاً، ذات يوم، مشرفاً، على الإطلاق.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوبى للأغبياء: الغباء يصنع المعجزات
- هل تتحرر مصر من حقبة مبارك الوهابية ؟
- تنحوا، طال عمركم، قبل أن تُنحوا، فذلكم خير لكم لعلكم تفلحون! ...
- اقبضوا فوراً على فيصل القاسم مفجر الثورات والشوارع!!!
- سَيُصْلى ثورة ذات غضب
- ما أغنى عنه ماله وما كسب
- وامرأته حمّالة الذهب
- أطعموا شعوبكم كي تحبكم ولا تثور عليكم
- لا تفرحوا كثيراً في مصر فالإخوان قادمون
- هل فجّر مبارك خط الغاز الذاهب لإسرائيل؟
- زمن المهمشين: لا صوت يعلو على صوت الصامتين
- يا شماتة إيران فيكم!!!
- ماذا بعد انهيار معسكر الاعتدال لعربي؟
- مبارك: ومكافأة نهاية الخدمة، دروس أصدقاء واشنطون القاسية
- هل دخل العرب التاريخ أخيراً؟
- لماذا لا تلغى وزارات الداخلية أو القمع العربية؟
- هل سقط شعار جوّع كلبك يتبعك؟
- زلازل المنطقة السياسية: هل يستفيد العرب من زلزال تونس؟
- لماذا لا يرزق الله فقراء العرب والإسلام؟
- إلى شيوخ الإسلام: هل إحراق النفس حرام؟


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - هل تكفّر الجيوش العربية عن تاريخها القديم؟