أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - وامرأته حمّالة الذهب














المزيد.....

وامرأته حمّالة الذهب


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3271 - 2011 / 2 / 8 - 11:16
المحور: كتابات ساخرة
    


في خضم هذه المواجهات، والتطورات الدراماتيكية، وثورات الجياع والمحرومين اللاهبة التي يشهدها ما يسمى بالوطن العربي، ( من المعيب والمشين أن يكون بيننا جياع وسكان مقابر ومهمشون ومحرومون ونحن خير أمة أخرجت للناس وبعد عقود من الدجل والتنظير والأدلجة الفارغة والخطط الخمسية الخائبة والكاذبة والفاشلة)، نقول في خضم هذه المعمعة والفوران الجيـّاش، وبعيداً عما رسم حتى الآن من صورة غير طيبة لبعض الرموز العربية الكبيرة، يبرز العنصر النسائي، وبكل أسف، بوجهه الأقبح، الديكتاتوري، الجشع، النهم الخشن، غير الجميل، المكروه، الفظ، المنفـّر والمحبط، عن المرأة التي ينبغي أن تكون، وخاصة في مستويات القيادة والمسؤولية والعمل العام، رمزاً للطهارة والنقاء، والعفة، والأنفة، والزهد، والسيرة الحميدة، وينبوعاً ومعيناً لا ينضب من الحب والصفاء والعطاء والتفاني والإخلاص، لكن تأبى هذه المنطقة إلا أن تنتج الصور السوداء ، وإلا أن تشوه وتلوث كل شيء، وتأبى إلا أن تحطم وتخرب وتدوس كل قيم الجمال التي أوجدتها الطبيعة في بني الإنسان.

ففي الحديث المسهب، والتقارير المرعبة والمهولة التي صاحبت انهيار كبار طغاة وفراعنة العرب المعاصرين برزت اثنتان من نساء العرب الشهيرات، واللواتي كن يترأسن ويشرفن، وبكل أسف، على برامج مزعومة لتطوير والإشراف على الأمومة، ورعاية الطفولة، ومحاربة الأمراض وما شابه ذلك من مهام ومشاريع إنسانية تبين أنها مجرد ذر للرماد في العيون بعدما ظهر من فضائح فساد ونهب عام وبأنهم لا يمكن أن يؤتمن على شيء، لأن تلك المهام تتطلب في جوهرها قديسات وملائكة للرحمة، وليس مجرد جامعات أموال وذهب وسارقات قوت الشعوب الجائعة والمغلوب على أمرها.

ففي الحديث، مثلاً، عن ثروة آل مبارك التي اجتاحت مؤخراً وسائل الإعلام قيل أن السيدة سوزان مبارك تمتلك ما بين ثلاثة وخمسة مليارات من الدولارات على شكل أموال سائلة وعقارات هنا وهناك، لا يعرف كيف وأين ومتى جمعتها وهي السيدة المصرية الأولى، ورمز نساء مصر، وهذا رقم يوازي ميزانية لدولة فقيرة، أو نسبة لميزانية دولة متوسطة الإنتاج القومي في إفريقيا تستحوذ عليه امرأة واحدة، قد لا تعيش حتى تصرف عشر بسيط منه.

وفي ذات السياق، وعلى نفس الصعيد، برز اسم ليلي الطرابلسية، زوجة طاغية تونس بطل سباق الفرار، كواحدة من أكبر رموز الفساد في المنطقة، وأنها في السويعات الأخيرة لحكم زوجها المخلوع، ذهبت إلأى البنك المركزي لتطلب خمسة وأربعين طناً من الذهب، ويم يكفها ما كانت نهبته وجمعته خلال حكم زوجها الطويل، فهي لا تنظر إلى هذا البلد المنكوب، إلا باعتباره بقرة حلوباً، ومرتعاً للنهب والسلب والعبث وقنص الفرص. وقد شاب وجودها الطويل والملازم إلى جانب زوجها الكثير من قصص الفساد والصفقات والاحتيال ونهب المال العام وإطلاق يد أقاربها ومحاسيبها، ومحظييها، في شرايين الاقتصاد التونسي، ما ولّد حالة البوعزيزي "الحارقة والمحرقة"، كنتيجة طبيعة وجتمية، لكل هذا التوحش والتغول والجشع المريض الذي لا يرحم. وفي التاريخ القريب والبعيد هناك الكثير من القصص المرعبة والمهولة عن حمالات الذهب من زوجات الأكاسرة والقياصرة والولاة والحكام الشهيرات اللواتي طغت شهرتهن على شهرة أزواجهن من الطغاة، ولنا في فرح ديبا زوجة الشاه المخلوع عبرة، وفي زبيدة زوجة هارون الرشيد أيضاً أبلغ القصص، ولن ننسى المرأة الماسية والجميلة الفاتنة إيميلدا ماركوس، زوجة ديكتاتور الفيليبين المخلوع الأسوأ سمعة في التاريخ المعاصر، والتي يقال بأنها كانت تملك من صنف الأحذية فقط، ألفا زوج، أحذية فاخرة مصنوعة من الجلد الخالص، ولا يدري أحد سر ولعها هذا بالأحذية، ولم تعش لتستهلك " وتهري" عشر من هذا الرقم المهول الذي كان ثمنها وتكلفتها تكفي لإطعام فقراء جزر فيليبينية بحالها.

وإذا كانت الآية القرآنية قد تحينت وتوعدت و"ذمت" ووصفت زوجة أبي لهب باعتبارها حمالة الحطب، كناية عن مصيرها المحتوم في سعير جهنم حيث ستحترق، فإن زوجات الفساد العربي يأنفن من حمل الحطب، ويمكن وصفهن فقط بحمالات الذهب، الذي يعتبر كنزه أيضاً بشيراً بالنار، وسوء العاقبة والمصير الآخروي أيضاً، لكن النار لم تكن أيضاً غائبة ها هنا، في مصادفة ومفارقة وجمع غريب بين الذهب والحطب، فقد كان حملها الجشع للذهب التونسي مدعاة لأن يقوم الشاب الفقير محمد البوعزيزي بحرق نفسه على الملأ، ليحرق أمام عدسات التلفزيون، ويحرق معه ليلى الطرابلسي، وزوجها جنرال الأمن الفظ المرعب، وتونس برمتها ويذهب بحكمها، وحكمه، إلى "حيث ألقت رحلها أم قشعم". وكذا الأمر بالنسبة للسيدة سوزان مبارك التي تسببت ملياراتها الذهبية بإقدام بعض شباب مصر على إحراق أنفسهم، وبذا أحرقت نفسها سمعتها، وسمعة زوجها، ووضعتهما في موقف لا يحسدان عليه. لا بل حرقت حمالات الذهب هؤلاء، وعلى نحو رمزي، شعوباً، وأوطاناً بكاملها، وأحالتها إلى رماد وخراب.

لقد أصبحت صورة بعض الطغاة، إلى حد كبير، كصورة أبي لهب، مع فارق وحيد أن زوجات هؤلاء هن من حمالات الذهب وليس الحطب. غير أن الحكمة والرمزية الكبيرة، أن وظيفة الذهب الأساسية، باتت كما وظيفة الحطب في الآية القرآنية، وهي كي تحرق البشر والأوطان معها. فإياكم وحمل الذهب الحرام من عرق ودم ولقمة عيش الفقراء والجياع. فحمالات الحطب هن كحمالات الذهب وليصبح الذهب الحرام ، في النهاية، بلا أية قيمة ومجرد حطب ليحترق ويحرق معه من يملكه، ومن يكنزه، ومن سرقه.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطعموا شعوبكم كي تحبكم ولا تثور عليكم
- لا تفرحوا كثيراً في مصر فالإخوان قادمون
- هل فجّر مبارك خط الغاز الذاهب لإسرائيل؟
- زمن المهمشين: لا صوت يعلو على صوت الصامتين
- يا شماتة إيران فيكم!!!
- ماذا بعد انهيار معسكر الاعتدال لعربي؟
- مبارك: ومكافأة نهاية الخدمة، دروس أصدقاء واشنطون القاسية
- هل دخل العرب التاريخ أخيراً؟
- لماذا لا تلغى وزارات الداخلية أو القمع العربية؟
- هل سقط شعار جوّع كلبك يتبعك؟
- زلازل المنطقة السياسية: هل يستفيد العرب من زلزال تونس؟
- لماذا لا يرزق الله فقراء العرب والإسلام؟
- إلى شيوخ الإسلام: هل إحراق النفس حرام؟
- اللهم شماتة: خروج جماعي لفرق الساجدين من كأس آسيا
- لماذا يكذب وزراء الإعلام على رؤسائهم وشعوبهم؟
- بشرى سارة: ولادة فريق الساجدين السوري
- لماذا لا تلغى وزارات الإعلام العربية؟
- الديكتاتور الجبان
- سيناريوهات فانتازية: بائع الخضار الذي أسقط الجنرال
- لماذا يجب أن نفخر بالعلوي2؟


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - وامرأته حمّالة الذهب