أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - نضال نعيسة - لماذا يكذب وزراء الإعلام على رؤسائهم وشعوبهم؟














المزيد.....

لماذا يكذب وزراء الإعلام على رؤسائهم وشعوبهم؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3253 - 2011 / 1 / 21 - 12:45
المحور: الصحافة والاعلام
    


كانت الكلمات الأخيرة التي نطق بها الرئيس "زين العارفين" معبرة وذات دلالات عميقة ومؤثرة وتشكل درساً بليغاً حول طريقة التعاطي المستقبلي في شؤون الحكم وديمومة هذه الأنظمة التي اتخذت لنفسها خطاً مغايراً ومختلفاً في تعاملها مع شعوبها ومع المحيط العام. فحين قال رئيس تونس المخلوع "لقد فهمتكم" كان من حيث لا يدري يوجه اتهاماً مباشراً لكافة أجهزته السلطوية، وخاصة الإعلامية منها، التي عمدت على تضليله وخداعه وتقديم الحقائق المغلوطة عما يجري على الأرض، وعزله عن شعبه من خلال إتباع سياسة الكذب المتعمد التي أفضت به إلى تلك النهاية الكارثية.

لقد أصبحت، في الحقيقة، مهمة وعمل وزارات الإعلام العرب، وعبر اعتمادها مبادئ التعتيم والحجب وتزييف الوعي وتجميل الواقع القبيح والردئء، وامتهان الكذب الرسمي المعتمد، مهمة تضليلية ونفاقية والتفافية وعلى الحاكم العربي نفسه وتمارس الكذب الرخيص المفضوح على ذقون العباد عبر نشر أخبار وبيانات ومعطيات غير دقيقة تساهم في رسم تصورات وهمية تبنى عليها سياسات افتراضية وكارثية.

فهذه الوزارات باتت تصور للحاكم الواقع تصويرا زائفا وكاذبا ووهمياً غير حقيقي، وتوهمه، وتوحي له بأن الأمور على خير ما يرام وأن 99%99 بالمائة من الشعب يأكلون اللوز والعسل والفستق الحلبي، فيما هم في الحقيقية (فهم ياكلوا هوا و...)، وأن كل ما يظهر في وسائل إعلام الحاكم العربي هو مناقض للواقع ونقيضه تماماً، وحين يكتشف الحاكم العربي و"يفهم" الحقائق المؤلمة كما فهمها مؤخرا المسكين بن علي حين فوجئ بحجم الكراهية والغضب والفقر والجوع في الشارع، يكون السيف قد سبق العذل، ويكون كل شيء قد انتهى وفات. نعم هذه الوزارة، وزارة الإعلام والاتصالات، كانت هي العامل الأول الذي ساهم في سقوط بن على وانهياره بتلك الطريقة المحرجة ومن هنا يجب، ومن اليوم وصاعداً، إلغاء وزارات الإعلام ومعاقبة وزراء الإعلام العرب وتنحيتهم ومحاكمتهم بتهمة الكذب والدجل الرخيص وخداع الحاكم، أولاً، كما خداع الرأي العام، ومحاولة تضليل الجميع.

يعتبر الإعلام الحر والصادق البعيد عن المرآة الحقيقة للأوضاع العامة في أي بلد من بلدان العالم سلاحاً بيد السلطات تتحرى من خلاله اتجاهات الرأي العام ومساراتها ومن خلال ذلك يتم بناء السياسات ورسمها والتعاطي مع الواقع. والإعلام، بمجمله، هو محصلة وخلاصة للرأي العام على الأرض، وليس فقط نتيجة لتصور أو رؤية وزير الإعلام التي غتاباً ما تكون محابية وتضليلية وتجميلية لا تفضي إلا إلى مزيد من تكريس الواقع المـتأزم ومفاقمة كل المشكلات على الأرض.، هذه الشفافية هي التي تؤدي إلى القرارات الصائبة والقراءة والصائبة للواقع والتعامل معه وفق ما هو موجود، وليس وفق ما هو متخيل ومرسوم في أذهان جهابذة الإعلام "المأجورين" عادة، في اختلاق ورسم الصور الوهمية والمزاجية، ومن هنا تتبدى أهمية الأقلام الحرة الليبرالية غير المأجورة وغير الرسمية أو الموظفة والبعيدة كلياً عن المصالح النفعية، ولكن هذه الأقلام في الإعلام الرسمي العربي تخضع لعملية تهميش وحجب وتعتيم. ومن هنا فكلما اشتدت قبضة الإعلام والرقيب والتعتيم كلما كانت النتائج معكوسة، وهذه من تجارب وحكم التاريخ التي تتكرر في كل كما حصل في منظومة الحجب والتشفير الشيوعية التي انهارت على حين غرة، وكما حصل في تونس مؤخراً حين "فهم" بن علي متأخراً الأمور وما يجري على حقيقته وقبل أن "يشمع" الخيط ويولي الأدبار هارباً.

لا ندري ما هي الغاية من اعتماد هذه السياسة الإعلامية التضليلية وهل تستطيع هذه السياسات أن تقنع الشارع العام في زمن السموات المفتوحة ولا علاقة لنا إذا كان السادة وزراء الإعلام مقتنعين بها؟ ولماذا يصر وزراء الإعلام العرب حتى اليوم بخداع وتضليل رؤسائهم و"أولياء" نعمتهم، قبل شعوبهم، ولماذا لا تكون وسائل الإعلام الوطنية انعكاساً حقيقياً لصوت الشارع ومعبراً عنه كما هو وليست معبراً، أو ملكاً لحفنة أو شلة أو مافيا إعلامية تتحكم بالإعلام ولا تعمل إلا على تسويق التضليل والخداع. وبالرغم من كل ذلك، تستمر في غير بلد عربي نفس السياسات الإعلامية السابقة التي أدت لمهالك وكوارث سياسية.

قد نفهم، ونتفهم، تماماًً، لماذا يكذب وزراء الإعلام العرب على شعوبهم، وهذا "حقهم" المشروع، لكن لا نفهم ولا نتفهم كذبهم على رؤسائهم وممارسة سياسة النعامة ومحاولة تقديم صورة مغايرة للواقع، تنم بما لا يدع مجالاً للشك، بأنهم لا يكنون أي نوع من الود والمحبة والوفاء والإخلاص لهذه الأوطان، وهذا ما أثبتته التجربة التونسية بعد سنوات طويلة من التضليل ورسم صورة زاهية لواقع مر وأسود، ومن مفارقات القدر أن نفس تلك الأجهزة التي يعتقد بأنها كانت تعمل على حماية النظام، هي نفسها التي أدت لنهايته المأساوية وعلى رأسها وزارة الإعلام والاتصالات التي ألغيت في أول تشكيل وزاري ما بعد التغيير، لأنه لم يعد هناك، وبكل بساطة، من أية حاجة لبقائها.

فلم لا توضع آليات وبرامج عمل جديدة لوزارات الإعلام العربية، يكون أولاها التخلص من آليات العمل القديمة البالية المتمثلة بالتضليل والمحاباة والشللية والتعتيم والحجب والإخفاء، ويكون عنوانها الأعرض المكاشفة والمصارحة والشفافية والأهم مكافحة الفساد والكشف عن رموزه وتعريته أمام الناس فهو وبكل بساطة أهم ما يشغل الرأي العام اليوم، فالفوارق الطبقية العميقة والآلام المجتمعية التي تركها في بنية هذه المجتمعات هو الوقود والمحرك الأول والشغل الشاغل للشارع العام؟ وهل سيتستمر، أو يستمرئ، ولا كبير فرق هنا، وزراء الإعلام العرب، ووسائلهم الإعلامية المختلفة، بممارسة الكذب والتضليل، أم سيعيدون حساباتهم من جديد، واضعين تجربة "زين العارفين" نصب أعينهم هذه المرة، لاسيما أن الجميع بات يلعب على المكشوف، ولم يعد هناك أي إمكانية للحجب، والتعميم، وممارسة ذات التضليل؟



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بشرى سارة: ولادة فريق الساجدين السوري
- لماذا لا تلغى وزارات الإعلام العربية؟
- الديكتاتور الجبان
- سيناريوهات فانتازية: بائع الخضار الذي أسقط الجنرال
- لماذا يجب أن نفخر بالعلوي2؟
- لماذا يجب أن نفتخر بالعلوي؟
- لماذا لا يتآمر العرب على أعدائهم؟
- هل بدأت ثورات الجياع في الوطن العربي؟
- هل كان الإسلام نعمة أم نقمة؟
- مسيحيو المنطقة أمانة في أعناكم
- مأساة المسيحيين في ثقافة الصحراء وفقه أهل الذمة
- كلوا تبن
- الإعلام السوري تحت المجهر: تعقيب على مقال أبي حسن
- تعقيب على مقال الدكتورة إنعام الور
- لماذا لا تلغى اللغة العربية من المناهج التربوية؟
- صلاح الدين الأيوبي كمجرم حرب
- أيهما أولى بالنقد: المسيحية أم الإسلام؟
- الفقهاء والدعاء بالمقلوب
- لماذا لا يستجيب الله لدعائهم؟
- لماذا لا توضع الدول العربية تحت إدارة دولية؟


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - نضال نعيسة - لماذا يكذب وزراء الإعلام على رؤسائهم وشعوبهم؟