أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - مأساة المسيحيين في ثقافة الصحراء وفقه أهل الذمة















المزيد.....

مأساة المسيحيين في ثقافة الصحراء وفقه أهل الذمة


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3236 - 2011 / 1 / 4 - 12:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تطلق ثقافة الصحراء على المسيحيين العرب بشكل عام، أهل الذمة وهم (والجزية التي يجب دفعها عن يد وهم صاغرون) كلا من اليهود والنصارى وقد يشمل الصابئة والمجوس أو على حسب الوصف الإسلامي إجمالا أهل الكتاب الذين يعيشون تحت الحكم الصحراوي.

والمسيحيون العرب هم مراكب بشرية تائهة وسط محيط ثقافي صحراوي عاصف ومضطرب لا يطيق ذرعاً بالآخر المختلف يلفظ كل ما في جوفه تماماً، كما تفعل البحار والمحيطات مع الأجسام الغريبة التي تدخلها، والمسيحيون العرب بثقافتهم، وأنماط حياتهم، وتسامحهم، وتعايشهم، هم أجسام غريبة جداً عن هذا المحيط الصحراوي الحافل بكل ما هو عدائي ومتوجس ورافض للآخر. وإذا كانت ثقافة الصحراء لا تتقبل ولا تتسامح مع الأقليات المسلمة التي الأخرى التي تشاطرها عناوين عريضة في ثقافتها، فما بالك بتلك الأقليات التي تختلف جوهرياً وجذرياً مع ثقافة الصحراء؟ ومأساة المسيحيين العرب لم تبدأ اليوم، ولا بالأمس ولكن لها جذورها الضاربة في التاريخية، وربما قبل العهدة العمرة العنصرية الشهيرة التي عاملتهم بأشد وأقسى مما يعامل العبد، والمستعمر، بل ربما منذ بدايات عمليات التطهير العرقي والثقافي وفرض الأسلمة الإجبارية التي طالت سكان الجزيرة العربية في القرن السابع الميلادي، واستمرت حتى اليوم، لتشهد عمليات هبوط وصعود مع كل مرحلة حسب جرعة الاستبداد والكراهية والحقد والعنصرية التي كانت ترتفع وتنخفض مع قدوم هذا السفاح الصحراوي أو ذاك.

والكلام عن تسامح الثقافة الصحراوية من المسيحيين واليهود لا أساس له من الصحة وتدحضه وقائع التاريخ وأحداثه بدءاً كما قلنا مع عمليات الأسلمة الإجبارية التي قامت بها الميليشيات الصحراوية وقطاع الطرق في البدايات الأولى لانتشار ثقافة الصحراء وفقه الذمة وأهلها، وليس انتهاء بحروب الردة التي كانت تعبيرا مجتمعياً ثورياً وتحررياً شاملاً عن رفض ثقافة الصحراء ورغبة جامحة في التخلص منها، ولو نجحت تلك الحركة الشعبية الثورية التنويرية، لكان تغير وجه المنطقة، وربما وجه التاريخ، لكنها قوبلت بأشد أساليب القمع وحشية وقسوة ودموية، وهذا "أحد الأدلة" الصارخة على "تسامح" ثقافة الصحراء المزعومة. إلا أن أهم ما يدلل على عدم تسامح ثقافة الصحراء هو انعدام وجود أي مسيحي عربي من سكان ما يعرف اليوم بمنطقة الخليج الفارسي، وعم التسامح مع أي شكل من أشكال التحول الديني. ومن يتكلم عن تسامح ثقافة الصحراء مع المسيحيين (أهل الذمة هل هناك عنصرية أكثر من هذا؟) فعليه أن يدرك هذه الحقيقة الفاقعة وهي انعدام وجود أي مسيحي مواطن اليوم من سكان ما يعرف بمجلس التعاون، إلا في حدود دنيا جداً لا تذكر وقد لا تزيد عن 200 مواطن ، في أحسن الأحوال، "من أهل الذمة"، جلهم من الكويتيين المقيمين والذين منحوا الجنسية بطريقة استثنائية وما عداهم فلا. ففي "الشقيقة الكبرى" رائدة التسامح يحظر وبموجب العرف والقوانين المرعية أن يكون هناك مواطن من هذه الدولة من المسيحيين. ناهيك عن أم مبدأ الجهاد المعروف تماماً في الإيديولوجيا الصحراوية يفرض القتال الدائم والحرب حتى تعم الثقافة الصحراوية عموم المعمورة. ومن هنا فإن أي كلام عن تسامح ثقافة الصحراء مع الآخر هو محض هراء وذر رماد في العيون. وإلى اليوم يحظر منح الجنسية أو الإقامة الدائمة على غير المسلم، والمسلم الوهابي، من أهل السنة والجماعة، فقط هو من يحظى بذاك الشرف الرفيع. هذا هو تسامح الصحراويين مع الآخر. وما حدث مع المدون السعودي حمود بن صالح العنزي المتنصر يدل على عدم تسامح أو تهاون مع "ارتداد" ورفض للمعتقد الصحراوي، فما بالك أو مع المسيحي العربي؟ إلى ذلك قالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، "أن السلطات السعودية قامت باعتقال المدون حمود بن صالح وقامت بحجب مدونته " مسيحي سعودي
- http://christforsaudi.blogspot.com
، بسبب أرائه و إعلانه عن تحوله من الإسلام للمسيحية في مدونته . وطبقا للمعلومات التي حصلت عليها الشبكة العربية ، فإن السلطات السعودية قامت باحتجاز المدون الشاب في "سجن عليشه" السياسي . وكان المدون السعودي حمود بن صالح الذي يبلغ 28 عاما ، وخريج جامعة اليرموك بالأردن قد أعتقل مرتين في السابق ، أولهما في عام 2004 لمدة تسعة أشهر ، والثانية في نوفمبر الماضي. (الشبكة العربية لحقوق الإنسان 14 يناير/كانون الثاني 2009).

وللتذكير، أيضاً، حرم، ويحرم الأقباط المصريون، في العهود المتعاقبة للأنظمة الإخوانية الناصرية والساداتية والمباركية، من تولي أي من الوظائف العامة الرئيسية، أو ودخول الوزارات السيادية والترقي فيها، كالخارجية، والدفاع، والأمن، وحظر عليهم ذلك باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية حسب العهدة العمرية وثقافتها الصحراوية. ولن نتكلم أو نعرج على العراق الجريح في عصر "المماليك" الجد من ملالي ذات الفقه الصحراوي. وإلى اليوم يطلق على المسيحيين العرب الصليبيين ، رسمياً في الإعلان وخطب اجمعة التي ترعاها وزارات الأوقاف الصحراوية. (الصليبيون أي أتباع الصليب ومن الجدير ذكره أن ثقافة الصحراء لا تعترف بصلب المسيح وما الضير في ذلك إذا كان أتباع المسيح يؤمنون بذلك؟ أمر غريب).

وما يلاحظ اليوم، ومنذ بروز الصحوة البترودولارية، أن حجم الضخ والغطرسة الصحراوية قد ازداد مع وجود ثروات أسطورية وخرافية وعوائد بترولية هائلة لا يعرف مالكوها، وبسبب من ضحالة بنيانهم المعرفي والثقافي ورؤاهم الإنسانية وانحطاط مسوياتهم الحضارية وشح إمكانياتهم العلمية والإبداعية، من توظيفها في أي مجال إنساني وحضاري بناء، فتم استثمارها في الإرهاب ونشر ثقافة الكراهية والحقد والتحريض على الآخر أياً كان. وقد تحول النايل سات، وهو يبث من مصر، وبأموال مصرية ودعم رسمي حكومي مصري، عقب ذلك إلى ما يشبه الذراع الإعلامية للصحراوية البترودولارية عبر السماح لعشرات الفضائيات التكفيرية برموزها التكفيرية المعروفة لبث ثقافة التحريض والكراهية ضد المسيحيين العرب، ونشر فكر التطرف والإرهاب على مرأى ومسمع من تلك الأنظمة التي تدعم وتمول وترعى الثقافة الصحراوية وتسعى لتكريسها في المجتمع، لأنها الثقافة الوحيدة التي تساعدها، وتسمح لها، وتشرعن لها كل هذا الاستبداد والفجور والاستفشار السلطوي الذي نراه أمامنا، فلولا هذه الثقافة الصحراوية التي تحمل في أحشائها كل مبررات وأسباب وتشريع الاستبداد لانهارت هذه الأنظمة على الفور من تلقاء نفسها، ولما وجدت السند الشرعي والإيديولوجي والأسطوري لبقائها يوماً واحداً بهذا الشكل. ومن هنا نرى أن الرموز السلطوية الحاكمة وزعماء العائلات المستبدة تتخذ أسماء وألقاباً دينية أسطورية وميثية وسلفية ما قبل الدولة الحديثة، من مثل أمير المؤمنين، وخادم الحرمين، وولي أمر المسلمين (فقط المسلمين أي هو غير معني بأمر المواطنين غير المسلمين وهذا في حال وجودهم)، وخليفة المسلمين، و"الشيخ" فلان الفلاني، وظل الله على الأرض.

الاعتراف بالتمييز بوجود أهل ذمة هو بحد ذاته عنصرية وجريمة علنية ومتعمدة ضد الإنسانية وفق معايير العصر، وإن ما حصل في كنيسة سيدة النجاة في حي الكرادة في بغداد، وما حدث بالأمس في كنيسة "القديسين" القبطية في قلب الإسكندرية عشية أعياد رأس الميلادية وأثناء قداس كان يقام بها، هو محصلة طبيعية ونتيجة تلقائية لترويج فقه الذمة وأهلها وما دام عرب سات ونايل موجودين وقائمين ببنيتهما الإيديولوجية التحريضية الحالية، وما نسمعه يومياً من خطاب عنصري جلف فظ كريه قادم من وراء تلك الكثبان الصحراوية بلغتها السوداوية، وما دامت الأنظمة العربية، تحرص على تبني ورعاية الخطاب الصحراوي في وسائل إعلامها الرسمية، فإن مأساة المسيحيين العرب وغيرهم مستمرة، وتنذر ربما بالأسوأ، لا بل إن كل ما حدث حتى اليوم من تهجير وتفجير، قد يبدو مجرد مزاح، ولعب "عيال" في ضوء ما تكنه ثقافة الصحراء من حقد وكراهية ضد الآخرين.

تحاول الأنظمة الصحراوية أن تنفض يدها اليوم من هول وحجم الجريمة وتتنصل من مسؤوليتها وتتهرب من دورها وتورطها بعدما رأت من ردود فعل واستنكار لدورها الجهنمي والشيطاني التخريبي، وصارت تعزو الجريمة لما يسمى بمؤامرة ومخطط أجنبي، لا يوجد مخطط ولا مؤامرة غربية ولا استهداف صهيوني للمسيحيين العرب، ودود الخل منه وفيه، وفتش عن يد الأنظمة العربية، وثقافة الصحراء، وهي أكبر من أية مؤامرة ضد المسيحي العربي. وإذا سلمنا، جدلاً، بوجود مؤامرة غربية وصهيونية، فإنها تجد في ثقافة الصحراء، ورموزها، خير معين وخير نصير.

تنويه: ثقافة الصحراء (وفيها فقه أهل الذمة) هي المادة الثانية في معظم دساتيرهم التي يتباهون بها ومنها تستمد قوانينهم ونظم حياتهم وتشريعاتهم.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلوا تبن
- الإعلام السوري تحت المجهر: تعقيب على مقال أبي حسن
- تعقيب على مقال الدكتورة إنعام الور
- لماذا لا تلغى اللغة العربية من المناهج التربوية؟
- صلاح الدين الأيوبي كمجرم حرب
- أيهما أولى بالنقد: المسيحية أم الإسلام؟
- الفقهاء والدعاء بالمقلوب
- لماذا لا يستجيب الله لدعائهم؟
- لماذا لا توضع الدول العربية تحت إدارة دولية؟
- لماذا لا أريد الذهاب للجنة؟
- من يقود الحروب الصليبية اليوم؟
- العشاء الأخير: القرضاوي أمام المحاكم القطرية
- لا عَرَقَ في العراق
- جلد النساء: وحشية ثقافة الصحراء
- فضائية الحوار: الحلم المشروع والخطوة الضرورية
- غزوات وهابية جديدة
- الله يسوّد وجوهكم
- رسالة إلى السادة قادة مجلس التعاون لدول الخليج الفارسي
- العرب بين الويكيليكس وأوراق الكلينيكس
- هل يفلح إعلان دمشق في بدونة سوريا؟


المزيد.....




- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - مأساة المسيحيين في ثقافة الصحراء وفقه أهل الذمة