أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - زمن المهمشين: لا صوت يعلو على صوت الصامتين














المزيد.....

زمن المهمشين: لا صوت يعلو على صوت الصامتين


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3267 - 2011 / 2 / 4 - 17:45
المحور: حقوق الانسان
    


مر خطاب الرئيس المصري "المعزول" حسني مبارك بصمت ولم يلتفت إليه أحد، ولم يعبأ أحد بما كان يقوله و"يهذر" به من كلام أمام عدسات الإعلام الذي كان في مكان آخر، فيما ذهبت تصريحات وزير إعلامه المزمن، صفوت الشريف، أدراج الرياح، ولم تلق أي بال في الشارع الثائر المائج الهائج الغاضب، الذي كان صوته يعلو، ولا يعلى عليه، ويهدر على بقية الأصوات، وكان العالم كله يراقب هذا الصوت المدوي مدهوشاً ومذهولاًَ، هذا الصوت الذي اختزل عقوداً، ودهراً طويلاً، من الإقصاء، والتعتيم، والتكميم، والإلغاء.

لقد أذهلت الشعارات واللافتات، والخطابات التي كانت تنطلق مع هدير المتظاهرين جميع المراقبين، بسخطها وغضبها وحدتها وتطرفها اللفظي وعمقها الدلالي، وهذا ما فاجأ النظام الرسمي العربي الذي لم يكن يسمع سوى خطاب المتزلفين والمتملقين والمأجورين الذين "أودوه في ستين داهية"، ولو استمع هذا النظام منذ البداية لهذه الأصوات المهمشة والمجروحة في صميمها وقلبها، لما رأينا أصنامه الكبرى وفراعنته المخلدين تتهاوى بنقل حي و"على الهواء مباشرة"، الواحد تلو الأخرى، بتراجيدية محزنة، أين منها أبطال تراجيديات أثينا وروما.

فحسب قوانين الفيزياء السياسية، كلما كان الفعل شديداً كلما كان رد الفعل أكثر شدة وقوة، ومن هنا فكلما كان الاستبداد والقمع مرعباً وأشد دموية وقهراً كلما كانت الثورة أكثر جرأة وقوة واتساعاً وشمولاً. وكلما كان الجوع مزمناً والفقر مدقعاً كلما كانت الصرخة أكثر دوياً، وكلما كان الجرح أعمق وأكثر ألماً كلما كانت الأنـّة أعلى وأكثر إسماعاً. وهذا بالضبط والحرف ما نراه اليوم في شوارع القاهرة وكما رأيناه في شوارع تونس، بالأمس.

لا صوت يعلو على صوت الشارع اليوم، ولن تستطيع قدرة في العالم أن تسمره وتسكته، وتوقف زحفه ليصل إلى كل تلك الأسماع والآذان التي صمـّت نفسها عنه لزمن طويل ورفضت أن تستمع له، وتنصت إليه وتستشعر مطالبه وتمتثل لرغباته أو حتى تعرف ماذا يريد، فأصبح هذا الصوت، وبفعل قوانين الفيزياء السياسية التي لا ترحم، قوة هادرة تطيح بالعروش وتخرج أصحابها بتلك الطريقة المهينة والجارحة لرموز النظام الرسمي العربي المستبد، الذي لا يعرف حتى الآن كم من رموزه سيحضرون مؤتمر "الغمة" (لايوجد خطأ إملائي ها هنا)، المزمع عقده في بغداد، في آذار/ مارس المقبل، إذا ما استمر تسونامي الشارع العربي في التدفق نحو الجزر "الأمنية" العربية الأخرى.

لقد وفرت التكنولوجيا الحديثة، وثورة الاتصالات سبلاً وأدوات لا متناهية، ولا محدودة من القدرة على التعبير وتوصيل الرأي، وتخطي كل الحواجز والعوائق التاريخية التي وضعتها أنظمة التشفير والإخفاء، ولم يعد بمقدور أحد احتكار الكلمة، وهذه واحدة من الحقائق اليومية التي بات على النظام الرسمي العربي التعامل معها بجدية وواقعية وعدم إهمالها والقفز من فوقها. واستلم الضارع اليوم زمام المبادرة، وأصبح كل ذاك الكلام والخطاب الذي لم يكن النظام الرسمي العربي المتكاذب والمرائي وأدواته المأجورة ومرتزقته يودون سماعه، أصبح في متناول اليد، ومكشوفاً أمام الجميع.

أعمت الثروة وجشع الطبيعة الإنسانية حيتان النهب، وجرفتهم غطرسة القوة والتصورات البلهاء الخاطئة إلى حتفهم الأكيد، وأخذهم الاستبداد المطلق إلى نهايتهم وقدرهم الوحيد، وكان الاستئثار والاحتكار وسياسات التهميش والقهر و"التطنيش" هو ذات السلاح الذي صوبه النظام الرسمي العربي على صدره العاري اليوم، فيما ظهرت حقيقة الدعم الغربي لفراعنة النظام الرسمي العربي على حقيقتها وأنها لم تكن سوى مصيدة وفخاً. نعم لقد أخذ هذا النظام الرسمي العربي فرصته الكاملة في الحديث والكلام والبطر والفجور على هواه، ولم يترك مناسبة تمر إلا وأطنب فيها بالحديث والكلام والاستشعار ومدح الذات والتغزل بالمنجزات الكاذبة والسياسات الفاجرة والعاهرة التي قذفت بعشرات الملايين من أبناء هذه المنطقة المنكوبة إلى قيعان الفقر والبؤس والتجويع والإفقار والدمار. ولقد كانت السياسات الرسمية المتبعة، والاستراتيجيات الإعلامية الكبرى وخطط وزراء الإعلام العرب تدور حول محور واحد هو تهميش الغالبيات المسحوقة، وتكميم أفواهها ومنع الهواء والأوكسجين عنها وسحق أية حشرجة تصدر منها، كي لا تزعج تلك الحشرجات المكبوتة والأنات الموجوعة أصحاب الفخامة والسمو والمعالي والجلالة والعظمة في أبراجهم العاجية المعزولة عن الشارع.

من يقرأ اليوم مطبوعة رسمية عربية، ومن يتابع إعلام التجهيل والتعتيم والتلفيق، فكل الأفئدة والعيون شاخصة إلى الشارع والأسماع تنصت لما سيقول؟ وحقيقة، لم يعد أحد اليوم يريد سماع الصوت الرسمي العربي الذي يعرف الجميع مضمونه وماذا يريد، ولم يعد كلامه مصدراً لأية أهمية فاليوم، واللحظة، والزمن، هو زمن المهمشين الذين صمتوا دهراً ونطقواً درراً، وقولهم هو القول الفصل، وصوتهم هو صوت الضمير والعقل، ولا صوت يعلو على صوتهم، فعلي الجميع أن يسمعوه، حتى وإن كان لا يروق لكثيرين.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا شماتة إيران فيكم!!!
- ماذا بعد انهيار معسكر الاعتدال لعربي؟
- مبارك: ومكافأة نهاية الخدمة، دروس أصدقاء واشنطون القاسية
- هل دخل العرب التاريخ أخيراً؟
- لماذا لا تلغى وزارات الداخلية أو القمع العربية؟
- هل سقط شعار جوّع كلبك يتبعك؟
- زلازل المنطقة السياسية: هل يستفيد العرب من زلزال تونس؟
- لماذا لا يرزق الله فقراء العرب والإسلام؟
- إلى شيوخ الإسلام: هل إحراق النفس حرام؟
- اللهم شماتة: خروج جماعي لفرق الساجدين من كأس آسيا
- لماذا يكذب وزراء الإعلام على رؤسائهم وشعوبهم؟
- بشرى سارة: ولادة فريق الساجدين السوري
- لماذا لا تلغى وزارات الإعلام العربية؟
- الديكتاتور الجبان
- سيناريوهات فانتازية: بائع الخضار الذي أسقط الجنرال
- لماذا يجب أن نفخر بالعلوي2؟
- لماذا يجب أن نفتخر بالعلوي؟
- لماذا لا يتآمر العرب على أعدائهم؟
- هل بدأت ثورات الجياع في الوطن العربي؟
- هل كان الإسلام نعمة أم نقمة؟


المزيد.....




- بي بي سي ترصد محاولات آلاف النازحين العودة إلى منازلهم شمالي ...
- -تجريم المثلية-.. هل يسير العراق على خطى أوغندا؟
- شربوا -التنر- بدل المياه.. هكذا يتعامل الاحتلال مع المعتقلين ...
- عام من الاقتتال.. كيف قاد جنرالان متناحران السودان إلى حافة ...
- العراق يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام المثليين
- قيادي بحماس: لا هدنة أو صفقة مع إسرائيل دون انسحاب الاحتلال ...
- أستراليا - طَعنُ أسقف كنيسة آشورية أثناء قداس واعتقال المشتب ...
- العراق ـ البرلمان يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام ا ...
- 5 ملايين شخص على شفا المجاعة بعد عام من الحرب بالسودان
- أستراليا - طَعنُ أسقف آشوري أثناء قداس واعتقال المشتبه به


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - زمن المهمشين: لا صوت يعلو على صوت الصامتين