أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - وسادتي














المزيد.....

وسادتي


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3273 - 2011 / 2 / 10 - 02:09
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


للدول أسرار وللحكومات أسرار وللبيوت أسرار وغالبية أسرار البيوت تكون في غُرف النوم وتكاد أن تكون غالبية غرف النوم مستودعا كبيراً للأسرار وأنا وسادتي التي أنام عليها في غرفة نومي فيها كل أسراري ومستودع كل همومي وتطلعاتي وأحزاني وأفراحي ولا ينام عليها إلا المقهورون حتى هي شخصيا ترفض أن يضع عليها أي رجل آخر رأسه وترفض أن يحتضنها في مشهد درامي محزن أحد غيري وترفض أن يستلقي عليها جنرالات التعذيب لأن كل الذين ينامون عليها سينامون وهم يمثلون أدوارهم الفاشلة والمخزية وهم يمثلون أدوار حب فاشلة وقصص غرامية وثقافية مزورة إلا أنا فأنا لا أكذب عليها ولا أمثل عليها دور المعجب أنا أحبها ولا أخجل من هذه الكلمة وأنا مغرم بها ولا أستطيع أن أستبدلها ولا يستطيع أن ينام عليها لا الخونة ولا اللصوص وهي ترفض وستبقى رافضة بأن ينام عليها البلطجية والانتهازيون وهي الشاهد الوحيد على وجعي وطول ليلي وسهري فإذا بكيت قبل نومي بثواني تمتلئ الوسادة بالدموع ومع مرور الزمن وتراكم النقاط أصبح لونها أصفرا أو يميل للاصفرار من كثرة البكاء والدموع التي عليها وأرفض أن تأخذ زوجتي وسادتي لغسلها فأنا لا يغسل أحزاني أو وسادتي لا الماء ولا الصابون ولا يعقمها أي مُعقم ولا ينام بجوارها إلا صورة الماضي أو صورة شبح من الماضي يهيمن عليّ طوال الليل بظله ولا يغسل وسادتي إلا قلبٌ يحبني وأحبه ويعيش من أجلي وأضحي من أجله, وعلى وجه وسادتي لا يوجد لا صورة ولا آية قرآنية كما يفعل ذلك أهل قريتي الذين يكتبون على وسائدهم آيات قرآنية أو صورا جميلة للورود وللأزهار ولكن يوجد عليها صور من الماضي والحاضر والمستقبل فأنا وسادتي مختلفة كليا عن وسادة أهلي وجيراني وأقربائي فهي أيضا تقرأ وتكتب وترسم وتخطط وتقاتل الشيطان الذي يمنعني أحيانا من الموت وفي أغلب الأحيان تخرج أسلحتها ضد البغض والكراهية وتجعلني أنام وأنا راضيا عن نفسي وعن كل الناس حتى الذين يظلموني فلونها أبيض مثل الثلج أو كان لونها أبيضاً بلون الثلج وأزهار أللوز قبل أن تصبغها دموعي باللون الأصفر وقبل أن تجعل الذكريات وجهها ممزقا فأنا أحيانا ما أعضُ عليها بأسناني حين أستذكر شيئا مؤلما لذلك بصمات أسناني موجودة على وسادة وظاهرة من بين الثقوب التي تتخللُ ثوبها وعلى وجه وسادتي أو من على وجه وسادتي الممزق تنطلق الذكريات التي أستذكرها قبل أن أنام بدقائق أو بساعات في بعض الأحيان لأنني أحياناً أشدُ عليها بأظافري وأنا أحتضنها ويكاد القطن أن يخرج منها من شدة قبضتة أصابعي القوية التي أستطيع بهما أن أثني قضيب فولاذ دون أن أشعر بالتعب وأحيانا أنام بسرعة كبيرة من أول ما أضع رأسي على وسادتي دون أن أعضها أو أن أخدشها بأناملي التي تترنم عليها بكل هدوء وغالبا ما أبقى أتقلب يمينا ويسارا وشمالا وشرقا وغربا وجنوبا في كل الاتجاهات لذلك وأنا أتقلب أستذكر كل ما حدث معي طوال عمري من حرمان ومن أحزان ومن هيمان ومن جوع ومن ظلمٍ ومن تعسف عشته وما زلتُ أعيشه ومن رغبتي بالانتقام من الأنظمة السياسية الفاسدة فتنام معي تلك الأحزان على نفس الوسادة وتصحو معي على نفس الوسادة وتأكلُ معي وتشرب معي وتضحك معي إذا ضحكت وتبكي معي إذا بكيت وتستنشق الهواء معي إذا صعدتُ في أيام الصيف أعلى السطح لأنام وتتعرض معي لأشعة الشمس الدافئة إذا خرجتُ في فصل الشتاء خلف منزلي تحت أو بين أشجار الزيتون لآخذ حماما شمسيا فتأخذ هي معي الحمام فتتقلبُ معي على ظهرها وبطنها كما أتقلب وتحتضنني بكل شفافية إذا مددت يداي لاحتضانها وتشكر ألله على صحبتي إذا شكرته أنا على نعمته وتعود معي إلى سريري راضية مرضية حتى أنها تدخل التاريخ معي وتخرج معي إذا دخلته أو إذا قرأته تقرأه معي فقد قرأت وأنا متكأ عليها تاريخ بابل والتوراة والإنجيل والقرآن والكتب الفقهية والعقد الاجتماعي ونامت عليها مائة مرة وأنا أقرأ بهيغل وفي نهاية اليوم الذي أعيشه أعود للوسادة وما زالت أحزاني معي تنام إلى جانبي تحدثني وأحدثها وتعاتبني وأعاتبها ولم يسبق لأحد وأن تجرأ على أخذ وسادتي التي أنام عليها مني أو خطفها من تحت رأسي فلو فقدتها فإنني أفقد روحي معها ولا أستطيع النوم نهائيا إلا عليها , وتحت وسادتي أضع صورة (نانا) أخرجها قبل أن أنام في أغلب الأحيان لأقول لها (تبحين على خير) وبعض الأحيان حين أصحو فإنني أيضا أقول لها (صباح الخير أو باحك سعيد) وإذا تذكرتُ حبيبتي في احدى الأحلام فورا تخرج صورتها من تحت وسادتي لتنام إلى جواري ورأسها على رأسي, وإذا فرحت أتبسم ابتسامة تسجلها وسادتي حين تنطبع صورة الابتسامة عليها, وإذا ذهبت إلى زيارة أقرباء لي من الدرجة الأولى فإنني أرفض وبشدة النوم عندهم فيعتقدون أنني مدمن على (النت) أو على أهل حارتنا رغم أنني قرفان الناس جميعا ويعتقدون أحياناً بأنني مدمن فعلا في الجلوس على النت فيعذرونني لذلك السبب غير أن السبب الحقيقي هو أنني لا أستطيع النوم على غير وسادتي التي اعتدت النومَ عليها فهي التي تجعلني أنام نوما عميقا وهادئا وقلقا في معظم الأحيان وأنا مدمن على وسادتي ليس لأنها عالية أو هابطة كما يفعل بعض الناس الذين يفضلون الوسادة العالية أو الوسادة الهابطة ولكن لأنني لا أستطيع أن أستبدلها بأي وسادة أخرى وقد جرت العادة أن فارقتُ وسادتي مرة واحدة في حياتي أو مرتين أو ثلاثة ولكنني لم أكن على الإطلاق سعيدا أو مرتاحا في النوم على غيرها .



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس لدينا كرامة ندافع عنها
- من يستفيد من هذا الدرس؟
- المسحوق الأردني
- فشل المخابرات
- ارحلو نريد أن نرى وجه ألله
- حفلة وداع وتعارف
- اصلاحات جلالة الملك
- مبروك الحكومة الجديدة
- المساعدات الأمريكية
- أكثر شخصية مكروهة في الوطن العربي
- من يسقط النظام؟
- مخلوق للكتابة
- من يحمينا؟
- المحبة تُغير شكلي
- هل تحبني حبيبتي؟
- شرف المهنة
- عُقدة التفوق
- الخطية
- من أجل كيلو طحين
- سياسة الرفع


المزيد.....




- كعبٌ عالٍ وسقوطٌ مدوٍّ... حين تعثّرت نعومي كامبل ونهضت نجمة ...
- مدير IAEA: أجهزة الطرد المركزي بمنشأة فوردو النووية بإيران - ...
- مصور وناشط فلسطيني وثق الحرب بغزة في جولة أمريكية لجمع التبر ...
- قمة الناتو: إسبانيا تتحدى ترامب... تساؤلات: هل يظهر خامنئي ف ...
- السعودية..جدل بعد منع -البقالات- من بيع التبغ واللحوم
- تحطمت أسطورة إيران التي لا تقهر.. ما عليك معرفته الآن عمّا ق ...
- غزة: قتلى وجرحى في قصف على مدرسة وسموتريتش يهدد: إما وقف الم ...
- وصفه بالبطل.. ترامب يدعو لإلغاء محاكمة نتنياهو بتهم الفساد
- محللون والحرب الصهيونية الأمريكية على إيران
- تصريح صحفي صادر عن اللجنة التحضيرية للجبهة الوطنية الشعبية


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - وسادتي