أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حميد كشكولي - آن لليسار التقليدي أن يموت















المزيد.....

آن لليسار التقليدي أن يموت


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 3261 - 2011 / 1 / 29 - 16:17
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الجماهير المنتفضة لم تطلق أي ّ شعار من شعارات اليسار التقليدي والقومي الجوفاء. لا شعارات في معاداة الصهيونية و الامبريالية، ولا المطالبة بإجراء انتخابات نيابية برجوازية بمراقبة زعماء من العالم الرأسمالي ، و لا شعارات لـتأميم هذه المنشأة أوتلك و توفير وارداتها للدولة القمعية. ولم نسمع أو نر َ أن العمال والكادحين الجياع قد طالبوا باشتراكية عربية لرأسمالية الدولة الاحتكارية، ولا شعار يطالب بزيادة رواتب الموظفين، وتحسين سجل حقوق الإنسان من منظور المحافظين الجدد والنظام العالمي المتشكل في أعقاب الحرب الباردةبين المعسكرين الشرقي والغربي.
فجماهير العمال و الكادحين الجياع والتحرريين هي صاحبة الكلمة العليا التي لا تقبل بأقل من إزالة النظام المافيوي الرأسمالي ما يوجه صفعة قوية لليسار التقليدي . إنها ليست ثورة قومية عربية و لا أمازيغية ، ولا ثورة استقلال برجوازية معادية للامبريالية و الصهيونية مثلما تصدعت رؤوسنا بها في فترة الحرب الباردة. ولا ثورة مخملية من موضات ما بعد الحرب الباردة .
إنها ثورة في مرحلة الذروة في توحش العلاقات الرأسمالية . ورغم النواقص و نقاط الضعف الكثيرة إلا أنها يمكن أن تدشن الدرب لثورة عمالية حقيقية اشتراكية على أنقاض النظام الرأسمالي في هذا الجزء من العالم .
بلد هادئ لم نسمع عن عمليات انتحارية في ، ولا فتاوى للجهاد و تكفير مفكرين و مثقفين ولا قنابل كروز اللبرالية الجديدة تنهش أجساد الناس الأبرياء. كانت تونس جزيرة الاستقرار السياسي و الازدهار الاقتصادي وقرّة عين الرأسمالية العالمية في الشرق الأوسط وأفريقيا. وإن الوصول إلى موقع مثل الموقع الذي كانت تحظى به تونس من قبيل عضوية منظمة التجارة العالمية وعلاقات اقتصادية واسعة متينة مع الاتحاد الأوربي، كان أمنية تراود دول المنطقة ، ما لم يفتح طريقا لحل نهائي للخروج من الأزمات الراهنة المستفحلة الاقتصادية و الاجتماعية والسياسية . وكانت تونس الخضراء آخر بديل للغرب الرأسمالي ونموذج مقبول للتغلب على الأزمات الاقتصادية في دول الأطراف.
ثورة تونس أحرقت هذه الورقة البديل التي كانت بيد الرأسمالية العالمية، لا لأن الدول يئست منه ، بل نظرا إلى أن الجماهير المضطهدة باتت أمام عدوها مباشرة وجها لوجه ألا وهو الرأسمالية المتوحشة في استغلالها للعمال و الجماهير المحرومة.


وقد أعادت ثورة تونس الأمل في قيام الثورات الجماهيرية بعد أن دفنته قوات الناتو و الرأسمالية و اللبرالية الجديدة في قعر دهاليز التاريخ. إنها ليست ثورة الياسمين الزائفة،التي تروق للقوى الرجعية ويرقص على ايقاعها البرجوازية الصغيرة. إنها ثورة واقعية وأصيلة تفجرت نتيجة غضب ومعاناة الملايين من الجماهير المضطهدة المحرومة والمسحوقة. إنها أزاحت كثيرا من احتمالات التزييف و الحيل و الانخداع بمؤامرات البرجوازية و المساومين . إنها ثورة عظيمة و أبية وشريفة تسير بخطى حثيثة ثابتة إلى النصر ، فرضت على البرجوازية العالمية وقادة البنتاغون الاعتراف بها، وأخذ المثقفون البرجوازيون الذين كانوا يصرون على أن زمن الثورات قد ولى ، تجذبهم إثرها أهواء ثورية .

إنها ثورة فجرتها جماهير تونس المظلومون و الكادحون في أعماق النظام الرأسمالي ، نالت صدقتيها وأصالتها من مطالبها بالتحرر من الاستغلال الاقتصادي والسياسي للنظام العالمي الجديد ، و فرضت نفسها على وسائل الإعلام الامبريالية التي لا تني تحاول منذ انتهاء الحرب الباردة دفن فكرة الثورة وأهدافها أو حتى الحديث عنها ، لذلك فهي حتى لو لم تتمكن من تحقيق كل أهدافها فأنها سوف تترك آثارها العميقة في مسير التاريخ و سوف تمنح دروسا بالغة الأهمية للأجيال القادمة.
لقد أعادت ثورة جماهير تونس عالميا قضية قلب الأنظمة بطريق الثورات لا الانقلابات العسكرية إلى المسرح السياسي العالمي ، و بتحرك الجماهير المظلومة في سبيل التحرر السياسي و العدالة الاقتصادية . لقد فشلت الحركات الإسلامية والقومية الشعبوية في المنطقة في خلق بدائل ناجحة رغم وصول بعضها إلى سدة الحكم، واليوم فشلت هذه الحركات في الامتحان ودفعت الجماهير المحرومة الثمن ، ما جعلت الاحتجاجات اليوم تجري كلها ضد هذه الحركات القومية و ظلالها من اليسار القومي التقليدي.

كشفت ثورة تونس هذه الحقيقة الكبرى مرة أخرى بأن العضوية في منظمة التجارة العالمية و الدخول في نادي العولمة واستخدام الوسائل البرجوازية الأخرى الاقتصادية البرجوازية في إدارة الدولة ليست بديل ناجحا ولا سبيلا إلى حل ولا دواء لمعاناة الجماهير العمالية المحرومة ، ولا شفاعة للمافيات الحاكمة حين ينهض المارد الجماهيري. فبعد فشل نموذج النمو الاقتصادي لرأسمالية الدولة الذي كان يطلق عليه الاشتراكية الوطنية فيما يسمى بالدول النامية في فترة الحرب الباردة ، أخذت هذه الدول تتبنى اقتصاد السوق الحرة الذي أفشلته ثورة تونس فشلا ذريعا.
شهد العالم مثل هذا الفشل في الماضي غير البعيد في اندونيسيا و النمور الآسيوية والأرجنتين .لكن اليوم نتج انهيار هذا النموذج الاقتصادي الحر عن ثورة جماهيرية واسعة ضد الاستغلال الاقتصادي والسياسي للنظام الرأسمالي.
ثورة تونس هي امتداد للحركة الاحتجاجية في أوربا ضد الاستغلال الرأسمالي، طالما الرأسمالية فيها هي فروع للرأسمالية العالمية ، و أن الاحتجاجات الجماهيرية في بلدان الغرب الرأسمالي أعطت دفعة قوية للجماهير في تونس ، و تشجيعا للانتفاض والثورة ، وطالما أن العمال لا وطن لهم و لا قومية ، و أن مصالحهم هي مصالح المجتمع و هم أهل التقدم والحداثة و الإنسانية الحقيقيون ، و لا يخسرون شيئا في ثورتهم إلا قيودهم.

المستعمرة الفرنسية السابقة استقلت عام 1956 والنظام كان يشبه النظام التركي قبل وصول حزب التنمية والعدالة ، دكتاتورية الحزب الواحد إذ كان الحزب الدستوري هو الحاكم الأساس و عائلة مافيا تحكم وراء ستار جمهورية علمانية برر بها الدكتاتور هيمنته على السلطة و عرض نفسه للعالم الرأسمالي كحامي حمى الحداثة و درعا ضد الموجات السلفية . وكان ثمة وجود لأحزاب الظل وانتخابات صورية ، لكن في الواقع كان الجيش وجنرالاته بيدهم الزمام . و بتصاعد نضالات الجماهير طلب الجيش من بن علي مغادرة البلاد .
وسائل الإعلام بات وشبكات التواصل الاجتماعي تمكنت من كسر الطوق المفروض على الرقابة، باستخدامها من قبل المنتفضين وسيلة تنسيق وارتباط وعمل مشترك. وإن
انتصار الثورة بات رهنا بحضور مستقل للطبقة العاملة بشعارات وأهداف اشتراكية عمالية . وإن الأوضاع الحالية خلقت ظروف مساعدة لوجود نزعات راديكالية واشتراكية عمالية ، رغم افتقار الساحة إلى قادة عمليين للطبقة وناشطين راديكاليين والشيوعيين في هذه الحركة، الذين بات وجودهم على راس الحركة الثورية وقيادتها إضافة إلى التحزب الشيوعي ضرورة لا بد منها لتحقيق أهداف الانتفاضة الجماهيرية في تحقيق سلطة المجالس العمالية الاشتراكية، ( الكومونات أو السوفييتات).

دول الغرب وإعلامها مثلها مثل بقايا حكومة بن علي المطلوب للعدالة في تونس و اليسار التقليدي القومي تحاول إطفاء النار المتأججة بإطلاق اسم ثورة الياسمين على هذه الثورة في سعي يائس وخجول غالبا لإيقاف الجماهير في بدايات الطريق وأن ترضى بالقليل والفتات الرأسمالي. وإن التيارات الشعبوية أيضا لها نفس الموقف ، فكلها تصب في خدمة مصالح الرأسمالية الجشعة.
2011-01-29



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشوهات في نقد الفكر الديني
- ماذا تعني الكوتا النسائية في حكومة معادية للمرأة و حريتها وح ...
- أغنية لتلطيف الألم
- حديقة المرايا للشاعر الكبير أحمد شاملو
- وثائق ويكيليكس .. ومضى عصر الحروب النابليونية
- نوبل للسلام و العلاقات التجارية
- عبادة الفرد نقيض الاشتراكية
- جعجعة بلا طحن ... الانتقادات الدائمة الموجهة للحزب الشيوعي ا ...
- خروتشوف الستاليني الذي أدان ستالين
- في مديح الديالكتيك لبرتولد بريخت
- وقت الرمال الوديع لسهراب سبهري
- أنشودة - إبراهيم في النار - للشاعر الإيراني أحمد شاملو
- ضرورة نقد الدين و الإيديولوجيات المستحيلة إلى أديان
- قصيدة الشاعر الإيراني أحمد شاملو -خطبة في مراسيم دفن-
- حديث في الجنس
- الاتجار بالنساء عالميا عار العصر
- الأسطورة ضرورية للإنسان
- من الشعر الكردي : تفاحات بيروت لجمال غمبار
- مذابح أهالي شمالي اليمن، لمصلحة من ؟
- الحوار المتمدن ولد ليختلف، و يواجه فلول الظلام


المزيد.....




- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حميد كشكولي - آن لليسار التقليدي أن يموت