أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - هل تستقيم الديمقراطية مع الفساد؟














المزيد.....

هل تستقيم الديمقراطية مع الفساد؟


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 3255 - 2011 / 1 / 23 - 09:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها في العام 1945، وبعد أن قُسم العالم فعلياً الى معسكرين، وابتدأ عهد ما يعرف بالحرب الباردة، كان على الشعوب أن تغادر ويلات تلك الحروب، وان تعيش مرحلة من الرفاه ينسجم مع زوال الطغاة الذين تسببوا في ويلات الحروب.
لن نتطرق الى الوضع السياسي والعسكري الذي نشأ إبان تلك المدة من التاريخ، و ان ما يهمنا بالتحديد، هو أوضاع الناس، ولاسيما في الجزء الذي عرف حينه بأوروبا الغربية التي عزمت على إنشاء وترسيخ الأنظمة الديمقراطية، اذ وجدت ان التسلط والدكتاتورية، هي من الاسباب الرئيسة التي ادت الى الويلات والحروب، كما لن نتطرق الى الانظمة التي لم تكن ديمقراطية آنذاك ومنها اسبانيا واليونان والبرتغال. ومبعث حديثنا عن الوضع في تلك الدول، هو الدفع باتجاه الاستفادة من تجاربها، كي لا تتكرر لدينا الاخطاء، وحتى نختصر مدة التطبيق الديمقراطي والانتقال الى نظام المؤسسات بما يحقق مصالح الناس.
صحيح، ان تلك الدول شرعت عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، بالالتزام بأسس النظام الديمقراطي و أخص منها حرية التعبير والتداول السلمي للسلطة، وبعضها امتلك تاريخا طويلا من ممارسة الحرية مثل فرنسا وبريطانيا، ولكن الصحيح ايضا، ان تلك النظم بقيت عاجزة عن تلبية الحاجات المعيشية لسكانها، و أساءت الى كثير من الحاجات الفردية للناس، ولقد ارتبط ذلك مع طبيعة انظمتها الرأسمالية، التي حملت في خضمها خلاصة مساوئ ذلك النظام، ولم تتحسن أوضاعها الا بعد سنين طويلة من التجارب المريرة و تقديم التضحيات، وحتى في الولايات المتحدة الاميركية كان يساء الى الحقوق والحريات المدنية فيها، وكان يجري على نطاق واسع، التمييز العنصري بحق المواطنين من ذوي البشرة السوداء، ولم يبدأ التمييز العنصري في التآكل الا في عام 1968 .
لقد أدت الإساءة الى الحريات الفردية والى حقوق الإنسان في تلك الدول، برغم أنظمتها الديمقراطية، وكذلك عجزها عن تلبية حاجات السكان الاقتصادية بصورة امثل و انتشار البطالة، وغياب الضمان الاجتماعي للعاطلين، وكذلك لجوؤها الى التسلح، و اهمال الخدمات الاجتماعية لشعوبها في بداية ظهور تلك الأنظمة، الى نشوء انتفاضات واسعة من شعوبها، أوشك بعضها على الإطاحة بتلك الأنظمة بل اطاح بحكوماتها فعلا مثلما حصل في انتفاضة باريس عام 1968 التي أجبرت الجنرال ديغول في 29 أيار من ذلك العام على مغادرة باريس إلى المانيا الغربية بتأثير تلك الثورة.
أدت تلك الأسباب وغيرها المتعلقة بالعجز عن تلبية مطالب الناس في تلك الحقبة من عمر تلك الأنظمة الديمقراطية الى تذمر واسع والى نشوء حركات اليسار المسلح التي استهدفت كبار المسؤولين في تلك الدول، ومصالح الولايات المتحدة الاميركية فيها، ولقد تواصل هذا الوضع طيلة عقد السبعينات من القرن الماضي، ولم يحصل الاستقرار الأمني والهدوء، إلا بعد ان استفادت تلك الأنظمة من أخطائها، والتفتت الى تلبية حاجات الناس الاقتصادية والتي هي المحرك الأساس للتاريخ، فوضعت برامج للتشغيل الواسع ومنحت العاطلين عن العمل ضمانات مالية على شكل رواتب منتظمة تؤمن لهم حياتهم حتى يجدوا عملا.
ولولا تلك الإجراءات الحساسة، لتواصلت الاحتجاجات، و لتكاثرت المنظمات المسلحة، ولتواصل مسلسل القتل، وبالنتيجة، فانه حتى الانظمة القمعية في بعض دول اوروبا تحولت بعد ذلك الى تطبيق النظام الديمقراطي ونعني بها دول مثل البرتغال واسبانيا واليونان، كما ان دول اوروبا الشرقية والاتحاد السوفييتي انتقلت بعد تلك التطورات الى النظام الديمقراطي الذي شمل تقريبا جميع دول أميركا الجنوبية ومعظم الدول الافريقية.
علينا في العراق، ان ننأى عن ارتكاب الأخطاء في تجربتنا الفتية، وان نبدأ من حيث انتهى الآخرون، لا ان نعيش التجربة منذ بدايتها، ونعاني مثلما عانت تلك الشعوب والدول، وان لا نركن الى (الديمقراطية) كضامن لإعطاء المسؤول شرعية، حتى اذا اخفق في اداء مهامه، وحتى اذا كان فاسداً، يجب ان لا نعد تصويت الناخب، لنا بمنزلة إعطاء الضوء الأخضر كي نفعل ما نشاء، مثلما فعلنا طيلة السنوات المنصرمة منذ اسقاط النظام المباد، حين بددنا ـ ولم نزل ـ الأموال العامة وخصصناها لمنافع فردية و حزبية وأهملنا المشاريع التي تهم عموم الشعب، ما أدى الى تعطيل جميع مظاهر الحياة الطبيعية للمواطن العراقي، وتزايدت معدلات البطالة والفقر، وتكاثرت أعداد الأرامل واليتامى، وانعدم اي مسعى حقيقي لتطوير الخدمات، ما ينذر بكارثة محدقة، فيما لو تواصل النهج المدمر ذاته في السنوات المقبلة.
ان التصويت لمرشح او كيان في الانتخابات العامة، لا يعني اعطاءه تفويضا بأن يفعل ما يشاء، اذ لو حصل مثل هذا الامر، نكون كمن يشجع على الفوضى وتغييب وخرق القانون، ولعل في الممارسات الأخيرة لبعض الأجهزة الأمنية والإدارية ومنها اقتحام مقر الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق وجمعية اشور بانيبال الثقافية من دون مسوغات او مذكرة قانونية، يعطينا الدليل على خطورة التجاوز على حقوق الناس وحرياتهم الفردية، حين يرى بعض المسؤولين ان تصويت الناخب لهم يمنحهم الحق في التصرف بحياته ورسمها على وفق ما يفكر به هؤلاء المسؤولون، وعلى وفق نزوعهم الأيدلوجي وهو امر خطير تسبب في مآس كبيرة مرت بها الشعوب والدول الاخرى، قبل ان يحترم كل انسان الآخر، فمثلما تعطي الديمقراطية للكيانات والاحزاب والمسؤولين حريتها في التعبير وفي ممارسة افعالها، على هؤلاء بدورهم ان يحترموا حرية الآخرين التي يكفلها الدستور، و بخلاف ذلك سندخل في دوامة من الفوضى وعدم الاستقرار وتقسيم المجتمع على أسس غير سليمة وغير إنسانية وتضيع بذلك فرص إعمار وبناء العراق.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعبة القط والفار في محنة الوطن مع التيار
- سقوط (بن علي) .. نهاية الأزمة أم بداية الخروج منها؟
- المقاعد التعويضية وخلل النظام الانتخابي العراقي
- محاولات التجاوز على الديمقراطية وحقوق الإنسان
- أمنياتنا في العام الجديد.. طموحٌ الى القضاء على الحرمان
- 90 % من الأموال إلى الفساد .. فهل نقرأ على الكهرباء السلام!
- المواطن بين فشل الوزراء السابقين ووعود الوزراء الجدد
- خرق القانون مصدر لإهدار الحقوق وخلق الاضطراب
- الأغلبية النيابية وحقوق الأقلية
- جدل الحريات المدنية
- حضارة الماضي ام حضارة الحاضر والمستقبل
- الدفاع والداخلية في التشكيلة الوزارية المقبلة
- نحو الأداء الأمثل لمهام السلطات الثلاث
- فوضى السياسة العراقية
- مدخل لتقويم وضع التيار اللبرالي وغياب دوره في السياسة العراق ...
- (كابينة) الحكومة المقبلة .. هل تحل مشكلاتنا؟
- عن التشكيلة الحكومية المقبلة .. مقترحات بصدد الوزارات
- سباق الموت والتأجيل
- التهرب من استحقاقات عقد الجلسات
- محادثات لتشكيل الحكومة أم دوران في حلقة مفرغة؟


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - هل تستقيم الديمقراطية مع الفساد؟