علي الشمري
الحوار المتمدن-العدد: 3252 - 2011 / 1 / 20 - 21:07
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
ما بين ثقافة الحكام وثقافة الشعوب بون شاسع ,فالحكام يريدون ان ينشروا مفاهيمهم في الاستبداد والتسلط وترهيب الشعوب وإشعارهم بأنهم الأسود وهمهم الوحيد هو التعدي على حقوق الآخرين وأجترار القسم الأكبر من نصيبهم في العيش والأمان دون أن ينبسوا بكلمة واحدة تخدش وجدان الحاكم.
ثقافة الشعوب بمختلف شرائحها تريد العيش الأمن ,البعيد عن الصراعات والحروب ,وبحبوحة من الحرية والتفكير ,تريد المساواة والعدالة ,وان يكون الدستور هو الفيصل في كل قضاياهم ,لا ان يجير للطبقة الحاكمة على حساب المحكومين,ولهذا يتولد صراع بينهما ويظل خفيا ربما لسنوات او عقود طويلة,ويبقى الحكام جاثمين بكل ثقلهم على أجساد البائسين والفقراء والجياع
وتصبح أجسادهم يابسة كالهشيم الذي ينتظر الشرارة التي توقده ليحرق كل الطغاة والمستبدين أينما وجدوا وبدون أستثناء,فشاه أيران الأقرب الى محيطنا الإقليمي لم يتعض منه حكامنا العرب,شاوشيسكوا وفرانكوا لم ياخذو منهم الدرس البليغ عن مدى تحمل الشعوب الى اجل وكيف يولد أنفجارها كارثة عليهم .
فبالأمس القريب سقط طاغية العراق بفعل قوى خارجية ولم يتعظ الحكام العرب ,معتبرين بأن شعوبهم تود بقائهم ,ولولا العامل الخارجي لما سقط صنم بغداد,اليوم الجماهير التونسية أسقطت ديكتاتور فاسد أخر زين الدين بن علي,دون تدخل او مساعدة من احد ,فقسم من حكامنا العرب المستبدين والذين وصل عمرهم الى مرحلة الخرف السلطوي,من أمثال القذافي ,راح بخطاب طويل عريض يتباكى على زين الدين ويخاطب الشعب التونسي بان يراجع نفسه ويعيد بن على لحكمهم الى الأبد ,ولم يتطرق الى كبت الحريات والفاقة المعاشية التي كان يعاني منها الشعب التونسى ولا الى الطن والنصف من الذهب التي استولت عليه (ليلى الطرابلسية )من بنوك تونس وهربت به,ولا الى اكثر من 35 من المقربين اليه تم مسكهم وبحوزتهم كميات من الذهب والعملة الصعبة,وأخر خطابه قال بان كل هذه التضحيات التي قدمها الشعب التونسي لا تستوجب من أجل تبديل الحاكم بحاكم أخر ,أن عقلية القذافي تفتقت بان يكون مصير الشعوب مرهون بأيدي حكامها ولو كانوا من الطغاة والظلمة,وذلك خوفا من نيران الثورة التونسية اللاهبة ان تمتد وتصل الى الشعب الليبي المبتلى بالخرف المتهور القذافي,
أن على جميع الحكام العرب أن يعوا حقيقة واحدة ,وهي إن الشعوب هي الباقية وعروشهم هي المزالة مهما بلغ الزمن ومهما ما أستعملوا من مكر وقهر وقسوة ضد شعوبهم ,ولا بد أن يقول الشعب كلمته فيهم يوما ما لينالوا جزائهم العادل جراء ما أقترفوه بحق شعوبهم,فلا تنفعهم الهبات والعطايا وقت الأزمات ,ولا صمامات التنفيس التي يستخدمونها عندما يضيق الحبل على اعناقهم,هم يعرفون جيدا انهم متسلطون وغاصبي حريات وثروات شعوبهم ,وشعوبهم تتحين الفرص للاطاحة بهم.
فالرئيس الجزائري الذي أجاع شعبه نتيجة لسوءالتخطيط و الادارة والفساد رغم أنه بلد نفطي ,فقد اعلن بعد أحداث تونس بانه سوف يدعم أسعار المواد الغذائية الضرورية ويتعهد بإيجاد فرص عمل للعاطلين وفرص وظيفية للخريجين,خوفا من غضب الجماهير وأنجرارها الى الانتفاضة الشاملة على غرار انتفاضة تونس ,فأقدم على حقن الشعب بحقن مهدأة وقتية.
الطاغية الصغير بشار الأسد هو الأخر بدأ التفكير جليا بوضع شعبه ومعاناته المستمرة في شظف العيش وأزماته الاقتصادية المتلاحقة ومعاناتهم من سياسة التوريث للسلطة التي يعانون منها ,وخوفا من وصول عدوى الانتفاضة الى شعبه ,قرر اخيرا بان يخصص مبلغ 250 مليون دولار امريكي للأسر السورية الفقيرة والتي يقدر عددها ب 400 ألف أسرة سورية حسب بيانات الحكومة السورية,وتخصيص 350 مليون دولارلدعم المشتقات النفطية ,لماذا في هذا التوقيت ترصد الحكومة السورية مساعدات للعوائل الفقيرة؟؟؟اين ثروات الشعب السوري ولأي جهة تذهب ؟
الحكومة الكويتية ذو السلطة العائلية المالكة هي الأكثر سخاءا من باقي الحكام العرب فقد أقدمت هي الاخرى بتخصيص مبلغ 4 مليار دولار لتوزيعها على الشعب الكويتي مع أغذية مجانا بمناسبة العيد الوطني الكويتي..بدلا من أعطائهم الحرية في أختيار من يحكمهم ,
الديكتاتور الاسلامي الاخر في السودان فقد قدم خير هدية لشعبه تزامنا مع انتفاضة تونس حينما أقدم على تجزأة السودان الى دولتين نتيجة لسياسة القهر والتسلط والاضطهاد الفكري التي يتبعها ضد مواطنيه بحجة تطبيق مبادئ الشريعة الاسلامية ,فالفقر والجوع يخيم بظلاله على اغلبية الشعب السوداني رغم كثرة خيراته وموارده ,والجلد الاسلامي للنساء مستمر بحق من تنتهك الحجاب الاسلامي .اليوم خرجت تظاهرات سلمية في الخرطوم تطالب بالاطاحة بنظام البشير وعمدت القوات الامنية بتفريقها بخراطيم المياه والهروات .
وعلى نفس الطريق يسير بخطى ثابتة ديكتاتور اليمن اللا سعيد من فقر وجهل وتخلف وصراعات مسلحة مستمرة وتظاهرات ,وقد نسمع يوما بان اليمن أصبحت دولتين أو أكثر.
النظام الوراثي الملكي السعودي المستبد ,يعاني شعبه من سياسة التمييز الطائفي والمذهبي وكبت الحريات العامة والخاصة وقهر المراة السعودية وحرمانها من حق التعليم والتوظيف وقيادة السيارة ومشاركتها في الوزارة ,وهناك ألالاف الخريجين العاطلين عن العمل ,وبعد أحداث تونس تعهدت الشركات السعودية(سابك,بنت جبيل,ينبع)بأيجاد أكثر من 5 الالاف وظيفة للخريجين ,كما أعلن سعود بن عبد الله وهذه تمثل نسبة 70_80/0 من نسبة العاطلين.
في الاردن وبعد تزايد التظاهرات التي عمت أغلب المدن الاردنية المطالبة بتخفيض الاسعار للمواد الاساسية الضرورية أستجاب الملك وقرر تخفيض أسعارها,خوفا من اشتداد النقمة الجماهيرية عليه.وتعهد بتعيين الخريجين وأيجاد فرص عمل للعاطلين.
في مصر وبعد أرتفاع الاسعار وأزدياد حجم البطالة ومصادرة الحريات وتزوير الانتخابات الاخيرة لصالح الحزب الحاكم وعزم حسني مبارك لتوريث الحكم لابنه ,خرجت العديد من التظاهرات التي تطالب بخف أسعار المواد الغذائية وقد أحرق 5 أشخاص انفسهم لسوء أوضاعهم الاقتصادية,وتظاهرات تدعوا الى عدم سياسة التوريث ,ولهذا قررت الحكومة المصرية دعم أسعار المواد الغذائية,وهذه كلها من بركات الانتفاضة التونسية ولوها لظل الحكام العرب مستمرين باحلامهم الوردية,فصفعة بن علي أيقظت الكثير من الحكام المستبدين ,وراحوا يحسبون ألف حساب لشعوبهم بعد طول فترة من الإهمال والاستهزاء بمقدراتهم والتلاعب بخيراتهم.
اما النظام الاسلامي الجديد في العراق الجديد,فمشاريعه الخدمية والتنموية المغلفة بالدجل فهي موسمية وفي وقت الحملات الانتخابية فقط ,فالقسم الاعظم من الثروات بيد الاحزاب الحاكمة وبقية شرائح المجتمع تعاني من الفاقة والحرمان وسوء الاوضاع المعيشية والخدمية,يرافقها زيادة غير معقولة في رواتب وامتيازات كبار المسوؤلين وتخفيض رواتب الموظفين ,فنسب البطالة والذين يعيشون تحت خط الفقر في تزايد مستمر وأرقام مخيفة.
اليوم يعقد مؤتمر أقتصادي في مصر لمناقشة الأوضاع المأساوية التي تمر بها الشعوب العربية والسبب واضح جدا وهو سوء الإدارة والتخطيط والفساد وكبت الحريات والتسلط الرئاسي وعدم تطبيق الديمقراطية التي في رحابها تتحقق كل أمنيات الشعوب وتطلعاتها المستقبلية ..
#علي_الشمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟