أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نقوس المهدي - رمز السندباد في شعر محمد علي الرباوي -2-















المزيد.....

رمز السندباد في شعر محمد علي الرباوي -2-


نقوس المهدي

الحوار المتمدن-العدد: 3240 - 2011 / 1 / 8 - 00:01
المحور: الادب والفن
    


رمز السندباد في شعر
محمد علي الرباوي
-2-
نقوس المهدي


i - رمزية السندباد

من خلال تتبعنا لحضور شخصية السندباد العجيبة في المتون الابداعية، وتاثيره في الادباء، نضع اليد على العديد من الشعراء والروائيين الذين وظفوا شخصيته الاسطورية بكل تداعياتها ومغامراته الرحلية الطويلة التي امتدت سبعا وعشرين سنة جاب عبرها العالم برا وبحرا، وحاز خلالها على اعجاب الناس، ولاقى الأهوال وواجه الاشباح والاكراهات والويلات، واسكتشف اوقيانوسات وامصارا مجهولة - امتدت الى جزر الواق الواق التي تعرف حاليا باليابان، غنم منها اسفارا ضخمة من الحكايات الغريبة بقيت موشومة في التراث العربي والانساني واغنت الوجدان الانساني والاداب العالمية على مر العصور والسنين، بالوقت الذي الهمت فيه الكتاب على مختلف جنسياتهم ولغاتهم، وامتدت ظلالها لاهم الاثار الابداعية شعرا ونثرا وتصويرا .

وقد جسدت شخصية السندباد الذي اقترن بمغامراته العجيبة والغريبة، ورحلاته الطويلة تيمة التغير والتجدد والطموح والمغامرة والنقمة، والبحث عن الحقيقة الضائعة وسط الهشيم، الى جانب التعبير عن مواقف رافضة لثوابت المجتمع والطبيعة، وصنوف القصور والكسل والاتكال.

وقد تناول العديد من شعراء العربية هذه الشخصية النموذجية في نصوصهم كل حسب مزاجه، بالقدر الذي تعاملوا مع غيرها من شخصيات عالم كتاب الليالي السحرية كشهرزاد، وشهريار، وعلاء الدين، ومعروف الاسكافي، وتودد الجارية ...الخ، ووظفوها ضد الاستلاب والضياع والتيه والاستغلال والفجيعة والهزائم المتكررة بالعالم العربي. واسقطوها على تجارب حياتية واخرى قومية ابتداء من السياب وصلاح عبد الصبور ويوسف الخال وسليمان العيسى واللائحة اكبر من ان تحد، لان هذه الشخصيات قوية الحضور والدلالات برمزها وشحنتها الاسطورية وسحرية ملابساتها التي لا تنتهي، يقول عبد الفتاح كيليطو في متم بحثه " نحن والسندباد " في مؤلفه ( الادب والغرابة ) " ليس في الأفق ما ينبئ بأن عهد السندباد قد انتهى.. كلنا اليوم في العالم العربي سندباد . "

ولعل من اهم الشعراء المغاربة الذين تعاملوا مع رمزية شخصية السندباد، ووظفوها توظيفا طيبا، واستعانوا بها للتعبير عن اشجانهم ومعاناتهم، وقناة للافصاح عن مشاكل الغربة والهجرة هو الشاعر محمد علي الرباوي الذي صاغ قصائد في شكل حكايات شعرية مغلفة بالحنين والالم والشجى، وتتجلى فيها كل الملامح والمواصفات السندبادية ابتداء من العنوان الصريح الذي يحيل على شخصية السندباد مباشرة، او من خلال الاستهلال/الاهداءات البيانية " إلى أبي في أرض الغربة" او " الى ابي في ارض الوطن " او في النص الشعري الثالث مكابدات السندباد المغربي الذي ليس غير الوالد الذي طوف في الارض شرقا وغربا برا وبحرا وتعرض لشتى انواع الاجحاف .


ii - ملامح السندباد

1 -
يستهل الشاعر محمد علي الرباوي القصيدة الاولى " السندباد في الالزاس " باستعراض لحظات الوداع والفراق مع الوالد، ويصور وداع الاهل تحت جنح الليل الكحلي، وغبش الليل الذي يلحس بلسانه المدى الواسع، ويبسط برنسه على الفضاء بالعا ظل هذا السندباد اللاسند له في هذا الوجود، والأعزل الا من قوة عضلاته ونضارة شبابه وحبه العظيم لاسرته، مخلفا الديار والطرقات والمجازات التي يعرفها حجرا حجرا، مكرها هكذا، مهجرا مع صناديق ليمون هذا الوطن الضائع الغارق في عرصات الجوع وفي مزرعة العطش الشارد،
واستحضار هذه المفردات والمتقابلات له من الدلالة والمجاز ما يكفي لادانة البلد والأوصياء عليه، حيث نجد العرصات مقابل المزارع، والجوع في مقابل العطش للدلالة، ان ببلادنا عرصات ومزارع تكفينا مؤونة الجوع والعطش، وتغنينا عن ديار الغريب، وما اظلم وطنا يتمتع بكل هذه المؤهلات والهبات الطبيعية ويتمنع على مواطنيه، ويزج بهم في دوامة من التيه والضياع، بلد عصي على الفهم هذا الذي يصدر اللحم البشري كما يصدر صناديق الليمون، ويسرق أحلام الشاعر الفتى بما تنطوي عليه من طراوة وبراءة .


هَاأنْتَ تُوَدِّعُ وَجْدَةَ تَتْرُكُُهَا تَتَثَاءَبُ عِنْدَ طُلُوعِ ﭐلغَبَشِ السَّاقِطِ مِنْ تَنْهِيدَةِ إِيسْلِي التَّائِهِ تَتْرُكُ بَوَّابَتَهَا خَلْفَكَ يَتَفَجَّرُ ظِلُّكَ قُدَّامَكَ يَرْكَلُ طَنْجَةْ بِحَوَافِرِهِ يَلْحَسُ فِي رَفَّةِ عَيْنٍ أَحْجَارَ الأَلْزَاسِ وَزَادُكَ فِي الرِّحْلَةِ عَضَلاتُكَ إِنَّا صَدَّرْنَاكَ مَعَ اللَّيْمُونِ وَقُلْنَا نَحْنُ كَسَبْنَا الأَلْزَاسَ وَمَا يَخْزِنُ هَذَا الأَلْزَاسْ

بماذا كان يرطن السندباد يا ترى في اسواق ومرافئ جزر الواق واق اليابانية القصية المترامية الاطراف
هل نسي لهجته العروبية
هل تعلم رطانتهم
ولعلها الاسئلة التي يطرحها الشاعر على ابيه وهو في عز تغريبته:
لُغَتِي هَلْ تَعْرِفُهَا يَا أَبَتِي هَلْ تَتَكَلَّمُهَا فِي الأَلْزَاسِ مَعَ ﭐلأَلْزَاسِ وَهَلْ تَسْمَعُهَا فِي الطُّرُقَاتِ وَفِي أَوْرَاشِ الْخَوْفْ .

وككل نهاية رحلة، لابد للغريب من أوبة الى دياره وعودته الى اهله وذويه هكذا يستشف عبر تخرصات يتنبا فيها الشاعر بعودة ابيه متصدرا القافلة على ظهر راحلته العشارية الواسعة العينين والناقة دلالة لصيقة بالسندباد كما النخلة والبحر والصحراء:
إِنِّي أَسْمَعُ قَافِلَةً عَائِدَةً تَتَوَسَّطُهَا أَنْتَ عَلَى صَهْوَةِ نَاقَتِكَ الوَاسِعَةِ الْعَيْنَيْنِ سُعَالُكَ يَنْشُرُ جَدْوَلَهُ فِي بَعْضِ شَوَارِعِ وَجْدَهْ
آهٍ هَلْ تَحْلُمُ يَا أَبَتِي بِالْعَوْدَهْ
هَلْ تَحْلُمُ يَا أَبَتِي بِالْعَوْدَهْ

2 -
وجريا على ما ورد في القصيد الاولى يواصل الشاعر استلهام شخصية السندباد في القصيدة الموالية مؤكدا على تيمة الغربة في هذا المقطع الذي تنم كل كلمة فيه على الاغتراب والتغرب والبعد والمقاساة مع الاوراش والبرودة ورسائل الاحبة التي تتحول الى قنابل موقوتة ما ان يفض اسرارها حتى تندلع في وجهه غربات اخرى اشد مرارة وقسوة
أَعْرِفُ أَنَّكَ كُنْتَ غَريبا
في أَرْضِ الرُّومِ غَريبا
تَلْتَهِمُ الأَوْراشُ دِماك الفَوَّارَةَ
تَأْتيكَ مِنَ الأَحْبابِ رَسائِلُ
بَلْ تَأْتيكَ قَنابِلُ
تَفْتَحُهَا: لِتُحِسَّ الغُرْبَةَ تَقْطَعُ أَوْصالَكَ
فَالْحَرْفُ أَمَامَكَ غابَةُ صَفْصافٍ

مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَقْتَحِمَ الغابَةَ
مِنْ غَيْرِ سِلاحٍ
آهٍ مَنْ يَقْدِرْ

3 -
في القصيدة الثالثة يستعيد الشاعر سيرة الوالد الفقيد الذي آب الى الوطن بعد رحلة الاتعاب ليموت في حضن الاسرة قرير العين، متتبعا خطواته مسترجعا حركاته، ويقيس ظلالها على مقاس ما يحيط به من اشياء، محملا الوطن اوزار كل ما لحق بوالده من اغتراب، وطن شعاره دوما اموالكم تهمنا وطن رعايا نحن فيه لا مواطنون وطن لا يكرم موتاه ولا يجود عليه بقبر، ويتقاضى منهم فوق هذا الثمن


iii - معجم السندباد

يستعين الشاعر بمعجم طويل من الافعال والمترادفات والمتقابلات الضدية لبسط المعاناة السندبادية حيث ترد هذه المفردات بشكل مكثف في النصين الاولين بينما تاتي على شكل جمل فعلية واسمية في قصيدة مكابدات السندباد المغربي وكلها تفجر كما من الاسئلة المدججة بالحيرة والدهشة وتحدث دوائر من الصمت والرجة العظيمة نلمس تداعياتها في:

أ - القصيدة الاولى
تودع – تترك – تنهيدة - زادك – صدرناك – الوطن الضائع – غريب القصص – قافلة عائدة – العودة

ب - القصدة الثانية
غريبا – ارض الروم – رسائل – الغربة - مدن الروم – هبت ريح – ظباء الاصداء - زند البين – نار الوحشة – وحيدا – لاتسمع – لا تبصر – اطلال كندة - البحر الهائج – هجرت ممالكه – الهم امامك والهم وراءك – ارحل - ترحل – زوبعة الجن – جوف البحر – الغربة الصغرى – الغربى الكبرى – هجر – رياح الاغوال- اهجر - لا هجرة – فيافيها - الغرباء - كالنخل الواقف في الصحراء - كالملح السارح في البحر –

ج - القصيد الثالث
كبد الشحراء - الترحال للرياح الهوج – مخرت ليلا عباب البحر – ارحل قبل الفجر – المسكين صديق الغربة كان – الهم تتدفق في قلبي امواج - علمني أن أمخر هذا البحر - فإن نادتنِي جزر الوقواق وسافرت اليها - لا تخش أمواجا - تشبت بالبر – البحر لايستقر – فالسندباد . – رحلته السابعة -

وهكذا يتهادى النظم في اسمى معانيه وانصع تجلياته وبكل ما اوتي من مؤهلات بيانية واستعارات ومجاز وخيال وارف وايقاع وموسيقا عبر نبرة ونغمة حزينة أسية تستغرق هذه النصوص الشعرية الثلاث بمجملها، مازجا الأسطورة بالسحر، والواقع بالخيال وبالحالة النفسية الاستثنائية المزنرة بالالم والحزن والاسى والحنين .



#نقوس_المهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد علي الرباوي; ما يشبه الشهادة أو أقل
- رمز السندباد في شعر محمد علي الرباوي
- مواقف ومخاطبات لا تلزم النفري
- حين كان الحب ديني وإيماني‏‏
- مضاعفات الفروقات اللغوية
- جئت لأزف إليكم بشرى موتي
- وليمة سقراط الأخيرة
- أربع سنوات على تأسيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالي ...
- لا عدالة ولا تنمية في حزب العدالة والتنمية
- المواطن المغربي بين سيف المس بالمقدسات واهانة الموظفين
- اليوسفية وفوسفاطها ... هل من حساب ؟
- باب ما جاء في حقد مخزن اليوسفية على الجمعيات الحقوقية
- اليوسفية.. باب ما جاء في أمر المال السائب
- مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط وسرقة المال العام
- وحيد نور الدين .. انك تقص علينا احسن القصص
- البحث عن عباس
- ما معنى أن تكون مواطنا بالمغرب
- ما معنى أن تكون مبدعا بالمغرب... ما معنى
- تغريبة الفتى
- تغريبة الفتى عباس الثاني


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نقوس المهدي - رمز السندباد في شعر محمد علي الرباوي -2-