أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نقوس المهدي - حين كان الحب ديني وإيماني‏‏














المزيد.....

حين كان الحب ديني وإيماني‏‏


نقوس المهدي

الحوار المتمدن-العدد: 3225 - 2010 / 12 / 24 - 17:42
المحور: الادب والفن
    


جربت جميع الصيغ الممكنة كي اقنع روحي بما لا يجعل مجالا للشك فيما إذا كان لكلمات الحب والعشق والغرام والهيام صيغة للجمع، أسوة بسائر الاسماء والمفردات فلم أفلح، ربما لنبل الكلمة، وصدق طويتها، وصفاء نيتها، وعدم تورطها في الحربائية وامعانها في التشظي والاختلاف، فيما اننا نجد هناك بالمقابل عدة اصناف وانواع والوان من للحب والعشق والهيام، وهلم تطريزا بمختلف توائم المترادفات والمسميات وصنوفها ومكابداتها ومحائنها المستعصية على التخمين، والتي انكوى بكيمياء لظاها الحريف العديد من العشاق عبر التاريخ الذي لا تخلو منعرجاته من صدمات، ومن تحبيرات مثالية، وحمق لا يعافى، وحرقة لا تكاد تنطفئ الا بطلوع الروح من البدن، قبل ان تبيد هذا الشغف شرائع العولمة بطوربيداتها المدمرة، وتفتح الباب امام طبعة جديدة ومنقحة من الحب العابر للقارات، عشق بجلاجل كاللعنة، لا هو عذري ولا اباحي، ولا بشرقي ولا غربي .
لهذا وربما لخطأ وسوء في تقدير الخواتم او لحسن الطالع ايضا لم نكن نعير هذه العاطفة النبيلة كثير اعتبار، فكانت حياتنا محطات عابرة لحب عابر، وفواصل لا تكاد تنتهي الا لتورط القلب في عشق جديد، وعشقت بدوري كثيرات، وهفا فؤادي لكل من حرضني على مفاتنها طرف البصر، سواء من كن يمعن في الصد، ويشهرن وسطى اصابعهن في وجهي، او من يفتر مبسمهن عن ضحكة ماكرة، واعتقدت انهن احببني، او هكذا كنت اتوهم، ليستغلن سذاجتي كي اكتب لهن مواضيع الانشاء، سذاجة عاطفية اكتسبتها من قراءاتي لقصص المنفلوطي واحمد سعيد العريان ومحمد عطية الابراشي، ورواية البؤساء من ترجمة دار العلم للملايين، وبخاصة رواية بول وفرجيني لبرنار دو سان بيير التي استنبتها طيب الذكر سليل البكائين مصطفى لطفي المنفلوطي وسقاها بالدموع ورعاها بالسهاد، وكنت استغرق بدوري في بكاء مرير خلال كل قراءة لها لندرة الكتب والقصص في محيط ذلك الوقت .

ولعل اول عشق هز كياني وعشقت بموجبه بعنف رواية باولو كويلهو المائزة: "Sur le bord de la rivière Piedra je me suis assise et j ai pleurée ". كان لصبية بدوية بوادي الرحامنة، حيث كنت اتردد خلال كل عطلة صيف، وانا ابن خمسة عشرة عثرة، لأرعى البقر مع فتيان وفتيات القرية، ونسبح في الغدران، او نغوص عميقا في الطمي، عرايا الا من ستر الرحمان، لم تكن البيكينيات والمنهدات قد خلقت بعد في ذلك الزمان، بل ولم تكن تلك الفيوض الكريمة بقدودها المقدودة تحرك سواكن شهواتنا الدفينة، ولا بقادرة على احداث خدش فادح في شرف القبيلة المصان، لعدم تبرعم رمان وازهار ورياحين وزنابق في الجسد، كانت صدورهن ملحوسة، لم تجد عليهن الطبيعة بعد بنصيب من فاكهة النساء اللذيذة، هكذا كنا جديرين بطفولتنا، كصوفيين يخمد ذلك النوع من الحب الكتيم الصبوات في النفس بدل تأجيج اوارها، واضرام اللهب والحرائق في هشيم الروح ..
كانت ن. قصيدة غزلية، حواء رحمانية فيها مزيج من ملاحة وبداعة أعاريب الصحراء، ورقة ودلال وغنج العرب المتغربين، هكذا ما ازال اتخيلها بتولا تتخايل في طيلسان الحسن، هفهافة توشك ان تذوب من فرط خفرها، يتضوع منها طيب القرنفل ويفوح شذى الخزامى، ومن كفيها يشع سواد حناء، عينان كحيلتان من دون كحل، وفما مختوما، وشفتان زهرتان، وخدان شقائق نعمان بغمازتين، وشعر كحلي يؤطر سحنة ملائكية يشوب بياضها تورد وخفر حينما تديم النظر اليها، لم نبح لبعضنا ابدا بهوانا، كنا فقط نرسم اقمارا وشموسا وطيورا وبراري ونحلم، نداول بيننا الغازا وحكايات لا تدر الضحك والتعجب، ونحكي عن ملائكة وجنان، ونكتفي من الغنيمة بالنظر، كانت النظرات تسري في دواخلنا كسريان الماء في الارض اليباب، وكفيلة بري عطش الاوصال المحرومة، واستغوار مناطق قصية في اغوار النفس فتحركها بلطف، لطف عفيف لا تزأر بمفعوله الغواية فينا ولا تتحرك قيد رغبة، هكذا كنا سادرين في جنتنا الا ان اقبل ذات عصر شقيقها ليخبرها بان عمتها الغنية اتت من مدينة الرباط لتاخدها معها، اصرت على ان اصحبها الى مشارف الدوار، وعند الوداع ابقينا ايدينا في بعضها لوقت يسير، لا استطيع تكهن كم دام، تبادلنا كلمات خجولة، وآهات كتيمة، واستلت يدها من بين يدي وانصرفت، فيما قبعت على حاشية احد المجاري واستغرقت في نوبة بكاء لم تلحقني الافاقة منه الا والليل قد عسعس، والعتمة قد عامت على الخيام، واستشبحت الطرقات والحقول .
الان وعلى مسافة اربعين محطة من ذلك الحب البائد، ما يزال الحنين الى تلك الايام الخوالي لي بالمرصاد، ويزرع في حياتي قنابل موقوتة، فاتذكر العشق الذي سكن مفاصلي، ولبث يتلبس كياني كالمارد لردح من الوقت غير يسير، بالرغم من اني لم احب بعد ذلك ابدا، وحينما نويت الزواج خطبت يوم الاثنين وتزوجت مساء السبت الموالي



#نقوس_المهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مضاعفات الفروقات اللغوية
- جئت لأزف إليكم بشرى موتي
- وليمة سقراط الأخيرة
- أربع سنوات على تأسيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالي ...
- لا عدالة ولا تنمية في حزب العدالة والتنمية
- المواطن المغربي بين سيف المس بالمقدسات واهانة الموظفين
- اليوسفية وفوسفاطها ... هل من حساب ؟
- باب ما جاء في حقد مخزن اليوسفية على الجمعيات الحقوقية
- اليوسفية.. باب ما جاء في أمر المال السائب
- مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط وسرقة المال العام
- وحيد نور الدين .. انك تقص علينا احسن القصص
- البحث عن عباس
- ما معنى أن تكون مواطنا بالمغرب
- ما معنى أن تكون مبدعا بالمغرب... ما معنى
- تغريبة الفتى
- تغريبة الفتى عباس الثاني
- شاعراحترف الشهادة... شاعر يقتاد العالم الى حتفه المضيء
- اليوسفية .. مجموعة م. ش. ف والسكن الوظيفي واستغفال العمال
- من هموم امرىء القيس الدائرية
- حوار مع رئيس الفيدرالية المغربية لمتقاعدي ومستخدمي


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نقوس المهدي - حين كان الحب ديني وإيماني‏‏