|
عندما لاتنخفض السماوات .. في الوقت المناسب
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 3232 - 2010 / 12 / 31 - 13:42
المحور:
الادب والفن
عندما لاتنخفضُ السماواتُ .. في الوقت المناسبْ
ياأخوانَ الصفا وخلاّن الوفا " هذا زمنُ السكوتْ وملازمةِ البيوتْ " فكيف سنكتبْ وماذا سنكتبْ ؟
***
باحة ُ البيت ِ مُتربة ٌ و " نور " لم تعد ْ تجلس ُ ساهمة ً في الحديقة ْ . وفي رقصة ِ الدّم ِ لايتساكنُ الجارُ مع الجار ِ ضمن َ حدود ِ الخريطة ْ.
***
هذا وجهي . وجه ٌ لايشبهني . تتسكع ُ فيه وجوه ُ نساء ٍ بلا ضوء ٍ . نساءٌ منطفئاتْ .. كفانوس ِ الأكواخ ِالطينية ِ في آخر ِ الليل ِ . نساءٌ مُطفئات ْ .. قرب سرير ِ الأطفال ِ المغموسين َ بعبير ِ الفجل ِ الحالمين َ بمذاق ِ النارنج ِ و " خبز العباس ِ " البارد القادم ِ من كوخ ِ الجيران ْ .
***
كلّ ُ شيءٍ تأخرَ .. حتّى أن الشمس التي غابت اليوم قد لاتأتي غدا ً بالضياءْ . كلّ ُ شيء ٍ تأخر .. حتّى السماوات ُ لم تنخفضْ في الوقت ِ المناسب ْ . وحين اشرأبّت ْ أعناقنا لتبصرَ نخلة َ البيت ِ حزّ السقف ُ قاماتنا المستحيلة ْ.
كلّ ُ شيءٍ تأخرَ .. حتّى أن ّ هذي السماوات لم تكتشفنا كما ينبغي ولم تُنصفنا كما ينبغي فتنكرّتْ لأحلامنا الملائكة ُ البعيدة ُ جداً والشياطين ُ القريبة ُ جداً من نساءنا الجاحداتْ .
***
بغدادُ خائنة ٌ ككلِّ مدينةٍ صامتة ٍ. كمدن ِ الصمت ِ الأخرى . كل صمتٍ خيانة ْ. حتّى الفراتين ِ .. خانهُما الماءُ فأصبحت الضفافُ بعيدة جدا ً عن الأكفّ المغموسة ِ بالرمل ِ في عيون ِ الرجالْ .
كلّهم تنكّروا لدروب ِ العراقْ لأنها لم تتعرّفْ على أسماءهم الحبيسة ِ في قبْو ِ الكراهية ِ المستطيلْ . كلّهم خانوا .. لأنهم بلا ذاكرة ٍ تختزنُ حزن َ النبيين َ من الآباء ِ والنبيين من الأبناء ِ والنبيين الذين َ لاأهْل َ لهُم ْ .
كلّهمْ تنكّروا للحنين ِ النابت ِ في الطين ِ والعظمْ وأعادونا الى مجرّات ِ الحزن ِ والذهول ِ التي جئنا منها في الربع الأوّل ِ من العمر .
لماذا يعتذرُ الوجع ُ اذاً .. للمدن ِ الخائنة ْ ؟ لماذا يعتذرُ الأبناء ُ الدائنون َ للوطن ِ المدين ِ بكلّ هذا الكمّ ِ من الفجيعة ْ ؟
***
لنا ثلجُ الغربةِ ولهُمْ دفءُ الغِرْين ِ السومريّ . لنا إصفرارُ الوحشة ِ والبعدُ عن الأهل ِ والعروقُ النافرة ُ المزرّقة كالدبابيسْ ولهم مسرات الرُيوع ِ المغموسة ِ بالنفط ِ الدائم ِ والماء ِ المؤقت ِ والمطر ِ الغائبْ .
لهم " السِندريلاتُ " ولنا فردة ُ الحذاء ِ المستعارة ِ والقدم المستحيلة ْ .
لنا الحقيقة ُ عارية ً كالماء ِ ولهُم الزينة ُ المُفرطة ْ .
لنا ما لدينا وما كانَ لدينا وما لن يكون ولهُمْ كلّ ُ ما أصبحَ لهُم ِ الآنَ وما لمْ يكنْ لهم يوما وماسيكون .
***
لنا الأقبية ُ المكتّظة ُ بالهذيان ِ الثوريِّ ولهُمْ فراديسُ الصمت ِ الباذخة ِ في السماوات ِ القديمة ِ السماواتُ التي كانتْ جدّ ُ بعيدة ٍ عناّ ولكنها حينَ إنخفضَتْ لم تنخفضْ في المكان ِ المناسبْ .
***
كانت السماواتُ بعيدة ً جدا ً لهذا لم يصِلْ بريدُ الأيتام ِ الى الربِّ في الوقت ِ المناسب ْ .
***
نحنُ العصافيرُ الهشّة ُ وهُمْ ضباعُ القمامة ْ . نحنُ الكائناتُ الأكثرُ عُرضة ً للأنتهاك وهُمْ سادة ُ الغابة ِ الجُدُدْ .
الأرضُ السبْخة ُ لهُمْ والأعشاشُ لنا .
***
هذا مايحدثُ عادة ً عندما لاتنخفضُ السماوات ُ في الوقت ِ المناسب ِ وتتركنا وحْدنا .... في العراقْ .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا راحتْ .. ولم تلتفتْ ؟
-
وطن من صفيح .. وطن من ابل
-
الرفاهية والأمثلية في الدولة الريعية الديموقراطية ( أعادة تو
...
-
الأقتصاد السياسي للفصل السابع ( صندوق التعويضات , وصندوق تنم
...
-
مواسم الهجرة من النهار الى الليل
-
دفاتر الحرب ( مقاطع من هذيان جندي مسن من بقايا الحرب العراقي
...
-
صحراء الربع الخالي
-
الحوار الممكن .. بين الظلمة والنور
-
مباديء الأقتصاد السياسي
-
وطن الوجع .. ووجع الأمكنة
-
ميكانزم الحب الأول
-
ميكانزم الحب الأخير
-
العراق وأشكاليات الفصل السابع :الابعاد الاقتصادية والسياسية
...
-
الفساد في العراق : البنية والظاهرة ( محاولة للخروج من الحلقة
...
-
جمهورية النفط في أرض ألصومال
-
عراق مابعد الصناعة
-
الريع النفطي في العراق : تحولات الدولة والسلطة وانماط الانتا
...
-
اول اوكسيد الكراهية
-
الابعاد الاقتصادية لاتفاقية سحب القوات الاجنبية من العراق
-
وطن لايتسع لصباحات أمي
المزيد.....
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|