أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - وليد ياسين - مشاعر مختلطة في -أسبوع الآلام-















المزيد.....

مشاعر مختلطة في -أسبوع الآلام-


وليد ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 3230 - 2010 / 12 / 29 - 11:44
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


هذا الأسبوع كان مختلطا بالمشاعر والأحداث التي اجتاحت نفوسنا فرحا وألما في آن واحد، وتركت غصة عميقة في نفوسنا، وفجرت من جديد تساؤلات كبيرة لها صلة وطيدة بمعاناة هذا الشعب الباقي المتمسك بأرضه ووطنه، وما يدفعه من ثمن باهظ، دفاعا عن هذا البقاء.
* حسام.. والفرح المنقوص
على صعيد محلي، كانت شفاعمرو تعيش مشاعر مختلطة من الفرح المختلط بالحزن. ففي حين استقبلنا ابننا الأسير المحرر، العائد إلى عرينه، اصلب عوداً وأشد قوة، الشاب اليافع حسام خالد خليل، الذي أطلق سراحه من أقبية المخابرات، بعد عامين ونصف من الاعتقال، كان هذا الفرح بعودة حسام منقوصا، بل كانت الدموع التي انهمرت في استقباله، تشعل نار الحزن والأسى على رفاقه الذين خلفهم في أقبية السجون، أسرانا الذين يدفعون الثمن الباهظ لقاء نضالهم الوطني. ولعل العبارة التي قالها الشيخ رائد صلاح، الذي غادر السجن هو الآخر قبل أسبوعين بعد اعتقال في احد الملفات الكثيرة التي يواجهها لدفاعه عن أقدس أقداس المسلمين، الأقصى المبارك، كان في تلك العبارة أشد تعبير عن المشاعر المختلطة. لقد قال: "لا شك أننا حين نتحدث عن إطلاق سراح أسير من أسرى الحرية، فأنا أؤكد لكم أن كل أسير حرية يخرج بجسده وبروحه، بهمته ومعنوياته، ولكن يترك فرحته في داخل السجن. أنا تركت فرحتي في داخل السجن، وحسام ترك فرحته في داخل السجن، ومن خرج من أسرانا هذه الأيام، تركوا فرحتهم داخل السجن، ولن تخرج هذه الفرحة إلا بخروج آخر أسير حرية من شعبنا الفلسطيني ومن عالمنا العربي إلى شمس الحرية بإذن الله تعالى".
ومثل هذه الكلمات قالها حسام ووالده وأمه، وعشرات الأسرى المحررين وأمهات وآباء الأسرى الذين تواجدوا في حفل استقبال حسام، وما استطاعوا إخفاء الدموع، فبالنسبة لهم جميعا كان الفرح منقوصا، وبالنسبة لكل واحد وواحدة منهم، لن يكتمل الفرح إلا بخروج كل أسرى الحرية.
ومن يستمع إلى حسام وهو يروي ما يواجهه أسرانا من تعذيب نفسي، خلال التحقيق، وبعده، وما يتعرضون له من عذاب جسدي بعد الحكم عليهم، لن يشعر بلحظة فرح، ما دام هناك أسرى يعانون وراء قضبان السجون وفي أقبية وزنازين الجلاد.
"حين كانوا ينقلوننا من مكان إلى آخر عبر "البوسطة" (شاحنة نقل الأسرى")، كانوا يتعمدون التضييق علينا وتعذيبنا.. يقول حسام وهو يتحدث إلى زواره، ثم يروي عينة تجسد وحشية هذا التعذيب، فيقول: "في البوسطة التي تتسع عادة لقرابة 50 سجينا، كانوا يخصصون زاوية محكمة الإغلاق للأسرى السياسيين. هذه الزاوية تتسع لأربعة أسرى، لكنهم كانوا يزجون فيها عشرة أٍسرى. وفيما كان السجناء المدنيون الذين يخصص لهم الحيز الأكبر من البوسطة، والمزود بمقاعد واقية وبحواجز، يمكنهم التشبث بها، فتحميهم من التطاير من على مقاعدهم والتعرض للإصابات حين يتعمد سائق البوسطة الفرملة المفاجئة أو القيادة بسرعة قصوى في المنعطفات، كنا نحن، الأسرى السياسيين نتطاير من مقاعدنا كالعصافير لنرتطم بالجدران الفولاذية للحيز المخصص لنا، لأنه يفتقد إلى أي حاجز يمكننا التشبث فيه. وهذا التعذيب المتعمد كان يتسبب لنا بإصابات جسدية بالغة".
هذه الرواية سمعناها من أكثر من أسير، وكم تترك من جراح عميقة في نفوسنا حين نسمع أن بين هؤلاء الأسرى أطفال لم يتجاوز عمرهم الرابعة عشرة، أو مسنين لا تقوى أجسادهم على تحمل هذا العذاب.
لقد كرر أكثر من متحدث خلال مهرجان استقبال الأسير حسام خليل، صرخة موجهة إلى المفاوض الفلسطيني بأن لا يؤكد ما تدعيه إسرائيل من أن قضية أسرانا هنا في الداخل، تعتبر شأنا إسرائيليا، بل قال منير منصور، احد الأسرى المخضرمين، الذي يحمل في عنقه ملف اسري الداخل الفلسطيني منذ إطلاق سراحه، "إننا لن نسمح لأحد بجعل قضية أسرانا شأنا إسرائيليا داخليا، ولن نقبل تهمشها، لا من قبل السلطات الإسرائيلية ولا من قبل المفاوض الفلسطيني". وطالب، كما طالب غيره ممن تحدثوا في المهرجان، المفاوض الفلسطيني يوضع قضية أسرى الداخل على جدول البحث شأنها شأن قضية اسري الحرية الفلسطينيين والعرب كلهم. وهذه الصرخة يجب أن لا تضيع ولا تذهب هباء، فليسمعها العالم كله، بدءا من رام الله، مرورا بغزة، والقاهرة وعمان والرياض وبيروت ودمشق، وصولا إلى واشنطن وموسكو، وكل أصقاع الأرض.
لقد عاني أسرى الداخل ما يكفي من التهميش والنسيان، وآن الأوان لرفض إجراء أي مفاوضات حول الحل الدائم في الشرق الأوسط، ما لم يشمل قضية أسرانا، كما القدس والحدود واللاجئين، كي يكون الفرح بتحرير كل أسير حرية مكتملاً لا تشوبه دمعة حزن على من تبقى هناك، في أقبية الظلام.
* حسن يونس.. الفرح الممزوج بالحزن القاتل
وحين نتحدث عن المشاعر المختلطة، التي رافقت إطلاق سراح أسيرنا الشفاعمري، لا يمكننا تجاوز لحظة الفرح الممزوج بالحزن القاتل التي عمقت جراحنا بمقتل الأسير المحرر حسن يونس، في حادث طرق مروع، بعد ساعة قليلة من مشاركته في استقبال حسام.
لم أعرفه من قبل، ربما بفعل تراكم الأحداث وخوض الكثير من قضايانا اليومية المتشعبة، نسينا كصحفيين اسم هذا الأسير المحرر، والقضية التي اعتقل بسببها، ومتى تم إطلاق سراحه.
أثناء استقبال وفود المهنئين بعودة حسام، كان يقف إلى جانبي صديق عمري، توفيق حصري، المتزوج من مدينة عكا. فجأة سمعته يقول، ها قد وصل أبناء عكا، ونظرت إلى حيث أشار، فأبصرت ثلاثة أشخاص، أكبرهم رجلا طاعنا في السن، يحث خطاه بتثاقل، كما لو كانت قدماه غير قادرتين على حمله. قال أبو محمود: هذا أسير محرر. نظرت إلى هذا الرجل وقلت في نفسي: يا الله كم يتحمل أسرانا من ألم وعذاب في السجون، وتجدهم حتى حين يستصعبون الوقوف على أقدامهم، لا يتأخرون عن المشاركة في فرح استقبال رفيق درب، حتى لو لم يعايشونه داخل السجن.
كانت تلك اللحظة هي المرة الأولى والأخيرة التي أشاهد فيها الأسير المحرر حسن يونس، فقد امتزج كغيره من الحضور في الصورة الكبيرة للأسرى المحررين والمهنئين الذين حضروا المهرجان، وانشغلت كغيري من الصحفيين بمتابعة وقائع المهرجان، ثم انصرفنا إلى بيوتنا لإعداد التقارير، وكدنا ننسى الوجوه التي حضرت، بفعل الأحداث المسارعة واضطرارنا للانتقال من متابعة حدث إلى آخر. ولم أعلم بما حدث لحسن يونس إلا في ساعة متأخرة فانقبض القلب وعادت صورته إلى مخيلتي، ترافقها صورة متخيلة لدمائه التي روّت أرض الشارع، قبالة أرض البروة المهجرة.
وقد روى لي أحدهم ما حدث في تلك الليلة فتعمق الجرح. قال إن الأسير المحرر حسن يونس (أبو علي) بقي في شفاعمرو لاستكمال المشاركة في حفل استقبال حسام. وحين قرر العودة إلى البيت، كان رفيقاه قد غادرا، ولم يكن هو سائقا أو يملك سيارة تعيده إلى بيته، فتبرع احد الشبان لنقله إلى عكا. وعندما وصلت السيارة إلى مفترق البروة، طريق عكا – صفد، طلب حسن يونس من السائق أن يتوقف كي يترجل ويواصل لوحده إلى بيته، في أي سيارة تمر من هناك في اتجاه عكا. لم يشأ هذا المناضل مواصلة السفر مع الشاب كي لا يؤخره، وآبى إلا أن يترجل من السيارة، كما آبى مساء ذلك اليوم إلا أن يحضر لتهنئة حسام وأسرته، رغم عدم قدرته على السير.
وفي اللحظة التي بدأ فيها حسن يونس بقطع الشارع، كانت الشارة الضوئية الخاصة بالمشاة خضراء، لكن صعوبة تحرك أبو علي أخرت اجتيازه للشارع، وفي هذه الأثناء تغيرت شارة المشاة إلى حمراء، وأضيئت شارة مرور السيارات بالأخضر، وكان القدر المحتوم في انتظار أبو علي في منتصف الطريق، ففي تلك اللحظة، جاءت سيارة مسرعة، ودهست أبو علي في منتصف الشارع، فأصابته بجراح بالغة، وقتلته، ليبقى الفرح منقوصا وغير مكتمل، بل وليتعمق جرح الحركة الأسيرة التي هرعت إلى عكا غير مصدقة، أن اللقاء لساعة في حضرة حسام، كان اللقاء الأخير برفيق الدرب حسن يونس.
وامتزج الفرح بعودة حسام خليل، بالحزن القاتل لمفارقة حسن يونس.. الذي اختار له الله الرحيل بعد أن اكتحلت عيناه برؤية أسير آخر من آلاف أٍسرى الحرية، يحلق خارج عتمة السجون.
رحمك الله يا أبا علي، فقد علمتني الآن، كم هي قوية ومتينة أواصر هذه العائلة المكافحة، عائلة أسرى الحرية.
* القس شحادة... وجع الأرض
في تلك الليلة، التي كنا نفرح فيها بعودة أسيرنا الشفاعمري، ونتمزق حزنا على بقاء آلاف الأسرى في سجون الجلادين، ونبكي بحرقة مقتل حسن يونس، أبى مشهد الحزن إلا أن يحمل إلينا نبأ عمق آلامنا ومزق ما تبقى من شرايين في قلوبنا، نبأ رحيل القس الدكتور شحادة نعيم شحادة، الذي لا تكفي كل الكلمات لتعداد خصاله ووصف صفاته، والذي كان وسيبقى بالنسبة لكل من عرفه ورافقه، بمثابة صرخة الأرض المدوية.
فالقس شحادة، ابن قرية كفر ياسيف، لم يكن مثل غيره من القساوسة، بل إن قلة من رجال الدين في مجتمعنا الفلسطيني في الداخل يشابهونه في المزج بين عبادة الله سبحانه وتعالى وخوض النضال الشعبي والسياسي دفاعا عن الأرض والمقدسات، بل يمكن القول إن هذه الأمانة ورسالة الكفاح المزدوج، في سبيل الله وفي سبيل الأرض والمقدسات، حملها ثلاثة من رجال الدين في مجتمعنا الفلسطيني في الداخل، القس الراحل شحادة شحادة، وشيخ الأقصى رائد صلاح، والمطران عطالله حنا، أمد الله في عمريهما.
ونقول، بشكل لا يقبل التأويل، إن القس شحادة كان وجع الأرض، وحامل هموم أهلها في كل مكان تواجد فيه، في بلدته كفر ياسيف، وفي الهند، حيث درس اللاهوث، وفي شفاعمرو، حيث خدم الرعية، وفي لندن، حيث استكمل دراسته، وفي حيفا، حيث خدم رعيتها الانجيلية، ثم في شيكاغو حيث حصل على الدكتوراة، وفي كل مدينة وقرية عربية، وفي كل جامعة ومجمع زارها محاضرا سواء كرجل دين أو كمناضل دفاعا عن الأرض.
لقد كان القس شحادة من المناضلين المخضرمين الذين ستبقى بصماتهم راسخة في سجل نضالنا الوطني في الداخل الفلسطيني. ونحن، أهالي شفاعمرو بشكل خاص، سنبقى نتذكر رجل الدين الذي فتح أبواب الكنيسة الانجيلية لاغتناء الحركة الثقافية في شفاعمرو، حين كان خادما للرعية الانجيلية فيها، دون تمييز بين مسلم ومسيحي ودرزي. كما سنذكر الرجل المكافح الذي احتل دورا قياديا بارزا وشكل صوتا مدويا دفاعا عن الأرض، منذ انخراطه في لجنة الدفاع عن الأراضي التي تشكلت في العام 1975، حين هاجم غول المصادرة أراضي البطوف والجليل، وتسلمه رئاستها بعد شهرين من تأسيسها، اثر وفاة رئيسها المنتخب في حينه، طيب الذكر منصور كردوش.
ونذكر لهذا الرجل الشهم وقفته في مواجهة الرؤساء الذين جمعتهم السلطة في قاعة بلدية شفاعمرو في 25 آذار 1976، كي يتخذوا قرارا بإلغاء الإضراب الذي سبق وأعلنته لجنة الدفاع عن الأراضي في الثلاثين من آذار من العام نفسه.
كان ذلك الاجتماع، وكما روى القس بلسانه، في إحدى محاضراته الكثيرة حول يوم الأرض الأول، معدا لرؤساء السلطات المحلية العربية فقط. وكان هو، القس شحادة شحادة، يقيم آنذاك في شفاعمرو، فحضر مع المئات من الشفاعمريين الذين أحاطوا بدار البلدية في حينه هاتفين ضد المؤامرة على إلغاء الإضراب. وتوجه القس إلى دار البلدية، ودخل القاعة التي انعقد فيها الاجتماع، فقال له رئيس اللجنة في حينه، المرحوم إبراهيم نمر حسين، الذي شغل منصب رئيس بلدية شفاعمرو آنذاك: "يا قسيس، أنت لست رئيسا لسلطة محلية، ولكننا نرحب بك في اجتماعنا، شريطة أن توافق على القرار الذي سيتم اتخاذه". فرد القسيس قائلا، والرواية على لسانه: "من قال لكم أصلا إنني آت لحضور الاجتماع. لقد جئت لأقول لكم عبارة واحدة وهي أنكم لستم أصحاب القرار بإعلان الإضراب، ولذلك فأنكم لا تملكون حق إلغائه. الشعب هو الذي قرر، وإذا أردتم سماع صوته فها هو خارج القاعة، فاسألوه".
وغادر القسيس القاعة، وجرى التصويت في الداخل على قرار كان قد أعد مسبقا. قرر الرؤساء بالغالبية إلغاء الإضراب، لكن قرارهم لم يكن إلا كصوت في البرية، يفتقد إلى أي قيمة أو معنى، فالشعب هو الذي قرر، والشعب، بقيادة القس شحادة ورفاقه، قاد أضخم يوم نضالي في تاريخ شعبنا الفلسطيني، يوم الأرض، الذي لا يختلف أحد على أنه شكل محورا تاريخيا في مسيرة نضال جماهيرنا الفلسطينية في الداخل.
هذه المواقف التي وجهت القس شحادة في نضاله، وأكسبته الشعبية والاحترام والتقدير الواسع من قبل كل الفلسطينيين وأوساط عربية واسعة، هو أحد الجوانب البارزة في حياة هذا الإنسان المعلم، الذي تزاحم الآلاف من أبناء شعبنا لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه يوم الاثنين، الموافق السابع والعشرين من كانون الأول 2010، هذا اليوم الذي لن تنساه جماهيرنا، وسيبقى محفورا في الذاكرة كما حفر تاريخ الخامس والعشرين، والثلاثين من آذار عام 1976.
القس شحادة لم يكن مناضلا في معركة الأرض فحسب، بل كان مناضلا في معركة الإنسان، وفي معركة توحيد وتكاثف وتشبث شعبنا على أرضه كجسد واحد. كان المثال الحي الذي جسد مقولة "الدين لله والوطن للجميع". ومن العبارات المؤثرة التي كثيرا ما سمعناها منه في هذا الشأن، قوله: "نحن شعب واحد، حرام علينا القول نحن إسلام ومسيحية، فنحن توأم، ابحثوا في كل كتب التاريخ، في أي عصر كان، لن تجدوا خلافا ولن تجدوا صراعا بين المسلمين والمسيحيين، التوأم في هذه البلاد، لأننا شعب واحد، نناضل سوية من أجل حقنا في العيش بكرامة في هذه البلاد".
بهذه الروح، كان القس شحادة، كما على المنابر الخطابية، هكذا على المنابر الكنسية، رجل دين ورع، يؤمن بعقيدته، وفي الوقت ذاته يؤمن بوحدة هذا الشعب، وبقوة هذه الوحدة في تحقيق الكرامة لشعبنا.
خلال الكلمة الارتجالية التي ألقاها النائب محمد بركة خلال تشييع جثمان فقيدنا، وجع الأرض، القس شحادة شحادة، قال عبارة، لا أشك بأن هناك من يختلف على أنها تمثل كل من عرف وعايش القس شحادة وقيادته الوطنية والحكيمة لواحدة من أهم قضايا الجماهير العربية في الداخل، قضية الأرض. لقد قال: "ربما يجب أن يمر وقت حتى نستوعب حجم المصاب بفراقك، يا حبيب القلب ورفيق الدرب والموقف، يا معلم. المعلم الذي كنا نشعر بفخر، وبأننا أكثر أمنا وأكثر هدوء حين تكون بجوارنا".
لقد كان حقا "رجل الدين النموذجي، التقي، الورع المؤمن حتى النخاع بعقيدته"، ولكن لم تكن لديه أي ذرة تعصب إلا للوطن، أحب شعبه بكل أطيافه وسعى دائما لوحدته وتراص صفوفه في معاركه. هكذا كان، وهكذا سنبقى نذكره ونحفر اسمه عميقا في الأرض: القس شحادة شحادة، وجع الأرض وصرختها المدوية.
* أسبوع الآلام
في فصل الربيع، الذي يرمز إلى النمو والتجدد، يحتفل إخوتنا أبناء الطوائف المسيحية بعيد الفصح المجيد، الذي يتوج أسبوعا مملوء بالذكريات المقدسة، يسمى أسبوع الآلام.
أسبوع الآلام ما زال بعيدا، فنحن في أواخر كانون الأول من العام 2010، نستقبل مع إخوتنا المسيحيين احتفالاتهم بميلاد السيد المسيح عليه السلام، ونودع معهم السنة المنصرمة، لنستقبل عاما جديدا، نتمنى فيه أن يكون أفضل من سابقه وأن يحقق لكل منا، كأفراد ومجموعات، وكشعب، غاياتنا وطموحاتنا، آملين أن تكون السنة الجديدة سنة خير وبركة.
ولكننا في هذا الأسبوع، أسبوع المشاعر المختلطة، شعرنا وكأننا في أسبوع من الألم. فعلى الرغم من استقبالنا لأسير محرر، إلا أن فرحتنا لم تكتمل لبقاء آلاف الأسرى في السجون، وتعمق الحزن برحيل رجلين لن ينساهما كل رفاق النضال، وان اختلفت المواقع، الأسير المحرر حسن يونس، والقس المعلم شحادة شحادة. فليعذرنا إخوتنا أبناء الطائفة المسيحية إن اعتبرنا هذا الأسبوع بمثابة أسبوع الآلام لكل شعبنا، وليس لطائفة دون غيرها، ولنصلي جميعا، أن يرحم الله موتانا، والشهداء، وأن يحمل العام المقبل، ليس بشائر الخير والمحبة والسلام فحسب، بل وإطلاق آخر أسير من أسرى الحرية، وإطلاق القدس، بمساجدها وكنائسها وكل مقدساتها، من ٍاسر المحتلين.
وكل عام وأنتم وشعبنا كله بخير.



#وليد_ياسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجزرة أسطول الحرية ومسألة الارهاب!
- على هامش مئوية شفاعمرو برعاية بيرس: بحر الدم الهادر من كفر ق ...
- في واحة -شاباك لاند-
- ناجي فرح يروي حكاية وطن ضاع يوم -قامت لِقْيامِة-
- شفاعمريون - من يخلد هذه الأسماء؟
- وداعا أخي احمد سعد، أيها الراسخ كحجارة البروة في وجه العاصفة
- حكاية يوم الأرض 1976
- كلينتون، صمتت دهرا ونطقت عهرا
- المواطنة مقابل الولاء لاسرائيل ورموز الصهيوينة، مشروع قانون ...
- عيد العشاق... الأحمر في فلسطين لون الحب... والحقد
- أجنّة لم ترَ النور في العدوان الأخير على غزّة... أنابيب موال ...
- لماذا يجب أن نصوت في انتخابات الكنيست ولمن؟
- عندما ينتفض أطفال 1948... أمام حقيقة أنهم فلسطينيون!
- التفجيرات الانتحارية والعمالة ...وجهان لعملة البطالة الفلسطي ...
- لماذا هذا الاستغلال؟ رسالة مفتوحة الى بيت الشعر الفلسطيني
- الفلسطينيون ضحايا 11 سبتمبر أيضاً... أي كارثة ونكبتنا مستمرة ...
- قصيدتك الأخيرة
- أربعة طيور حطت على شجرة
- الباحثة العراقية د. سعاد العزاوي: الأمراض السرطانية والتشوها ...
- إليك هناك في بيروت


المزيد.....




- احتجاجات أمام سجن محلي في تكساس للإفراج عن طلبة تظاهروا دعما ...
- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - وليد ياسين - مشاعر مختلطة في -أسبوع الآلام-