أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد ياسين - قصيدتك الأخيرة














المزيد.....

قصيدتك الأخيرة


وليد ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 2375 - 2008 / 8 / 16 - 09:51
المحور: الادب والفن
    


(إلى محمود درويش على شرفة يطل منها على ما يريد)

هي قصيدتك الأخيرة، زحفنا من أعالي الجليل وساحل الكرمل، وروابي المثلث، ورمال النقب، وجبال القدس والخليل وأريحا، ومن كل شبر في ارض فلسطين، لنقرأها عليك، هناك في المكان الذي اكسبه حضورك قدسية، وجعله نقطة الوصل بين شطري الوطن.
في ثرى الأرض التي احتضنت ياسر عرفات، وعلى شرفة تطل منها على ما تريد، على القدس، أودعناك يا سيد الشعراء، أمانة إلى ان تعود إلى الأرض التي جبلت منها، وأنشدت لثراها نشيد الحياة. "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، غنى قلبك الكبير فحملّنا أمانة المضي على دربك، كي تنتصر الحياة.
جئناك أيها الغائب الحاضر، محمود درويش، حاملين حفنات من تراب البروة والقدس وجبلناها بتراب رام الله، فالتحمت شرايين الوطن عبر شرايين قلبك، وأزهر اللوز واخضرّت أوراق الزيتون على حافة جداريه قاومت من على صفحاتها الموت، رغم الموت، وبقيت كلماتك كالناقوس تقرع جدران حصار حاصرته قصائدك فانتصرت وانتصرنا، ووثقت انتصارنا في إعلان شعبنا لاستقلاله "على أرض الرسالات السماوية"، صارخا في وجه الاحتلال والعالم وعصبة الأمم ان شعبنا "في قلب الوطن وعلى سياجه، في المنافي القريبة والبعيدة، لم يفقد إيمانه الراسخ بحقه في العودة، ولا إيمانه الصلب بحقه في الاستقلال".
وها أنت تعود، رغم الموت تعود، صارخا عبر "جداريه" الخلود: وكأنني قد متُّ قبل الآن.../ أعرفُ هذه الرؤية وأعرفُ أنني/ أمضي إلى ما لستُ أعرفُ./ رُبَّما ما زلتُ حيّاً في مكان ما،َ/ وأعرفُ ما أريدُ...
لقد مضيت، لكنك ما زلت الحي فينا..
فأنت تعرف ما تريد، وأنت تطل على ما تريد، أنت الحي في كل حبة تراب من تراب الجليل والمثلث والنقب والقدس ورام الله وأريحا، أنت الحي في كل حرف دونته في قصيدة، وأنت الحي في الجموع التي جاءت لتغني قصيدتك الأخيرة، من دون أن توقع صك الرحيل القاسي وعذاب الغياب..
اعذرنا يا سيد الشعراء، اعذرنا يا قمر فلسطين، كنا نتمنى أن نأتيك بسبع سنابل خضراء لنزرعها على الشرفة التي تطل منها على ما تريد، لكن الموت استبق مواسم القمح وانتزع جسدك من بين أيدينا، لكنه لم ولن ينتزع اسمك وعنوانك وقصائدك وتراب البروة وخبز وقهوة أمك التي تدري ان لك اخوة يضعون على شرفتك قمرا وينسجون بابرتهم معطف الأقحوان.
ستبقى معنا.. وسنبقى معك، نواجه العابرين في الكلام العابر، نردد وصيتك: "لنا الماضي هنا/ ولنا صوت الحياة الأول/ولنا الحاضر، والحاضر، والمستقبل/ولنا الدنيا هنا...والآخرة".
يا أيها المسجى تحت أغصان الزيتون، اسمح لي بالانتماء إلى إخوتك، واسمح لي بأن أذرف دمعة، وأن أخالف وصيتك بترك الزهور للعريس، لأنك العريس ونحن أهلك، وقد أتعبنا الفراق مرتين: مرة حين تركناك تموت وحيدا، ومرة حين تركناك هناك على الرابية وحيدا.. لكنك هناك، أيضا، بين أهلك وأخوتك، هناك "يطير الحمام، يحط الحمام، وقد أعددنا لك الأرض لتستريح، وسنبقى نحبك وإن أتعبنا هذا الحب"، سنبقى نحبك، وإن كان هذا الحب سيفرض علينا كلما جئناك "امتصاص ألواننا في جواز السفر" عند بوابة قالوا إنها ستكون معبر حدود، لكنهم جعلوها كحظيرة مهينة، ذكرّتنا ونحن نعبر منها بعد أن ودعناك، بالليل الدامس قبل عقود.
أخي محمود، آه يا محمود، يمضي الأنبياء ويمضي الشعراء. لكنه أبدا يبقى في صدور أتباعهم واخوانهم سجل الخلود.



#وليد_ياسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أربعة طيور حطت على شجرة
- الباحثة العراقية د. سعاد العزاوي: الأمراض السرطانية والتشوها ...
- إليك هناك في بيروت
- بدأت بأغاني فيروز وجالت في أراضي 1948 ... أمل مرقس تحتضن عطر ...
- مونودراما تروي قصة والده يجسّدها أياد شيتي ... ناظم الشريدي ...
- قصص سلام الراسي على مسرح الميدان في حيفا ... «حكي قرايا وحكي ...
- «فتوش» لقاء ثقافات بنكهة المحمّر والقهوة الحيفاوية
- بيرزيت أو «هارفارد فلسطين» تواجه خطر الإغلاق وتعليق مصير 7 ا ...
- فرق تكسر الصورة النمطية عن أطفال الحجارة ... الراب الفلسطيني ...
- عزوف الفلسطينيين عن الزواج اقتصادي
- شبان 48 يرفضون الاسرلة
- ذاكرة طفلة فلسطينية
- صافرة انذار
- بطاقات غاضبة: شافيز وتيجان الملوك
- الإعلام الإسرائيلي مجند حتى النخاع لتبرير العدوان ويهاجم الإ ...
- تلاعب إسرائيل بالالفاظ لن يقلل من فظاعة الجرائم الحربية في ل ...
- فلسطين منكم براء!
- دير ياسين.. 58 عاما وذاكرة تأبى النسيان
- أنطوان شلحت وواحة الشاباك
- الشرطة الاسرائيلية تبرئ افرادها القتلة من دماء شهداء اكتوبر ...


المزيد.....




- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد ياسين - قصيدتك الأخيرة