|
مافيات الفساد .. والشرفاء
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3226 - 2010 / 12 / 25 - 22:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كان هنالك مُحاسبٌ لإحدى الشركات ، مِهني أمين دقيق صادق ، يُسّجِل كُل صغيرة وكبيرة في سجلاتهِ ، ويُقّدِم في نهاية الموسم ، الميزانية والمتضمنة للحسابات الختامية ، بكل ما تتضمنه من وقائع سلبية وإيجابية ، ويؤشر على مكامن الخلل ، التي يُمكن تلافيها مستقبلاً . صحيح انه لايقول صراحةً ان المهندس الفلاني او المدير العلاني ، هو المسؤول مباشرةً عن الخلل الشنيع في هذا المجال او ذاك ، لكنه يُرّكِز على " الظاهرة " دون ذكر الاسماء ... فعندما يقول ان " العقود " غير شفافة وليست مُستوفية للشروط القانونية ، فانه يغمز ضمناً من قناة مديرية العقود ومديريها وموظفيها المتنفذين ... وإذا تَطّرقَ الى رداءة البضاعة المستوردة وعدم ملائمتها للإستهلاك البشري ، فذلك يُفّسَر على انه إتهام لمدير الرقابة والسيطرة النوعية ، وإذا إسترسلَ وقال انه سبقَ وان قّدَمَ وثائق بصدد مكامن الخلل عدة مرات لكن الجهات العليا لم تُعالج الموضوع ، فكأنما يُعاتب رئيس الشركة او مديرها العام ... وهكذا . كُلما تطرقَ الى جانبٍ من الفساد ، وحتى دون ان يُدين أحداً او يتهم او يُطالب بمحاسبة المُقصرين ... فان معظم مسؤولي هذه الشركة ، غير راضونَ عنه .. بل انهم إتفقوا على تشويه سمعتهِ ، وتسقيطهِ ، بمختلف الجوانب ، الوظيفية والعائلية وحتى الاخلاقية !. فهو يُشّكِل خطراً على الجميع ... وعلى الرغم ان مراكز القوى في الشركة ، ربما لم تستكمل لحد الآن ، متطلبات وبنود "المافيات " بصورةٍ كاملة ، إلا انها تسعى حثيثاً الى إنتهاج وإقتباس ، أساليبها الكلاسيكية ، التي طالما قرأنا عنها او شاهدناها في الافلام !. فتبدأ بالتنسيق فيما بينها ، لعرقلة مُبرمجة لعمل المحاسب ، ووضع فخاخ متتالية في طريقهِ عّله يقع في احدها ، ووضع رقابة على تلفوناته واتصالاته وعلاقاته ، وإستغلال اي ثغرة في ذلك الإتجاه ، وإصطياد اي نقطة ضعف لديهِ من خلال عائلته والمُقّرَبين منه ... وإستثمار علاقات الفاسدين المتنفذين في الشركة بفاسدي الشركات الاخرى ، من أجل فرض حصارٍ تام على " الأعداء " المُشتركين المتمثلين بأي عنصر " نزيه " !.. وحتى انهم يستخدمون الإنتشار السريع للدعايات الصفراء عبر وسائط الاعلام الحديثة ، مثل الانترنيت ، للحَط من شأن هؤلاء "الاعداء" وتشويه سمعتهم ، بل يستهترون بإستعمال نفس التهم المُوجَهة لهم انفسهم ... فيُشككون بان شهادة المُحاسب مُزورة ، او انه يحمل جنسية اجنبية ، او حتى انه شوهد برفقة نساء سيئات السمعة ، او ان احد اقرباءهِ اشترى عقاراً كبيراً في عاصمة دولةٍ اجنبية ، او انه قبل الرشوة ، او انه لايُصلي ، وانه يسكر ويُعربد ... وهذه المافيات ، تحرص على ان تكون هذه التُهَم والتشويهات ، مُتلاحقة ومُتسارعة ومُتتابعة ، بحيث ، حتى المُتابع المُحايد ، ربما سوف يبدأ بالشك في هذا المُحاسب ، ويُفكر بان هذا الكم الهائل من التُهم ، لا يُعقَل ان يكون بلا أساس !. وأخيراً ... إذا لم تفلح جميع هذه الوسائل المافيوية ، في ثني هذا الانسان الشريف النزيه ، عن نهجهِ النظيف .. وإستمرار كونهِ يُشكل خطراً وتهديداً على السُراق والفاسدين المتنفذين المُسيطرين ... فمن المُمكن جداً ، ان يتعرض الى إغتيالٍ بمسدسٍ كاتمٍ للصوت ... ويتحول الى مُجرد " خبرٍ " صغير في نشرات الاخبار ، سُرعان ما ينساه الناس بعد أيام !. هذا ليسَ مَقطعاً من مسلسلٍ تلفزيوني رديء ... بل هو ما يحدث اليوم في العراق .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنا وأصدقائي المسيحيين
-
أقرباء المسؤولين
-
حكومة وزير تربيتها - تميم - لاتُبّشِر بخَير
-
جلسة تمرير الحكومة الجديدة .. ملاحظات اولية
-
حُكم الاسلام السياسي .. جحيمٌ مُبّكر
-
قانون التظاهر .. خطوة الى الوراء
-
الرئيس نفسه يقول : كُفوا عن التمجيد !
-
ما هي مطاليبنا ؟
-
الخروج من السابع .. الى أين ؟
-
دجلة بغداد في خطر
-
أعطوه ألف ألف درهم
-
على هامش مؤتمر ح د ك في أربيل
-
إعفاء مُزّوري الشهادات من العقاب
-
هل يُغادر - إبليس - العراق ؟
-
إتقاء شرور ويكيليكس
-
لا تستطيع ان تستبدل اُمك !
-
لو كُنتَ شُجاعاً .. تعال الى الميدان
-
جواد البولاني .. بالدشداشة والعقال
-
المالكي .. والمُعّلِم المسيحي
-
الكُل راضون ولهم حصتهم .. ماعدا الشعب !
المزيد.....
-
رئيس مالاوي: الطائرة التي كانت تقل نائبي نُصحت بعدم محاولة ا
...
-
ساويرس عن -قائمة مضروبة- للتشكيل الحكومي المنتظر: -ما بقاش ف
...
-
قتلى من حزب الله بضربات إسرائيلية على الحدود السورية اللبنان
...
-
لأول مرة.. نشر صورة لمحطة -فوميغاتور- الروسية المحمولة المضا
...
-
روسيا بصدد اختبار -دبابات مسيرة هجينة- (فيديو)
-
يوم وضع القذافي يده على مقبض مسدسه.. قصة أول مواجهة مباشرة م
...
-
وسائل إعلام: ماكرون يدرس إمكانية الاستقالة
-
-حزب الله- يعلن استهداف تجمع لجنود الجيش الإسرائيلي في محيط
...
-
مصدر دبلوماسي تركي: لا نرى أي استعداد لجلوس أطراف الصراع الأ
...
-
مسؤول أمريكي سابق: واشنطن ترفض التفاوض حول أوكرانيا بسبب نجا
...
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|