أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - فهمي الكتوت - مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2011















المزيد.....


مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2011


فهمي الكتوت

الحوار المتمدن-العدد: 3226 - 2010 / 12 / 25 - 00:37
المحور: الادارة و الاقتصاد
    



الاردن - لم يأت مشروع القانون بجديد، مسودة المشروع المقدمة لمجلس النواب جاءت ضمن التوجهات العامة للسياسات المالية والاقتصادية التقليدية، رغم الاحتجاجات التي ابدتها الحكومة الحالية وفريقها الاقتصادي على موازنة 2010 المقدمة من الحكومة السابقة، الجديد من الناحية الفنية إضافة جدول يظهر حصة المرأة في الموازنة العامة للدولة، ولم يعكس هذا الجدول أي تغييرات ملموسة في الاتجاهات العامة للموازنة، او تطوير سياسات اقتصادية تسهم في تفعيل دور المرأة في الاقتصاد الوطني، لكن فائدته بحثية يظهر الجدول عائدات المرأة في مشاركتها في مختلف الدوائر والوزارات والتي بلغت حوالي مليار دينار أي ما يقارب 22% من قيمة النفقات الجارية.
بلغت قيمة الموازنة العامة لعام 2011 كما وردت من الحكومة 6248.687 مليون دينار منها 5025.253 مليون دينار نفقات جارية موزعة على الشكل التالي 1247.840 مليون دينار الجهاز المدني و 1705 ملايين دينار الجهاز العسكري و 2072.413 مليون دينار النفقات الأخرى منها 803 ملايين دينار رواتب تقاعدية، و489 مليون دينار فوائد الدين العام و205 ملايين دينار دعم المواد التموينية والمحروقات، و181.080 مليون دينار دعم الوحدات الحكومية، أما النفقات الرأسمالية فقد بلغت 1223.434 مليون دينار، بزيادة غير مبررة قدرها 234.629 مليون دينار، وبلغت قيمة إجمالي الإيرادات المحلية المقدرة 4445.085 مليون دينار منها 3487.353 مليون دينار إيرادات ضريبية، و1401.349 مليون دينار إيرادات غير ضريبية، والمنح الخارجية 300 مليون دينار، 116 مليون دينار منحة أميركية و 42.790 مليون دينار منحة مجموعة السوق الأوروبية، و141.210 ملايين دينار منح أخرى، اما عجز الموازنة فقد بلغ 1059.985مليون دينار، سيتم تغطيته من موازنة التمويل، وهي مصطلح تستخدمه الحكومة عادة لتغطية عجز الموازنة وإطفاء الدين الداخلي وتسديد القروض الخارجية وإطفاء سندات البنك المركزي، وقد بلغت قيمة موازنة التمويل 5.056482 مليار دينار سيتم تغطيتها عن طريق القروض المحلية والخارجية .
اعتمدت الإيرادات المحلية بشكل رئيسي على الإيرادات الضريبية، فقد شكلت نسبتها 71.3% من الإيرادات المحلية، إضافة الى 14.3% إيرادات ضريبية تحت مسميات مختلفة
- طوابع ورسوم ورخص... - وبذلك ترتفع نسبة التحصيلات الضريبية من المواطنين الى 85.6% من اجمالي الإيرادات المحلية.
لم تغط الإيرادات المحلية سوى 97% من النفقات الجارية و87% من النفقات الرأسمالية سيتم تغطيتها بالقروض، اما النسبة المتبقية من النفقات ستغطيها المنح الخارجية في حال تحققها، وقد احتلت الرواتب والاجور والتقاعد والمساعدات حوالي 39.3% من النفقات الجارية والجهاز العسكري 33.9%، وفوائد الدين العام 9.7% أما نصيب وزارة الصحة 6.7% ووزارة التربية والتعليم 12.4% ووزارة التعليم العالي اقل من 1% من اجمالي النفقات الجارية، ووزعت النفقات الرأسمالية على المحافظات، فاحتل المركز ومحافظة العاصمة حوالي 75% من اجمالي النفقات الراسمالية، ووزعت النسبة المتبقية على احدى عشرة محافظة، وكانت محافظة الطفيلة الاقل حظا حيث قدرت نسبتها بحوالي 1.1% من اجمالي النفقات الراسمالية اي 13.626955 مليون دينار، وباستثناء مشروع شبكة السكك الحديد الوطنية الذي خصص له في موازنة 2011 مبلغ وقدره 139.5مليون دينار، ونصيب وزارتي التعليم والصحة والتعليم العالي، وهي اهم الوزارات التي تؤمن خدمات تربوية وحيوية وبلغت حصصها ،71.38 ،89.43 33.7 ، مليون دينار على التوالي، والتي تشكل مجموعها إضافة الى حصة السكك الحديد 27.3% من إجمالي النفقات الرأسمالية، ولم يخصص لانشاء وتوسعة السدود المائية سوى 8.650 مليون دينار، باستثناء ما ذكر، تنحصر معظم النفقات الرأسمالية في مجالات إنشاء البنية التحتية، والطرق واستملاك الاراضي وشراء الاثاث والسيارات، وتخلو النفقات الراسمالية من اية إسهامات مباشرة للحكومة في مشاريع تنموية استثمارية تولد الدخل وتؤمن قيمة مضافة- تنمية مستدامة- تسهم في تعظيم القطاعات الانتاجية وتصويب التشوهات الهيكلية ومعالجة البطالة. لذلك لا يحتل الانفاق على استملاك الاراضي وانشاء المباني وشراء السيارات اية اهمية لدولة تعاني من ازمة مالية ومديونية مرتفعة، وعلى سبيل المثال بلغت قيمة تكاليف مباني وانشاءات في النفقات الراسمالية 458.991 مليون دينار سيتم تغطيها عن طريق الاقتراض.
ورغم التحذيرات المتكررة بضرورة اعادة النظر بالسياسة المالية والاقتصادية للتكيف مع تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وتأثيرها على الاقتصاد الأردني إلا ان الفريق الاقتصادي تعامل معها بعدم اكتراث أحيانا وبتصريحات متناقضة ومرتبكة أحيانا أخرى، فقد تراجعت وتائر النمو الاقتصادي خلال عام 2009 الى 2.8% كما تراجعت في النصف الأول من عام2010 الى 2.5 % مقارنة مع نمو قدره 7.8% في عام ،2008 وأدى هذا التراجع الى انخفاض إيرادات الخزينة، اضافة الى انخفاض المساعدات الخارجية نتيجة الأزمة التي تمر بها الدول المانحة، ولكي لا تتكرر سياسة الانفلات في الإنفاق المالي التي شهدتها البلاد عام 2009 وأدت الى ارتفاع عجز الموازنة الى 1.5 مليار دينار وتبعها عام 2010 بعجز تجاوز المليار دينار، هذه السياسات لم تراع تأثير الأزمة المالية والاقتصادية العالمية على الاقتصاد الوطني، وأسهمت بتفاقم عجز الموازنة، وبتنامي المديونية بشكل خطير بحيث أصبحت تكلفة المديونية تلامس النصف مليار دينار سنويا تسدد من جيوب دافعي الضرائب، وقد جاءت هذه السياسات في الوقت الذي يعاني الاقتصاد الأردني من أزمات وتشوهات هيكلية للاقتصاد الوطني ناجمة عن سياسات الحكومات المتعاقبة التي طبقت في البلاد.
عجز مزمن ومديونية متفاقمة
تراكم عجز الموازنة أصبح يشكل عبئا ثقيلا على المديونية، خاصة وان السنوات الثلاث الاخيرة شهدت زيادة غير مسبوقة في الانفاق، الامر الذي أدى الى تصاعد عجز الموازنة على الرغم من الضجيج الاعلامي حول نجاحات السياسة المالية والاقتصادية في ضبط عجز الموازنة، وقد بلغ العجز في مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2011 (1059.985) مليون دينار، ورغم ارتفاع قيمة العجز الا انه يعتبر اوليا وفق السياسات المتبعة، فقد درجت العادة على إصدار ملحقين أو أكثر للموازنة سنويا، تتضمن هذه الملاحق زيادة في الانفاق العام وارتفاعا في عجز الموازنة التقديرية، فقد بلغ عجز الموازنة العامة للاعوام 2009 و2010 في الموازنة التقديرية 688.547 و685.107 مليون دينار على التوالي، قفز العجز الى 1509.309 مليون دينار فعلية لعام 2009 بزيادة نسبتها حوالي 120% عن العجز المقدر في قانون الموازنة، و1022.841 مليون دينار لعام 2010 اعادة تقدير، وبزيادة نسبتها حوالي 49% ومرشح عام 2010 للزيادة بعد اغلاق الحسابات الختامية، ومع ذلك تتفاخر الحكومة بنجاحات وهمية في تخفيض العجز مقارنة مع عام 2009 الذي شهد انفلاتا غير مسبوق في الانفاق.
والحقيقة ان الحكومة أسهمت بزيادة العجز بقيمة 337.734 مليون دينار زيادة عن قانون الموازنة، أما ان تسجل الحكومة بأنها حققت تخفيضا على عجز موازنة 2010 مقارنة مع 2009 فذلك يعود لتأجيل جزء من مشاريع النفقات الرأسمالية بحوالي 456 مليون دينار، فالانخفاض ليس بسبب ضبط النفقات الجارية، بل ناجم عن تأجيل المشاريع الرأسمالية الممولة بالعجز، رغم زيادة الايرادات المحلية بحوالي 234 مليون دينار منها 83% ايرادات ضريبية، التهمتها النفقات الجارية، لذلك لا بد من اتباع سياسة جديدة تتضمن تخفيض الانفاق العام شريطة ان لا تمس هذه التخفيضات وزارات التربية والتعليم والصحة والتعليم العالي، والانشطة المرتبطة في تحفيز الاقتصاد، فعلى سبيل المثال: إذا افترضنا عام 2009 عام الاساس للسنوات التي تأثرت بالازمة المالية والاقتصادية العالمية، نلاحظ ما يلي: زيادة في الايرادات الضريبية عام 2010 اعادة تقدير و2011 مقدرة، مقارنة مع عام 2009 مع ميل عام نحو الانخفاض في ايرادات ضريبة الدخل، وارتفاع في ايرادات ضريبة المبيعات.
وبلغت نسبة نمو الايرادات المحلية المقدرة لعام 2011 حوالي 16.7% مقارنة مع عام 2009 فعلية، بالمقابل نلاحظ نمو النفقات بشكل لا يتناسب مع نمو الايرادات، ومن أبرزها، ارتفاع نسبة نمو الفوائد 25% خلال العامين الماضيين، ونفقات مجلس الامة 27% ووزارة التعليم 26% ووزارة الداخلية 20%، أما وزارة السياحة فقد تراجعت بنسبة 21% ووزارة الصحة تراجعت ايضا بنسبة 4.5%.
أود التأكيد ان الحديث يدور عن نمو تراكمي خلال عامين 2010 اعادة تقدير و2011 تقديرية، لذلك يمكن القول ان زيادة نمو نفقات وزارة التربية والتعليم مبررة لحاجة الوزارة توسيع خدماتها وفق الاحتياجات الضرورية، علما ان جدول التشكيلات تضمن تنسيب تعيين 4000 وظيفة في الوزارة مع ضرورة رفع مستوى المعلمين، اما الغريب انخفاض نصيب وزارة الصحة رغم تنسيب جدول التشكيلات تعيين 1200 وظيفة.
ناهيك عن ضرورة الانتباه الى مسألة جوهرية، ان دافعي الضرائب ينتظرون خدمات افضل في مجالات الصحة والتعليم، مقابل ترشيد الانفاق في مختلف الوزارات والدوائر الحكومية باستثناء الوزارات المرتبطة بخدمات المواطنين، خشية من استمرار النهج الذي أدى الى ارتفاع المديونية الى حوالي 11 مليار دينار منها 4014 مليون دينار دينا خارجيا والباقي داخلي، وقد تصاعد الدين خلال السنوات الثلاث الاخيرة بشكل خطير، فقد ارتفع من 8.2 مليار دينار بداية عام 2008 الى 11 مليارا بزيادة قيمتها حوالي 2.8 مليار دينار إضافة الى 1113.6 مليون دينار قيمة تسديد جزء من دول نادي باريس في ربيع 2008 من عائدات التخاصية، ومبلغ 354.5 مليون دينار ثمن ارض ميناء العقبة، وبذلك تقدر قيمة زيادة المديونية خلال الاعوام الثلاث 2008- 2010 بحوالي 4268 مليون دينار، اي ان الحكومة تنفق اكثر من ايراداتها المحلية والمنح الخارجية بحوالي مليار ونصف المليار دينار سنويا..!
الاثار السلبية للسياسة المالية والضريبية على المجتمع
ما تقدم يؤكد مجددا ان السياسة المالية والاقتصادية المتبعة في البلاد تحتاج الى إعادة نظر، وطرح سياسات جديدة تنطلق اساسا من إعادة هيكلة الموازنة العامة للدولة، واعادة بنائها بما يضمن ضبط الانفاق العام، وربط نسبة نمو النفقات بنسبة نمو الايرادات، وتوجيه الانفاق الحكومي وفقا للأولويات التي تقتضيها احتياجات المجتمع المحلي، من خدمات صحية وتعليمية، وتوجيه النفقات الرأسمالية نحو المشاريع الاستثمارية، والبنية التحتية التي تخدم المشاريع الانتاجية، نحن بحاجة الى موازنة تعتمد على الذات بالدرجة الاولى، أي على الامكانيات الوطنية التي تحتاج الى مزيد من التفعيل في المرحلة المقبلة، والتخلي عن سياسة الاقتراض الا في الحالات التي تستخدم فيها الاموال المقترضة في مشاريع استثمارية مولدة للدخل قادرة على تغطية خدماتها من أقساط وفوائد، وليس للإنفاق العام أو لمشاريع مظهرية تستنزف الاموال، وتوزيع الانفاق العام وفقا للأولويات الاساسية لاحتياجات المواطنين خاصة حق المواطن بالعيش الكريم وتوفير فرص عمل للعاطلين عن العمل، وتأمين العلاج والسكن والتعليم باعتبارهما من الاولويات الاساسية لاحتياجات المواطنين.
وهنا لا بد من الاشارة الى ضرورة تنويع الايرادات، والتوقف عن سياسة التوسع الضريبي خاصة الضريبة غير المباشرة التي تتوزع على جميع الشرائح الاجتماعية بالتساوي على قاعدة توزيع العبء الضريبي الذي تبنته الحكومات المتعاقبة خلال العقدين الاخيرين بتوجيهات من صندوق النقد الدولي، وذلك بتحميل نفقات الاسر الفقيرة أعباء إضافية - قيمة الضريبة المضافة 16% - والعودة الى الضريبة التصاعدية وفقا للنصوص الدستورية، وتوجيه عائدات التنمية والايرادات الضريبية نحو تنمية اجتماعية تسهم في تضييق الفجوة بين الطبقات الغنية والفقيرة، فقد كشفت المعطيات ان السياسات المالية والاقتصادية التي تطبقها الحكومة أدت الى ضعف وتراجع نسبة الطبقة الوسطى واتساع دائرة الفقر، فقد نشرت الصحف المحلية الدراسة الصادرة عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي ان الطبقة الوسطى في الاردن تشكل ما نسبته 41.1% من السكان، وذلك استنادا إلى بيانات مسح نفقات ودخل الاسرة لعام ،2008 الصادر عن دائرة الاحصاءات العامة، وتفيد الدراسة ان أكثر من نصف الاردنيين فقراء، وخرجت اللجنة بتوصية جوهرية وهي زيادة الانشطة التي تولد دخلا، هذه الدراسة تعزز الرؤية السياسية التي تحمل السلطة التنفيذية مسؤولية تكديس الثروة بأيدي نسبة ضئيلة في المجتمع، نتيجة القوانين المتحيزة التي تفرضها، وفي المقدمة قانونيا ضريبة الدخل والمبيعات. واقتصاديا غياب دور الدولة في تحقيق توازن اجتماعي واطلاق العنان للسماسرة والتجار بالتحكم بقوت الشعب في ظل تحرير اسواق المال والتجارة الداخلية والخارجية، وتحريم الفئات المتضررة من ممارسة حقها في الدفاع عن حقوقها، ليس هذا فحسب بل وتعرضها للقمع والتنكيل والارهاب، كما جرى مع عمال ميناء العقبة، أو بإجراءات إدارية كيدية كما جرى مع المعلمين، في حين يجري تبديد أموال الشعب سواء عن طريق التوسع في الانفاق الممول بالقروض في مجالات غير أساسية لا تحتل أهمية لبلد يعاني من مديونية مرتفعة، وعجز متفاقم في الموازنة، إضافة الى عجز السلطة التنفيذية في الحد من اتساع ظاهرة الفساد التي تلتهم جزءا مهما من اموال دافعي الضرائب، والحصيلة النهائية لهذه السياسات احتقانات اجتماعية ناجمة عن اتساع الفجوة بين الاغنياء والفقراء، أدت الى ارتفاع حالات الانتحار وصراعات جهوية تؤدي لاطلاق النار لأتفه الاسباب.
تعتبر الإيرادات الضريبية الممول الرئيسي لخزينة الدولة، بلغت في مشروع قانون الموازنة 3487.353 مليون دينار منها 764.719 مليون ضريبة دخل، بزيادة قدرها 412.339 مليون دينار مقارنة مع عام ،2010 وبالتدقيق في اثر السياسة الضريبية على الموازنة العامة للدولة يمكن ملاحظة ما يلى: تراجع ايرادات ضريبة الدخل عام 2010 اعادة تقدير حوالي 96 مليون دينار مقارنة مع عام 2009 فعلية، فقد بلغت الايرادات الضريبية في عامي 2009 و 2010 اعادة تقدير 764.719 و 668.764 مليون دينار، علما ان اجمالي الايرادات الضريبية ارتفعت في عام 2010 اعادة تقدير الى 3075.014 مليون دينار مقارنة مع 2879.993 مليون دينار عام 2009 وبذلك يتضح ان السياسة الضريبية التي تطبق بموجب التعديلات التي طرأت على القوانين الضريبية ادت الى نمو ملحوظ في زيادة مساهمة الضرائب غير المباشرة وخاصة ضريبة المبيعات، وانخفاض مساهمة ضريبة الدخل، الامر الذي يفسر تآكل الطبقة الوسطى في المجتمع، وزيادة مناطق جيوب الفقر، بسبب التوزيع غير العادل للثروة وتراجع دور الضريبة التصاعدية، فقد شهدت السياسة الضريبية تبدلات ملحوظة، بطرح ما يسمى مبدأ عدالة توزيع العبء الضريبي، وانطلاقا من هذه الرؤية شهدت البلاد تعديلات ضريبية جوهرية خدمة مصالح كبارالرأسماليين، وافرغت المبدأ الضريبي من مضمونه الاجتماعي وتحول النظام الضريبي الى جباية الاموال وحملت الفقراء والمهمشين مزيدا من الاعباء وأضرت بالاقتصاد الوطني، كون الضريبة غير المباشرة ومن بينها ضريبة المبيعات تفرض على السلع الامر الذي يؤدي الى إرتفاع تكلفتها.
من المعروف ان الحكومات المتعاقبة لم تتمكن من تمرير التعديلات الضريبية الاخيرة،التي صدرت بالقانون المؤقت رغم محاولاتها المتعددة، فقد سبق ورد مجلس النواب الاسبق قانونا يحمل هذه المضامين، كما فشلت الحكومة السابقة في تمرير هذه التعديلات في صيف عام2009 من خلال الدورة الاستثنائية لمجلس النواب السابق، وباعتقادي أن من أهم أسباب حل مجلس النواب السابق عدم تمرير القانون، ليتسنى للحكومة اصداره بقانون مؤقت.
تضمن القانون المؤقت لضريبة الدخل إعفاء معظم المستخدمين لكنه ايضا تضمن تخفيض الضريبة على الشركات المالية بنسبة 11%، لتصبح 24% بدلا من 35% وتخفيض الضريبة على الشركات التجارية 11% لتصبح 14% بدلا من 25%، وتخفيض الضريبة على البنوك بنسبة 5% لتصبح 30% بدلا من 35%، وفرض ضريبة على الشركات الزراعية لأول مرة بنسبة 14% مع تخفيض الضريبة حوالي 5% على شركات التأمين والاتصالات، والاسوأ توحيد نسبة الضريبة على القطاعات التجارية والصناعية من شركات مساهمة عامة وخاصة وتضامن وغيرها من الشركات، وصولا للحرفيين والمهنيين والافراد بنسبة 14% كما تضمن القانون تعهداً بتخفيض الضريبة بنسبة 1% سنويا خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
مقابل التخفيضات الواسعة على ضريبة الدخل تم فرض ضريبة مبيعات على المشتقات النفطية، وهنا لا بد من التحذير من الانصياع لتوصيات بعثة صندوق النقد الدولي التي زارت البلاد خلال العام الحالي، بطرح قائمة طويلة من الضرائب على المواطنين، نخشى الاستجابة لها تحت ضغط الازمة المالية التي تواجه الحكومة، تتضمن الغاء كافة اعفاءات ضريبة المبيعات عن السلع والمواد الغذائية غير الخاضعة، ورفع نسبة الضريبة على كافة المواد المخفضة الى 16%، ويمكن تلخيص النتائج الناجمة عن صدور القانون المؤقت :
تخفيض مساهمة كبار الراسماليين في ايرادات الخزينة، في حين تعاني الخزينة من انخفاض ايراداتها الضريبية وغير الضريبية بشكل ملموس بسبب تباطوء النمو الاقتصادي الامر الذي دفع الحكومة نحو التوسع في ضريبة المبيعات وفرض ضريبة على البنزين اوكتان 90 بنسبة 18 بالمئة، وعلى البنزين اوكتان 95 بنسبة 24 بالمئة. لتعويض خسائرها من ضريبة الدخل، وكون المحروقات مادة ارتكازية ادى ذلك الى ارتفاع اسعار مختلف السلع . كما افرغ القانون السياسة الضريبية من محتواها السياسي والاقتصادي والاجتماعي وحولها الى جمع اموال وجباية من مختلف شرائح المجتمع بشكل متساو باسم توحيد العبء الضريبي. اما مساواة العبء الضريبي سوف تحرم الاقتصاد الاردني من استخدام السياسة الضريبية من ميزة مهمة وهي توفير الحوافز الضريبية للمستثمرين في توجيه استثماراتهم نحو القطاعات الانتاجية في الصناعة والزراعة والقطاعات التي تسهم في تكوين القيمة المضافة في الاقتصاد الاردني، كون رأس المال يتجه عادة نحو القطاعات التجارية التي تحقق ارباحا اسرع وبنسبة مخاطر اقل، خاصة في ظل المنافسة الحادة التي تشهدها الاسواق العالمية، الامر الذي يقتضي انتهاج سياسات تفضيلية ضريبيا لحفز المستثمر على دخول القطاعات الانتاجية وخاصة الصناعة والزراعة، التي تؤمن المأكل والملبس والخدمات الضرورية للمواطنين من انتاج محلي، بدلا من استيرادها من الاسواق العالمية، اضافة الى فرض ضريبة دخل على قطاع الزراعة لاول مرة بعد اعفاء اول خمسين الف دينار، انطلاقا من حسابات مغلوطة مفادها ان من يزيد دخله على خمسين الف دينار يستطيع دفع ضريبة، صحيح انه يستطيع دفع ضريبة، لكنه سيغادر القطاع الزراعي كونه دخل هذا القطاع بفضل التسهيلات والاعفاءات الضريبية، والقانون سيدفع هؤلاء المستثمرين لنقل رؤوس اموالهم الى قطاعات اخرى تدر عليهم ارباحا اكثر. يبقى القول ان تحقيق اصلاح سياسي يشكل المدخل الحقيقي لتحقيق اصلاح شامل في مختلف السياسات المالية والنقدية والاقتصادية والاجتماعية.



#فهمي_الكتوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابرز التحديات عشية الانتخابات
- حصيلة قانون الصوت الواحد للانتخابات النيابية
- شبح البطالة.. والطبقة العاملة في عيدها
- ماذا يعني سقوط الجدار..؟
- هبة نيسان
- تفاقم ازمة النظام الراسمالي
- الاصلاح السياسي مرة اخرى
- علاوات النواب
- التعديل الوزاري واستحقاقات المرحلة
- ازمة العقار والرؤية الرسمية لمعالجتها
- معدلات التضخم تحافظ على مستويات مرتفعة
- المؤامرة الكبرى ...
- عجز الموازنة يفاقم المديونية
- الموقف العربي الى اين..! ؟
- اوقفوا حرب الاباده ...
- انهيار السياسة الاقتصادية الليبرالية يستدعي طرح البديل
- عام 2009 عاما للزراعة...
- رغم فشل السياسة الليبرالية الحكومة ماضية بخصخصة القطاع الصحي ...
- ازمة النظام الراسمالي في موتمر العشرين
- اعادة قراءة لمشروع قانون الموازنة


المزيد.....




- بوتين: الاقتصاد الروسي يعزز تطوره إيجابيا رغم التحديات غير ا ...
- الخزانة الأمريكية تهدد بفرض عقوبات على البنوك الصينية بزعم ت ...
- تقرير: -الاستثمارات العامة السعودي- يدير أصولا بنحو 750 مليا ...
- البنك الدولي: توترات الشرق الأوسط تهدد التقدم العالمي بشأن ا ...
- معضلة الديون في فرنسا.. وكالات التصنيف قلقة ونظرتها سلبية
- أرباح بنك -أبوظبي التجاري- ترتفع 26% في الربع الأول من 2024 ...
- البنك الدولي: توترات المنطقة تهدد التقدم العالمي بشأن التضخم ...
- أسهم -وول ستريت- تهبط بعد نتائج ميتا وبيانات اقتصادية سلبية ...
- الأول في الشرق الأوسط.. صندوق النقد الدولي يفتتح مكتبا إقليم ...
- بلينكن يدعو الصين إلى -منافسة اقتصادية صحية-


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - فهمي الكتوت - مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2011