أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - اقرأ تفرح جرّب تحزن















المزيد.....

اقرأ تفرح جرّب تحزن


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3213 - 2010 / 12 / 12 - 20:20
المحور: كتابات ساخرة
    


نصف الكُتب المنشورة والموزعة في أسواق الوطن العربي تتحدث عن واقعنا من خارج المنظور الواقعي للقضايا العربية, والنصف الآخر من الكتب المنشورة والموزعة في الوطن العربي كلها تجعلك تفرح وأنت تقرأ بها ولكن حينما تذهب بها إلى أرض الواقع تجعلك تحزن وتشمئز من الكون ومن الناس فجميع المؤلفين يتشبثون بالأحلام وبالأوهام .

والنصف الأول من الناس يعيشون مع الأوهام والنصف الآخر من الناس ينتظرون أن يحل عليهم الوهم كما يحل الظلام على الكرة الأرضية حين تغيب عنها الشمس,وهنالك نوع آخر من الكتب اسمه (اقرأ تفرح جرب تحزن) مثل كتاب فن الطبخ للست عايده أو (أبله نظيره) للست (تفيده)كتاب آخر اسمه(الملوخيه أكله ملوكيه) وكتاب (كيف تصبح مليونيرا ) وهنالك كتاب (كيف تصبح سعيداً) أو (تفسير الأحلام) التي تتوقع منها سعادة كبيرة عشية قراءتك له ولكنك في الصباح تفاجأ بموت أحد أقربائك ..أو الأبراج للشيخ المهراج أو كتاب (حظك هذا العام مع المُنجم الكبير) ..إلخ والمهم أنك تفرح بما تقرأه وتسمعه ولكنك تحزن جدا حين تحاول تصديق ما بتلك الكتب .

وهذه الكتب أشبهها بأفلام الكرتون التي كنا نشاهدها ونحن أطفال صغار فكنا نخرج للشارع ونحن نحاول أن نطير مع العصافير أو نحن نحاول أن نكسر قضيب من الفولاذ كما كان يفعل الرجل الحديدي أو نحاول أن نقفز مثل (باك روجز) وكم مرة وقعت على الأرض وسال الدمُ من بين أسناني أو من لحيتي أو من أعلى رأسي, لقد كنا ننبسط ونحن أطفال حين كنا نشاهد تلك الأفلام ولكننا كنا نُصابُ بجروح خفيفة وأحيانا كبيرة وثقيلة ونحن نحاول أن نتحول إلى فهد أو نمر كما كان يفعل ذلك الرجل المتحول أو أن نمد أيدينا إلى الدور الثاني من العمارة كما كان يفعلُ الرجل المطاطي على كل حال كنا نشاهد ونفرح ونحاول التطبيق فنحزن.

وما زال بعضُ الناس إلى اليوم يقرئون عن العوالم الأخرى ولكن أنا كشخص منذ زمن تركت مثل تلك الخزعبلات ولكن ما زال رجال حارتنا يسعون وراء امتلاك ثروات عظيمة تقدر بملايين الدولارات عن طريق فتح مغر وكهوف مغلقة وعليها َرَصدٌ أو رصدين ....مش بس اقرأ تفرح جرب تحزن,لا, كمان اسمع تفرح وشاهد تحزن, يعني في ناس كثيرون هذه الأيام يحكوا لنا عن أشياء تجعلنا مندهشين ونحن نستمع إليهم فاتحين لهم أعيننا وآذاننا وأدمغتنا تتخيل بالصور الجميلة التي يبثونها لنا ولكننا حين نذهب معهم لنشاهد ما يفوه لنا نقف في أمكنتنا متبلدين من شدة الحزن وخيبة الأمل, تماما كما تصف وسائل الإعلام العربية السجون العربية فنتخيلها فنادق 5 نجوم وحين نذهب إلى هنالك في إحدى المواسم السياسية نصابُ في خيبة أمل وفي دهشة.

اقرأ تحزن, هذه الظاهرة موجودة فقط عند العرب وعند المسلمين بالذات حتى أنه ليس من المستبعد أن لا يجد المسلم في الجنة تلك الحوريات الموصوفات في الكتب, اقرأ تندهش وتنبسط وتبح سعيدا ولكن حاول أن تعيش مع من تقرأ عنه من المؤكد أنك ستصاب بخيبة أملِ كبيرة جدا.

اقرأ عن المستشفيات الحكومية أو شاهدها على شاشة التلفزيون ستندهش وستشعر أنك من مواليد سويسرا ومقيم حاليا في السويد ولكن اذهب إلى تلك المستشفيات ستفاجأ بأنك في احد سهول سرنجيتي في أفريقيا.

اقرأ عن حرية الصحافة في الوطن العربي..وأعط أذنك للناطق الإعلامي باسم الحكومة وهو يتحدث عن الحرية والمساحات المسموح بها ستصاب بدهشة عظيمة وستقول بينك وبين نفسك: شو هذا لازم الأمريكان يجوا عندنا من أجل أن يتعلموا من المسئول الأردني الحرية والديمقراطية واحترام الإنسان, ولكن جرب أن تذهب إلى وزارة الثقافة الأردنية ستصاب بالشلل وبالعمى وبالاكتئاب حين يردون عليك كتابك وهم يقولون لك: ما عندناش حرية لنشر هيك موضوع أو هيك كتاب , ولكن مع الواسطة أحيانا بصير عندهم حريه.

وأبي كان واحدا من الذين يقرئون فيفرحون ويجربون فيحزنون, فقد كان مولعا بالقراءة عن العالم الخارجي وخصوصا قراءة كتاب (شمس المعارف) ولكنه كان يحزن جدا حين يحاول تطبيق ما يقرأه على أرض الواقع.

وأبي ليس الوحيد فكثيرون –كما قلنا- الذين يقرؤون فيفرحون ويجربون فيحزنون وهنالك أيضا من الناس الذين يستمعون فيفرحون وحين يجربون يحزنون جدا , فمعظمنا نسمع من الناس عن أشياء تدهشنا جدا ونشعر أنها ملكنا أو بين أيدينا ولكننا حين نجربها نشعر بخيبة الأمل , فمثلاً اقرأ الصحف الأردنية ستشعر أنك في بلد أوروبي واستمع للتلفزيون الأردني ستشعر أنك في عالم أو في بلد مثالي جدا ولكن انزل للحياة العامة وشاهدها على أرض الواقع ستشعر أنك في جحيم لا يطاق.

ومرة من ذات المرات كان يعملُ معي أحد العُمال المهرة والصادقين فعلا في كل شيء وكنتُ وقتها أعزب فوصف لي عروسا لكي أذهب لخطبتها وقال لي بأن جمالها شيء مش موصوف وكلما شاهدت على التلفزيون واحدة أسأله وأقول: مثل هذه يا أبو أحمد , فيرد عليّ باستنكار وهو يقول : أجمل منها بكثير, فأقول له: لا يا رجل خليها أقل منها وأنا سأقبلُ بها وكنتُ أيضا كلما شاهدتُ امرأة على التلفزيون جميلة أعود وأسأله: العروس مثل هذي؟ فيقول: لا أجمل بكثير, وكنت كلما حدثني عن مشيتها وطولها ونعومتها أسرح معه بخيالي فأطير فرحا وشوقا إليها وفي النهاية لم أحتمل الصبر فقلت له: بدي أروح أشوفها , فقال لي خذ معك أمك , فوافقت وحين ذهبت ورأيتها كدتُ أن أقع على الأرض من شدة قبحها وقصرها ويومها شعرتُ بأنني أتعس رجل في نهاية عام 1999م على وجه الأرض, وقلت له: اسمع تفرح شاهد تحزن.


وهنالك أحد أقربائي المقربين لي جدا كان كثير القراءة عن عالم الذهب والفضة أو عن كنوز الذهب المدفونة في الكهوف (المُغرْ) التي يقال عنها بأن العثمانيين الأتراك قد دفنوها في بلاد الشام ظناً منهم أنهم سيعودون لاستخراجها وقد أنفق زهرة شبابه وهو يحاول أن يجد منها أي شيء حتى ولو كان صندوقا من الذهب أو حتى أي شيء سواء أكان كيلو ذهب أو نصف كيلو , علما أنه لو وجد الآن 10 كيلوات من الذهب فإنها لن تكون قادرة على تسديد ما أنفقه وهو يبحث عن الكنز المدفون, فقد كان يستأجر الدجالين الذين يزينون له الوضع ويغرونه بما يقولونه , وكان كثير الإنفاق عليهم حتى أنه أضاع 90% من شبابه ومن ثروته وهو يركض خلف ما يسمع ويقرأ ليحزن في نهاية كل قصة يقرأها .

طبعا سألته قبل 5 سنوات من مماته عن الذهب وما أنفقه فقال لي: يا رجل كنت وأنا أقرأ عن الذهب المدفون في الكهوف كنت أبتسم وأفرح جدا جدا والفرحة لا تسعني وأشعر وكأن الذهب بين يدي ولكني حين كنت أذهب للبحث عنه واستخراجه كنت أحزن جدا جدا جدا, وقال لي مرة استمعت لرجل قال لي : بأن هنالك مغارة مدفون بها تمثال من الذهب وسيف بجانب التمثال مصنوع من الذهب ومقبضه من العاج وبيته أي (غمده) مرصع بأحجار كريمة من الماس والياقوت وتحت التمثال ماء جاري من الذهب الخال وعلى يمين التمثال تاج الملك سليمان ونجمة داوود والمغارة كلها مطلية بماء الذهب وعلى بابها عبدان حبشيان مصنوعان من الياقوت ويحملان رمحين مصنوعين من الأبانوس وفي نهاية كل رمح رأس مدببة مصنوعة من الزبرجد وباب المغارة مصنوع من الذهب لا يستطيع حمله إلا عشرة من العبيد .

ثم قال لي وهو يضحك: يا رجل هذول الناس اللي بسولفوا عن هيك أمور عبارة عن كُتاب روايات بل وأبرع بكثير منهم في أسلوب السرد واستخدام عناصر مغذية مثل التشويق والترغيب والتعطش للمشاهدة , تخيل يا أبو علي وهم يصفون لي العروس المصنوعة من الذهب والعبدين والباب والرمح والسيف والماء ..يا أبو علي تخيل كل ذلك فعلا شيء مدهش ويجعلك مبسوطا ومندمجا معهم ولكن حين تذهب لاستخراجه ستحزن كثيرا لكثرة ما سيستفيدون هم منك بدون أي طائل.

وأضاف قائلاً: أن عملية فتح باب الكهف المدفون به الذهب فقط بحاجة إلى قراءة آيات من القرآن الكريم وذهبتُ يومها وقرأت الآيات المطلوبة بدون أي جدوى ومن ثم قرأتُ القرآن بكامله ولم يفتح الباب ولم تفلح قراءة القرآن وشعرت يومها بأن قراءة القرآن مثله مثل قراءة قصص ألف ليله وليله وقصص الأطفال وأنا جالس مثل الأهبل وأستمع لقصة موسى والخضر ويوسف.... فضربتُ باب المغارة بالفأس ولم يفلح الضرب وكثرته فقررت أن أفتح الباب بالجرافة بدل الآيات القرآنية فأحضرت الجرافة والهمر وسيارات لنقل الأتربة وقلت يومها كما قال (شمشون) (عليّ وعلى أعدائي يا رب) وحزنتُ جدا لكثرة ما دفعت يومها من نقود وفي النهاية فتحنا باب المغارة وحفرنا في المغارة مغارة ثانية وثالثة ورابعة بمساحة ملعب كرة قدم ولم أجد ولا حتى خاتماً أو إسوارة أو عقدا ولا حتى أي غرام من الذهب .

ومسألة اقرأ تفرح وجرب تحزن أيضا روتها لنا إحدى النساء اللواتي اشترت كتابا بعنوان (فن الطبخ) فقد كانت تتلذذ وهي تقرأ عن أنواع الطبخ وكيفية تحضيره ولكنها كانت تحزن جدا وتدمع عيونها وهي تحاول تطبيق الطبخة في مطبخها على أرض الواقع أو على أرضية المطبخ وقالت اتصلت مرة بمؤلفة الكتاب وسألتها عن السبب في فشل عملية تحضير الطبخة فقالت لي : يمكن الغلط في الفرن اللي بتستعمليه, وبناء على نصيحتها قمت بتغيير الفُرن ولكن بدون جدوى واتصلت بها وسألتها عن السبب فقالت يمكن الغلط يكون في نوعية أواني الطبخ اللي بتستعمليها, وفي كل مرة نفس النتيجة وكنت أحزن جدا وأنا أحاول الطبخ.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مواطن أمريكي
- انحلال الشعور(1)
- الفصام السخيف
- وجوه جديدة وأصناف جديدة
- التجار يحكمون المدينة
- أزياء الحراميه
- أسعار تشجيعية
- المرأة العربية لاجئة سياسية
- يسافرون للعلاج!
- الطلاق بالثلاث
- في الجلجثة
- عرق الجبين
- براءة الأطفال
- الهجوم وسيلة للدفاع
- رسالة إلى الشعب الأمريكي
- تشابه أسماء
- ما زلتُ أنتظر الرحيل
- العقل السليم في الجسم السليم
- الكذب على الأطفال
- الانتخابات لعبة حقيرة


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - اقرأ تفرح جرّب تحزن