صاحب موقع ويكيلكس عرى السياسة الاميركية ولكنه بنظر معلقين عرب يظل جاسوسا!!

خليل خوري

الحوار المتمدن-العدد: 3209 - 2010 / 12 / 8 - 23:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

من سيل التعليقات والتحليلات التي تناولت تسريبات موقع ويكيلكس لوثائق وزارتي الدفاع والخارجية الاميركية يستطيع المتابع لها ان يعثر على طائفة كبيرة من المحللين والاعلاميين العرب ممن لا يرتاح ضميرهم ولا يطمئن بالهم الا اذا سددوا سهام النقد والتشهير ضد مؤسس الموقع وصاحب اكبر حصة فيه المدعو جوليان اسانغ او قللوا من جدوى تعرية السياسة الاميركية. بعضهم بعد ان قطعوا الشك باليقين يجزمون بان الوثائق السرية لكلا الوزارتين تحفظ في خزائن حديدية وفي اماكن سرية ولايصل اليها الا المسئولين المعينين لهذا الغرض وبهذا الفهم لا يمكن بأي حال من الاحوال ان تتسرب الوثائئق من " اللوح المحفوظ" الى موقع ويكي لكس او الى اي موقع متخصص بنشر الفضائح السياسية والمالية الا بعلم وموافقة كبار المسئولين في الوزراتين او ربما بعد ان حصلوا على ضوء اخضر من اوباما شخصيا مثل هؤلاء المعلقين لا يغيرون رايهم في حصانة اميركا ضد الاختراق حتى لو وفرت لهم ادلة تؤكد ان جواسيس يعملون لحساب الاستخبارات السوفييتتية قد تمكنوا في وقت من الاوقات من الوصول الى اللوح المحفوظ وسربوا منها معلومات تتعلق بخطط هجومية ودفاعية ضد الاتحاد السوفييتي وحين تدحض حججهم بالقول ان القوانين الاميركية لا تجيز الكشف عن وثائق سرية الا بعد انقضاء عشرات السنين على تاريخ توثيقها فسوف يرمقونك بنظرة سخرية ثم يجزمون مرة اخرى ان اوباما قد اوعز بتسريبها بهدف نشر الغسيل الوسخ للحزب الجمهوري وللادارة الجمهورية في البيت الابيض تحضيرا للانتخابات الرئاسية الاميركية والتي لا يضمن اوباما الفوز بولاية ثانية الا اذا مرغ سمعة الحزب الجمهوري في الوحل ! عند هذه النقطة لا مناص من الانسحاب من ساحة الجدل والنقاش لان نظرية المؤامرة التي تشكل مرجعيتهم تنطوي على دلائل تجزم بان جوليان هو مجرد جاسوس يعمل لحساب الاستخبارات الاميركية ولقد بادر الى تسريب الوثائق بعد ان قبض منهم الثمن ! اكثر ما استوقفني في هذه التعليقات ان احد الاعلاميين بعد ان اغمي عليه على من شدة الضحك تساءل قائلا : اليس مثيرا للضحك ان تصنف هذه الوثائق ضمن الوثائق السرية ثم يذهب البعض الى تضخيم اهميتها وخطورة الكشف عنها رغم انها لم تتضمن الا معلومات عادية يستطيع ان يتوصل اليها رجل الشارع العادي بفطنته السياسية دون الرجوع الى موقع ويكي لكس ناهيك عن انها تعبر عن مواقف اميركية سبق وان صرح بها وكشف عنها كبار المسئولين الاميركان الى الوسائل الاعلامية ولا ينسى ان يذكرك هذا المعلق بتفاهة التسريبات بالاشارة الى الوثائق التي تكشف ان مسئولين عرب قد حرضوا الادارة الاميركية على توجيه ضربة ساحقة للاطاحة بنظام الملالي في طهران وللقضاء على برنامجها النووي وهنا يتساءلون : وهل ثمة سر في هذا الم يصرح زعماؤنا بذلك علنا ؟ ورغم تفاهة وعادية المعلومات التي تكشف عنها الوثائق الاميركية فقد رصد في طياتها محللون اخرون ملامح مؤامرة اميركية تستهدف احداث شرخ في العلاقات العربية الايرانية فضلا عن توسيع شقة الخلافات والانقسامات العربية وتوتير العلاقات مع الدول الشقيقة الاسلامية وهنا ايضا لا تستطيع ان تدحض وجهة نظرهم حتى لو اشرت الى احداث تؤكد بان العلاقات بين هذه الدول لم تكن في يوم من الايام سمن على عسل ولن يصدقوك او يتراجعوا قيد انملة عن رؤيتهم حتى لو اشرت الى الحرب التي اندلعت بين شمال وجنوب السودان والى الاحتراب الطائفي بين السنة والشيعة في العراق وبين الحوثيين والقاعدة في اليمن او اشرت الى المعارك العبثية بين شباب المسلمين والحكومة الاسلامية في الصومال .
وهنا نسأل
ما دامت تسريبات ويكي لكس على هذه القدر من التفاهة فلماذا اطلقت الادارة الاميركية حملة علاقات عامة لاسترضاء زعماء عرب طعنت الوثائق بامانتهم وباهليتهم السياسية والقت اضواء ساطعة على نهبهم للاموال العامة وفسادهم وفضحت علاقاتهم الجنسية . ثم لو كان جوليان جاسوسا يعمل لحساب الخابرات الاميركية فهل كانت هذه الاجهزة ستطلق حملة مسعورة لتلطيخ سمعته الاخلاقية بالزعم بانهه اغتصب فتيات سويديات وهل كانت ستحرض الحكومة السويدية لمطاردته بهذه التهمة وهل كانت ستقف مكتوفة اليدين وهي ترى اجهزة الامن البريطانية تزج به بالسجن وترفض اطلاق سراحه بكفالة مالية ؟؟ حتى وقت قريب كانت الادارة الاميركية تضع موضوع تجميد الاستيطان على سلم اولوياتها ولكنها بعد تسريبات ويكيلكس باتت تركز اهتمامها على احتواء تداعياتها وانعكاساتها السلبية على علاقات الولايات المتحدة بالدول والزعامات السياسية الذين ورد ذكرهم في هذه الوثائق ولم تعد كما يؤكد وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك في اخر تصريح له تعير اهتماما لموضوع الاستيطان او لاية قضية ساخنة اخرى . ما يسترعي الانتباه في تسريبات ويكي لكس ان مانشر منها لايتجاوز حتى الان بضع مئات من الوثائق من اصل ربع مليون وثيقة بعضها يتحدث عن علاقات جنسية اقامها معمر القذافي مع ممرضته الاوكرانية الجميلة ووثيقة واخرى تكشف بان بشار الاسد قد اعرب امام وفد من الكونجرس الاميركي عن امتعاضه الشديد من اقامة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في سورية مؤكدا لهم بانه ضيف ثقيل : صحيح ان مشعل لم يأبه حتى هذه اللحظة لما كشفت عنه الوثيقة ولكنني لااظنه لو دقق جيدا في مصيراوجلان سيبقى في سوريا بل سيحلق لحيته وسيتواري على الانظار وربما " سيشمع الخيط " ويذهب الى بلد توفر ملاذات امنة للاخونجية وغيرهم من الجماعات الارهابية الملتحية كالسودان . بالتاكيد بقية الوثائق ستكشف مزيدا من المعلومات حول زعماء وسياسين عرب يدعون النقاء والطهر الوطني ونظافة اليد بينما هم بنظر المسئولين الاميركان وكما ستبين هذه الوثائق مجرد لصوص ودمى يدورون في فلك الامبريالية الاميركية . لهذا مهما حاول هؤلاء المحللون والاعلاميون ان ينتقصوا من قيمة هذه الوثائق او يثيروا الشبهات حول جوليان اسانج فسيظل هذا بنظر الادارة الاميركية على الاقل اول اعلامي يتجرا على نشر وثائق تمس الامن القومي للولايات المتحدة ولاترهبه تهديدات كبار المسئولين فيها ولا احسب ان اسانج كان سيتحدى الادارة الاميركية بهذا المستوى من التحدي وهذا القدر من الجراة لو لم يكن من المناهضين للامبريالية الاميركية ومن اشد المدافعين عن الشعوب المقهورة والمستغلة .

#خليل_خوري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل